[vc_row][vc_column][vc_column_text]
مؤشر الثقة وجودة المؤسسات: نتائج أولية
أنجز المعهد المغربي لتحليل السياسات دراسة مؤشر الثقة وجودة المؤسسات، باعتباره تقريرًا سنويًا يصدره المعهد بهدف قياس وتحليل مستوى ثقة المغاربة في مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية، وقد أنجز هذا البحث بدعم من مؤسسة هينريش بل – مكتب الرباط، والصندوق الوطني للديمقراطية. وقد عرضت نتائجه الأولية يوم الثلاثاء 03 دجنبر 2019 بالرباط. يهدف هذا التقرير إلى توفير أرضية للنقاش العام حول موضوع الثقة في المؤسسات في المغرب، وتقديم توصيات ومقترحات لصناع القرار لتغيير القواعد المؤسساتية وإصلاحها في سبيل تعزيز الثقة وتمتين المؤسسات. ويستهدف التقرير بشكل أساسي صناع السياسات، ومنظمات المجتمع المدني، والأكاديميين والصحفيين، عبر إشراكهم في مختلف مراحل عملية إعداد المؤشر وكذا صياغة المؤشرات الفرعية.
منهجية الدراسة
اعتمد التقرير على المزج بين تقنيات البحث الكمي والكيفي. أجري البحث الكمي من طرف شركة Averty على عينة من 1000 شخص خلال شهر أكتوبر 2019، يمثلون السكان المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر. تم ضمان الطابع التمثيلي للعينة من خلال طريقة الحصص (الجنس والعمر والمنطقة الجغرافية) وفقًا لهيكل السكان المغاربة من إعداد المندوبية السامية للتخطيط (RGHP 2014). استهدفت الأسئلة 84 متغيرًا، عبر تقنية (CATI – المقابلات الهاتفية بمساعدة الكمبيوتر).
بالنسبة للعينة في البحث الكمي، فقد كان حوالي نصف المشاركين من الإناث. بالنسبة للسن تشكل الفئة العمرية الأقل من 29 سنة حوالي 31 في المائة، في حين الفئة الأكبر من 50 سنة حوالي 28،7 في المائة، أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، فتشكل جهات الأنطلتيك حوالي 37 في المائة، جهات الوسط 18.6 في المائة، الشمال 16.7 في المائة، والجنوب 27.6 في المائة. يقطن حوالي 35 في المائة في العالم القروي و65 في المائة في العالم الحضري.
يشكل أصحاب الدخل الأقل من 8000 درهم في الشهر النسبة الأكبر بحوالي 57 في المائة من المبحوثين (32 في المائة أقل من 3000 درهم و25 في المائة بين 3000 و8000 درهم)، أما بالنسبة للمستوى التعليمي فقد حصل حوالي 34 في المائة من المبحوثين على مستوى تعليم جامعي، و26 في المائة على مستوى إعدادي، و14 في المائة ابتدائي و13 في المائة أميين.
وفيما يخص البحث الكيفي، فقد تم الاعتماد على النظرية المتجذرة “Grounded theory”، وهي منهجية تعتمد على بناء أطر تحليلية من خلال تجميع كثيف ومنظم للمعطيات الميدانية. في هذا الصدد، تمت الاستعانة بتقنية المقابلة الفردية المعمقة من خلال أسئلة شبه موجهة مع 23 مشارك (ة) من مدن الدار البيضاء والرباط ومراكش، وتضم عينة متنوعة تأخذ بعين الاعتبار المناصفة بين الجنسين والتنوع السوسيو-اقتصادي والمهني. وقد دامت المقابلة حوالي 60 دقيقة تقريبًا لكل مشارك.
بالإضافة إلى ذلك تم أيضا إنجاز مقابلات فردية معمقة مع سبع نائبات ونواب برلمانيين وإداري واحد في مجلس المستشارين، كما تم تنظيم 3 مجموعات بؤرية ضمت حوالي 16 مشاركًا في المجموع. خُصصت واحدة لرجال أعمال، والثانية للنقابات العمالية، أما الثالثة فشملت منتخبين محليين وناشطين سياسيين. وقد تراوحت المدة الزمنية التي شملتها كل مجموعة بؤرية حوالي الساعتين.
نتائج الدراسة
الثقة الاجتماعية
فيما يتعلق بالثقة الاجتماعية، يثق المغاربة أولاً وقبل كل شيء بأسرهم المباشرة، كما في آبائهم وأخواتهم. لا تزال الأسرة النووية أو الصغيرة هي المؤسسة الاجتماعية التي تحظى بأعلى نسبة ثقة لدى المغاربة، بحوالي 95.2 بالمائة من المغاربة الذين عبروا أنهم يثقون في الأسرة إما بشكلٍ كبير أو متوسط. عند توسيع النطاق ليشمل العائلة الممتدة، تنخفض الثقة نسبيًا إلى 77.2 بالمائة، وهذا يعني أن الثقة العالية في الأسرة الممتدة ليست بنفس قوة ثقة الأسرة النووية.
بشكل عام، لا يثق المغاربة تجاه بعضهم البعض، حيث يعتقد 45 بالمائة من المبحوثين أن الناس لا يثقون في بعضهم البعض، كما عبر 42.9 في المائة من المبحوثين أنهم لا يثقون في باقي المغاربة. علاوة على ذلك، لا يثق المغاربة بمستويات عالية في الغرباء، بمن فيهم الجيران. على هذا النحو، من الأعلى إلى الأدنى، يثق نصف العينة بالجيران، لكن المغاربة لا يثقون كثيرا في الأشخاص الذين يتم الالتقاء بهم للمرة الأولى حيث لم تتجاوز النسبة حوالي 19.4 بالمائة. في نفس السياق، لا ينظر المبحوثون إلى الأشخاص من ديانات أو جنسيات أخرى على أنهم جديرون بالثقة، حيث تصل النسبة إلى حوالي 25 بالمائة من المغاربة الذين عبروا عن ثقتهم في هذه الفئات.
الثقة السياسية
يشير المشاركون في البحث إلى أنهم غير راضين عن الاتجاه العام للبلاد، حيث أعرب 69 بالمائة من المبحوثين عن قلقهم إزاء الاتجاه العام للبلاد. هذا يكشف عن درجة عالية من الشك والقلق لدى المغاربة فيما يتعلق بالمستقبل. أعربت نصف العينة من المغاربة أنها غير راضية عن الوضع الاقتصادي، كما يرى حوالي 74 في المائة من المغاربة أن جهود الحكومة في محاربة الفساد ليست فعالة، وفي نفس الوقت تعتبر منظمات المجتمع المدني أكثر المؤسسات الموثوق بها في المغرب.
الثقة في قطاع الصحة والتعليم
من حيث التعليم والصحة، هناك فرق بين القطاعين العام والخاص. يتمتع القطاع الخاص عمومًا بمستويات أعلى من الثقة في كلتا الحالتين. تبلغ الثقة في التعليم العام حوالي 48 بالمائة، في حين يثق 83.2 بالمائة بالمدارس الخاصة. يمكن تسجيل نفس الملاحظة المتعلقة بالتفاوت في القطاع الصحي، ولو أن الثقة في هذه القطاع بشكل عام ليست عالية، حيث يثق 24 بالمائة فقط من المستطلعين بقطاع الصحة العمومي، في حين يثق 73 بالمائة بالقطاع الخاص.
الثقة في المؤسسات المنتخبة
علاوة على ذلك، عند النظر إلى المؤسسات المنتخبة، فإن المغاربة لديهم إحساس عدم ثقة مرتفع في هذه المؤسسات. في حالة الأحزاب السياسية، عبر حوالي 69 بالمائة من المغاربة أنهم لا يثقون في جميع الأحزاب السياسية. 25 بالمائة فقط تثق بالنقابات العمالية، وتصل الثقة بالحكومة حوالي 23 بالمائة.
الثقة في مؤسسات الدولة
مقابل عدم ثقة المغاربة بمؤسساتهم السياسية، تتمتع المؤسسات السيادية غير المنتخبة بمعدلات ثقة أعلى بكثير. على هذا النحو، تتمتع الشرطة والجيش بأعلى معدلات الثقة في أعين المغاربة. حيث يبلغ مستوى الثقة 78 بالمائة على التوالي للشرطة، و83.3 بالمائة من المغاربة يثقون بالقوات المسلحة. تنخفض مستويات الثقة نسبيًا بالنسبة للقضاء حيث تصل النسبة إلى حوالي 41 بالمائة.
الثقة في البرلمان
سلطت دراسة مؤشر الثقة الضوء على ضعف ثقة المغاربة في برلمانهم، حيث أظهر 32.7% فقط من المستطلعين ثقتهم في البرلمان، بينما لا يثق باقي المغاربة في هذه المؤسسة. جانب آخر مهم اكتشفته الدراسة هو أن أكثر من نصف المغاربة لا يعرفون دور البرلمان، وحتى عندما يعلمون، فهم ليسوا متأكدين على وجه الدقة من جميع صلاحياته وأدواره. على سبيل المثال، عندما طُلب منهم تسمية رئيسا المجلسين (البرلمان والمستشارين)، استطاع فقط حوالي 10 بالمائة من المبحوثين الإجابة. بالإضافة إلى ذلك، عندما طُلب منهم تسمية عضو واحد برلماني استطاع حوالي الربع فقط الإجابة على هذا السؤال. هذا يسلط الضوء على النقص الكبير في المعرفة ومتابعة المواطنين لمؤسستهم السياسية، والمفاهيم الخاطئة لديهم حول دورها وصلاحياتها.
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]