الدولة والجهات: تعاقد ترابي من دون ضمانات؟

تعكس حصيلة عقود البرامج بين الدولة والجهات آفاقًا واعدة لتسريع مسار الجهوية المتقدمة، غير أن ضعف الأساس القانوني ومحدودية التدابير الُمواكِبة تحد من فعالية هذه الآلية.
لمياء أزدوح لمياء أزدوح16/07/202527521 دقيقة

تعكس حصيلة عقود البرامج بين الدولة والجهات آفاقًا واعدة لتسريع مسار الجهوية المتقدمة، غير أن ضعف الأساس القانوني ومحدودية التدابير الُمواكِبة تحد من فعالية هذه الآلية.

 

مقدمة

تمثل الجهوية المتقدمة مرحلة أساسية في تطور المسار اللامركزي بالمغرب، بالنظر لما انطوت عليه مقتضيات دستور 2011 من ضمانات نوعية لتقوية الاستقلال الذاتي للمجالس الجهوية. كما اندرج القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات -الصادر في 2015- ضمن مساعي الانتقال من جهات ذات صلاحيات إدارية “محدودة” إلى جهات “قيادية” تحظى بمهام متقدِّمة في تنفيذ وتنسيق برامج التنمية الجهوية. ضمن هذا الأفق، تم الارتكاز على التعاقد الترابي لتعزيز القدرات التدبيرية والتمويلية للجهات انطلاقا من عقود برامج (contrats programmes) تُحدِّد التعهدات المشتركة وآليات بلوغها[1].

في هذا السياق، تعتبر عقود البرامج بين الدولة والجهات آلية متميزة لتحقيق رهانات الجهوية المتقدمة، حيث إنها تُقدِّم نموذجًا جديدًا للحكامة الترابية لكونها تنشد إنجاز برامج مشتركة مبنية على رؤية متكاملة والتزامات متفاوض بشأنها، بما يساعد على تدعيم جسور الالتقائية بين حاجيات التنمية الجهوية والأولويات الوطنية للتنمية. في ضوء ذلك يبرز السؤال التالي: إلى أي مدى يمكن أن تساعد عقود البرامج بين الدولة والجهات في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة في المغرب؟

لمعالجة هذا الموضوع اتبعنا منهجية مهيكلة على أربعة محاور تشمل إبراز رهانات التعاقد الترابي ومسارات اعتماده، وتتبع حصيلة عقود البرامج بين الدولة والجهات، وحدود إسهامها في إسناد مشروع الجهوية المتقدمة، مع اقتراح مسارات الإصلاح لتعزيز دورها الاستراتيجي ليس فقط كآلية انتقالية لتنفيذ المشاريع الواردة ببرامج التنمية الجهوية (PDR) بل كمقاربة منهجية لتحقيق التنمية الترابية المتوازنة في إطار من التفاوض والشراكة بين السلطة المركزية والجهات في ضوء تجربة عقود المشاريع بفرنسا (CPER).

 

دور عقود البرامج بين الدولة والجهات في إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة

تمثل الجهوية المتقدمة نقطة تحول كبيرة في التدبير العمومي الترابي بالمغرب. يهدف هذا الورش إلى توسيع نطاق المشروع الجهوي بما يجعل الجهة رافعة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة ومتوازنة بين مختلف مجالات التراب الوطني، وبما يمكنها من لعب دور الوساطة بين الدولة وباقي أصناف الجماعات الترابية. لتأطير هذه العلاقة تم التنصيص على التعاقد كمبدأ حيوي لتجسيد الاختصاصات المشتركة بين الدولة والجهات، حيث نص القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات على أن ممارسة الاختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة ضمن إطار تعاقدي إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجهة، مع فسح المجال لهذه الأخيرة أن تُموِّل أو تشارك في تمويل إنجاز مرافق أو تجهيزات أو تقديم خدمة عمومية لا تدخل ضمن اختصاصاتها الذاتية بشكل تعاقدي مع الدولة إذا تبين أن هذا التمويل يساهم في بلوغ أهدافها[2].

بالنظر للموقع الحيوي للمناطق الجنوبية في بنية التنظيم الإداري للبلاد، حيث كانت باعثا أساسيا على صياغة المنظور المتقدم للمشروع الجهوي بالمغرب، فقد كانت مسرحا لأولى تطبيقات التعاقد الترابي، انطلاقا من أكتوبر 2013 تاريخ بلورة الخطوط العريضة للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛ الذي أوصى بالاعتماد على مبدأ التعاقد في تهيئة العلاقة الإدارية والتنموية بين الدولة من جهة والجهات الثلاث للصحراء المغربية من جهة ثانية[3]. استجابة لذلك، تم الشروع في تفعيل هذا النموذج منذ 2015 في إطار عقود برامج بين الدولة وبين جهات كلميم- واد نون، والعيون- الساقية الحمراء، والداخلة- وادي الذهب[4].

حفَّزت الثمار الإيجابية لهذه العقود على تعميمها لتشمل باقي جهات المملكة[5] ، وفق رؤية مغايرة تراعي مستجدات السياق التنموي الجهوي؛ فأمام الصعوبات التمويلية التي اعترضت تنفيذ المشاريع الواردة ببرامج التنمية الجهوية خلال فترة 2016-2021، بادرت المديرية العامة للجماعات الترابية بمعية الإطار التمثيلي للجهات (جمعية جهات المغرب) إلى التوقيع على ميثاق تفعيل الجهة لاختصاصاتها في دجنبر 2019 ضمن فعاليات المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة التي أوصت مخرجاتها بتطوير التعاقد الترابي بين الدولة والجهات وبإعداد عقد-برنامج نموذجي بين الدولة والجماعات الترابية لتغطية وتحديد شروط ممارسة وتفعيل الاختصاصات المشتركة[6].

بلغ الغلاف المالي للجيل الأول لبرامج التنمية الجهوية حوالي 400 مليار درهم، لكن جل المشاريع لم تعرف طريقها إلى التفعيل في ظل محدودية الموارد الذاتية للجهات وعدم ضخ الشركاء للتمويلات المطلوبة، فبعد مرور ما يقارب من نصف الولاية الأولى من مسار الجهوية المتقدمة لم تحدث المجالس التنموية الفارق التنموي المطلوب أمام تراكم معضلات قيادة برامج التنمية جراء صعوبات بالغة في التمويل والتنسيق والتتبع، وهو ما شكل إعاقة حقيقية لتقدم المشروع الجهوي بالمغرب بالشكل الذي أصله له الدستور والقانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.

 أمام هذا الوضع تسارعت الجهود الرامية إلى بلورة صيغة للتنزيل التشاركي لبرامج التنمية الجهوية في إطار عقود برامج لتمويل المشاريع ذات الأولوية، حيث انخرطت أربع جهات في تنفيذ عقود برامج تجمعها بالدولة برسم فترة 2022-2020؛ يتعلق الأمر بجهة فاس-مكناس، وجهة بني ملال-خنيفرة، وجهة كلميم-واد نون، وجهة الداخلة-وادي الذهب. وبالرغم من مصادقة مجالس جهوية أخرى على عقودها فقد اعترضت سبيلها صعوبات جمة أخرت مسطرة التأشير عليها من قبل وزارة الداخلية، أو لكونها افتقدت إلى المرجعيات اللازمة لأجرأتها، كعدم التوقيع على اتفاقيات الشراكة بينها وبين القطاعات الوزارية، كما هو عليه الحال بالنسبة لجهات الشرق وسوس-ماسة وطنجة تطوان الحسيمة، فيما لم تبذل الجهات الخمس المتبقية أي مجهود لتجسيد آلية التعاقد بينها والدولة[7]، على الرغم من كونها تعاني قصورا هيكليا في تمويل مخططاتها التنموية، وهو ما يكرس حالة من الازدواجية في المسار الجهوي الجديد، ما بين جهات تُحاول استنفاذ الحلول المتاحة لتدارك التأخر التنموي وجهات أخرى لا تزال تٌدبَّر بعقلية ما قبل الجهوية المتقدمة.

نفس الأمر ينطبق على المجالس الجهوية المُنبثِقة عن انتخابات أكتوبر 2021، حيث تأخرت أكثر من اللازم سيرورة اعتماد عقود البرامج؛ فإلى حدود منتصف أكتوبر 2024 لم تُصادق مجالس الجهات على عقود البرامج الخاصة بتنفيذ مشاريع التنمية ذات الطابع الاستعجالي المضمنة ببرامج التنمية الجهوية للفترة 2022-2027[8]؛ لأسباب عديدة، كالتأخر الحاصل في إعداد هذه البرامج والتأشير عليها، وعدم احترام المساطر الخاصة بتحديد مشمولات عقود البرامج[9]. ويُنتظر أن تتمكن بعض المجالس في الأفق القريب من اعتماد عقود برامج واعدة من حيث الغلاف المالي، كمشروع العقد البرنامج بين الدولة وجهة الرباط-سلا القنيطرة الذي يناهز 21 مليار درهم، ومشروع عقد جهة طنجة- تطوان-الحسيمة الذي تقارب قيمته 6 مليار درهم.

الجيل الأول لعقود البرامج بين الدولة والجهات: التوجهات والرهانات

تعتبر جهة فاس- مكناس أول جهة تشرع في تنفيذ عقد برنامج يجمعها بالدولة لتنفيذ المشاريع ذات الأولوية المضمنة ببرنامج التنمية الجهوية على امتداد الفترة الفاصلة بين 2020 و2022 بغلاف مالي يتجاوز 11 مليار درهم لتمويل 97 مشروعا لتحسين الجاذبية الاقتصادية للمجالات الترابية، من خلال توسيع العرض المتعلق بالمناطق الصناعية، وتطوير منطقة لوجيستيكية، وإحداث مناطق للأنشطة التقليدية والحرفية وإنعاش الاقتصاد الاجتماعي وتثمين المنتجات الجهوية، وتأهيل المحاور الطرقية. إضافة إلى دعم القطاعات المنتجة وإنعاش الشغل والبحث العلمي عبر دعم وتأهيل البنيات التعليمية والبحث العلمي التطبيقي. اجتماعيا استهدف العقد التقليل من العجز الاجتماعي والتفاوتات الترابية من خلال اعتماد برنامج للتعليم الأولي وبرنامج للتأهيل الحضري ودعم المراكز الحضرية الصاعدة ومن خلال تقوية العرض الاستشفائي وإنعاش القطاع الرياضي. كما توخى تثمين المجال الثقافي والمواقع السياحية والمحافظة على الموارد الطبيعية عبر تهيئة المدارات والمحطات السياحية وتعزيز البنيات التحتية للسياحة وخلق وتأهيل وتجهيز المؤسسات الثقافية والعناية بالتراث الثقافي الجهوي والحماية من الفيضانات والحفاظ على الموارد الطبيعية[10].

من الناحية الزمنية، تعتبر جهة بني ملال-خنيفرة ثاني جهة تصادق على عقد البرنامج في شهر يوليوز 2020 بتكلفة إجمالية تقارب 8 مليار درهم موزعة على 4,18 مليار درهم لتحفيز الاستثمار وتحسين جاذبية المجال الجهوي، و2.4 مليار درهم للتأهيل الاجتماعي وتحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية، و825 مليون درهم لتأهيل بنيات الاستقبال السياحية ودعم القطاع الثقافي والرياضي، إضافة إلى تخصيص نصف مليار درهم لفك العزلة عن المناطق الجبلية وتعميم التزود بالماء الصالح للشرب[11].

أما العقد الخاص بجهة الداخلة- واد الذهب، فقد بلغت كلفته المالية 574 مليون درهم لتنفيذ 14 مشروعا أولويا موزعة على ثلاثة محاور إستراتيجية تشمل تحسين جاذبية المجال (إعادة تأهيل شبكة التطهير السائل، وبناء وتجهيز دار المقاول، وتقوية الطرق، وإحداث المرصد الجهوي للتنمية) والتنافسية الاقتصادية (تهيئة منطقة لوجستيكية بميناء الداخلة، وتهيئة الشواطئ والمواقع السياحية) والإدماج الاجتماعي (بناء وتجهيز مركز جهوي لمهن التربية والتكوين، وبناء وتجهيز مراكز صحية)[12]. بالمجال الصحراوي كذلك، تضمن عقد البرنامج لجهة كلميم- واد نون 37 مشروعا بميزانية تقارب 5.5 مليار درهم موزعة على 4.6 مليار درهم من أجل تحسين جاذبية الجهة وتعزيز قدرتها على إنتاج فرص الشغل المستدامة، و767 مليون درهم لتعزيز الاندماج الاجتماعي، و 109 مليون درهم من أجل حماية وتثمين الموروث الطبيعي والثقافي[13].

تُبرِز حصيلة الجيل الأول وجود استخدام محدود لعقود البرامج بين الدولة-الجهة لتنفيذ المشاريع ذات الأولوية في برامج التنمية الجهوية. حيث اقتصر الجيل الأول لعقود البرامج على أربع جهات فقط. كما يلاحظ الأفق الواعد لعقود البرامج المصادق عليها، حيث بلغ غلافها المالي 23.5 مليار درهم لتنفيذ 197 مشروع، بنسب تمثل 22% من التكلفة المالية لمشاريع التنمية الجهوية للجهات الأربع[14].

وِفق هذه التركيبة المالية الواعدة، من المفروض أن تسهم عقود البرامج في تعزيز القدرات التمويلية للجهات، حيث يمكن أن تشكل التحويلات المالية للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية عاملا مهما لتغذية التمويل الجهوي للتنمية؛فالعديد من المشاريع الكبرى المهيكلة الواردة ببرامج التنمية الجهوية لم يكن من الممكن أن تر النور لولا إدراجها كمشاريع ذات طابع استعجالي ضمن عقود برامج يجرى تنفيذها بموجب اتفاقيات شراكة بين المجالس الجهوية ومختلف تعبيرات السلطة المركزية. ومن شأن ذلك أن يُجسِّد بالملموس الدور الريادي للجهات في قيادة التنمية الترابية.

على هذا الأساس، يمكن الرهان على عقود البرامج في تقوية التنافسية الترابية، في ضوء البوادر الأولوية لتنفيذ ما اشتملت عليه عقود البرامج من إرساء للبنيات الكبرى لاستقبال الاستثمارات في شكل حاضنات صناعية ولوجيستيكية ومناطق للأنشطة الاقتصادية والمهنية، وكذا التجهيزات المرتبطة بتقوية النسيج الإنتاجي ودعم البحث العلمي والتكوين المهني، الأمر الذي يُشكِّل عُنصرا مُحفِّزا على تحسين جاذبية الجهات وقدرتها على استقطاب المشاريع الاستثمارية، وخاصة بالمناطق التي تتوفر على فرص واعدة للاستثمار دون أن تتوفر على البنية التحتية اللازمة لجذب الاستثمار.

ومن شأن تدعيم هذا التوزيع المتوازن للمشاريع بين مختلف المكونات الترابية للجهات أن يساعد على التخفيف من حدة الفقر والإقصاء والبطالة بمختلف المناطق بدل الاقتصار على مراكز الجهات، في ضوء التجربة الفرنسية حيث أصبحت عقود المشاريع الدولة/الجهات (CPER) تساهم بشكل فعال في تحسين المؤشرات التنموية الجهوية في المجالات ذات الأولوية كالسكن الاجتماعي والتنمية الحضرية والتكوين المهني والتنمية القروية[15]. كما ينتظر أن تمكن آلية التعاقد الترابي من تجسيد التدبير التعاضدي للتنمية الترابية، إذ تتيح مرونة عقود البرامج وطابعها التقاطعي التوظيف التشاركي للموارد والوسائل المتاحة لدى القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من أجل تسريع وتيرة إنجاز المشاريع التنموية وتعظيم آثارها التنموية[16].

حدود إسهام عقود البرامج في تسريع مسار الجهوية المتقدمة: الجذور والتجليات

تٌبرز أجندة تنفيذ عقود الدولة/الجهات (contrats État-Région) بعض الصعوبات؛ فمعدل إبرام هذه الاتفاقيات لم يف بالمواعيد التعاقدية المحددة. في الواقع، يتعلق 26% منها ببرامج ومشاريع تم التعاقد عليها قبل توقيع العقود بين الدولة والجهات. ونتيجة لذلك، يظل الجدول الزمني لمساهمات الشركاء غير متسق مع الجدول الزمني المؤقت المنصوص عليه في عقود الدولة-الجهات؛ حيث لم يتم إبرام 50% من هذه الاتفاقيات حتى السنة الثانية بعد دخول عقود البرامج حيز التنفيذ، على الرغم من أن هذه الأخيرة تنص على إبرامها خلال أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر[17]، الأمر الذي أثر سلبا على احترام الجدول الزمني لتنفيذ البرامج والمشاريع ذات الأولوية؛ حيث يظهر تقييم التنفيذ الفعلي للمشاريع المنصوص عليها في العقود المبرمة بين الدولة والجهة (2020-2022) أن نسبة المشاريع المنجزة بالكاد انتقلت من %7 في 2022 إلى 9%  في 2024[18]، وهو ما يتنافى مع الطابع الاستعجالي والمحدود في الزمن لعقود البرامج التي من المفروض أن يتم تنفيذها داخل الأجندة المحدَّدة تماشيا مع رهانها كآلية لتسريع ديناميات التنمية الجهوية.

يرتبط هذا الوضع بالتأخر الحاصل في تقنين ومأسسة التعاقدات بين الدولة والجماعات الترابية، وما لذلك من تداعيات على محتوى عقود البرامج ورهاناتها وضمانات تنفيذها،  كما يُطرح الأثر السلبي لثقل الرقابة الإدارية أمام تعقد وطول مسطرة التأشير، إضافة إلى ضعف الوعي بأهمية التعاقد لدى القطاعات الوزارية، حيث لم يساعد تأخر تعيين رؤساء التمثيليات الإدارية القطاعية والمشتركة على مستوى الجهات وتفويض الاختصاصات التقريرية إليهم على تيسير مسطرة التشاور حول مضمون هذه العقود بين الجهات والقطاعات الوزارية المعنية.[19] كما تُثار مسؤولية المجالس الجهوية التي لا يلجأ معظمها إلى تصنيف المشاريع المزمع إنجازها في إطار تعاقدي خلال مرحلة إعداد برامج التنمية الجهوية.

على مستوى الأثر النوعي، في مقابل الفرص الواعدة التي تتيحها عقود البرامج بين الجهات والدولة على مستوى تقوية الأساسات المالية التدبيرية للمشروع الجهوي بالمغرب، ثمة تداعيات سلبية قد تؤثر على الرهانات المعقودة عليها في ظل العديد من التحديات التي تحد من أثرها التنموي والديمقراطي:

  • تعميق التفاوتات المجالية: في الواقع، تم التعويل على عقود البرامج من أجل التخفيف من حدة التفاوتات المهولة بين مختلف جهات المملكة من أجل توحيد سرعة التنمية الجهوية، لكن محدودية التدابير المصاحبة، يبدو أنها لن تُغيِّر بالمستوى المطلوب من السرعات التفاوتات في إيقاع التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما بين جهات “نافعة” تسير بسرعة صاروخية (Régions utiles)، وبين جهات “غير نافعة” لا تزال تُسجِّل مؤشرات تنموية دنيا ( Régions inutiles)[20]، الأمر الذي سينعكس سلبا ليس فقط على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للجهات الضعيفة، بل على دورها القيادي في تنشيط التنمية بإطارها الترابي؛ إذ كيف يُمكِن الرهان عليها في دعم الجماعات التي تتواجد بحيزها الترابي وهي عاجزة عن تنفيذ برامجها الخاصة وتجسيد ما تتوفر عليه من صلاحيات رحبة، لا توازيها الإمكانات المرصودة.
  • تكريس المركزية الجهوية: من خلال التأمل في المشاريع المُنفَّذة في إطار عقود البرامج يتبين أن معظمها ينحصر بمركز الجهات فيما لا يصل لباقي أقاليم وعمالات الجهات سوى النزر الضئيل، وهو ما يهدد بإعادة إنتاج المركزية المقيتة التي طالما قلَّصت من فرص بناء تنمية ترابية متوازنة، بحيث تصبح مراكز الجهات بالفعل محورا للتنمية فيما يتم التعامل مع باقي الوحدات الترابية للجهات كمجرد هوامش، وهو ما يتعارض بشكل منهجي مع رهانات الجهوية المتقدمة التي أُريد لها أن تُحدِث توزيعا متوازنا للموارد والمشاريع على المستويين الأفقي والعمودي.
  • إسهام محدود في تنشيط الاستثمار: بشكل عام، يُلاحظ زيادة ملموسة في الإنفاق الاستثماري للجهات، حيث انتقل من من 2.19 إلى 8.27 مليار درهم[21]. وبشكل نسبي ساعدت عقود البرامج على تعزيز إسهام الجهات الضعيفة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث سجلت جهة العيون الساقية الحمراء نموا بنسبة 9.1% بينما ارتفعت مساهمة جهة الداخلة-واد الذهب بنسبة 5.4%. لكن، بالرغم من ذلك، فمساهمتها في الاستثمار العام لا تزال محدودة مقارنة بالدور المفترض للجهات في تحفيز وتنمية الاستثمارات؛ فبالكاد انتقلت حصة الاستثمار الجهوي من مجموع الاستثمار العمومي من 1% في 2016 لتستقر في حدود 4%[22]. الأمر الذي يفرض إعادة تصحيح مسار عقود البرامج لتوجيهها أكثر نحو تشجيع الاستثمارات المُنتِجة للثروة وللقيمة المضافة.
  • إعادة مركزة القرار الجهوي: لا يمكن إنكار الدور الحيوي للدولة في إنجاح عقود البرامج، من خلال عمليات التحفيز والتمويل والتتبع والمواكبة، وهو ما يتجلى في تذليل صعوبات التنفيذ وحلحلة التوترات بين الشركاء المركزيين والترابيين. لكن في غياب إطار مرجعي يضبط حكامة تدبير التعاقدات فإن عقود البرامج قد تشكل منفَذا للسلطة المركزية للتحكم في القرار الجهوي، على نحو قد يَحُدُّ من استقلالية القرار الجهوي ويخلق تدبيرا ترابيا مُوازيا تكتفي فيه المجالس الجهوية بضخ التمويلات والمصادقة على قرارات صِيغت برهانات وحسابات مركزية[23]، الأمر الذي من شأنه تبخيس التوجه الديموقراطي لمشروع الجهوية المتقدمة. ونذكر بهذا الصددبالحالة الفرنسية حيث أدخلت آلية التعاقد الحكامة الترابية في حالة من عدم اليقين[24]، خاصة فيما يتعلق بإعادة تموقع الدولة كفاعل مهيمن يسعى باستمرار لتوجيه عقود البرامج لخدمة رهانات “المركز” على حساب الأولويات التنموية للجهات[25].
آفاق تطوير التعاقد الترابي بالمغرب في ضوء التجربة الفرنسية

تبرز الملامح السلبية لعقود البرامج وجود قصور هيكلي في تصميمها وتنفيذها، لكن ذلك لا يعني الاستعاضة عن هذه الآلية المهمة؛ فمن الطبيعي أن تُسفر المرحلة التجريبية عن بعض التحديات، كما أن ضعف الإطار المرجعي للتعاقد الترابي بين السلطة المركزية والجماعات الترابية قد ولَّد فراغات تشريعية ومُؤسَّسية أثرت على رهانها التنموي. لذلك، يتعين إعادة توجيه عقود البرامج لجعلها تخدم الرهانات الاستراتيجية المتوخاة منها، بتصحيح الإشكالات التي تعيق تنفيذها في ضوء مآلات عقود المشاريع بين الدولة والجهات بفرنسا:

  • تقوية الاستقلال الإداري والمالي الجهوي: تتطلب حكامة الفعل العمومي خص الجهات بكتلة اختصاصات حصرية (blocs de compétences) تؤهلها لقيادة مسار التنمية ضمن نطاقها الترابي، وهو ما يفرض التجسيد الأمثل لمبدأ التفريع في توسيع وتدقيق الاختصاصات الذاتية للجهات للحد من تداخلها مع مهام باقي الفاعلين المركزيين والترابيين، كما يتعين تسريع عملية نقل الاختصاصات المشتركة على أساس شبكة تنقيط (scoring) لتقييم القدرات التدبيرية للجهات[26]. بالموازاة، يتعين تدعيم الوعاء المالي لجعل المجالس الجهوية قادرة على تفعيل الاختصاصات المسندة إليها في ضوء مقتضيات مبدأ التناسب، بما يفضي في آخر المطاف إلى تحصين الاسقتلالية المالية للجهات التي تعد الضمانة الأساسية لإنجاح كل مسار تعاقدي[27].
  • التأصيل التشريعي للتعاقد بين الدولة والجهات: تُظهِر التعثُّرات الحالية الحاجة الماسَّة إلى التأطير التشريعي لمسار تصميم وتنفيذ العقود البرامج بما يحفظ الحرية التعاقدية للجهات التي تعد المرتكز الأساسي للتعاقد الترابي[28]. فبدل الاستمرار في ضبط منهجية التعاقد الترابي بموجب دوريات يتعين التسريع بإخراج النص التنظيمي الخاص بتحديد شكليات وشروط إبرام وتنفيذ العقود بين الدولة والجماعات الترابية؛ من خلال التحديد الواضح لأدوار كلٍّ من ممثلي السلطة المركزية والمجالس الجهوية، مع التنصيص على الطابع المُلزم لاتفاقيات الشراكة بين الجهات والقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية المعنية للحيلولة دون تملص الأطراف المتعاقدة من التزاماتها المالية، على نحو يفضي في الكثير من الحالات إلى توقف مشاريع تنموية مشتركة كان بإمكانها أن تغير جذريا من واقع الجهات. في ضوء ذلك، يتعين أن تشتمل عقود البرامج على التوضيح الدقيق للالتزامات المشتركة بين الامتدادات الترابية للسلطة المركزية والمجالس الجهوية مع تحديد المسؤوليات والأهداف وصيغ تمويل المشاريع التنموية[29]. وهو ما من شأنه أن يجعل من التعاقد الترابي الجهوي آلية مُثلى لتعزيز التوافق السياسي/ التقني (technico-politique) بين الدولة والفاعلين الترابيين عبر وساطة الجهات[30].
  • الصياغة التفاوضية للعقود البرامج: من الناحية المعيارية، يَفرض التعاقد الترابي أن تتوفر الأطراف المتعاقدة على رؤية مندمجة للتدخل في المجال الجهوي لضمان التنسيق المستمر بين مختلف الجهات الفاعلة، مع الرصد المستمر للتقدم المحرز لتجنب أي شكل من أشكال التراجع أو التراخي. ونشير بهذا الخصوص إلى التجربة الفرنسية، حيث يُجرى التحضير بشكل تفاوضي لمشاريع عقود المشاريع بين الدولة التي تحدد الاطار العام للتعاقدات عن طريق محافظ الجهة، وبين مجالس الجهات التي تدافع عن اختياراتها المُضمَّنة بمخططاتها التنموية، وهو ما يُشكِّل أساسا لإجراء تسويات (Compromis) بين الأطراف الشريكة لصياغة عقود برامج تعبر عن الرهانات المشتركة[31]. في ضوء ذلك، يتعين الإشراك الفعلي للمجالس الجهوية في مختلف مراحل صياغة عقود الدولة/الجهات، بما يضمن الموازنة بين الانضباط لأولويات السياسات العمومية والقطاعية وبين مراعاة الخصوصيات والحاجيات الترابية.
  • تأطير العلاقة التعاقدية بين الجهات وباقي الجماعات: تفرض المنهجية التعاقدية توضيح مستوى إسهام باقي مستويات التدبير اللامركزي في صياغة تنفيذ عقود البرامج، طالما أنها شريك أساسي في تمويل مشاريعها. ويمكن الاستئناس في هذا السياق بالتجربة الفرنسية التي ابتكرت تطبيقات متعددة للعقود الترابية للتنمية؛ حيث تتفرع عن عقود المخطط الدولة الجهات عقود تحت جهوية (Contrats infra-régionaux) على غرار عقود المدن والتجمعات الحضرية، وعقود الدولة/ الحواضر الكبرى (État-Métropoles)[32]، وعقود المناطق (contrats de pays)، والعقود الجهوية للمبادرة المحلية (CRIL) كصيغة مهيكَلة للتنسيق والتعاون بين الجهات والجماعات التي تتواجد بنطاقها الترابي[33].
  • تعزيز حكامة تدبير عقود البرامج: يُعد عدم تناسب آليات التتبع والتقييم من أبرز الإشكاليات التي تواجه تنفيذ عقود البرامج بين الدولة والجهات في المغرب، وخاصة فيما يتعلق بإضعاف قدرة الجهات المعنية على تتبع تقدم المشاريع وتقييم أدائها بشكل مستمر، ذلك أن غياب التحديد الواضح لمؤشرات الأداء يجعل من الصعب قياس التقدم أو تقييم مدى تحقيق الأهداف، والتي غالبًا ما تفتقر إلى المعايير الدقيقة لتقييم أثر المشاريع. في ضوء ذلك، يتعين وضع لوحة قيادة لتتبع حصيلة تنفيذ عقود البرامج، بإصدار تقارير دورية وسنوية لإبراز مسارات التنفيذ وتداعياته على الواقع التنموي الجهوي، وترتيب المسؤوليات بخصوص الأطراف غير الملتزمة بتنفيذ تعهداتها. مع التصدي الفوري للاختلالات المرحلية في أفق تفاديها وتصحيح المشاريع الجاري تنفيذها بشكل مشترك لتلبية المتطلبات الجهوية ذات الأولوية.

 على المستوى المؤسساتي، يتوجب مراجعة الإطار التنظيمي للتعاقدات الترابية على أسس متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الأطراف، وإلا فإنها قد تتحوَّل بفعل ضغوط الممارسة إلى ما يشبه “عقود الإذعان” (Contrats d’adhésion).  لأجل ذلك، يتعين إعادة النظر في تركيبة ووظائف لجان تتبع عقود البرامج بما يكفل توسيع تمثيلية الجهات والفاعلين الترابيين بشكل عام لكونهم الأقدر على انتقاء مشاريع أكثر تساوقا من الحاجيات والخصوصيات الترابية. لهذا الغرض، من الأهمية بمكان إدماج ممثلي المجتمع المدني والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية الجهوية في مختلف عمليات تتبع وقيادة وتقييم عقود البرامج[34]، وهو أمر لا يُفيد فقط في تعظيم آثارها التنموية، بل يندرج أيضا -من الناحية السياسية- ضمن الجهود المطلوبة لترسيخ التملُّك المجتمعي لمشروع الجهوية المتقدمة.

خاتمة

من الناحية العملية، من المبكر تقديم أحكام نهائية حول الأثر التنموي الفعلي لعقود البرامج، فالصورة لم تتضح بما فيه الكفاية أمام التأخر الذي شهده مسار اعتمادها في ظل استنكاف معظم الجهات عن تجريب هذه الآلية. فيما يتعلق بالأثر، من الصعوبة بمكان الإقرار بكون المشاريع المُضمَّنة بالعقود قد أسهمت في تعزيز مؤشرات بعينها أمام وجود تدخلات أخرى بنفس الجهة من قبل باقي مستويات التدبير العمومي، كالقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية ووكالات التنمية.

بشكل عام، تُبرز نتائج الجيل الأول من عقود البرامج بين الدولة والجهات منجزات واعدة من شأن ترصيدها أن يُثبِت جدارة التعاقد كآلية مبتكرة للتأسيس لعلاقة متوزانة بين الدولة والجهات في تحقيق التنمية الترابية المستدامة؛ حيث ساعدت الالتزامات المالية للقطاعات الوزارية في توسيع وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع التنموية الواردة ببرامج التنمية الجهوية. من شأن تدعيم هذا المسار أن يُسهم في تشجيع المجالس الجهوية على ممارسة سلطاتها وتطوير طرق تدبيرها، وفي إزالة العراقيل التي تحد من تنفيذ المخططات التنموية، خاصة أمام المواكبة الحثيثة لولاة الجهات الذين أصبحوا بفضل آليات تتبع عقود البرامج يلعبون دورا قياديا في التنسيق بين مختلف الفاعلين المركزيين والترابيين.

لكن في المقابل،  تنطوي حكامة العقود البرامج على عدد من المخاطر المرتبطة بغياب التقارب والتنسيق. الأمر الذي يفرض إيجاد استراتيجيات وبرامج تستند على تشخيص موثوق وخطط تنفيذ واقعية، مصحوبة بمؤشرات قابلة للقياس، ضمانا لتحقيق الأثر المتوقع. لذلك، يتعين تعظيم الأثر الاسترايتيجي لعقود البرامج في تدعيم أساسات الجهوية المتقدمة، ليس فقط بتعضيد الجهد التنموي الجهوي، وإقدار المجالس الجهوية على الارتقاء بالوظيفة الريادية التي بوَّأها الدستور، بل أيضا من الناحية الديموقراطية؛ إذ يتعين إحاطة التعاقد الترابي بالضمانات اللازمة لتدعيم الاستقلال المالي والإداري للجهات بدل إلحاقها بالتدبير المركزي.

الهوامش

[1] عقود البرامج بين الدولة والجهات عبارة عن اتفاقيات للبرمجة متعددة السنوات لتمويل العمليات الاستعجالية للتهيئة والتنمية الترابية، وفق هذا المعنى فهي تمثل تجسيدا للمقاربة التشاركية في تدبير الشؤون العامة الترابية بما يمكن من تفعيل الاختصاصات والأولويات المشتركة. يُنظر:

Leroy 1999. La négociation de l’action publique conventionnelle dans le contrat de plan État-région. Revue française de science politique. Vol. 49, No. 4/5 pp. 573-600.

[2] المادتين 92 و93 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83 في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015)، جريدة رسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015).

[3] Conseil Économique, Social et Environnemental. Nouveau modèle de développement pour les provinces du Sud. Rabat : CESE, Octobre 2013.P.17.

[4] Tahar Abou El Farah, Provinces du Sud : le nouveau modèle de développement en marche, lavieeco.com, 22 Décembre 2022. https://tinyurl.com/28e48m5v

[5] Vedie, Henri-Louis. Le Nouveau Modèle de Développement des Provinces du Sud : des réalisations à un rythme soutenu atteignant les objectifs fixés. Policy Brief 17/23. Rabat: Policy Center for the New South, Mars 2023.p.10.

[6] التقرير العام لأشغال المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة، المديرية العامة للجماعات الترابية وجمعية جهات المغرب، 2019، ص 151.

[7] Rapport thématique sur La mise en œuvre de la régionalisation avancée Cadre juridique et institutionnel, mécanismes, ressources et compétence. La Cour des Comptes, Octobre 2023, P.15.

[8] Rapport annuel de la Cour des comptes au titre de 2023-2024, Novembre 2024, p.35.

[9] تنص المادة 11 من المرسوم رقم 2.22.475 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه، على ضرورة التنصيف بين مشاريع التنمية الجهوية ما بين المشاريع التي ستنجز بالإمكانيات الذاتية وبين المشاريع التي يتطلب إنجازها إبرام اتفاقيات شراكة أو تعاقدات مع باقي الشركاء. 

[10]جهة فاس مكناس، عقد برنامج بين الدولة وجهة فاس مكناس من أجل تنفيذ المشاريع ذات الأولوية في برنامج التنمية الجهوية، 2022-2020، ص 9-10.

[11] جهة بني ملال: المصادقة على عقد برنامج خاص بتنفيذ مشاريع تنموية بقيمة 8 مليار درهم، فبراير كوم، 06 يوليوز 2020، https://febrayer.com/767905.html

[12] Mohamed Laabid, 574 MDH pour le contrat-programme de la région Dakhla-Oued Eddahab et l’État, aujourdhui.ma, 2 MARS 2021. https://aujourdhui.ma/economie/574-mdh-pour-le-contrat-programme-de-la-region-dakhla-oued-eddahab-et-letat

[13] Guelmim-Oued Noun : un contrat-programme et un nouveau PDR pour dynamiser la région, medias24.com, 31 Mars 2022, https://tinyurl.com/253kqm8b

[14] Désy Mbakou, Régionalisation avancée : Donner aux régions davantage de compétences et de responsabilités,fnh.ma, 30 Juin 2024, https://tinyurl.com/27dg53g3

[15] Zineb Sitri, les nouveaux modes de gouvernance des collectivités territoriales à la lumière des nouvelles législations, Remald, série « thèmes actuels », n°93, 2015, p. 189.

[16] Zair, Tarik. Projets de Territoire et Contractualisation Territoriale. La Revue Marocaine de l’Administration Locale et du Développement, no. 156, 2021, p.19.

[17] Rapport thématique sur La mise en œuvre de la régionalisation avancée, op,cit, P.15.

[18] Rapport annuel de la Cour des comptes au titre de 2023-2024, op, cit., p.35.

[19] تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم 2024-2023، الجريدة الرسمية عدد 7360 مكرر، بتاريخ 13 ديسمبر 2024، ص 9382.

[20] Dalil, Mustapha. “Les Régions au Maroc à L’aube des Contrats – Programmes, La Revue Marocaine des Systèmes Juridiques et Politiques, N 15, 2019, P.6.

[21] Rapport thématique sur La mise en œuvre de la régionalisation avancée, op,cit, p.11.

[22] وئام فراج، الجهات تحت مجهر مجلس الحسابات: مساهمة متباينة في خلق الثروة، وكالة المغرب العربي للأنباء،30 نونبر 2023، https://snrtnews.com/article/87909

[23] Tarik Zaïr, la contractualisation des rapports état – collectivités locales, Remald, n°96, 2011, p.48.

[24] Gaudin Jean-Pierre. La contractualisation des rapports entre l’État et les collectivités territoriales. In: Annuaire des collectivités locales. Tome 24, 2004, P.231.

[25] Alain Faure et Emmanuel Négrier, politiques publiques à l’épreuve de l’action locale Critiques de la territorialisation, Éditions L’Harmattan, coll. Questions contemporaines, 2007, p.140.

[26] Conseil Économique, Social et Environnemental. Exigences de la régionalisation avancée et défis de l’intégration des politiques sectorielles. Auto-Saisine n° 22/2016, 2016, p.40.

[27] Samih Hamdaoui, La vocation économique de la région à la lumière de la loi organique, Remadasa – Numéro double : 2 -3, 2017, p. 38.

[28] François-Xavier Fort, Contrat et droit des collectivités territoriales, Éditions L’Harmattan ,2014, p.10-11.

[29] Sitri, Zineb. La Contractualisation Territoriale, Fondements D’un Mode D’articulation des Rapports État-Régions. Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, no. 163, 2022, p.30.

[30]Marc Leroy. Le contrat de plan État-région. In La région, laboratoire politique, édité par Bernard Jouve et al.  Paris: La Découverte. 2001, P.225.

[31] Jean-François Joye, La production des politiques de développement territoriale, in : le droit administratif- Regard sur les moyens d’action des collectivités décentralisées françaises, in : Nacer El Kadiri, Jean Lapèze, Nouzha Lamrani (Dir.), Éléments d’analyse sur le développement territorial. Aspects théoriques et empiriques L’Harmattan, 2007. p.49-50.

[32] Dialogue Maroc-OCDE sur les politiques de développement territorial : Enjeux et Recommandations pour une action publique coordonnée, op.cit., p.277.

[33] Anne-Cécile Douillet, les élus ruraux face à la territorialisation de l’action publique, revue française de science politique vol. 53, n°4, Août 2003, p. 587.

[34] Sanaa Fahmi & Sarah Touati, Programme de Développement Régional : Outil Privilégié des Politiques Contractuelles Etat-Région au Maroc. Revue Almanara pour les études juridiques et Administratives, N 39, 2022,p.27.

لمياء أزدوح

لمياء أزدوح

لمياء أزدوح، باحثة بسلك الدكتوراه في العلوم الاقتصادية والتسيير، متخصصة في تقييم السياسات العمومية.