حوار السياسات المغربيةفعالياتفعاليات قادمةإصلاح مدونة الأسرة: الإنجازات والتحديات والتوجهات المستقبلية نحو المساواة بين الجنسين

إصلاح مدونة الأسرة: الإنجازات والتحديات والتوجهات المستقبلية نحو المساواة بين الجنسين

إصلاح مدونة الأسرة: الإنجازات والتحديات والتوجهات المستقبلية نحو المساواة بين الجنسين

حوار السياسيات المغربية 2023

4 نونبر2023، الرباط، المغرب

السياق

في 3 فبراير 2004، وبعد تفكير جاد، أقر البرلمان المغربي مشروع مدونة الأسرة، ليحل محل مدونة الأحوال الشخصية التي تم وضعها في عام 1958 بعد استقلال البلاد. تميز السياق بمناقشة غير مسبوقة حول وضع المرأة في بلد من المفترض أن يكون في مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية، لكن مقاومة التغيير كانت ملحوظة. تم وضع مدونة الأسرة بتوجيه من نخبة من العلماء، وقد تم تطويرها كاستمرار للفقه المالكي التقليدي. تعد مدونة الأسرة نتيجة مشتركة لنضال النساء لمدة تقارب ثلاثة عقود على مستوى معين من الإرادة السياسية الحقيقية، فهي أكثر من مجرد إصلاح قانوني بسيط. تنظم المدونة مجموعة من العلاقات الأسرية كالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والجنسية والإرث، وقد دفع هذا القانون المجتمع المغربي للمشاركة في نقاش عمومي حول المساواة بين الجنسين داخل الأسرة.

بموجب القانون الذي وضع في عام 1958، كان للرجال حرية التعدد دون الحاجة إلى موافقة زوجاتهم، وكان حق النساء في طلب الطلاق مقيدا بشكل كبير، كما لم يكن بإمكانهن الزواج دون موافقة ولي أمر قانوني، بالإضافة إلى قوانين أخرى مقيدة. في الفترة التي سبقت المصادقة على المدونة في عام 2004، عملت لجنة ملكية مكونة من علماء وخبراء قانونيين، تم تعيينها من قبل الملك، لمدة 30 شهرا تقريبا لاقتراح تعديلات. عند اعتماد المدونة في نهاية المطاف، تم تنزيل تغييرات ملحوظة كثيرة قابلت العديد منها تقدير النشطاء. نسلط الضوء فيما يلي على بعض أهم أحكام المدونة:

أولا، تم رفع السن الأدنى للزواج ليصبح 18 عاما بدلا من 15 عاما للنساء. على الرغم من أن هذه خطوة مبدئية، إلا أنها ليست مطلقة، حيث تسمح المادة 20 من المدونة لقاضي الأسرة بالموافقة على زواج القاصر في حالة وجود “قرار مؤيد بمستندات كافية يوضح الأسباب المبررة للزواج”.

على الرغم من أن المدونة لم تمنع تعدد الزوجات بشكل صريح، إلا أنها فرضت قيودا على هذه الممارسة. يلزم القانون الزوج بتقديم أدلة على ضرورة الزواج مرة ثانية ويشترط الحصول على موافقة قضائية لمثل هذه الزيجات، موضحا التفاصيل الإجرائية في المواد من 40 إلى 46. وتنص المادة 44 على وجه التحديد على أنه لا يمكن للمحكمة أن تأذن بتعدد الزواج ما لم يكن هناك “مبرر استثنائي وموضوعي” أو إذا كان الرجل يفتقر إلى “الموارد الكافية لإعالة أسرتين وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة”.

فيما يتعلق بالطلاق، وسع القانون الصادر في عام 2004 نطاق حقوق النساء لبدء إجراءات الطلاق، بما في ذلك منح الرجل والمرأة القدرة على طلب الطلاق بسبب اختلافات غير قابلة للتسوية. ومع ذلك، ما تزال هناك فجوات قائمة: يحتفظ الرجل

بالحق في التطليق، بينما يُطلب من النساء إما تقديم تعويض لأزواجهن عن الطلاق أو إظهار واحدة من ست مبررات محددة لبدء إجراءات الطلاق.

فيما يتعلق بحضانة الأطفال بعد الطلاق، يحتفظ القانون بوصاية الأب القانونية ما لم تكن هناك ظروف محددة كالوفاة أو الغياب أو العجز، مما يؤدي إلى استمرار سلطة اتخاذ القرار للرجل في سياقات مختلفة هامة. تُمنح حضانة الأطفال في البداية للأم، ثم الأب، ومن ثم الجدة من الأم،وعندما يبلغ الطفل سن الخامسة عشرة، تمنح له المادة 166 من المدونة الحق في اختيار أحد الوالدين لتولي دور الحاضن. وتجدر الإشارة إلى أنه عندما تتزوج المرأة ثانية فهناك احتمال أن تسقط حضانتها، حيث إن المادة 175 من المدونة قد حددث في الحالات الأربع التي لا تسقط فيها حضانة الأم: (1) أن يكون المحضون صغيرا لم يتجاوز السابعة، أو أن يلحقه ضرر من انفصالها عنه؛ (2) أن يكون به علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم؛ (3) إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون؛ أو (4) إذا كانت الأم نائبا شرعيا للمحضون.

أما فيما يتعلق بالجنسية، تتمتع المرأة بنفس الحقوق مع الرجل في منح الجنسية لطفلها بموجب قانون الجنسية. تم تقديم مشروع قانون يهدف إلى تعديل قانون الجنسية للسماح للمرأة المغربية بمنح جنسيتها لزوجها الأجنبي في نونبر 2017 إلى مجلس النواب. وأكد الوزير وهبي في شتنبر 2023، في رد عن سؤال كتابي لإدريس السنتيسي ، رئيس الفريق النيابي للحركة الشعبية بمجلس النواب، حول “منح الجنسية المغربية للزوج الأجنبي المتزوج من مغربية”، أن وزارته تقدمت بمشروع قانون رقم 019.13 بتعديل الفصل 10 من قانون الجنسية يخول بموجبه للزوج الأجنبي الحق في اكتساب الجنسية عن طريق زواجه بمغربية، مشيرا إلى أنه ما زال قيد إجراءات المصادقة داخل الحكومة.

مما لا شك فيه، يعرض المغرب اليوم أحد أكثر الأطر القانونية تقدما وتحررا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث المساواة بين الجنسين. فالدستور المغربي لعام 2011 ينص على مساواة المواطنين المغاربة ويلزم الهيئات العامة بالنهوض بالحرية والمساواة بين المواطنين والمواطنات وتعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. تضمن العديد من القوانين المساواة بين الجنسين، بما في ذلك قانون الشغل (المعدل) لعام 2003 وقانون الجنسية لعام 2008،كما أن تطبيق نظام الحصص في الانتخابات المحلية رفع تمثيل النساء في عام 2009. في عام 2011، سحب المغرب رسميا تحفظاته المتعلقة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والتي تغطي جوانب تتعلق بنقل الجنسية والمساواة في الحقوق الزوجية. وعلى الرغم من محاولات تقليل الفجوات بين الجنسين، إلا أن النساء في المغرب ما زلن يواجهن عقبات كبيرة فيما يتعلق بالمشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إذ تظل فرص النساء في الوصول إلى الموارد الأساسية – بدءا من التعليم ووصولا إلى الممتلكات الاقتصادية الرئيسية – محدودة للغاية.

على الرغم من أن المدونة قد أدخلت العديد من الأحكام الجديدة، إلا أن هناك العديد من المشاكل القائمة فيما يتعلق بكيفية تفسيرها وتنفيذها، خاصة من حيث التباين في كيفية تطبيق القانون من قبل القضاة، الذين ما يزال بعضهم يعتمد على تفسيرات دينية محافظة عند تطبيق القانون. في ماي 2023، أكد وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي التزامه بمواصلة الإصلاحات الجديدة، التي وصفها بأنها “معركة شرسة لوضع حد لاستبعاد وسوء معاملة النساء في البلاد، الذي تراكم في بلادنا لسنوات.”بالإضافة إلى ذلك، بدأ مجلس النواب المغربي في مناقشة إمكانية تعديل المدونة التي تمت المصادقة عليها منذ ما يقرب من عشرين عاما، بهدف “إيجاد توازن بين التعاليم الإسلامية وواقع المجتمع المغربي الحديث”.

وفقا لبيان رسمي من الديوان الملكي صدر في شتنبر2023، وجه الملك محمد السادس رسالة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تتعلق بمراجعة مدونة الأسرة. وتجسد هذه الرسالة القرار الملكي الذي أعلن عنه صاحب الجلالة في خطاب العرش سنة2022 وتعكس الأولوية الكبرى التي يوليها الملك لتعزيز قضايا المرأة والأسرة. تضمنت رسالة الملك أيضا توجيهات بشأن الإشراف العملي على الإصلاح ليكون جهدا “جماعيا ومشتركا” يشمل عدة مؤسسات، بما في ذلك وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة. كما حثت الرسالة الملكية هذه المؤسسات بشكل خاص على “إشراك المؤسسات ذات الصلة المباشرة بهذا الموضوع، بما في ذلك المجلس العلمي الأعلى والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الحكومية المسؤولة عن التضامن والاندماج الاجتماعي وشؤون الأسرة”.

 

الأهداف

تعد مدونة الأسرة عنصرا مهما في سياق التنمية لأنها تعالج قضايا تؤثر على المساواة القانونية (الحق في الزواج والطلاق، صفة رب الأسرة، إدارة الممتلكات الزوجية وحضانة الأطفال)، والحصول على الأصول الاقتصادية (الإرث والمهر والنفقة الزوجية والنفقة على الأطفال)، وحماية الأطفال (الحضانة).سدإصلاح المدونة في عام 2004 العديد من الفجوات المتعلقة بالمساواة القانونية في الحياة الأسرية والشخصية، رغم أن بعضها ما يزال قائما. غالبا ما يستعصي تنفيذ التشريعات عندما تتعارض أحكامها مع القوانين الاجتماعية، كما هو الحال في المغرب فيما يتعلق بالمساواة القانونية، والحصول على فرص الشغل ودور النساء في الأسرة.

تهدف هذه الجلسة إلى توفير منصة للنقاش بين رواد السياسات والجهات الفاعلة وتحفيز الحوار حول مسألة المساواة بين الجنسين في المغرب، وسيتم التطرق إلى المحاور التالية:

  • اختلافات في التنزيل:
  • كيف يمكن للمغرب معالجة الفروق في تنزيل مدونة الأسرة، خاصة فيما يتعلق بالموقع الجغرافي والخلفية السوسيو-اقتصادية؟
  • ما هي الاستراتيجيات التي يمكن اعتمادها لضمان تنزيل متسق وعادل للقانون في جميع أنحاء البلاد؟
  • الإصلاحات والتنزيل: هل تتقلص الفجوة بين الجنسين؟

  • التفسيرات الدينية مقابل التفسيرات التقدمية:
  • كيف يمكن معالجة التعارض بين التفسيرات الدينية المحافظة والأحكام التقدمية في المدونة؟
  • ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه العلماء والمؤسسات الدينية من أجل تفسير أكثر إنصافا للقانون؟

3) تعديل المدونة:

  • ما هي الاعتبارات والأهداف الرئيسية لتعديل المدونة لتحقيق التوازن بين التعاليم الإسلامية والواقع المجتمعي الحديث؟
  • كيف يمكن إصلاح المدونة لتوافق أفضل مع مفاهيم المساواة بين الجنسين وحقوق النساء المعاصرة؟

 

 حوار حول السياسات المغربية

حوار حول السياسات المغربية هي مائدة مستديرة ينظمها المعهد المغربي لتحليل السياسات ، ويضم ممثلين من الحكومة وشركاء التنمية والمنظمات الدولية والباحثين والخبراء والمجتمع المدني لمناقشة السياسات العمومية وتحديات تنفيذها في المغرب.

الغرض من هذا النشاط هو تعميق الوعي وخلق حوار سياسي نقدي عميق بين المتخصصين في مجال تحليل السياسة العمومية وصناع القرار لإجراء تشخيص شامل للسياسات والاستراتيجيات الوطنية ومتعددة القطاعات وانتقادها بشكل بناء واقتراح خيارات وبدائل سياسية، كما يوفر أيضا فرصة لإثراء النقاش وإيجاد توافق في الآراء، لذلك يلعب كل مشارك دورًا مهما بصفته حاملا للمعرفة ومتلقيا لها ويساهم بنشاط في تحفيز نقاش صريح وبناء.

 

يجتمع المشاركون حول مائدة مستديرة وفق قاعدة تشاثام هاوس، أي “عند عقد اجتماع بموجب قاعدة تشاثام هاوس، يكون للمشاركين الحرية في استخدام المعلومات الواردة، دون الكشف عن هوية أو انتماء المتحدث (المتحدثين)، أو أي مشارك آخر”.

يشكل حوار حول السياسات المغربية  فرصة للتعلم ومساحة للتعاون وحل القضايا بشكل مشترك، ويتم تنظيم كل حوار في حدود نصف يوم / يوم كامل (3-6 ساعات) نظرا لجدول أعمال المشاركين واختصار وقت إعداد التقارير في كل اجتماع وكذلك عدد الموضوعات التي سيتم النظر فيها بشكل عام.

بعد أسابيع قليلة من كل حوار يتم إصدار ونشر موجز سياسات يلخص النقاط الرئيسية التي تمت مناقشتها ويقترح توصيات بناءا عليها. يكتب الموجز باللغتين العربية والإنجليزية. 

 

 

Avatar

المعهد المغربي لتحليل السياسات

المعهد مؤسسة غير ربحية تعنى بالسياسات العامة وتتخذ من الرباط، المغرب، مقراً لها. يرمي المعهد إلى إجراء أبحاث معمقة حول مختلف الإشكالات المتعلقة بالسياسات العامة من خلال طرح أفكار جديدة لحل المشاكل التي تواجه المجتمع على صعيد الديموقراطية والتنمية.

Related Posts