يواجه اعتماد أنظمة المراقبة الحضرية في المغرب تحدي التوازن بين متطلبات الأمن وحماية حقوق الأفراد، في غياب إطار مؤسساتي متكامل يضمن التنسيق بين مختلف الفاعلين، ويكفل حسن تعبئة الموارد، وتكريس مبدأ العدالة المجالية.
الملخص التنفيذي
لا تزال إجراءات تنفيذ مشاريع أنظمة المراقبة الذكية تشهد تعثرًا في مرحلة التنزيل، وذلك بسبب غياب آليات مؤسساتية دائمة تكرّس رهانات ممارسات الشرطة الذكية في الحد من انتشار الجريمة الحضرية على الصعيد الوطني. ويُضاف إلى ذلك ضعف الإطار القانوني والتنظيمي محكم المعالم يُؤسس بشكل واضح لهذه الأنظمة، بما يضمن التمييز الدقيق بين الحق في الأمن من جهة، والحق في الخصوصية من جهة أخرى، لاسيما فيما يتعلق بالبيانات الحساسة التي يجب حمايتها وعدم معالجتها رقميًا أو المساس بها. وفي ظل هذا النقص التشريعي، تبدو المؤسسة المكلفة بمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي مؤسسة بصلاحيات محدودة، عاجزة عن الاضطلاع بدورها في ضمان هذا الحق المشروع للمواطن بالشكل المطلوب.
مقدمة
شرع المغرب في السنوات الأخيرة في توظيف أنظمة كاميرات المراقبة، بغرض الحد من الجريمة الحضرية. الخطوات المعتمدة حتى الآن، خصوصا في المدن الكبرى، تشير إلى وجود ميول قوية لدى الحكومة من أجل تعميم هذا الإجراء. لكن بالمقارنة مع دول أخرى، تبدو تلك الخطوات محدودة كما أنها تواجه تحديات متعددة، منها ما يتصل بالكلفة المالية، ناهيك عن ضعف الإطار التشريعي بما يعزز من التوجه المذكور، في أفق الاستفادة من الإمكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للتغلب على الاكراهات المختلفة، سواء المرتبطة منها بمكافحة الجريمة أو تعزيز سياسات الضبط الحضري.
في ضوء ذلك، تسعى المديرية العامة للأمن الوطني باعتبارها المؤسسة الموكول لها حماية الأفراد والممتلكات وحفظ النظام العام[1]، إلى تصميم خريطة دقيقة للجريمة اعتمادا على التكنولوجيا الحديثة ومنها كاميرات المراقبة. ويأتي هذا التوجه في سياق مواكبة الإطار الاستراتيجي الرقمي في أفق 2030 الذي بدأ تنفيذه على عدة محطات مؤسسة لمغرب رقمي، كإستراتيجية المغرب الإلكتروني (2005-2010)، فإستراتيجية مجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي (2009-2013). وقد ركزت هذه الأخيرة على تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات وتعزيز تعميم انتشار الإنترنت عالي السرعة[2]، فيما سعى المخطط الرقمي مابين (2014-2020) إلى جعل التكنولوجيا الحديثة ركيزةً أساسيةً للتنمية، مع ضمان إدماج جميع المؤسسات، سواء في القطاع العام أو الخاص ضمن هذا التحول الرقمي من أجل ركب كل المؤسسات والفاعلين هذا الإطار[3].
وتشكّل سنة 2015 نقطة تحول جوهرية في هذا المسار؛ حيث شرعت مؤسسة المديرية العامة للأمن الوطني في إعداد خطة خماسية (2022-2026) تهدف إلى تعزيز التحول الرقمي داخل البنية الأمنية، وتركز هذه الخطة على الرفع من عدد كاميرات المراقبة بالحواضر الكبرى، وإحداث مراكز للقيادة والتنسيق للإشراف على الأمن الحضري[4]. وهي الخطة التي يجري تنفيذها عبر العديد من التدابير المنصبة حول المكافحة الفعالة للجريمة الحضرية اعتمادا على تقنيات المراقبة الذكية.
ونفترض أن التوجه القائم حاليا لدى الدولة ومؤسساتها الأمنية للانخراط في اعتماد التكنولوجيا الحديثة، وخصوصا أنظمة كاميرات المراقبة الذكية، باعتبارها فرصة جيدة، يقوم على ثلاثة اعتبارات على الأقل: الأول، أن كاميرات المراقبة الذكية قد تُسهم في تحقيق النجاعة والفعالية في مكافحة الجريمة الحضرية، بما في ذلك تفكيك ألغاز بعض الجرائم المعقدة؛ الاعتبار الثاني أن كاميرات المراقبة الذكية قد تخفف من الأعباء التي تقع على كاهل العنصر البشري في قطاع الأمن؛ الاعتبار الثالث، تسريع تحديث القطاع الأمني من خلال توظيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومواكبة استراتيجيات التحول الرقمي للدولة في هذا الإطار.
من أجل ذلك، تسعى هذه الورقة إلى استكشاف خلفيات ورهانات صانع القرار الأمني من وراء الانخراط في الاعتماد على تكنولوجيا كاميرات المراقبة في مكافحة الجريمة الحضرية، وذلك بالاعتماد على تقنية المقابلة باستجواب الخبراء الأمنيين من أجل البحث في الغايات والمعيقات التي تعرقل وتحد من أجرأة تعميم هذه المشاريع. وهكذا حرصنا على تحليل الفرص والكلفة التي يتيحها هذا التوجه في ظل التجارب المقارنة، وخصوصا طبيعة الاصلاحات المؤسساتية والتشريعية التي ينبغي القيام بها من أجل مواكبة هذا التحول لغرض تعزيز مكافحة الجريمة الحضرية والحوافز التي تدفع نحو تحديث القطاع الأمني عبر الانخراط في مسار التحول الرقمي بالإدارة العمومية من جهة. ومن جهة أخرى، تهدف هذه الورقة إلى إبراز مآلات منظومة الحريات المدنية في ظل تصاعد لجوء الأجهزة الأمنية إلى توظيف تقنيات معالجة البيانات الرقمية، لفرض أنماط من المراقبة تتجاوز حدود الوقاية من الجريمة الحضرية، لتصل في بعض الأحيان إلى انتهاك حقوق الأفراد، خصوصًا عندما تستند هذه الممارسات إلى معايير منحازة تستهدف الأشخاص بناءً على مواقفهم السياسية أو الأيديولوجية أو خلفياتهم الإثنية.
أولا: مسار تطور الاعتماد على كاميرات المراقبة للحد من الجريمة
لا شك أن توظيف تكنولوجيا الكاميرات في تدبير الفضاء الحضري يؤشر على مدى التحديث الإداري والتقني في عمل الشرطة، خصوصا وأنه يتيح مراقبة لصيقة للأشخاص وللفضاء العمومي، مع إمكانية تجميع بيانات ضخمة ثم معالجتها بطرق فعالة وسريعة. وتفيد التجارب المقارنة، كما في بريطانيا تحديدا، أن توظيف كاميرات المراقبة ساعد على نحو فعال في السيطرة على مسرح الجريمة، عبر التعرف المباشر والسهل على البصمة الرقمية للأفراد، انطلاقا من السمات الجينية والبيومترية، ومن تم إمكانية الوصول في أقل مدة زمنية ممكنة إلى المشتبه فيهم[5]. ليس ذلك فقط، تفيد تجارب أخرى، خصوصا التجربة الكندية، أن توظيف كاميرات المراقبة على نحو واسع، يساعد في رصد وتتبع اتجاهات تطور الجريمة الحضرية، بما في ذلك البؤر الحاضنة لها فعليا أو تلك المحتملة لأن تكون كذلك، انطلاقا من البيانات الضخمة التي توفر نتيجة عملية للرصد والتجميع، والتي تساعد بعد تحليلها على تصنيف الجريمة بحسب خطورتها على الأمن والنظام العام. بعبارة أخرى، تقدم التجربة الكندية للدول، بالاعتماد على كاميرات المراقبة، كيفية إعداد خريطة دقيقة للجريمة الحضرية[6].
على المستوى الوطني، برز التوجه نحو اعتماد كاميرات المراقبة الذكية في عمل الشرطة بشكل موثق بعد الهجمات الارهابية، وأخرها تفجير مقهى ‘أركانة” سنة 2011 الذي جعل من الجماعة الترابية بمراكش الأولى بين نظيرتها من حيث نشر كاميرات المراقبة، ومن هذا المنطلق بدأت المديرية العامة للأمن الوطني تنخرط في وضع إصلاحات جوهرية في البنية الأمنية من شأنها تطوير القدرات الاستباقية والرفع من مستويات اليقظة بالحواضر الكبرى[7]. وعلى إثر هذا التوجه الاصلاحي، تم اتخاذ قرار احداث وحدات “شرطة النجدة” في سنة 2015، وهي وحدات أمنية متعددة الخدمات، تقوم بها مصالح مختصة تباشر عملها على نحو تكاملي بين القيادة والميدان؛ حيث تقوم القيادة الأمنية بالتنسيق والتوجيه والدعم، اعتمادا على إدارة دقيقة وفعالة للمعطيات التي تجمعها من أنظمة كاميرات المراقبة في الفضاءات العمومية المختلفة، وهي المعطيات التي تساعدها في القيام بمهام الدعم والتبليغ اتجاه الوحدات الميدانية التي تتجسد مهمتها في التدخل العملياتي ضد المشتبه فيهم، في إطار مقاربة إستباقية وقائية، تعزز بدون شك من فعالية السياسة الضبطية للجريمة[8].
وتجلّى هذا التوجه بشكل ملموس من خلال قيام المديرية العامة للأمن الوطني بعمالة الدار البيضاء-أنفا بتدشين المركز الرئيسي للقيادة والتنسيق في 8 أبريل 2022، في خطوة تعكس توجه الدولة نحو تعزيز آليات المراقبة الذكية في المجال الحضري. وتبدو المسافة الزمنية بين 2015 و2022 طويلة نسبيا، خصوصا وأن الشروع في إنجاز المركز بدأ عمليا في 25 يناير 2016[9]، وقد رصدت له ميزانية قدرها 460 مليون درهم، بمساهمة مجلس جهة الدار البيضاء-سطات وشركة البيضاء للنقل ومجلس جماعة الدار البيضاء. لا نعرف السبب في البطء الحاصل، لكن إنجاز المركز في حد ذاته، معناه أن التوجه ظل قائما. وللإشارة، يضم المركز شبكة تتكون من 210 كاميرا، مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتعتزم الجهات المشرفة على المركز رفع عدد الكاميرات إلى 650 كاميرا مستقبلا، من أجل ربطه بشبكة كاميرات الترامواي، والكاميرات الموجودة سلفا في المطارات، وموانئ الدار البيضاء والمحمدية، وكذلك شبكة كاميرات الأسواق التجارية الكبرى، والأبناك[10].
ورغم حداثة التجربة في جهة الدار البيضاء-سطات، فإن إرهاصاتها الإيجابية حفزت على تعميمها، حيث كشف وزير الداخلية في سنة 2023 عن توجه شامل على صعيد الحكومة، يرمي إلى تعميم اعتماد أنظمة المراقبة بالكاميرات، وقد تحدث في هذا السياق عن 24 مشروعا تشمل عددا من العمالات وأقاليم، مبررا ذلك بدور كاميرات المراقبة في المساعدة البعدية لفك ألغاز الجرائم، خصوصا التوصل السريع للمشتبه فيهم، وسرعة الاستجابة من لدن المصالح الأمنية لحوادث السرقة والعنف، أو التصدي لكل الأنشطة الإجرامية التي تستهدف تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة[11].
ضمن هذه المساعي، أعربت المديرية العامة للأمن الوطني عن حرصها على تطوير شبكة أنظمة كاميرات المراقبة الذكية للمساعدة في النهوض بالأمن الحضري. حيث شرعت منذ سنة 2020 في العمل بنظام الهوية الرقمية البيومترية، والذي يشمل رقمنة بصمة الأصابع قصد تمكين أجهزة تنفيذ القانون من إجراء عملية التعرف والتحقق الآلي من هوية الأشخاص[12].. وفي 2024، وقعت المديرية بروتوكولا للتعاون مع وزارة العدل يقضي بإحداث نظام مركزي للوصول إلى البيانات ومعالجتها بشكل فوري، بغرض تعزيز كفاءة المصالح الأمنية في مكافحة الجرائم، وضمان السرعة والدقة في عملية التحري والتحقيق من لدن الشرطة القضائية، وكذا من أجل اتخاذ قرارات سليمة مبنية على معلومات موثوقة، دقيقة ومحينة باستمرار[13].
ثانيا: رهانات توظيف كاميرات المراقبة الذكية للحد من الجريمة
من خلال ما سبق، يظهر أن الاقتناع بجدوى اعتماد كاميرات المراقبة الذكية قد تحقق لدى أكثر من مؤسسة في الدولة. حيث أعربت المديرية خلال أنشطة “الأيام المفتوحة” التي احتضنتها مدينة أكادير بتاريخ 16 ماي 2024، عن رغبتها في تسخير مزيد من الحلول والتطبيقات التكنولوجية لتدبير الخدمات الأمنية في المدن، وقد أقرت بآثارها الإيجابية في الرفع من كفاءة التدخلات الأمنية، وفعالية سياسات الضبط الحضري[14]. لكن لا يعني ذلك أن الرهان وراء اعتماد كاميرات المراقبة الذكية يقتصر فقط على تعزيز فعالية المصالح الأمنية في مكافحة الجريمة كما سبق الذكر، بل تبدو هناك رهانات أخرى وراء هذا التوجه، لعل من أبرزها تخفيف الأعباء على كاهل العنصر البشري العامل في قطاع الأمن وتحقيق العدالة الجنائية.
بخصوص الرفع من فعالية وكفاءة التدخلات الأمنية، يمكن الإشارة إلى عدة وقائع حيث أظهرت أنظمة كاميرات المراقبة نجاعتها في حل العديد من القضايا الإجرامية بالكشف عن مرتكبيها ولو مع مرور الوقت. هذا الطرح برز في حل قضايا الرأي العام من قبيل قضية قتل الطالب أنور بمدينة طنجة[15]، التي استمرت ملابساتها مدة سنتين لتكشف تسجيلات كاميرات المراقبة عن ميلاد مسارات أخرى بالقضية بوجود أطراف أخرى بموقع الحادث، قد تكون أطراف رئيسية في جريمة القتل أو أطراف متورطة[16]. وكذلك قضية جريمة “كرنيش” عين الذئاب بمدينة الدار البيضاء، حيث وثقت كاميرا المراقبة تفاصيل ملبسات ارتكاب جريمة القتل في حق الطالب بدر دهسا بالسيارة مع رصد هوية الأشخاص المتورطين في الفعل، مما سهّل عملية التحقيقات الأمنية، نظرا لوجود دليل رقمي مسبق يكشف هوية المتورطين، وبالتالي إصدار التعليمات باعتقالهم[17].
وتؤكد تحليلات المتحدث باسم المديرية العامة للأمن الوطني هذا الاتجاه[18]؛ أن التقنيات المستمدة من الذكاء الاصطناعي قد أضحت خيارا إستراتيجيا وضرورة حيوية لتجويد سياسات الضبط الحضري، ويعزز هذا الطرح ما أظهرته الإحصائيات الخاصة بالأداء العملياتي لمركز القيادة والتنسيق بمدينة الدار البيضاء الكبرى برسم سنة 2023، حيث تم رصد حوالي 129,704 حالة مشتبه فيها. وقد تم توظيف شبكة كاميرات المراقبة في توجيه الدوريات الأمنية من أجل معاينة السلوكيات المشبوهة. وأسفرت هذه التدخلات الاستطلاعية عن ضبط ما يزيد عن 44,500 أفعال اجرامية مؤكدة، تشمل كل من حالات السرقة، الاعتداءات، تخريب الممتلكات العامة، وحتى حوادث السير[19].
في المقابل، تظل85204 حالة أخرى، من إجمالي الحالات المرصودة، غير معروفة النتائج، مما يعقد عملية تقييم مدى فعالية كاميرات المراقبة. ويرجع ذلك، جزئيًا، إلى كون التجربة المغربية لا تزال في مراحلها الأولية[20]، مما يجعل من الصعب إجراء تقييم سنوي شامل للأثر لهذه الأنظمة، وتُظهر التجارب الدولية أن تقييم فعالية كاميرات المراقبة يواجه إشكالات منهجية، كما هو الحال في دراسة أجريت سنة 1990 في المملكة المتحدة، حيث تم تحليل 130 حالة في مدينتي إنجلترا وويلز[21]. وأشارت هذه الدراسة إلى أن معظم الأبحاث المنجزة حول هذا الموضوع اعتمدت على بيانات صادرة عن مؤسسات رسمية، مما قد يؤثر على موضوعية النتائج. كما لاحظت الدراسة أن الفترة الزمنية لتقييم هذه المشاريع غالبًا ما تكون محدودة، مما لا يسمح بفهم شامل لأثر كاميرات المراقبة على الوقاية من الجريمة على المدى الطويل[22]. علاوة على ذلك، أشارت الدراسة إلى أن عرض النسب المئوية وحده لا يُعد مؤشرًا كافيًا لقياس فعالية كاميرات المراقبة، إذ يمكن أن يؤدي اعتمادها إلى تحول الجريمة وانتشارها نحو مناطق غير مغطاة بهذه الأنظمة، بدلاً من الحد منها فعليًا[23].
وترمي المديرية من وراء إدماج وتوظيف التكنولوجيا في عملها الأمني إلى تخفيف الضغوط المهنية على ضباط الشرطة وفرق الأبحاث، من حيث الكشف عن مرتكبي الجريمة في وقت زمني قصير عن طريق تسخير الأدلة الرقمية. وتؤكد تحليلات القادة الأمنيين هذا الاتجاه[24]؛ بكون أنظمة كاميرات المراقبة من شأنها تذليل الصعاب على الباحث الجنائي، فبعدما كان ضباط الشرطة يبدلون مجهودات من أجل كشف خيوط بعض الجرائم التي تتطلب جهودا مضنية للوصول إلي مرتكبيها، أصبحت هذه الكاميرات مصدر معلومات مهمة يتم اللجوء إليها لتحديد هوية مخالفي القانون، والتي تعطي في غالب الأحيان نتائج ايجابية في إثبات الجرائم، كما تساهم هذه التكنولوجيا في توفير الجهد على فرق الأبحاث عند معالجة الملفات، بما يخدم العدالة الجنائية وينفذ توصيات رئاسة النيابة العامة.
وقد حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على مواكبة مسار سياسة التحول الرقمي للدولة على مستوى تسريع وتيرة رقمنة الخدمات الإدارية وبالأخص الأمنية منها، وتعزيز الولوج الآمن للاستفادة من هذه الحزمة الخدماتية الالكترونية. وفي هذا الإطار تم توقيع أزيد من 17 اتفاقية مع هيئات حكومية ومهنية مثل بنك المغرب، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووكالات وطنية أخرى بهدف الربط الخدماتي فيما بينها[25]. وتندرج هذه الجهود ضمن استراتيجية المديرية لتعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات الرسمية، من خلال تمكين المصالح الأمنية من النفاذ المباشر إلى قواعد البيانات ذات المصدر الرسمي. ويأتي ذلك سعياً لتحقيق أهداف الخطة الخماسية للمديرية التي تركز على اعتماد الحلول الرقمية لتقديم خدمات أمنية أكثر كفاءة وفعالية. وفي هذا السياق، تم تطوير نظام معلوماتي متقدم (GESTARR) لضمان التنسيق والتعاون بين المصالح الأمنية والقضائية. يبدأ النظام بإدارة ملفات الجنايات والجنح على مستوى دوائر الشرطة، مع متابعة مسار معالجة القضايا المُحالَة إليها. وعند الانتهاء من التحقيقات، يتم تحويل القضايا إلى الجهات القضائية المختصة لضمان تسريع الإجراءات وترتيب الأحكام بشكل فعّال[26].
ثالثا: تحديات المراقبة الذكية للجريمة الحضرية ومتطلبات تعميم التجربة
تواجه سياسات الضبط الحضري المرتبطة بتطبيق نظام المراقبة الذكية في الفضاءات الحضرية تحديات جوهرية تعيق تخصيص استثمارات كافية لهذه المشاريع التي تهدف إلى تعزيز الأمن الحضري. من أبرز هذه التحديات محدودية الموارد المالية وترتيب الأولويات المحدد في أجندة استراتيجيات التحول الرقمي، مما يقيد إمكانية توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه المبادرات[27]. إذ تركز أجندة التحول الرقمي على محاور رئيسية تشمل رقمنة الخدمات العمومية، وتعزيز دينامية الاقتصاد الرقمي، ودعم المقاولات الناشئة في مجال التكنولوجيا، إلى جانب إعداد مخطط لتكوين المواهب الرقمية، وأخيرًا تطوير شبكة الاتصالات وتعميم الإنترنت. في هذا السياق، تراهن الدولة على مقاربة الرقمنة كرافعة أساسية لتحقيق أهداف التنمية ضمن استراتيجيات التحول الرقمي[28].
وتظهر هذه الأولويات عند تحليل الميزانيات المرصودة لسياسات التحول الرقمي، اذ نجد أن الفترة ما بين (2005-2010) خصصت لها 20 مليار درهم[29]، في حين فترة مابين (2009 -2013) شهدت تخصيص 5,20مليار درهم[30]، وقد بلغت الميزانية المخصصة للمحطات الموالية ل: (2024 -2026) حوالي 11 مليار درهم[31]، ورغم أهمية هذه الاعتمادات، فإن الجزء الأكبر منها يُوجَّه نحو المشاريع التنموية المُشار إليها، وخاصة في الحواضر الكبرى، مما يجعل مشاريع أنظمة المراقبة الذكية خاضعة بدورها لمنطق الأولويات القطاعية والمجالية.
وقد انعكس هذا التوجه في تمويل وتنفيذ إنجاز مشاريع أنظمة كاميرات المراقبة الذكية ومراكز القيادة والتنسيق على حد السواء، فعلى ضوء هذه الأولويات التنموية يتم منح الأسبقية لتأمين وتلبية متطلبات الأمن في الحواضر الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية والاستقطاب السياحي والصناعي[32]، مثل الدار البيضاء الكبرى، طنجة، مراكش، فاس، أكادير، القنيطرة، مكناس والرباط، حيث خُصصت ميزانيات مهمة لهذه المشاريع[33]. في المقابل، تظل المدن الصغرى والمناطق الهامشية خارج دائرة الاستفادة، نتيجة صعوبة تعبئة الموارد المالية على المستوى المحلي وضعف الإمكانيات الذاتية للجماعات الترابية[34].
الجدول (أ) الميزانية المرصودة لتثبيت مشاريع أنظمة كاميرات المراقبة بالحواضر الكبرى
الحواضر |
الميزانية المرصودة لتنفيذ مشاريع أنظمة كاميرات المراقبة |
سنة تنفيذ المشروع |
الدار البيضاء الكبرى | 460 مليون درهم | 2016 |
مكناس | 46 مليون درهم | 2022 |
مراكش | 20 مليون درهم | – |
طنجة | 400 مليون درهم | 2024 |
أكادير | 54 مليون درهم | 2025 |
الرباط | 100 مليون درهم | 2025 |
فاس | 100 مليون درهم | 2025 |
المصدر: إعداد الباحث اعتماداً على بيانات منشورة في مصادر صحفية متنوعة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحدي المتمثل في ضعف تمويل مشاريع أنظمة المراقبة الذكية واجهته جل الدول الرائدة في هذا المجال على غرار فرنسا التي ابتدعت فكرة إحداث صندوق مشترك بين وزارية (FIDP)[35]، الذي يختص بتمويل إجراءات وتدابير منع الجريمة في إطار يكفل وضع ترتيبات تعاقدية بين الدولة والسلطات المحلية في مجال سياسات المدينة والأمن الحضري، وقد مكن هذا الصندوق من تمويل أكثر من 300 بلدية بأنظمة كاميرات المراقبة، كما دعم تجهيز حوالي 120 بلدية بمراكز للقيادة الحضرية والتنسيق العملياتي[36]. وهو ما يؤشر على أن فرنسا راهنت على اعتماد مقاربة مؤسساتية بناءة في هذا المجال عن طريق احداث هيئة خاصة تتجلى في الأمانة العامة لمكافحة الانحراف والتطرف (SG-CIDP) تتولى مهمة التنسيق المشترك بين الفاعلين ذات الصلة بالسياسات العمومية في مجال الوقاية من الجريمة والأمن الداخلي، وتقوم هذه الهيئة بدعم الحكومة في المستويين المركزي والمحلي من خلال رصد حاجيات الأمن الحضري وتحديد الموارد اللازمة لتنفيذ وتطوير أنظمة المراقبة الذكية سنويا[37].
أما في المغرب، فلا تزال هناك فجوة مؤسساتية واضحة على هذا المستوى، ويتجلى ذلك من خلال محدودية الميزانيات المرصودة لتنفيذ مشاريع أنظمة المراقبة الحضرية، وفي الطابع الفردي لهذه المبادرات، إذ يفتقر المشهد الوطني إلى آلية مركزية مختصة تتولى مهمة تعبئة الموارد المالية وتنسيق الجهود، وتضمن استمرارية التمويل، بما يشمل عمليات الصيانة والتطوير والمتابعة، في ظل واقع يتسم بتشتت المبادرات وخضوعها لمنطق التفاوت المجالي، المرتبط بالقدرات الذاتية المتباينة للجماعات الترابية، مما يضعف من نجاعة هذه المشاريع على المدى الطويل[38].
ومن هذا المنطلق، يُمكن اعتبار النموذج الفرنسي تجربة رائدة قابلة للتكييف مع السياق المغربي، من خلال إحداث صندوق مشترك بين وزارية تحت إشراف وزارة الداخلية، يُخصص لدعم تدابير الأمن الحضري والمراقبة الذكية. ومن شأن هذه الآلية أن تُساهم في تجاوز إشكالية تراتبية الأولويات ونقص الاعتمادات لدى المجالس المحلية[39]، علاوة على ذلك ستساهم في بناء رؤية وطنية موحدة وشاملة ترتكز على تكامل البعدين الأمني والتنموي، بما يحقق العدالة المجالية بين الحواضر الكبرى والمدن الصغرى من أجل تعزيز الاستقرار ضمن مشروع متكامل للوقاية من الجريمة الحضرية.
على المستوى التشريعي، لم تحل القوانين ذات الصلة دون الإحاطة بتعقيدات ومخاطر استثمار المراقبة الذكية في ضبط الجريمة الحضرية، كالقانون رقم 08-09 القاضي بتنظيم ضوابط معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي تجاه الاشخاص الذاتيين[40]، والقانون رقم 20-05 المتعلق بالأمن السيبراني. وذلك، بسبب عدم تأطير ممارسات الشرطة الذكية وخاصة على مستوى ضمان التوفيق والتكامل بين مختلف السياسات والفاعلين الرسميين لدعم إجراءات تنفيذ مشاريع أنظمة المراقبة الحضرية بشكل مستمر ومنسق في سياق مكافحة الإجرام الحضري. نشير أيضا على بعض المقتضيات التشريعية التي تطرح عدة صعوبات عملية، كما هو الحال مع المادة 47 التي تعرقل إجراء تحليل الآثار الرقمية فيما يخص توفير البصمات الجينية، والتي ظلت مرهونة بحسب منطوق هذه المادة بحالة الاستثناء تتعلق بمسألة إجراء الخبرة للتأكد من مطابقة القرائن مع المشتبه فيهم بمسرح الجريمة[41]. وهو مقتضى يحد من ممارسة مهام المصالح الأمنية والأجهزة القضائية في الوصول إلى هوية المتورطين في ارتكاب الأنشطة الإجرامية[42].
ارتباطا بذلك، تطرح أهمية تسريع الجهود الرامية إلى تهيئة البنية الرقمية الكفيلة بإسناد عمل المصالح الأمنية على مستوى عملية التحري والتحقيقات، ويمكن الانفتاح في هذا الجانب على تجربة الصين، التي انخرطت منذ سنة 2010 في إعداد قاعدة مركزية للمعلومات الأمنية (Y-STR Database) في إطار تنفيذ خطة الذراع الذهبي ( The Golden Shield)، وهي القاعدة التي جرى تطويرها باستمرار على نحو يكفل الحصول على العينات الرقمية ذات الصلة بسمات البصمة الوراثية والجينية (DNA) تهم جميع المواطنين بشكل إجباري، دون حصر هذا الإجراء في الأشخاص ذوي السوابق العدلية والقضائية[43].
في نفس السياق، ثمة غياب شبه تام لاطار مؤسساتي يشرف على وضع مرجعية تنظيمية متماسكة تضمن التوفيق والتكامل بين أهداف سياسات الأمنية المتمثلة في الوقاية من الإجرام الحضري عن طريق اعتماد أنظمة كاميرات المراقبة في صلب مجال التخطيط الحضري وسياسات المدينة[44]. وفي هذا الجانب يمكن الإقتداء بتجربة المملكة المتحدة التي عملت على وضع إطار مرجعيا يشتمل على توجهات عملية لتأطير عمل الفاعلين المركزيين والترابيين[45]، من ضمنها قواعد دقيقة لتكييف تصاميم التهيئة العمرانية وعمليات الهندسة الحضرية وسياسة المدينة مع أهداف سياسات الوقاية من الإجرام الحضري[46].
أما التحدي السلوكي المرتبط بالنموذج المهني لعمل الشرطة كما تمثله المديرية العامة للأمن، والذي يعد من أبرز العوائق أمام الانتقال إلى نموذج يعتمد على مراقبة المجتمع خلف الكاميرات بدلاً من الحضور الميداني المكثف. بناء على هذا النموذج التقليدي يُنظر إلى الوجود الفعلي للشرطة في الفضاء العمومي تقليديًا كرمز لهيبة الدولة وحضورها القوي، مما يعكس السيطرة ويمنح المواطنين شعورًا بالأمان[47]. ومع ذلك، فإن هذا التصور يتعارض مع متطلبات التحديث. حيث يمكن لأنظمة المراقبة الذكية أن تزيد من كفاءة الأجهزة الأمنية دون الحاجة إلى الانتشار الميداني المكثف[48]. على اعتبار أن مقاومة هذا التحول تأتي من ارتباط التقاليد المهنية للشرطة بفكرة الوجود الجسدي كأداة لإبراز السلطة. تبرز تجارب بعض الدول الغربية كهولندا، أن الاعتماد على التكنولوجيا، مع غياب الشرطة عن الشوارع، يعكس الاستقرار وليس ضعف الدولة، حيث تعزز الأنظمة الذكية من كفاءة الأمن عن طريق الانتشار المعقلن للشرطة في المواقع الحاضنة لسلوك الإجرام[49].
بالرغم من هذه التحديات التي تبدو أنها قد تعيق مسار تعميم هذه التجربة، إلا أنها في الواقع تأخره دون أن تشكل عائقًا نهائيًا أمامه، وخصوصاً أن المغرب مقبل على استحقاقات دولية مثل تنظيم كأس العالم، وهي فرصة لتوسيع نطاق استخدام كاميرات المراقبة، ليس فقط في المدن الكبرى، بل لتشمل أيضاً المدن الصغيرة والمناطق المجاورة للمدن التي ستجرى بها المباريات والفعاليات المرتبطة بها. ثم أن الاعتماد على العنصر البشري مهما بلغت كفاءته لن يكون كافياً لتدبير حشود ضخمة في وقت قياسي، مما يجعل هذا الاستحقاق ضرورة تفرض على المديرية العامة للأمن المضي نحو تحول رقمي شامل[50]. ويمكن الاسترشاد في هذا الصدد ببعض التجارب الإفريقية كتجربة جنوب إفريقيا، التي شكلت فيها استحقاقات تنظيم تظاهرت كأس العالم سنة 2010 فرصة كبرى لتعميم أنظمة المراقبة الذكية، حيث لم تعد مقتصرة علىالمدن الكبرى المستضيفة لفعاليات التظاهرة، بل امتدت لتشمل مناطق ومدناً صغيرة مجاورة لضمان شمولية التغطية الأمنية[51].
رابعا: المحاذير الحقوقية لمنظومة المراقبة الذكية للجريمة الحضرية
رغم دخول القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي حيز التنفيذ بتاريخ 18 فبراير 2009، والذي تم بموجبه إحداث اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، إلا أن هذا القانون لم يأخذ بعين الاعتبار المحاذير المرتبطة بالمعالجة الإلكترونية التي قد تجعل المواطن عرضةً لممارسات أمنية تمس بحقوقه الأساسية. وما يزيد من هشاشة الإطار القانوني، أن مقتضيات هذا القانون تتسم بنوع من التأخر ولا تنسجم مع المكتسبات الدستورية التي كرسها دستور 2011، المعلن عنها في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، ونخص بالذكر الفصل 24 الذي ينص على حماية الحياة الخاصة ومنع انتهاك الخصوصية بأي شكل من الأشكال[52].
وفي هذا السياق، تنص الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القانون رقم 08-09 صراحةً على استثناء العمل الأمني من رقابة اللجنة[53]، وهو ما يمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة في استخدام تقنيات المراقبة دون رقابة فعالة، وهو ما تؤكده نتائج دراسة ميدانية أجريت في المغرب بعنوان “تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: حوكمة المدن وإدارة الحدود”، نشرت سنة 2024 عن جامعة كامبريدج[54]. أبرزت في نتائجها على انغياب ضوابط مرجعية فعالة ساهم في تنامي ممارسات إساءة استعمال تقنيات المراقبة[55].
وتتضح مخاطر ممارسة الشرطة الذكية بالنظر إلى التجارب الدولية، ففي الولايات المتحدة، أكد التقرير السنوي لسنة 2024 الصادر عن المجلس الاستشاري للتصنيف العرقي أن معظم مذكرات التوقيف استندت إلى بيانات خاطئة، نتيجة برمجة الأنظمة الذكية بقواعد تمييزية أدت إلى تصنيف الأفراد ذوي البشرة السمراء كمجرمين محتملين، مقابل اعتبار المواطنين ذوي البشرة البيضاء صالحين بطبيعتهم[56].
أما في السياق الأوروبي، فقد كشفت تقارير منظمة مكافحة الميز العنصري الأوروبية (ENAR) أن مصالح الأمن عمدت إلى ترسيخ بعض الممارسات التمييزية[57]، مستفيدةً من أنظمة المراقبة الحضرية التي تكشف عن معطيات الهوية العرقية والدينية. ففي فرنسا، أدى هذا التوجه سنة 2023 إلى توجيه دوريات الشرطة بمدينة مرسيليا لتنفيذ عمليات تفتيش عشوائية استهدفت المواطنين من أصول مغاربية، مما أسفر عن مقتل الشاب نائل المرزوكي، البالغ من العمر 17 سنة، نتيجة الاستعمال المفرط للقوة[58]. وفي هولندا، دأبت السلطات الأمنية على توظيف تقنيات المعالجة الإلكترونية لتعقب حركة القاصرين المنحدرين من أسر فقيرة وأصول عربية في الفضاءات العامة، في سلوك يكشف نزعة نحو مراقبة تمييزية[59].
وإذا كان الوضع في المغرب وأوروبا يطرح مخاطر جدية مرتبطة بتقييد الحريات العامة، فإنه، رغم ذلك، يبقى أقل تطرفًا مقارنة بالنموذج الصيني، الذي يمثل حالة قصوى في هذا المجال. فالتجربة الصينية تجاوزت فكرة المراقبة أو التعقب إلى تسريع دمج النظام الإيكولوجي لكاميرات المراقبة مع النظم المعلوماتية، من خلال ابتكار “نظام الرصيد الاجتماعي (Social Credit System)، الذي مكن السلطات من فرض رقابة شاملة وممنهجة على الأفراد. وقد تعدى الأمر رصد السلوك إلى معاقبة الأفراد جماعيًا، حيث يتم، بناءً على تحليل الآثار الرقمية، إصدار قرارات عقابية تُلزم مختلف الأنظمة الإدارية بالتقيد بها. ونتيجة لذلك، يُحرم الأفراد المعنيون[60] من الولوج إلى خدمات أساسية، مثل وسائل النقل الداخلي، واستخدام البطاقات البنكية، والحصول على قروض أو وظائف حكومية[61].
وعليه، فإن الإطار التشريعي المغربي يظل في حاجة ملحّة إلى مراجعة دقيقة وشاملة، في ظل تزايد الاعتماد على أنظمة المراقبة الذكية لإنتاج الأدلة الرقمية، دون وجود ضمانات مؤسساتية أو قانونية فعالة. فمن جهة، يمكن التفكير في تبني ميثاق حضري ديمقراطي، يعد إطارًا مرجعيًا مكملاً للقانون رقم 08-09، تضطلع وزارة الداخلية باعداده وبتنسيق مع الجماعات الترابية واللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات الشخصية من أجل تحديد المبادئ التوجيهية لجمع البيانات واستعمالات أنظمة كاميرات المراقبة الذكية ضمن سياسات الأمن الحضري[62].
ويمكن في هذا السياق، الاسترشاد بالتجربة الفرنسية لتحسين الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث تم تعديل القانون رقم 78-17 المتعلق بالمعلوميات والحريات الصادر سنة 1978، وتعويضه بمرسوم رقم 536-2019[63]، الذي وسّع نطاق الرقابة القانونية لتشمل مجالات المعالجة الذكية للبيانات لأغراض الأمن الحضري، مع منح اللجنة المختصة صلاحيات جديدة[64]، تتمثل في الرقابة على عمليات معالجة البينات الشخصية التي تُستخدم لأغراض حفظ الأمن ومكافحة الجريمة، وتقديم إرشادات ملزمة للجهات الأمنية، فيما يتعلق باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتصلة بأنظمة كاميرات المراقبة، كما يمكن للجنة اتخاذ عقوبات زجرية ضد أي جهة تتجاوز المعايير المسموح بها في توظيف المبادرات التكنولوجية لأغراض المراقبة. وعلاوة على ذلك، تم تعزيز مهام هذه اللجنة عبر تعيين هيئة مفتشي حماية البيانات في كل بلدية ومحافظة تتوفر على أنظمة المراقبة الحضرية، حيث تعطي هذه المصلحة الإدارية الفرصة للمواطنين من معرفة معلومات أكثر حول اعتماد تدابير أنظمة المراقبة الذكية في مجال الوقاية من الجريمة، كما يمكن لهم التقدم للمصلحة من أجل تقديم العرائض والشكايات بشأن استخدام بياناتهم [65].
خاتمة
تواجه محاولات اعتماد أنظمة المراقبة الحضرية في المغرب عدة تعثرات بسبب الافتقاد إلى رؤية استراتيجية تُمكّن من إرساء التوازن بين الأهداف التنموية ومتطلبات الأمن، كما أن صانع القرار يظل مرتهنا لإعطاء الأسبقية للحواضر الكبرى ذات الثقل الاقتصادي، السياحي، والصناعي.
ورغم أن تبني أنظمة المراقبة الذكية يعكس توجهًا نحو تحديث القطاع الأمني وتعزيز النجاعة في مكافحة الجريمة، إلا أنه لا يمكن الحديث عن فعالية حقيقية في ظل غياب مؤسسات دائمة تضمن استدامة هذا التوجه. فالنجاعة لا تقاس بتوفر التكنولوجيا وتسخيرها في خدمة الأمن، بل تستوجب إطارًا مؤسساتيًا متكاملًا يضمن التنسيق بين مختلف الفاعلين، ويكفل حسن تعبئة الموارد الضرورية، وتأمين استمرارية هذه المشاريع ضمن سياسات عمومية واضحة المعالم تلبي احتياجات كل المدن والأقاليم في إطار تصور يكرس مبدأ العدالة المجالية. في ضوء ذلك، نقترح هذه التوصيات التي من شأنها تدارك هذه النواقص وتعزز من فرص نجاح التدخلات الجاري تطويرها وتنفيذها:
- إحداث صندوق وطني مشترك في شكل حساب خصوصي بقانون المالية السنوي، تشرف عليه وزارة الداخلية لتمويل حاجيات المدن وذلك لتوفير تمويل مناسب ومستدام لتوسيع نطاق هذه الأنظمة وتوزيعها بشكل عادل بين مختلف المناطق، لأن عنصر التعبئة المالية السنوية سيمكن من تعميم هذه الإجراءات دون تمييز بين الحواضر الكبرى والصغرى.
- تشكيل خلية مشتركة بين الأجهزة الأمنية والقضائية لتنسيق الجهود وضمان استمرارية التعاون بين الجانبين، من ناحية إدارة القضايا بناءً على معطى المعالجة الآلية للبيانات.
- التأسيس للممارسة الذكية في عمل الشرطة، من خلال إعادة النظر في أحكام المادة 47 من المسطرة الجنائية لتشمل جميع المواطنين على مستوى إجراء التحقق من مطابقة عينات الحمض النووي مع قرائن مسرح الجريمة.
- إدماج المقتضيات المرتبطة بتثبيت كاميرات المراقبة في النصوص المنظمة للتخطيط الحضري وسياسات المدينة، بما يساعد على حسن استخدامها ودعم التنسيق بين الفاعلين المركزيين والترابيين.
إضافة على ذلك، يقتضي رهان بناء سياسات مراقبة حضرية فعالة إرساء منظومة قانونية توازن بين متطلبات الوقاية من الجريمة وضمانات احترام الحياة الخاصة وحريات الأفراد. وهو ما يتطلب تعديل وتتميم القانون رقم 08-09 المتعلق حماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، في اتجاه توسيع نطاق الرقابة القانونية لتشمل مجالات المعالجة الذكية للبيانات لأغراض الوقاية من الجريمة الحضرية، مع منح لجنة مراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي صلاحيات جديدة شأنها في ذلك شأن اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات بفرنسا.
الهوامش
[1]– تنص المادة 2 من النظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني على أنه تناط بالمديرية العامة للأمن الوطني مهمة الحفاظ على النظام العام وحماية الاشخاص والممتلكات”. متاح على : https://shorturl.at/EUvrS
[2]– مداخلة السيد رشيد المنياري أمام مجلس المستشارين بعنوان : “دور التشريع في مواكبة التطور الرقمي وحماية البيانات والمعاملات الالكترونية’، متاح على الموقع الرسمي للبرلمان :https://tinyurl.com/4e5bdda3
[3]– حميد بحكاكة، ‘المغرب والتحول الرقمي، الاطار التشريعي والمؤسساتي والاستراتيجي’، مقال بتاريخ 20 شتنبر 2024. متاح على :https://shorturl.at/com5h
[4]– مديرية الأمن تُواصل تنفيذ بنود الاستراتيجية الأمنية لمكافحة الجريمة برسم الفترة الممتدة مابين 2022 و2026، برلمان كوم، 26 دجنبر 2023، متاح على: https://www.barlamane.com/مديرية-الأمن-تُواصل-تنفيذ-بنود-الاستر/
[5]– Greg Oxley, Maria Lalic, & (Others), ‘Police Use of Live Facial Recognition Technology’, London-Uk, House of Commons Library, Report, Nov 2024. p. 3. available at :https://shorturl.at/mBAHq
[6]– Overview of Crime and Intelligence Analysis in Canada. pp. 8-9. Available at :https://shorturl.at/KlbIb
[7]– حوار مع مسؤول أمني في مصلحة الشرطة العلمية والتقنية، بتاريخ 25/08/2024.
[8]–المديرية العامة للأمن الوطني، شرطة النجدة… فلسفة جديدة لتدعيم شرطة القرب”، مجلة الشرطة، العدد 52، شتنبر 2024، ص: 3.
[9]– بلاغ صحفي حول أشغال الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة الدار البيضاء ،المتعلقة بالملحق التعديلي رقم 3 لاتفاقية المتعلقة بانجاز مركز القيادة والتنسيق. متاح على : https://shorturl.at/IFL3I
[10]–خالد بامو، ‘المركز الرئيسي للقيادة والتنسيق بالدار البيضاء…. منشأة للمراقبة الأمنية بكاميرا بمواصفات عالمية’، مقال بتاريخ 8 أبريل 2022. متاح على : https://www.cawalisse.com/164686
[11]– جواب وزير الداخليةعلى سؤال كتابي، تقدم به النائب عبد القادر الكيحل، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في سنة 2023.
[12]– ظهير شريف رقم 1.20.80 (8 غشت 2020) بتنفيذ القانون رقم 04.20 المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الالكتروني. متاح على الرابط :https://www.cnie.ma/assets/pdfs/CNIE_dahir_ar.pdf
[13]– بلاغ وزارة العدل حول مضامين بروتوكول التعاون،متاح على الموقع الرسمي لوزارة العدل :
[14]– سلطت الدورة الخامسة لتظاهرة أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني- المنعقدة بأكادير في 16 ماي 2024- الضوء على مهام دوريات النجدة ومزايا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن لتعزيز الأمن الحضري. للمزيد من التوسع يرجى الاطلاع على نص البلاغ الصحفي بموقع وكالة المغرب العربي للأنباء، متاح على الرابط: https://bit.ly/4aWnm2v
[15]– بحسب ما أفادت به عائلة الضحية، بالرغم توفر القرائن الرقمية من كاميرات المراقبة التي تثبت وجود أطراف أخرى مشاركة في الجريمة، فإن الجلسات لا تزال تستند فقط إلى شهادة القاصر باعتبارها الطرف الوحيد المتورط في جريمة قتل الطالب أنور وتبعًا لرواية العائلة، يتم تجاهل استحضار الأدلة التقنية من قبل المحكمة. كما تجدر الإشارة إلى أنه تم عقد أزيد من 29 جلسة للاستماع إلى المتهمة، وذلك منذ وقوع الجريمة منذ سنة 2022، وفي سنة 2024 تم إصدار الحكم النهائي بمتابعة المتهمة بعقوبة 15 سنة نافذة وإدانة خالها بتهمة التستر وعدم التبليغ ب 10 سنوات نافذة. تصريحات العائلة، متاح على موقع يوتيوب :
https://youtu.be/ONKfptcP57s?si=O5C6qX7Drqa3Wfhu
[16]– جديدة في قضية الطالب أنور بطنجة…. ماذا كشفت كاميرات المراقبة’، طنجة 24، مقال بتاريخ 21 نونبر 2024. متاح على :https://shorturl.at/EbiK3
[17]– تطورات جديدة في قضية قتل الطالب بدر بعين الذئاب الدار البيضاء”،مقال بتاريخ 14 أبريل 2024. متاح على : https://shorturl.at/xy7B9
[18]– كشف السيد المراقب العام للشرطة بوبكر سبيك، عن تفاصيل هذا التوجه في مقال بعنوان الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن … نموذج الشرطة المغربية، مجلة الأمن والحياة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،العدد 450،شتنبر 2024. ص. 112. متاح على :https://tinyurl.com/264pfbtr
[19]– حوار مع رئيس خلية التواصل بولاية أمن الدار البيضاء الكبرى بتاريخ 29/10/2024.
[20]– المديرية العامة للأمن الوطني بدأت تضمين معطى تحليل الاثار الرقمية ضمن سياسات ضبط الاجرام الحضري بشكل شامل حول الحصيلة الوطنية حتى الحصيلة السنوية للأمن الوطني برسم سنة 2024 الامر الذي لا يسمح لنا بادراج معطيات تهم معدلات الاجرام الحضري على صعيد الوطني. للمزيد من التوسع يرجى الاطلاع على : بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني:الحصيلة السنوية للأمن الوطني، 2024. ص. 14.
[21] – رغم الدراسات التي انجزت من بعد، فإن هذه الدراسة تظل المرجع الأم، لأنها عملت على تقييم إسهامات كاميرات المراقبة في تقليص معدلات الجريمة الحضرية والحد من انتشارها، في حين الدراسات اللاحقة انطلقت من تحليل منظور همينة السلطة وأمننة المجال الحضري من مدخل اعتماد التكنولوجيات الحديثة. يمكن مراجعة الدراسات التي تناولت منظور همينة السلطة وأمننة المجال الحضري التالية :
– Hidefumi Nishiyama, ‘Crowd Surveillance : The (in) Securitization of The Urban Body’, Security Dialogue, Vol 49, No. 3, Sage Publication, June 2018. Available at :
https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/0967010617741436
– Tatiana Lysova, The Problematisation of Urban Insecurity and Video Surveillance As a Solution in Budapest (Hungary) and Milan (Italy), Department of Sociology and Social Research, Italy, Dissertation, October 2022. Available at :
https://boa.unimib.it/retrieve/e39773b9-2d5e-35a3-e053-3a05fe0aac26/phd_unimib_839367.pdf
[22] – Coretta Phillips, “A Review of CCTV Evaluations : Crime Reduction Effects and Attitudes Towards Its Use”, UK, Home Office Policing and Reducing Crime Unit, Crime Prevention Studies, Vol 10, 1999, p. 124. available at :https://tinyurl.com/nhbmthfk
[23] – Ibid, p. 124.
[24] – حوار مع مسؤول أمني في مصلحة الشرطة القضائية بالأمن الجهوي بمدينة تازة، بتاريخ 02/01/2025.
[25]– الحصيلة السنوية للأمن الوطني برسم سنة 2024، مرجع سابق.ص: 1 – 5.
[26]– نفسه. ص. 7.
[27]– حوار مع رئيس خلية التواصل بولاية أمن الدار البيضاء الكبرى، بتاريخ 29/10/2024.
[28]– للمزيد من التوسع حول مضامين الإستراتيجية الرقمية 2030. يرجى الاطلاع على الموقع الرسمي لوزارة الانتقال الرقمي وتحديث الإدارة. متاح على https://tinyurl.com/3d9ck3au :
[29]– بحسب تصريح السيد يحي اليحياوي، خبير في الاتصالات، بعنوان: ‘الاستراتيجيات الرقمية في المغرب : عطب التصورات وغياب الحكامة، بتاريخ 3 أكتوبر 2022، متاح على موقع جريدة الصباح :https://tinyurl.com/yuxesc43
[30]– تقرير بعنوان : تقييم استراتيجية المغرب الرقمي 2013. ص : 1. متاح على : https://tinyurl.com/7657vjde
[31]– بحسب كلمة وزيرة الانتقال الرقمي، السيدة غيثة مزور خلال حفل الإعلان عن انطلاق هذه الإستراتيجية الرقمية، بتاريخ شتنبر 2024 بالرباط. البلاغ الصحفي متوفر على رابط موقع الجزيرة الآتي : :https://shorturl.at/n540C
[32]– حوار مع مسؤول أمني في مصلحة الشرطة القضائية بالأمن الجهوي بمدينة تازة، بتاريخ 02/01/2025.
[33]– يراجع الجدول (أ) الذي يبين الميزانية المرصودة لتنفيذ مشاريع أنظمة كاميرات المراقبة باعتبارها مؤشرا يفسر منطق التقيد بالأولويات المتمثلة في تلبية متطلبات الأمن بالحواضر الكبرى ذات الثقل الاقتصادي وذات الاستقطاب السياحي والصناعي.
[34]– حوار مع مسؤول أمني في مصلحة الشرطة القضائية بالأمن الجهوي بمدينة تازة، بتاريخ 02/01/2025.
[35]– Fonds Interministériel de Prévention de la Délinquance et de la radicalisation, see :https://shorturl.at/pgvzc
[36]– يرجى الاطلاع على بلاغ الكتابة العامة للجنة بين الوزارية للوقاية من الانحراف والتطرف،متاح على : https://www.cipdr.gouv.fr/fipd-2024-publication-de-linstruction/
[37]– SG- CIPDR : Report, 2021. p.2. Available at :
https://www.cipdr.gouv.fr/wp-content/uploads/2021/08/Plaquette_presentation_A4_EN_BATpdf.pdf
[38]– تعد التجربة الفرنسية نموذجا يمكن استلهام منها تجربة آلية الصندوق المشترك بين وزارى لتدارك الفجوة المؤسساتية بالمغرب على مستوى دعم وتمويل تنفيذ سياسات أنظمة المراقبة الذكية. للمزيد من التوسع حول تجربة صندوق تمويل تدابير الامن الحضري والوقاية من الاجرام الحضري. يرجى الاطلاع على البوابة الرسمية للأمانة العامة للجنة بين وزارى للوقاية من الانحراف والتطرف.
https://www.cipdr.gouv.fr/le-fipd/
[39]– Ibid
[40]– للمزيد من التفاصيل يرجى الاطلاع على مقتضيات المادة 1 التي توضح نطاقات سريان إجراء عملية المعالجة تجاه الأفراد والجهات المكلفة. متوفر على الموقع الرسمي للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات. متاح على :
.https://www.dgssi.gov.ma/ar/node
[41]– قانون المسطرة الجنائية الصيغة المحينة بتاريخ 22 غشت 2024. متاح على :https://shorturl.at/GRzgU
[42]– حوار مع مسؤول أمني في مصلحة الشرطة العلمية والتقنية، بتاريخ 25/08/2024.
[43]-Emile Dirks, James Leibold, ‘Genomic Surveillance : Inside China DNA Dragnet’, Australie, ASPI International Cyber Policy Centre, Report, N: 34, 2020. pp. 7-10. Available at : https://www.aspi.org.au/report/genomic-surveillance
[44]– عملت الدولة الفرنسية منذ سنة 1995 على إصدار قانون تنظيمي رقم 95-73 يكفل تنظيم اعتماد إجراءات كاميرات المراقبة في سياسات المدينة والتخطيط الحضري. للمزيد من التوسع يرجى الاطلاع على نص القانون متاح على : https://tinyurl.com/msrj3faw
[45]– HM Government : ‘Contest, the United Kingdom’s Strategy for Countering Terrorism 2023’, the Secretary of State for the Home Department, Report, CP 903, July 2023. pp. 24-50.
Available at :https://tinyurl.com/2dbb43h2,
[46]-Thomas Olsen Schive, ‘Assessing Urban Security : the Proportionality Assessment’, University of Stavanger, Department of Science and Technology, Dissertation, 2020. p.27. available at:https://tinyurl.com/2smahx3j
[47]– حوار مع إسماعيل حمودي، أستاذ جامعي متخصص في العلوم السياسية، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
[48]-Gregory F. Trevertor, Matt Wollman, & (Others), ‘Moving Towards The Future of Policing’, National Security Research Division, (RAND), Report, 2011. pp.1-20. available at :https://tinyurl.com/54n24uzz
[49]-Christie Claderwood, ‘Smart city Technology and the Future of Policing’, Article, Dated on : 31th January 2022. available at :https://tinyurl.com/ykhhyem9
[50]– بحسب بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني المضمن ضن الحصيلة السنوية للأمن برسم سنة 2024 أكدت المديرية عن عزمها في إطلاق مجموعة من المشاريع بحلول سنة 2025 والمندرجة ضمن تقوية قدراتها الاستباقية في إطار الاستعدادات الأمنية لتنظيم تظاهرات رياضية كبرى من قبيل كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. ص : 35 – 38.
[51]– Kristine Toohey, Tracy Taylor, ‘Managing Security At The World Cup’, Article, Dated on : 14th January 2014. pp.187-194. available at:file:///C:/Users/book/Downloads/9781137373663_11_cha10TT.pdf
[52]– يراجع الفصل 24 من ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432 الموافق 29 يوليو 2011 بتنفيذ نص الدستور. متوفر على البوابة الرسمية للبرلمان الرابط الاتي :
[53]– للمزيد من التفاصيل يرجى الاطلاع على مقتضيات المادة 1 التي توضح نطاقات سريان إجراء عملية المعالجة تجاه الأفراد والجهات المكلفة. متوفر على الموقع الرسمي للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات.
https://www.dgssi.gov.ma/ar/node
[54]– Colin, F. Bergh, S. Natter, K. Cherrate, & Wagner, ‘Morocco’s Governance of cities and Borders: AI-Enhanced Surveillance , Facial Recognition, and Human Rights’, The Cambridge Handbook of Facial Recognition in the modern state, Cambridge University Press. 2024. pp. 271-272.
[55]– Ibid, p. 271.
[56] – RIPA : ‘Racial and Identity Profiling Advisory Board’, Annual Report, 2024. pp. 1-17.Available at:
https://oag.ca.gov/system/files/media/ripa-board-report-2024.pdf
[57]– Patrick Williams, Eric Kind, ‘Data-Driven Policing : the Hardwiring of Discriminatory Policing Practices Across Europe’, Brussels, European Network Against Racism (ENAR), Report, Nov 2019. pp. 6-11. Available at: https://tinyurl.com/ycx6mc79,
[58] – Klara Avsec, ‘France : Surveillance State in the Making’, Article, Dated on : 31st July 2023. Available at: https://www.enar-eu.org/france-gives-police-permission-to-spy/
[59] – La Quadrature du Net : La Police Prédictive en France : Contre L’opacité et les Discriminations, la Nécessité d’une Interdiction’, France, Rapport, Janvier 2024. pp. 53-62. Available at : https://tinyurl.com/2c78c2nx,
[60]– في حين الفئة التي تتوافق مع مصالح وأهداف الدولة يتم تحفيزها عن طريق تقديم امتيازات خاصة، تشمل الاستفادة من عروض خدماتية بأقل ثمن أو الاستفادة من القروض أو خصم الأداء وغيرها من الامتيازات التي قد تصل إلى حد توفير خدمات مجانية وتوفير فرص العمل والالتحاق بمدارس مهمة. نقلا عن الخطاطة الهندسية لمشروع منظومة الرصيد الاجتماعي بالصين،متوفرة على الرابط الآتي :
[61] – Special Rapporter: ‘Regulatory Frame Work, Surveillance Industry in China’, Human Rights, China, Report, February 2019. pp.4-6. Available at:
[62]– يجدر التنويه على أن مسألة التنظيم الترابي بين البلديات في هذه السياق تندرج ضمن التدبير الحر والمستقل لكل بلدية على حدة من أجل ترجمة إطار تنظيمي لاعتماد أنظمة المراقبة الذكية في سياسات الضبط والوقاية من الإجرام الحضري، أي ليس هناك إطار تنظيمي مشترك بين البلديات والمحافظات الفرنسية، وإنما تظل المبادئ نفسها في ترجمة الميثاق الديمقراطي الحضري المصادق عليه في البرلمان الأوروبي. وغالبا ما يتم الرجوع إلى الفصل 10 من القانون رقم 73-95. للمزيد من التوسع حول هذا الإطار القانوني. متوفر على الرابط الآتي :
[63]– نقلا عن مدخل وصفي حول خلفيات اعتماد المرسوم رقم 536-2019 متوفر على الموقع الرسمي للجنة المعلوميات والحريات. الرابط الآتي:
https://www.cnil.fr/fr/la-loi-informatique-et-libertes
[64]– وفقا للمادة 29 من القرار رقم 1125-2018 المؤرخ في 12 دجنبر 2018، تدخل هذه الأحكام حيز التنفيذ بالتزامن مع صدور المرسوم رقم 536-2019 المؤرخ في 29 ماي 2019 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 17-78 المؤرخ في 6 يناير 1978 المتعلق بالمعلوميات والحريات. للمزيد من التوسع يرجى الاطلاع على نص المرسوم على الرابط الآتي :
https://www.legifrance.gouv.fr/loda/id/JORFTEXT000038528420
[65]– بناء على الفصل 15 من اللائحة العامة للمعطيات يمكن للجنة تعيين مفتشي مراقبة حماية المعطيات بكل بلدية أو محافظة لغرض التتبع والتحري في توظيف أنظمة المراقبة الحضرية الذكية في سياق سياسات الضبط الحضري والوقاية من الجريمة . للمزيد من التوسع يرجى الاطلاع على :
