التنظيم الذاتي للصحافة: خطوة أخرى إلى الوراء

تقوض ثمان إشكالات التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب، بعد سيطرة الحكومة على المجلس في صيغته السابقة والتراجع عن عدة مكتسبات.
محمد كريم بوخصاص محمد كريم بوخصاص15/09/2025126 دقيقة

تقوض ثمان إشكالات التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب، بعد سيطرة الحكومة على المجلس في صيغته السابقة والتراجع عن عدة مكتسبات.

 

مقدمة

            في 22 يوليوز 2025، صادق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) على مشروع قانون يعيد تنظيم المجلس الوطني للصحافة[1]، وذلك بعد نحو عامين ونصف من حلول انتقالية لم تُفضِ إلى انتخاب مجلس جديد. وخلال تلك الفترة، مُدّدت ولاية المجلس المنتهية ولايته في أكتوبر 2022 ستة أشهر على سبيل الاستثناء[2]، ثم أُحدثت لجنة مؤقتة لإدارة قطاع الصحافة والنشر[3] بديلا عن المجلس بموجب قانون، وُحدّدت مدة انتدابها في سنتين تبدأ من شتنبر 2023، تاريخ تعيين أعضائها.

            كانت هذه التدابير ترمي إلى تهيئة شروط تنظيم انتخابات جديدة بعد تعذر إجرائها. وقد نصّت ديباجة مرسوم التمديد على أن ذلك “أملاه عدم تمكن المجلس من إجراء الانتخابات في أوانها”، عقب مداولة مجلس الحكومة المنعقد في 29 شتنبر 2022. ولاحقا، نصّت المادة الرابعة من قانون إحداث اللجنة المؤقتة لتدبير قطاع الصحافة والنشر على أن من مهامها “التحضير للانتخابات الخاصة بأعضاء المجلس الوطني الواجب انتخابهم وتنظيمها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل[4]“، مع التأكيد على وجوب إجرائها قبل انصرام سنتين[5]، وهي مدة انتداب اللجنة.

            غير أن ما استقرّ عليه الوضع مع انتهاء مدة انتداب اللجنة المؤقتة هو عدم تنظيم الانتخابات، خلافا للمقتضيات الواردة في القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة ومرسوم التمديد وقانون اللجنة المؤقتة. ونتيجة لذلك، دخل مسار التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب مرحلة جديدة طغت عليها ترتيبات استثنائية أضاعت عامين ونصف دون تفعيل آلية الانتخاب التي تعد ركيزة جوهرية لهذا المسار.

            وتكرس هذا المسار السلبي بإدراج مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة مقتضيات تراجعية بشأن مبدأ الانتخاب، وتُغير وجه المجلس الوطني للصحافة، الذي يتولى مهمة التنظيم الذاتي للصحافة، باعتبارها أفضل طريقة لضمان حرية الصحافة[6]، بما يقتضي صون استقلالية الصحافة واحترام مبدأ عدم تدخل السلطات الأخرى في شؤونه.

نكوص التنظيم الذاتي للصحافة: من المجلس إلى إعادة تنظيمه

            خرج المجلس الوطني للصحافة بوصفه مؤسسة للتنظيم الذاتي للقطاع، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، إلى حيز الوجود في أكتوبر 2018. وقد مثل أحد أبرز مستجدات مدونة الصحافة والنشر لسنة 2016، وتكريسا لمسار من نضال المهنيين لإرساء مؤسسة للتنظيم الذاتي. وساعد المناخ الإيجابي الذي أعقب دستور 2011، الذي ينص في فصله الثامن والعشرين (28) على أن “السلطات العمومية تشجع على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به”، على تسريع هذا المسار، ليُصنف المغرب ضمن الدول العربية السباقة إلى تبني آلية للتنظيم الذاتي للصحافة وتفعيلها.

            وواجه تأسيس المجلس تحديات منذ اللحظة الأولى، في مقدمتها التأخر في إقرار النص التشريعي المنظم؛ إذ استغرقت مسطرة التصديق عليه في غرفتي البرلمان حوالي تسعة أشهر (من 29 يوليوز 2015، تاريخ مصادقة الحكومة عليه، إلى 7 أبريل 2016، تاريخ نشره في الجريدة الرسمية). كما تأخر إصدار المراسيم التطبيقية[7] للقانون، والتي لم تصدر إلا سنة 2019. وإضافة إلى ذلك، تأخرت انتخابات تشكيل المجلس بأكثر من عامين بعد صدور القانون المنظم؛ إذ أجريت يوم 22 يونيو 2018، ولم يكتمل تنصيب المجلس إلا في 5 أكتوبر 2018 بانتخاب الرئيس ونائبه.

            ويتألف المجلس من واحد وعشرين (21) عضوا[8]؛ سبعةُ أعضاء يُنتخبون من بين الصحافيين، وسبعةٌ من ناشري الصحف، وخمسةٌ يمثلون مؤسسات دستورية (المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية) وهيئات (جمعية هيئات المحامين، واتحاد كتاب المغرب)، إضافة إلى ناشر سابق تُعينه الهيئة الأكثر تمثيلية للناشرين، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية. وحُدّدت مدة انتداب أعضاء المجلس في أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة[9]، من أجل ممارسة مهام[10] من أبرزها: التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر؛ ووضع ميثاق لأخلاقيات المهنة[11] (صدر في يوليوز 2019)؛ ومنح بطاقة الصحافة المهنية؛ والقيام بالوساطة والتحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بينهم والأغيار؛ وتتبع احترام حرية الصحافة؛ والنظر في القضايا التأديبية المتعلقة بالمؤسسات والمهنيين المخلين بواجباتها المهنية وميثاق الأخلاقيات والنظام الداخلي للمجلس. كما يُسند إليه إبداء الرأي في شأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة، واقتراح التدابير الكفيلة بتطوير القطاع، وإنجاز الدراسات ذات الصلة، والمساهمة في تنظيم التكوين، وإبرام الشراكات. ومن ضمن مهامه كذلك، إعداد تقرير سنوي عن مؤشرات احترام حرية ممارسة الصحافة ورصد الانتهاكات والخروقات المسجلة وأوضاع الصحافة والصحافيين، ونشره في الجريدة الرسمية، فضلا عن إعداد تقارير موضوعاتية تخص القطاع[12].

            وللاضطلاع بهذه المهام، يُحدث المجلس خمس لجان دائمة[13]، وهي: لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية؛ ولجنة بطاقة الصحافة المهنية (يرأسها صحافي مهني من أعضاء المجلس)؛ ولجنة التكوين والدراسات والتعاون؛ ولجنة الوساطة والتحكيم (يرأسها ممثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية)؛ ولجنة المنشأة الصحافية وتأهيل القطاع (يرأسها ناشرٌ عضو بالمجلس). ويجوز للمجلس، عند الاقتضاء، إحداث لجان موضوعاتية أخرى.

            وفي الرابع من أكتوبر 2022، انتهت مدة انتداب أعضاء المجلس الوطني للصحافة دون تنظيم انتخابات جديدة، ودون نشر حصيلة لعمله قصد تقييمها، كما لم تُنشر لوائح الصحافيين الحاصلين على بطاقة الصحافة في السنوات التي تولى المجلس إصدارها كاملا (2020، 2021، 2022)، رغم إعلانه سنة 2021 عن إجرائه اتصالات ومشاورات مع المسؤولين على لجنة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي قصد نشر هذه اللوائح “حرصا على ضمان شروط النزاهة والشفافية”[14]، دون أن يُعلن لاحقا عن مآلات تلك المشاورات أو تُنشر القوائم الكاملة. وإضافة إلى ذلك، لم يُعِدّ المجلس، طوال أربع سنوات، التقرير السنوي حول مؤشرات احترام حرية الصحافة والانتهاكات والخروقات المسجلة، الذي يُفترض نشره في الجريدة الرسمية.

            وإلى جانب ذلك، لم تُتَح بانتظام معطيات مفصلة حول عمل المجلس في النظر في القضايا التأديبية الضرورية لضمان الانضباط المهني والأخلاقي[15]؛ فنادرا ما أعلن عن تلقي الشكايات أو مآلاتها. وقد أشير في الفترة بين غشت 2019 ودجنبر 2020، على سبيل المثال، إلى تلقي 40 شكاية[16]، من دون تفاصيل وافية عن الإجراءات المتخذة بشأنها، أو حصيلة القضايا المعروضة أو التي بُثَّ فيها، باستثناء تقرير تضمن رصد خروقات لميثاق أخلاقيات المهنة خلال فترة كورونا[17]. كما لا تتوفر معطيات عما إذا كان المجلس قد فعّل آلية النظر التلقائي[18] في القضايا بناء على طلب أغلبية أعضائه، كما يجيزه القانون المحدث، إذ نادرا ما ورد في بلاغاته ما يفيد بتدخل تلقائي في ملفات بعينها[19]. في وقت تُسجل انتهاكات مستمرة للأخلاقيات مع بروز صحف متخصصة في التشهير. وهو ما يثير تساؤلات حول شفافية النهج ووجود انتقائية في التعامل مع الانتهاكات.

            غير أن النقطة الأكثر حساسية، التي أفضت إلى تعثر مسار التنظيم الذاتي للصحافة، تمثلت في عدم تنظيم المجلس انتخابات تجديده، رغم تمديد ولايته ستة أشهر بقرار حكومي استثنائي تقرر أصلا لتمكين إجراء الانتخابات خلال هذه الفترة. وقد جاء هذا التعذر على خلفية تباين مواقف الجمعيات المهنية والنقابات الممثلة في المجلس بشأن منهجية التجديد، وظهور توجه يدعو إلى التخلي عن مبدأ الانتخاب تجسّد في مقترح قانون[20]لتعديل الإطار المنظم للمجلس الوطني للصحافة، قدمته مختلف الفرق البرلمانية[21] قبل أن تتراجع عنه لاحقا، وتضمن استبدال الانتخاب بالانتداب من طرف الهيئتين الأكثر تمثيلية للصحافيين والناشرين، إلى جانب مقترحات أخرى من شأنها تقويض مرتكزات التنظيم الذاتي للصحافة.

            وعقب انتهاء مدة التمديد في 4 أبريل 2023، دخل المجلس الوطني للصحافة في وضعية “فراغ قانوني”، وانطلق معها مسلسل يمكن وصفه بـ”السوريالي”، بعد إقرار قانون يقضي بنقل صلاحيات المجلس كافة[22] إلى لجنة مؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر، مع إسناد ثلاث مهام[23] إضافية لها، تتمثل في إجراء تقييم شامل لوضعية القطاع واقتراح الإجراءات الكفيلة بدعم أسسه التنظيمية داخل أجل لا يتجاوز تسعة أشهر، وتعزيز أواصر التعاون والعمل المشترك بين مكونات الجسم الصحافي، والتحضير للانتخابات الخاصة بأعصاء المجلس وتنظيمها، في وقت تتألف اللجنة من تسعة (9) أعضاء[24] بدل واحد وعشرين (21)، وهم رئيس المجلس المنتهية ولايته بصفته رئيسا، وثمانية أعضاء آخرين: ثلاثة من المجلس السابق (نائب الرئيس، ورئيسي لجنتي الأخلاقيات وبطاقة الصحافة)، وثلاثة يُعينهم رئيس الحكومة، وقاضٍ ينتدبه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

            وعلى الرغم من الانطباع الأولي الذي قد يوحي بأن قرار الحكومي بإحداث لجنة مؤقتة لتدبير قطاع الصحافة والنشر يهدف إلى تجاوز الوضعية التنظيمية المعقدة، فإن قراءة شمولية تُظهر اتجاها نحو سيطرة الحكومة على المجلس والتراجع عن بعض مكتسبات مسار التنظيم الذاتي للصحافة. ويتجلى ذلك في اعتماد مبدأ التعيين الذي لا ينسجم مع جوهر التنظيم الذاتي، ولاسيما أنه مرتبط بالسلطة التنفيذية، إضافة إلى انتقاء أعضاء بعينهم من المجلس السابق لتشكيل اللجنة المؤقتة دون غيرهم، وهو ما يمثل “تمديدا مقنعا”، مع طرح تساؤلات حول معايير الاختيار وما إذا كانت مرتبطة بمواقف من منهجية التجديد. ويثار كذلك تساؤل جوهري حول إسناد التحضير للانتخابات إلى تركيبة تضم أعضاء تَعذَّر خلال ولايتهم السابقة تنظيمها.

            وقد تعزّزت هذه التخوفات بعد أن انتهى أجل العامين الذين حددهما القانون للجنة المؤقتة لتنظيم الانتخابات دون تحقيق هذا الهدف، ودون نشر التقييم الشامل للوضعية الحالية للقطاع وما يقترن به من إجراءات داعمة، وهو التقييم الذي كان يُفترض إنجازه داخل تسعة أشهر من تاريخ تعيين أعضائها. وبذلك تكررت الصورة نفسها التي عرفها المجلس الوطني للصحافة عند انتهاء ولايته من دون حصيلة معلنة، وتبين عمليا هدر عامين ونصف من الزمن دون تنظيم الانتخابات. وللمرة الثالثة تدخلت الحكومة بأداة تشريعية؛ فبعد مرسوم التمديد ثم قانون إحداث اللجنة المؤقتة، عُرض مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس.

إعادة تنظيم المجلس: ارتداد آخر عن التنظيم الذاتي

            قبل أسابيع قليلة من نهاية ولاية اللجنة المؤقتة، دون تنظيم الانتخابات كما يفرض قانون إحداثها، تدخلت الحكومة مجددا لإيجاد مخرج. وبدل مراسلة القطاع الوصي للجنة لتفعيل المقتضيات القانونية بشأن الانتخابات، عرضت الحكومة مشروع قانون لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة في اجتماعها المنعقد يوم 3 يوليوز 2025 وصادقت عليه، ثم أحالته على مجلس النواب بتاريخ 7 يوليوز 2025[25]، الذي وافق عليه بالأغلبية في جلسة عامة يوم 22 يوليوز 2025 (87 موافقا مقابل 25 معارضا)، ليُحال في اليوم نفسه على مجلس المستشارين، حيث يُنتظر تداوله في الدورة التشريعية المقبلة.

            عادة ما تسبق مشاريع القوانين ذات الصلة بالمجتمع وبقطاع الصحافة نقاشات موسعة مع المهنيين وممثلي المجتمع، كما جرى في تجارب سابقة. غير أن هذا المشروع خالف ذلك؛ إذ أحيل للمصادقة من دون إشراك الهيئات المهنية والنقابية الوازنة التي شاركت في إعداد تشريعات سابقة، مثل النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف. وقد عبّرت 35 هيئة مهنية وحقوقية[26] في بيان لها عن أن “المشروع جرى إحالته بشكل أحادي وخارج منهجية الإشراك الفعلي”[27]. وفي المقابل، عبّرت الجمعية المغربية للإعلام والناشرين عن موقف مغاير، معتبرة أن “مشروع القانون في صيغته الحالية، يعكس إرادة واضحة في تجاوز الأعطاب السابقة، ويجسد نتائج مشاورات واسعة شاركت فيها مختلف مكونات الحقل الإعلامي، مما يمنحه طابعا توافقيا يُفترض أن يشكل أرضية صلبة لتطبيق عملي وفعّال”[28]. وشددت الجمعية على أنه “خطوةٌ مفصلية لإعادة بناء المجلس الوطني للصحافة على أسس أكثر صلابة، وبنَفَس إصلاحي يستحضر دروسَ المرحلة السابقة”[29]. ويأتي هذا الموقف في وقت لم يصدر فيه عن منظمات أخرى أو نقابات للصحافيين ما يُفيد وجود توافق مماثل أو إشراك مباشر في هذا الورش.

            ويتضمن مشروع القانون في النسخة التي وافق عليها مجلس النواب 98 مادة، بزيادة 32 مادة مقارنة بقانون إحداث المجلس لسنة 2016، وضمنها 35 مادة تُحدّد طريقة تشكيل أعضائه[30]، تُشكل أكثر من ثلث النص. وتنحو هذه المواد إلى التخلي عن مبدأ الانتخاب في فئة الناشرين، باستبداله بآلية الانتداب، أي التعيين من طرف المنظمات المهنية اعتبارا لتمثيليتها[31]، مع الإبقاء على الانتخاب في صفوف الصحافيين المهنيين بالاقتراع السري الإسمي وبالأغلبية النسبية[32]. كما تضمن المشروع مستجدات أخرى، تتمثل في ترجيح تمثيلية الناشرين في تركيبة المجلس، إذ يُقابل سبعة (7) أعضاء من فئة الصحافيين سبعة (7) ناشرين منتدبين، إضافة إلى عضوين اثنين (2) من “الناشرين الحكماء” تنتدبهما المنظمة المهنية الأكثر تمثيلية[33]، ورفع مدة العضوية بالمجلس من أربعة (4) إلى خمس (5) سنوات[34]، وتقليص شرط الأقدمية للترشح عن فئة الصحافيين من خمس عشرة (15) سنة إلى عشر (10) سنوات[35]. بالإضافة إلى حذف التنصيص على أن يتولى رئاسة لجنة بطاقة الصحافة صحافي مهني[36]، وتقنين العقوبة التأديبية المتمثلة في السحب المؤقت لبطاقة الصحافي المهني في حالة العود في ثلاث سنوات[37]، بعدما كان القانون السابق يُسند للمجلس صلاحية تحديد مدة هذا السحب.

ثمانية اختلالات تهدد مشروع التنظيم الذاتي

            تفيد قراءة معمقة في المستجدات التي جاء بها مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وتَتبُّعُ مسار إخراجه وتمريره السريع في الغرفة الأولى للبرلمان، حدوث تراجعات تمسُّ جوهر وفلسفة التنظيم الذاتي للصحافة، وتتجسد في وجود ثمان إشكالات رئيسية:

  • تغييب النقاش: بخلاف ما استقر عليه العُرف التشريعي في قضايا الصحافة بالمغرب، لم يخضع مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة لمشاورات فعلية كافية، وأُعدَّ بنهج “أحادي”. وقد سُجّل هذا الاعتراض في بيانات وتصريحات نقابية وحقوقية رافقت إحالة المشروع على الغرفة الثانية للبرلمان، مع التأكيد على أن بناء التوافق حول القوانين المنظمة للصحافة شرط جوهري لضمان مشروعيتها الاجتماعية وفعالية تنفيذها، ويقع على عاتق الدول التزام إيجابي بوضع إطار تشريعي مناسب لتحقيق هذه الغاية بصفتها الضامنة النهائية للتعددية[38]. وفي التجربة المقارنة، تُظهر الأدبيات أن التنظيم الذاتي ينجح طالما كان جميع مكونات المهنة منخرطون في توافق تام[39].
  • عدم المساواة في آليات التمثيل: يُسجل اختلال واضح في المساواة بين مكوني المجلس الوطني للصحافة، إذ يُبقي المشروع على انتخاب ممثلي فئة الصحافيين المهنيين بالاقتراع الفردي، بينما يستعيض في فئة الناشرين عن الانتخاب بآلية الانتداب/التعيين من طرف الهيئات الأكثر تمثيلية. ويُثير هذا التفريق أسئلة حول مبرراته الموضوعية، خاصة وأن التجربة التأسيسية للمجلس قامت على الانتخاب في الفئتين مع اختلاف الصيغة الإجرائية (اقترع فردي للناشرين مقابل اقتراع باللائحة للصحافيين). إن العدول عن الانتخاب في صفوف الناشرين يكرس عدم تماثل في الضمانات الديمقراطية بين المكونين، ويضعف مبدأ تكافؤ التمثيلية وشرعية التفويض داخل مجلس يُفترض أن يقوم على “حكم الأقران”. لذلك يلزم إما تعليل تشريعي محكم يبين أسباب هذا الاستثناء ومعاييره وضوابطه أو مراجعة تعيد إدراج الانتخاب في فئة الناشرين تحقيقا للتماثل الإجرائي واستقرار الشرعية التمثيلية.
  • منحُ الغلبة للناشرين: يقوم منطق مجالس الصحافة، بوصفها آليات للتنظيم الذاتي، على مبدأ التكافؤ بين مكونات المهنة أو على توازن محكم يُدعم بعضوية مستقلة تمثل الجمهور، للحيلولة دون حصول تفاهمات تُخل بمصلحة الجمهور. غير أن المشروع يمنح غلبة عددية للناشرين، إذ يرفع تمثيلهم إلى تسعة أعضاء بواقع سبعة ناشرين منتدبين وعضوين من “الناشرين الحكماء”، مقابل سبعة صحافيين، بعدما كان العدد متكافئا في القانون السابق. ويُفضي ذلك إلى اختلال بنيوي في تمثيل المصالح داخل المجلس، ويرفع مخاطر تعارض المصالح، وقد يحدّ عمليا من قدرة المجلس على أداء وظائفه التأديبية والأخلاقية، باعتباره “قضاء الزملاء”، عندما يتعلق الأمر بالمخالفات التي تهم مؤسسات النشر نفسها، بما ينعكس على حياد القرارات وشرعيتها وثقة الجمهور فيها. وفي المقارنة الدولية، تميل نماذج مجالس الصحافة إلى الحفاظ على تكافؤ عددي، ولا تنبني على ترجيح كاسح لأي طرف.
  • التمثيلية بالمال لا التأثير: يُقاس وزن المؤسسة الإعلامية في الأصل بمدى تأثيرها والتزامهابالأخلاقيات وجودة خدماتها التحريرية، لا بحجم رقم معاملاتها المالية. غير أن مشروع القانون يقدم تصورا غير مألوف في التجارب المقارنة لمؤسسات التنظيم الذاتي في العالم، يربط تمثيلية الناشرين داخل المجلس، المناط به أساسا السهر على احترام الأخلاقيات، بـ”حصص تمثيلية” تُحتسب وفق رقم المعاملات وعدد المستخدمين، ما يفتح الباب لعضوية المؤسسات الأكبر ماليا بدل الأكثر تأثيرا وانتشارا ومقروئية، مما يطرح سؤالا جوهريا حول علاقة رأس المال بالأخلاقيات. فالمجلس الوطني للصحافة موكول له الدفاع عن أخلاقيات المهنة وحرية الصحافة، لا قياس الأحجام المالية للمقاولات. ومن شأن ربط عضوية الناشرين في المجلس برقم معاملات الشركة الناشرة أن يكرس هيمنة المال على التمثيلية. وعمليا، تُكلف لجنة الإشراف باحتساب تمثيلية كل منظمة مهنية وفق حصص تُمنح للناشرين المنتمين إليها[40]، بما يشجع المنظمات على الدفع بالفاعلين “الأكبر رقما للمعاملات” ضمن لوائحها لضمان الفوز؛ أي ترجمة القوة المالية إلى نفوذ تمثيلي داخل مؤسسة وظيفتها الأصلية ضبط الالتزام المهني وحماية الجمهور.

وتتعمق الإشكالية عند طريقة تحديد تمثيلية كل ناشر منتمٍ إلى منظمة مهنية، إذ تُمنح للناشر أصوات إضافية بناء على عدد المستخدمين المصرح بهم ورقم المعاملات السنوي[41]، مع سقف قد يبلغ 20 صوتا للمؤسسة الوحدة، مما يخلق فوارق كبيرة (مثلا: مؤسسة يقل رقم معاملاتها عن 3 ملايين درهم= صوت واحد، في حين مؤسسة يفوق رقم معاملاتها 9 ملايين درهم= حتى 20 صوتا). ومن شأن هذه الهندسة أن تغذي مخاطر تعارض المصالح، وقد تُقيّد فعليا قدرة المجلس على أداء وظائفه التأديبية والأخلاقية في القضايا ذات الصلة بمؤسسات النشر نفسها.

معطى آخر محيّر يثير سؤالا جوهريا: هل توجد في المغرب مقاولة إعلامية “كبيرة” من دون الدعم المالي للحكومة؟ إذ إن معظم المؤسسات الإعلامية تعتمد منذ أزمة كوفيد-19 على دعم عمومي يغطي أجور صحافييها ومستخدميها، حتى أن مبلغ الدعم العمومي للصحافة ارتفع من نحو 58.16 مليون درهم سنة [42]2019 إلى حوالي 325 مليون درهم سنة 2024[43]، مع استفادة 10 في المائة فقط من المقاولات من 80 في المائة من هذا الغلاف المالي[44]. بالتالي، فإن تصنيف مؤسسة ما باعتبارها “كبيرة” قد يكون، في حالات عديدة، ناتجا أساسا عن أموال الدعم العمومي. ومن ثَمَّ يبرز سؤال آخر: إلى أي حد يُسوَّغ إسناد صلاحيات تأديبية قد تصل إلى السحب المؤقت لبطاقة الصحافي لمجلس رُجِّحت تمثيليته بمعايير مالية؟

وتجدر الإشارة إلى أن توزيع الدعم العمومي اليوم على المؤسسات الصحافية لتغطية أجور الصحافيين والمستخدمين يستدعي التحقق من مدى اتساقه مع المادة السابعة (7) من قانون الصحافة والنشر التي تنص على أنه: “تستفيد قطاعات الصحافة والنشر من الدعم العمومي بناء على مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد، بهدف تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم مواردها البشرية”[45]. ومن جهة أخرى، إن ربط التمثيلية داخل المجلس بمعايير مالية خالصة (اعتماد رقم المعاملات) قد يؤدي، عمليا، إلى تركيز السلطة الإعلامية بيد المؤسسات الأكبر تمويلا، والتي تكون أكثر عرضة للانحياز السياسي أو خرق أخلاقيات المهنة، مما يضعف التنوع والتعددية ويقوض ثقة الجمهور.

  • فتحُ العضوية أمام مالكي المؤسسات الصحافية غير الممارسين: يقوم المنطق المؤسسي لهيئات التنظيم الذاتي على “حكم الأقران/ قضاء الزملاء” كما سبقت الإشارة، أي أولوية تمثيل الممارسين المهنيين (الصحافيون ومديرو النشر) مع إشراك ممثلي الجمهور ومؤسسات المجتمع، من أجل الفصل بين المصالح التجارية ووظائف تلقي الشكايات وإنفاذ مواثيق الأخلاقيات. وتنجح هذه الوظائف وتكتسب شرعيتها كلما ارتكزت على استقلالها عن الحكومة وعن المصالح المالية، وعلى انخراط المهنة نفسها في وضع القواعد وتطبيقها. غير أن اللافت للانتباه في مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة أنه يفتح باب العضوية لمالكي المؤسسات الإعلامية غير الممارسين (أصحاب رؤوس الأموال الذين ليسوا بالضرورة مديري نشر أو صحافيين)، عبر تعريفات وشروط انتساب لا تشترط ممارسة مهنية مباشرة ولا مسؤولية تحريرية. وهذا ما يعرض منطق “قضاء الزملاء” للاهتزاز، لأن مجلسا مناطا به تلقي الشكايات والبث فيها، والقيام بدور الوساطة، وتأديب الصحافيين، ينبغي أن يضم خبراء في الممارسة والتحرير، لا مالكي المقاولات الصحافية غير الممارسين.

ويعد هذا المستجد تراجعا عن المقتضيات التي استقرت في القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة، والذي حدّد بدقة في مادته الخامسة (5) المقصود بـ”الناشر” في المؤسسة الصحافية، إذ نص على أن “فئة ناشري الصحف هو كل ناشر يُثبت أن المؤسسة الناشرة التي يتولى إدارة نشرها..”[46]. كما نصت إحدى فقرات المادة نفسها على وجوب تمتع ناشري الصحف بـ”أقدمية مهنية لا تقل عن خمسة عشر (15) سنة”[47]. أما مشروع القانون الجديد فلا يتضمن أي اشتراط صريح لكون “الناشر” مدير النشر أو لامتلاكه أقدمية مهنية. إذ تحدد المادة الرابعة والأربعين (44)[48] شروط الأهلية في متطلبات ذات طابع إداري وقانوني تتعلق بالشركة الناشرة، من قبيل الشكل القانوني وأقدمية التأسيس، والوضعية الجبائية دون التنصيص على شرط الخبرة المهنية أو المسؤولية التحريرية.

إن عدم التنصيص على اشتراط أن يكون الناشر مدير النشر يفتح عمليا المجال أمام مالكي المؤسسات الإعلامية غير الممارسين لتولي عضوية المجلس، على الرغم من أنهم قد لا يكونون ملمين بطبيعة الممارسة الصحافية. فكثير من رجال الأعمال يستثمرون في المقاولات الإعلامية كما يستثمرون في القطاعات الصناعية أو التجارية أو الخدماتية. وفي السياق المغربي، تتولى شركات يرأسها قادة أحزاب نشر صحف حزبية، بما قد يفضي إلى امتلاك أمين عام لحزب سياسي لعضوية مجلس الصحافة، كما تَصدر بعض الصحف الخاصة عن مجموعات استثمارية (تابعة لمجموعات قابضة) يرأسها رجال أعمال نافذون لهم ارتباطات سياسية واضحة، ويمكنهم وفق المقتضيات القانونية الجديدة امتلاك عضوية كاملة في مؤسسة التنظيم الذاتي للصحافة، مما يهدد استقلالية المجلس الوطني للصحافة المقبل.

في السياق ذاته، قد تُفضي إتاحة عضوية رجال الأعمال والسياسيين في المجلس الوطني للصحافة إلى إضعاف قدرته على الاضطلاع بوظائفه، التي تفترض قدرا معتبرا من الخبرة المهنية، فالمهام العامة لأغلب مجالس الصحافة في العالم تستلزم حضور مهنيين لا أصحاب رؤوس الأموال، لكونها تتمحور حول إنصاف المتضررين، والوساطة، وتفعيل مدونات الأخلاقيات. وهذا ما يؤكده تحالف مجالس الصحافة المستقلة في أوروبا (AIPCE)، الذي يضم 32 مجلسا (بينها مجلسان من كندا)، إذ يشدد على أن مجالس الصحافة ينبغي أن تكون مستقلة عن الحكومة، وأن صياغة مدونات أخلاقيات الصحافة وإدارتها من اختصاص الصحافيين والناشرين[49].

 

  • تنظيم الانتخابات بمعينين من رئيس الحكومة: يثير إسناد الإشراف على الانتخابات المقبلة لتشكيل مجلس وطني جديد للصحافة إلى اللجنة المؤقتة المشكلة بقرار حكومي، إشكالا جوهريا على مستوى استقلالية آلية التنظيم الذاتي للصحافة. فوفق المادة 96 من مشروع القانون[50]، تتولى اللجنة المؤقتة التحضير لانتخابات ممثلي الصحافيين المهنيين وانتداب ممثلي الناشرين وتنظيمها والإعلان عن نتائجها النهائية، وذلك عقب نشر القانون في الجريدة الرسمية، على أن توكل رئاستها إلى القاضي العضو بالمجلس. وفضلا عن كون اللجنة المؤقتة مشكلة بقرار حكومي، فإن تركيبتها يغلب عليها طابع التعيين من قبل رئيس الحكومة (ثلاثة أعضاء من أصل سبعة مهنيين عينهم رئيس الحكومة[51])، مما يثير تساؤلات حول الحياد والتوازن التمثيلي، ولاسيما عند ترجيح انتماء مهني بعينه دون غيره. ويُلاحظ، بالنظر إلى تركيبة اللجنة المؤقتة أن كل الناشرين الأعضاء ينتمون إلى منظمة مهنية واحدة ويتولون مناصب قيادية فيها، وهي معنية بالمشاركة في الاستحقاق الانتخابي ذاته.

وبحسب صياغة المادة نفسها من مشروع القانون، فإن الإشراف على تنظيم الانتخابات وإدارتها والإعلان عن نتائجها سيكون من طرف أعضاء معينين من قبل رئيس الحكومة حتى في حالة فقدان الأعضاء الحاليين عضويتهم، إذ تنص الفقرة الثانية من المادة نفسها على أن العضو الذي يرغب في اكتساب عضوية المجلس الجديد يمتنع عن ممارسة أي من مهام الإشراف على الانتخاب والانتداب، ويُصرح بذلك لرئيس اللجنة داخل أجل يومين من تاريخ نشر القانون، تحت طائلة عدم الأهلية. كما توجب الفقرة الثالثة أن تضم اللجنة عضوا واحدا على الأقل يمثل فئة الصحافيين المهنيين وآخر يمثل فئة الناشرين؛ وفي حال تعذر ذلك، يُعين رئيس الحكومة عضوين لاستكمال هذا الشرط. ومن ثم، فإن مآل هذه الهندسة أن التحضير والتنظيم والإعلان عن نتائج الانتخابات سيؤول عمليا إلى لجنة يغلب عليها التعيين الحكومي، أو تُستكمل بعض عضويتها بتعيينات مباشرة من رئيس الحكومة، وهو ما يتعارض مع فلسفة التنظيم الذاتي القائمة على استقلالية مساطر الانتخاب.

 

  • غياب تمثيلية الجمهور: تنجح تجارب التنظيم الذاتي للصحافة عندما تُدرج ضمن بنيتها تمثيلا مباشرا للجمهور يضطلع بوظائف المراقبة المجتمعية والحد من احتمالات “التواطؤ المهني”. وتُظهر نماذج مقارنة راسخة، مثل السويد، أن مجالس الصحافة تُوازن بين المكون المهني وممثلي العموم، إذ يتكون مجلس الصحافة السويدي من قضاة كرؤساء جلسات، و16 ممثلا عن المنظمات المهنية، و12 ممثلا عن الجمهور غير المرتبطين بقطاع الإعلام. لكن على النقيض، لم ينص التشريع المغربي المؤسس للمجلس الوطني للصحافة، على تمثيل مباشر للجمهور داخل المجلس، وإن كان الحضور يتم بصورة غير مباشرة عبر ممثل جمعية هيئات المحامين بالمغرب وممثل عن اتحاد كتاب المغرب[52]، نظرا لاستقلالية الهيئتين وتقاطعهما مع وظائف الصحافة في الدفاع عن حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، وباعتبار الكُتاب صوت المجتمع. لكن كان لافتا أن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس أبعد هذين الممثلين من دون تعويضهما بتمثيلية حقيقية لجمعيات حماية المستهلك كما هو معمول به في نماذج دولية أخرى، واكتفى بإضافة عضو يعينه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي[53]، وهي مؤسسة دستورية.

إن غياب “العين المجتمعية” قد يفتح المجال أمام احتمال التواطؤ المهني، لذا يبقى إدراج تمثيلية واضحة للجمهور أو أعضاء مستقلين يُختارون وفق معايير النزاهة والتجرد، مدخلا لتعزيز استقلالية المجلس وحياده، إسوة بالنماذج المقارنة التي توازن بين المهنيين والجمهور.

  • تشديد العقوبات التأديبية: يُظهر مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة منحى واضحا نحو تشديد العقوبات التأديبية في حق الصحافيين المهنيين والمؤسسات الصحافية، إذ يُبقي على سلم العقوبات المعمول به (التنبيه، والإنذار، والتوبيخ، والسحب المؤقت لبطاقة الصحافي المهني لمدة لا تتجاوز سنة)، غير أنه في حالة العود ينتقل من ترك مدة السحب لتقدير المجلس إلى تقييدها بثلاث (3) سنوات[54]. ويثير ذلك تساؤلات مشروعة حول مبدأي التناسب والتدرج في العقوبة، ولاسيما أن سحب البطاقة يترتب عليه عمليا تعطيل حق الصحافي في ممارسة المهنة من منظور القانون، فالمادة الرابعة (4) من النظام الأساسي للصحافيين المهنيين لسنة 2016 تنص على أن صفة الصحافي المهني تُثبت بواسطة بطاقة الصحافة[55]، والمادة السادسة (6) تبين أن البطاقة تُسلم من المجلس الوطني للصحافة[56]، والمادة 11 تمنع مؤسسة صحافية من تشغيل صحافي لأكثر من ثلاثة أشهر من دون التوفر على بطاقة سارية للسنة الجارية[57]. لذلك، فإن إطالة مدة السحب تجعل الصحافي في نظر القانون في وضعية “انتحال صفة” إذا مارس العمل الصحافي. وتجدر الإشارة إلى أن تشدد ضبط بطاقة الصحافة المهنية كان مطلبا للمهنيين لمحاربة المتطفلين على المهنة، غير أن هذا التشدد يتعارض نظريا مع فلسفة حرية الصحافة، إذ إن ممارسة الصحافة امتداد لحرية التعبير وليست نشاطا يحتاج إذنا من أحد[58]، بتعبير جون كلود بيرتراند.

كما برز منحى تشدد إضافي في الصيغة السابقة للمشروع (التي صادقت عليها الحكومة) حين أدرجت ضمن العقوبات إمكانية توقيف الصحيفة لمدة شهر، غير أن مجلس النواب أسقط هذا المقتضى، الذي كان يناقض المادة 104 من قانون الصحافة والنشر[59]، إذ إن توقيف المطبوعات اختصاص قضائي لا إداري. ومن جهة أخرى، أُضيف مقتضى يقضي بإمكانية تحريك المتابعة الجنائية في حالة عدم امتثال الصحافي لقرار سحب بطاقته المهنية، إذ تنص المادة 91 من مشروع القانون على أنه “يتعين على رئيس المجلس إبلاغ النيابة العامة المختصة بامتناع الصحافي عن إرجاع بطاقة الصحافة المهنية للمجلس بعد تبليغه بالقرار التأديبي بسحب البطاقة”[60].

إيجابيات وسط “العتمة”

في ظل الاختلالات العديدة المسجلة، يمكن رصد بعص الإيجابيات -على قلتها- التي يستحسن الإبقاء عليها، ويمكن إجمالها في أربعة:

  • رفع مدة الولاية من 4 إلى خمس 5 سنوات، إذ يمكن أن يُحتسب ذلك إيجابيا من زاوية الاستقرار المؤسسي وتراكم الخبرة، شريطة اقترانه بآليات مساءلة دورية، من قبيل الالتزام بنشر الحصيلة السنوية والتقارير المطلوبة.
  • تقليص شرط الأقدمية للترشح في فئة الصحافيين من 15 سنة إلى 10 سنوات: يُعد مؤشرا على تشبيب الحقل المهني، وتدعمه معطيات سابقة للجنة بطاقة الصحافة تفيد بأن 3 في المئة من الصحافيين المهنيين تقل أقدميتهم عن عشر سنوات[61]، ما يوسع قاعدة التمثيل ويُدخل كفاءات أحدث. 
  • تعزيز مقاربة المناصفة: بعد ابتعاد التركيبة السابقة عن مقتضى المناصفة (4 نساء مقابل 17 رجلا)، تُتيح المقتضيات الجديدة إمكان الاقتراب منها عبر إلزام انتخاب ثلاث صحافيات مهنيات على الأقل ضمن مقاعد فئة الصحافيين (7 مقاعد). وينبغي توسيع المنطق نفسه على باقي الفئات.
  • الإبقاء على مبدأ الانتخاب لفئة الصحافيين المهنيين: وذلك بالاقتراع السري الاسمي وبالأغلبية النسبية، ما يرسخ منطق الديمقراطية في الاختيار ويعزز شرعية التفويض داخل فئة الصحافيين.
خلاصة

       في ظل هذا المأزق التشريعي الجديد، بوصفه امتدادا لقرارات حكومية سابقة (التمديد وإحداث اللجنة المؤقتة)، انزاح مسار التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب نحو ترتيبات استثنائية أربكت منطقه وأنتجت اختلالات تُناقض فلسفته. ومن ثم تبرز ضرورة معالجة هذه الاختلالات لإعادة المسار إلى التقدم لا النكوص. ولن يتحقق ذلك عمليا إلا عبر تعديل مشروع القانون والتراجع عن عدد من مقتضياته في الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس المستشارين)، تمهيدا لقراءة ثانية بمجلس النواب تُعيد الرُّشد إلى الإطار المنظم، وذلك على أساس ثلاثة مبادئ رئيسية:

  1. اعتبار التنظيم الذاتي للصحافة مكسبا وطنيا يجب حمايته: من خلال التعامل معه بوصفه إنجازا تاريخيا غير مسبوق في الإقليم، أقره المغرب بعد نضالات مهنيين وتراكم دستوري، عبر بناء تنظيم ذاتي مشترك مؤسس بقانون يضطلع بوظائف التنظيم الذاتي. ويقتضي ذلك حماية الخيار الديمقراطي، وتكريس مبدأ الانتخاب، وصون استقلالية التمثيل المهني، مع استبعاد التعيين وإبعاد المال عن هندسة المجلس.
  2. فتح نقاش موسع وضمان التعددية: فالحوار العمومي الواسع حول القوانين ذات الصلة بالمجتمع أحد أبرز مكتسبات التجربة المغربية، وكذلك تعدديّة الآراء. لذلك ينبغي تمكين جميع الفاعلين من الإسهام في حماية التنظيم الذاتي، مع منح الجمهور مكانة معتبرة في تركيبة المجلس.
  3. منع تحويل المجلس إلى أداة إغراء مادي: حتى لا يكون أحد أسباب تعطل مسار الانتخابات، فالتمثيلية تكليف ومسؤولية لا مطيةُ اغتناء. لذلك يلزم تقييد التعويضات (نفقات النقل والإقامة، والتعويض عن الإسهام في الدورات واللجان…) المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس الوطني للصحافة[62]، ووضعُ سقوف وضوابط واضحة، إذ تفوق أضعاف متوسط أجور الصحافيين. كما يجب نشر مقدار التعويض الشهري الذي يتقاضاه رئيس المجلس، لأن حجبه يفتح الباب أمام التأويلات ويمس حق الصحافيين والمواطنين في الحصول على المعلومة.
الهوامش

[1]– مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، كما وافق عليه مجلس النواب في 22 يوليوز 2025.

[2]– المرسوم بقانون رقم 2.22.770 صادر في 9 ربيع الأول 1444 (6 أكتوبر 2022) بسن أحكام خاصة بالمجلس الوطني للصحافة. الجريدة الرسمية، عدد 7132، 9 ربيع الأول 1444 (6 أكتوبر 2022)، ص: 6511.

[3]– ظهير شريف رقم 1.23.62 صادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر. الجريدة الرسمية، عدد 7228، 21 صفر 1445 (7 شتنبر 2023)، ص: 7226-7227.

[4]– المادة 4 من الظهير الشريف 1.23.62 الصادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون قطاع الصحافة والنشر، المرجع السابق، ص: 7227.

[5]– المادة 2 من الظهير الشريف 1.23.62 الصادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون قطاع الصحافة والنشر، لمرجع السابق، ص: 7227.

[6] – The Swedich Press and Broagcastin Authority, (Regulation of The Media and Media Subsidy, ITP, 19 January 2023, p: 16.

[7]– يتعلق الأمر بمرسوم تحديد كيفيات منح بطاقة الصحافة المهنية وتجديدها، ومرسوم تعيين مندوب الحكومة لدى لمجلس الوطني للصحافة.

[8]– المادة 4 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة. الجريدة الرسمية، عدد 6454، 28 جمادى الآخرة 1437 (7 أبريل 2016)، ص: 2962.

[9]– المادة 6 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 2963.

[10]– المادة 3 الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 2961-2962.

[11]– قرار لرئيس المجلس الوطني للصحافة يتعلق بنشر ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة في الجريدة الرسمية. الجريدة الرسمية، عدد 6799، 26 ذو القعدة 1440 (29 يوليوز 2019)، ص: 5326-5329.

[12]– المادة 3 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 2962.

[13]– المادة 12 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 2964.

[14]– إحصائيات ومعطيات حول توزيع بطاقات الصحافة لسنة 2021، موقع المجلس الوطني للصحافة، 29 يوليوز 2021، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 7 شتنبر 2025): https://h1.nu/1duK5

[15] – Claude-Jean Bertrand, (La Déontologie des Médias), Presses Universitaires de France, Paris, 1997, p: 10.

[16]– بلاغ بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، موقع المجلس الوطني للصحافة، 15 نونبر 2020، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 7 شتنبر 2025): https://h1.nu/1duHw

[17]– تقرير مرحلي “كوفيد-19: رصد أخلاقيات مهنة الصحافة”، المجلس الوطني للصحافة، 7 يوليوز 2020، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 7 شتنبر 2025): https://h1.nu/1dus3/

[18]– المادة 39 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 2967.

[19]– تبقى إحدى المرات النادرة التي أعلن فيها المجلس الوطني للصحافة عرض ملف على لجنة الأخلاقيات هي قضية “وصم” صحيفة إلكترونية للاعب المنتخب الوطني لكرة القدم زكرياء أبو خلال، إذ نشر المجلس بلاغا في الموضوع بتاريخ 25 دجنبر 2022.

[20]– مقترح قانون بتغيير وتتميم القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، رقم التسجيل في مجلس النواب: 204، تاريخ التسجيل: 18 يناير 2023، قبل أن يُسحب بواسطة رسالة رؤساء الفرق بتاريخ 3 فبراير 2023، قبل إحالته على اللجنة.

[21]– مقترح القانون تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار، وفريق الأصالة والمعاصرة، والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، والفريق الحركي، والفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، وفريق التقدم والاشتراكية.

[22]– المادة 3 من الظهير الشريف 1.23.62 الصادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مرجع سابق، ص: 7227.

[23]– المادة 4 من الظهير الشريف 1.23.62 الصادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مرجع سابق، ص: 7227.

[24]– المادة 5 من الظهير الشريف 1.23.62 الصادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مرجع سابق، ص: 7227.

[25]– مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، موقع مجلس النواب، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 8 أكتوبر 2025): https://www.chambredesrepresentants.ma/ar/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9/mshrw-qanwn-rqm-02625-ytlq-baadt-tnzym-almjls-alwtny-llshaft

[26]– الهيئات الـ33 الموقعة على البيان المنشور في 9 غشت تتوزع بين هيئات نقابية ومهنية وجمعيات حقوقية، وذلك تبعا لترتيبها في البيان: النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال-الاتحاد المغربي للشغل، النقابة الوطنية للإعلام والصحافة-الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، منظمة حريات الإعلام والتعبير-حاتم، نادي الصحافة بالمغرب، منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب، الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والاعلام الرقمي، النقابة الوطنية للصحافة ومهن الاعلام-الاتحاد المغربي للشغل، الجمعية المغربية للصحافيين الشباب، النقابة الوطنية للمهنيات ومهنيي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (إ.م.ش)، النقابة الوطنية لشغيلة الشركة الوطنية صوريا-القناة الثانية (إ.م.ش)، الجمعية المغربية للصحافة، المرصد الجهوي للإعلام والتواصل لجهة فاس مكناس، نادي الصحافة بالعيون، مرصد الصحراء للدبلوماسية الإعلامية والسلم والتنمية، الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، المرصد المغربي للحريات العامة، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي، الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، منتدى المواطنة، جمعية عدالة من أجل محاكمة عادلة، الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، المرصد المغربي للسجون، مرصد العدالة بالمغرب، نقابة المحامين بالمغرب، الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف وسوء المعاملة، الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، الشبكة المغربية لحماية المال العام، المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان.

[27]– بيان: المكونات النقابية والمهنية الصحافية والمنظمات الحقوقية تقرر برنامجا احتجاجيا على الصعيد الوطني ضد مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، موقع النقابة الوطنية للصحافة المغربية، 9 غشت 2025، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 8 شتنبر 2025): https://h1.nu/1dDhi

[28]– جمعية الناشرين: مشروع القانون الجديد خطوة مفصلية لإعادة بناء CNP، زون 24، 10 يوليوز 2025، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 8 شتنبر 2025): https://zone24.ma/8283.html

[29]– المرجع السابق.

[30]– من المادة 19 إلى 53 من مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.

[31]– المادة 43 من مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، ص: 8.

[32]– المادة 22 من المرجع السابق، ص: 5.

[33]– المادة 5 من المرجع السابق، ص: 2.

[34]– المادة 6 من المرجع السابق، ص: 2.

[35]– المادة 25 من المرجع السابق، ص: 5.

[36]– المادة 56 من المرجع السابق، ص: 11.

[37]– المادة 89 من المرجع السابق، ص: 16.

[38]Council of Europe, Recommendation CM/Rec(2018)1 of the Committee of Ministers to member States on media pluralism and transparency of media ownership (adopted 7 March 2018 at the 1309th meeting of the Ministers’ Deputies),p. 5.

[39]– Lauren Kirchner, (Seven Lessins Scandinavian Media Can Teach US : On Topics Ranging From Job Training to Self-Regulation), Columbia Journalism Review, 2 July 2012, At the Following link:

https://www.cjr.org/behind_the_news/seven_lessons_scandinavian_med.php?utm_source=chatgpt.com

 

 

[40]– المادة 43 من مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 8.

[41]– المادة 45 من مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 9.

[42]– اللائحة الكاملة للعناوين المستفيدة من الدعم العمومي برسم سنة 2019، وزارة الثقافة والاتصال-قطاع الاتصال، 2020.

[43]– عبد الله أموش، (لماذا تدفع الحكومة أجور الصحافة الخاصة؟)، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 25 ماي 2025، على الرابط التالي (تاريخ الاطلاع: 9 شتنبر 2025): https://2cm.es/1dOeO

[44]– نور الدين مفتاح، (افتتاحية: المجلس الجنائي للصحافة)، الأيام، العدد 1137، 10 يوليوز 2025، ص: 3.

[45]– ظهير شريف رقم 1.16.122 صادر في 6 ذي القعدة 1437 (10 غشت 2016) بتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر. الجريدة الرسمية، عدد 6491، 11 ذو القعدة 1437 (15 غشت 2016)، ص: 5968.

[46]– المادة 5 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مرجع سابق، ص: 2962.

[47]– المرجع السابق، ص: 2963.

[48]– المادة 46 من مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، كما وافق عليه مجلس النواب في 22 يوليوز 2025، ص: 10.

[49]– Bill Orme With a Group of Authors, (ITP Media Reference Book: State, Self- and Co-Regulation: Legal Frameworks and Professional Standards for Independent News Media), NIRAS ; Fojo Media Institue (Linnaeus University) ; International Media Support (IMS) ; Global Reporting, 2022, p: 64.

[50] – المادة 96 من مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، كما وافق عليه مجلس النواب في 22 يوليوز 2022، ص: 17.

[51]– المادة 5 من الظهير الشريف 1.23.62 الصادر في 23 محرم 1445 (10 غشت 2023) بتنفيذ القانون رقم 15.23 بإحداث لجنة مؤقتة لتسير شؤون قطاع الصحافة والنشر، مرجع سابق، ص: 7227.

[52]– المادة 4 من الظهير الشريف رقم 1.16.24 الصادر في 30 جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة. الجريدة الرسمية، مرجع سابق، ص: 2962.

[53]– المادة 5 من مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، كما وافق عليه مجلس النواب في 22 يوليوز 2025، ص: 2.

[54]– المادة 89 من مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، كما وافق عليه مجلس النواب في 22 يوليوز 2025، ص: 16.

[55]– المادة 4 من الظهير الشريف رقم 1.16.51 الصادر في 19 رجب 1437 (27 أبريل 2016) بتنفيذ القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين. الجريدة الرسمية، عدد 6466، 12 شعبان 1437 (19 ماي 2016)، ص: 3850.

[56]– المادة 6 من الظهير الشريف رقم 1.16.51 الصادر في 19 رجب 1437 (27 أبريل 2016) بتنفيذ القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، مرجع سابق، ص: 3850.

[57]– المادة 11 من الظهير الشريف رقم 1.16.51 الصادر في 19 رجب 1437 (27 أبريل 2016) بتنفيذ القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، مرجع سابق، ص: 3851.

[58]– Claude-Jean Bertrand, (la déontologie des médias), Ibid, p: 32.

[59]– المادة 104 من الظهير الشريف رقم 1.16.122 الصادر في 6 ذي القعدة 1437 (10 غشت 2016) بتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر. الجريدة الرسمية، عدد 6491، 11 ذو القعدة 1437 (15 غشت 2016)، ص: 5984.

[60]– المادة 91 مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، كما وافق عليه مجلس النواب في 22 يوليوز 2025، ص: 16.

[61]– دراسة إحصائية حول واقع الصحافيين والصحافيات المغاربة، المجلس الوطني للصحافة، ماي 2020، ص: 14.

[62]– مرسوم رقم 2.19.896 صادر في 17 رمضان 1441 (11 ماي 2020) يتعلق بالمصادقة على النظام الداخلي للمجلس الوطني للصحافة. الجريدة الرسمية، عدد 6885، 2 شوال 1441 (25 ماي 2020)، ص: 2834.

محمد كريم بوخصاص

محمد كريم بوخصاص

أستاذ محاضر في الصحافة والإعلام بجامعة المولى إسماعيل بمكناس. سبق له التدريس بالمعهد العالي للصحافة والاتصال بالدار البيضاء. حاصل على شهادة الدكتوراه في علوم الإعلام والتواصل، وعمل صحافيًّا مهنيًّا لمدة 13 عاما في عدة مؤسسات إعلامية، آخرها أسبوعية "الأيام". أنتج، خلال مسيرته المهنية، عددا من التحقيقات الاستقصائية التي حازت جوائز وطنية ودولية، منها: "الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة" مرتين (2018 و2022)، و"جائزة الاتحاد الأوروبي لإعلام الهجرة" (2019)، و"الجائزة الوطنية للصحافيين الشباب" (2018)، و"جائزة بروميثيوس لأفضل تحقيق حول المالية العمومية" (2020)، كما رُشِّح في القائمة القصيرة لجوائز دبي للصحافة العربية مرتين (2017-2019). أصدر كتاب "مقدمات في سوسيولوجيا الحدث"، وشارك في نشر ثلاثة كتب جماعية حول "التواصل في عصر التحول الرقمي"، و"التضليل الإعلامي"، و"الكتابة في السياق الإعلامي".