لماذا تدفع الحكومة أجور الصحافة الخاصة؟

قامت الحكومة المغربية بدفع أجور المقاولات الصحفية الخاصة منذ أزمة كوفيد 19، ليسجل مبلغ الدعم خلال أربع سنوات ما يفوق مليار ونصف مليار درهم، وهو ما من شأنه أن يضر بالاستقلالية والتعددية وحرية التعبير في البلاد.
عبد الله أموش عبد الله أموش25/05/202529819 دقيقة

قامت الحكومة المغربية بدفع أجور المقاولات الصحفية الخاصة منذ أزمة كوفيد 19، ليسجل مبلغ الدعم خلال أربع سنوات ما يفوق مليار ونصف مليار درهم، وهو ما من شأنه أن يضر بالاستقلالية والتعددية وحرية التعبير في البلاد.

مقدمة

تلقى العاملون في المقاولات الصحفية الخاصة دعما ماليا عموميا يقدر بمليار ونصف درهم،[1]منه حوالي 325 مليون درهم في أواخر عهد الحكومة السابقة (2016-2021)، وأزيد من مليار درهم في ظل الحكومة الحالية (2021- 2026)، وتغطي الأرقام المتوفرة الفترة الممتدة من منتصف عام 2020 إلى غاية مارس 2025[2] حيث كان مقررا إنهاء العمل بنظام أداء الأجور مع صدور مقتضيات قانونية جديدة تخص الدعم العمومي للصحافة والنشر والطباعة والتوزيع. ومعلوم أن هذا الدعم قد بدأ استثنائيا سنة 2020 بفعل جائحة كوفيد-19، وسرعان ما تحول، مع مرور السنوات، إلى ما يشبه اعتمادات قارة في ميزانية قطاع التواصل (وزارة الشباب والثقافة والتواصل)، لصالح القطاع الخاص.

وقد عاد موضوع الدعم العمومي إلى واجهة النقاش بعدما عُرف بتسريبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[3]، التي كشفت عن تغطية الدعم لأجور بعض مديري المقاولات الصحفية الخاصة، دون إغفال الانتباه إلى وضعية لا تخلو من شبهة تركيز المصالح، وتتعلق بتركيز ملكية المجموعات الصحافية في عدد محدود من رجال الأعمال النافذين في مجال الصحافة المكتوبة، والمواقع المؤثرة، والذين غالبًا ما تكون لهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع السلطات السياسية وأحيانا مصالح متداخلة مع الدولة، مثل مجموعة “كاراكتير” التابعة لمجموعة “أكوا” القابضة، التي يمتلكها رجل الأعمال ورئيس الحكومة عزيز أخنوش.. و”مجموعة إيكو ميديا”.. و”مجموعة هوريزون برس”، التي يرأسها رجل الأعمال والوزير السابق للشبيبة والرياضة منصف بلخياط[4].  الأمر الذي يدفع إلى التساؤل: ما دواعي الاستمرار في أداء أجور أجراء يشتغلون بمقاولات يُفترض أنها تنتمي إلى القطاع الخاص، عوض الرجوع إلى الصيغة السابقة التي تقتضي تقديم دعم يغطي بعض تكاليف تلك المقاولات؟ وما هي أوجه صرف هذا الدعم؟ وهل احترم قواعد الشفافية والمحاسبة التي ينص عليها الدستور والقانون؟

يأتي صرف الدعم العمومي في سياق امتناع المقاولات الصحفية[5] من أداء رواتب أجرائها وحقوقهم الاجتماعية، بذريعة أزمة كوفيد تارة، وأزمة القطاع تارة أخرى[6]، وبالتالي أصبح الدعم المالي العمومي مخصصا لتحمل أجور العاملين في المقاولات الصحفية، وأداء واجبات انخراطهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ودفع الضريبة على دخلهم.

ويضاف إلى ما سبق دعم جزافي أخر مخصص للمقاولات الصحفية بناء على كتلة الأجور، ودعم الصحف التابعة للأحزاب السياسية في إطار بند التعددية، وصرف اعتمادات مالية لفائدة شركات توزيع الصحف، ودعم مقاولات متخصصة في طباعة الصحف، ودعم إذاعات خاصة.

الرسم المبياني (1): تطور حجم الدعم الحكومي لقطاع الصحافة والنشر .

 

يوضح الرسم المبياني (1) أن الدعم الحكومي الموجه إلى قطاع الصحافة والنشر شهد ارتفاعا مطردا خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث بلغ 164 مليون درهم سنة 2020، لينخفض بشكل طفيف عام 2021 إلى 161 مليون درهم، ثم استرجع وتيرته التصاعدية سنة 2022، حيث قفز إلى مبلغ 167 مليون درهم، ثم واصل منحاه التصاعدي ببلوغ 314 مليون درهم سنة 2023، ثم سجل أقوى ارتفاع له سنة 2024، حيث بلغ 325 مليون درهم. ويمكن إرجاع هذا الارتفاع إلى الارتفاع المطرد لعدد المستفيدين من الدعم كما هو مبين في الجدول (3) أسفله، مع استحضار أولويات الحكومة الحالية لهذا القطاع[7]، ثم إن هناك من يذهب إلى اعتبار دعم الدولة للصحافة عنصرا أساسيا في اقتصاديات الصحافة، لأنه يتيح استمرار نشاط مقاولات صحافية لا تستطيع بوسائلها الخاصة أن تحقق وتوازناتها المالية وأن تستمر في الصدور[8].

كما شهد عدد المستفيدين من هذا الدعم نموا مطردا، وهو ما ينسحب على عدد المقاولات التي تقدمت بملفاتها للحصول على الدعم، خاصة الدعم الجزافي المخصص للمقاولات الصحفية بناء على كتلة الأجور، على اعتبار أن “دعم كتلة الأجور استفادت منه المقاولات التي تقدمت بملف طلب الدعم قبل 22 ماي 2020 والمتوفرة على التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والحاصلة على الملاءمة وعلى الوضعية الجبائية السليمة”[9].

الرسم المبياني (2): تطور عدد المستفيدين من الدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر

 

يبرز الرسم المبياني (2) تطور عدد المستفيدين من الدعم العمومي للقطاع خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث انتقل من 2199 مستفيدا عام 2021، وهو العدد نفسه المسجل سنة 2022، ليعرف قفزة نوعية ببلوغ 2272 مستفيدا سنة 2023، ثم يبلغ 2309 مستفيدا سنة 2024، وهو ما يفسر بالطلب على هذا الدعم، أو بازدياد عدد الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية[10] من المجلس الوطني للصحافة، كما هو مبين في الرسم المبياني (2). وفي الوقت الذي رأى فيه البعض أن تخصيص رقم قياسي من الدعم “يعكس المجهود المبذول من طرف الدولة لصالح الصحافة”[11]، لا يستبعد البعض أن يكون الغرض من استدامة هذا الوضع هو “تدجين وسائل الإعلام الخاصة”[12].

الرسم المبياني (3): تطور عدد المقاولات المستفيدة من دعم الأجور والدعم الجزافي

 

يظهر الرسم المبياني (3) وجود استقرار نسبي في عدد المقاولات الصحفية المستفيدة من دعم الأجور، التي شهدت انخفاضا مطردا من 136 مقاولة سنة 2020 إلى 124 مقاولة عام 2024، بينما ارتفع عدد المقاولات المستفيدة من الدعم الجزافي بشكل تصاعدي من 142 مقاولة عام 2020 إلى 207 مقاولة سنة 2024، ويرجع ذلك إلى أن الدعم الجزافي “استفادت منه المقاولات التي تقدمت بطلباتها بعد انصرام الأجل (أي بعد 22 ماي 2022)، والمتوفرة على شرط الملاءمة وشهادة التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وشهادة الوضعية الجبائية السليمة”[13].

 

غياب الشفافية واللوائح المفصلة

يعد مبدأ الشفافية أهم إشكالية تثار في مقاربة الدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر، إذ لم تنشر الحكومة الحالية لوائح المقاولات المستفيدة من الدعم العمومي[14]، عكس العرف الذي دأبت الحكومات السابقة على نهجه[15]، حتى يتسنى للمواطنين الاطلاع عليها، تنزيلا للمبدأ الدستوري المتمثل في الحق في الحصول على المعلومات المنصوص عليه في الفصل 27 من دستور المملكة.

ويعتبر التقرير السنوي الذي كانت تصدره وزارة الاتصال (سابقا) حول “جهود النهوض بحرية الصحافة”[16]، من أهم التقارير التي تضمنت قائمة بأسماء المقاولات المستفيدة من الدعم العمومي، ولائحة المقاولات المستفيدة من الإعلانات الإدارية الممنوحة للجرائد، وعدد الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية، وغير ذلك من التفاصيل المهمة.

بالموازاة مع التقرير المذكور، كانت وزارة الاتصال تصدر تقريرا حول “إحصائيات البطاقة المهنية للصحفيين”، يتضمن لائحة بأسماء الصحفيين ورقمهم الترتيبي والمؤسسات المشغلة لهم[17]، وقد تخلى المجلس الوطني للصحافة عن هذه الممارسة بعد انتقال الاختصاصات إليه، في وقت “ظل نشر قائمة الصحفيين الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية مطلبا للمهنيين، في حين اكتفى المجلس بالإعلان في 2021 عن إجرائه اتصالات ومشاورات مع المسؤولين على لجنة حماية المعطيات الشخصية لنشر لوائح الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية برسم سنتي 2020 و2021 حرصا على ضمان شروط النزاهة والشفافية، دون أن يعلن عن نتيجة هذه المشاورات أو ينشر القوائم الكاملة للصحفيين”[18]، مما يجعل كل هذه الوقائع المتواترة دليلا على وجود توجه نحو حجب المعلومة.

الشكل (1): نموذج لائحة مفصلة لمبالغ الدعم العمومي المقدم للجرائد الورقية (2011 و2012)

 

اختلال معايير التوزيع

من بين أهم الإشكاليات التي طرحها توزيع الدعم المالي العمومي في صلته بمبدأ الشفافية، هو عدالة معايير التوزيع، الأمر الذي دفع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إلى القول بأن “هذا الدعم لم تكن معايير توزيعه لا عادلة ولا منصفة، بحيث أن مقاولات صحفية تضاعف دعمها 20 مرة ليصل إلى الملايير، ومقاولات لا تصل في دعمها إلى 30 ألف درهم”[19].

وينكشف هذا الاختلال بصورة جلية عند استحضار ما تحدث عنه عبد المجيد فاضل خلال رصده لتجارب يلاحظ أنها تنسحب بشكل أو بأخر على التجربة المغربية، إذ يقول: “تتمتع بالدعم صحف ليست في حاجة إليه.. كما يستفيد من هذه المساعدات بشكل رئيسي مجموعات كبيرة في ملكية رجال الأعمال الأثرياء أو الصحافة الإقليمية”[20]. وقد سبق التوقف عند نماذج لشركات قابضة ضمن أعمالها مجال الصحافة.

كما يجب الانتباه إلى أن المجال الصحفي متنوع الحوامل، بحيث أن الحامل الإلكتروني لصحيفة مقاولة معينة يعفيها من تكاليف الطباعة والتوزيع والنقل الداخلي والخارجي..، ويقدر البعض نسبة الإعفاء من التكاليف لو كان الحامل ورقيا بحوالي 50 إلى 60 في المائة[21]. وبالتالي، يجب أن تراعي مساطر الدعم هذه المتغيرات.

 

تضارب في التصريحات

بالرجوع إلى تصريحات وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، المتعلقة بالدعم العمومي، نلاحظ أنها اتسمت بالتردد في تحديد المهلة الزمنية لإيقاف هذا النوع من الدعم والانتقال إلى صيغة جديدة تدعم المقاولة الصحفية عوض أداء رواتب أجرائها[22]؛ فعلى سبيل المثال، نسوق جوابا له في اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بتاريخ 4 نونبر 2022، والذي خصص لتقديم مشروع الميزانيات الفرعية لقطاع الشباب والثقافة والاتصال، يقول فيه: “بالنسبة للصحافة فإن الحكومة واكبت منجزات الحكومة السابقة وأبقت على الدعم الذي تقرر خلال الكوفيد 19 وأدت رواتب الصحفيين لمدة ستة أشهر خلال هذه السنة التي ستكون هي الأخيرة”[23]، غير أنه عاد في مناسبات متعدد، من ضمنها تصريحاته يوم 7 يناير 2025 في اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، حيث أكد أن الدعم الحكومي الاستثنائي الموجه لقطاع الصحافة والنشر سينتهي في شهر مارس 2025، لكن من خلال استقصاء بعض الصحفيين تبين أن هذا الدعم لازال مستمرا، كما يؤشر على استمراره إعلان وزارة الشباب والثقافة والتواصل بتاريخ 6 ماي 2025 عن انطلاق عملية تقديم طلبات الدعم العمومي المخصص لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، وذلك خلال الفترة الممتدة من 14 ماي إلى غاية 26 يونيو [24]2025.

 

انحسار في المحاسبة وغياب النجاعة

كما هو معلوم في الأدبيات العالمية للمحاسبة أنه أينما كان المال العام فثمة محاسبة ضرورية[25]، وغالبا ما تكون متعددة الأوجه، وتناط بمؤسسات التدقيق المحاسبي، حيث يوجد في المغرب مؤسسات يفترض أن تقوم بذلك، سواء كانت إدارية أو قضائية، من قبيل المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية.

وفي هذا الصدد، فإن آخر تقييم للدعم العمومي المخصص للصحافة نجد مضامينه في التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016 و2017، تحت عنوان: “تقييم دعم الصحافة المكتوبة”، ما يعني أن هذا التقرير يرصد مرحلة مضى عليها عدة سنوات، وتنحصر مهمته على رصد الدعم المقدم للصحافة الورقية[26].

كما يقتضي صرف الدعم العمومي في أي قطاع من القطاعات استحضار سؤال الجدوى والنجاعة، فلئن كان هذا الدعم قد حقق هدف أداء أجور الصحفيين وحقوقهم الاجتماعية، فإنه، في المقابل، قد أثار سؤال جدوى صرف أجور أرباب المقاولات الصحفية الخاصة .      وقد تنبه تقرير للمجلس الوطني للصحافة إلى إشكالية النجاعة بالإشارة إلى أن “نتيجة هذا الدعم الاستثنائي هو التفاوتات الصارخة التي أنتجها المعيار المستحدث لأجور العاملين، (…) ومضاعفته لأكثر من عشر مرات لفائدة قلة قليلة من المقاولات الكبرى، في حين لم تتوصل المنشآت الصحفية المتوسطة والصغيرة حتى بمبلغ الدعم الذي كانت تتوصل به في إطار الدعم العادي”[27].

 

المساس بالاستقلالية

يدافع وزير الشباب والثقافة والتواصل عن هذا الدعم لكونه موجود في دول العالم، بما فيها الديمقراطية، لكن لا يجادل أحد في هذا الدفع الذي تسنده المادة 7 من القانون رقم 88.13 المتعلق الصحافة والنشر، حيث تنص فقرتها الثانية على أنه: “تستفيد قطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع من الدعم العمومي بناء على مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد، بهدف تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم مواردها البشرية”[28].

ولقد انتقل الموضوع من دعم المقاولات الصحفية بهدف مساعدتها على بناء نموذج اقتصادي، إلى صرف رواتب العاملين في القطاع وواجبات انخراطهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مثلهم مثل موظفي الدولة في الإعلام العمومي، وهنا تثار مسألة الاستقلالية، خصوصا على مستوى الربط بين هذا الدعم وبين تحول جرائد إلكترونية وورقية إلى منابر للدفاع عن السياسات الحكومية.[29]

وفي هذا يقول نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، آنذاك: “أنا أعتقد أن الدعم الاستثنائي كان استثنائيا بمفهوم الكلمة، ولا يمكنه أن يعود بذلك الشكل، لأنه مخالف للقانون، وخاصة المادة 7 من قانون الصحافة، والمرسوم الناتج عنها، لذلك، فإذا كانت صيغة الدعم هي أن تذهب مباشرة للعاملين في قطاع الصحافة، فيجب تغيير هذا القانون، وهنا يطرح سؤال: ماذا سيستفيد الصحفيون إذا جاءتهم أجورهم من الحكومة؟ فضلا عن كونها مسألة معيبة، وفيها مس باستقلالية الصحافة من الناحية المبدئية، بالإضافة إلى أن المقاولات هي التي يجب أن تؤدي أجور العاملين فيها وأن تتحكم في مكافأتهم وتطوير أدائهم”[30]. في المقابل، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان: “الرفع من قيمة الدعم العمومي المباشر وغير المباشر المخصص لقطاع الصحافة، بما يضمن توسيع النشر وتعزيز التعددية والتنوع، ودعم تحديث الشركات الصحفية وتأهيلها وضمان استدامتها”[31]. لكنه يشدد على ضرورة “توزيع الدعم العمومي بشكل يضمن توسيع النشر وتعزيز التعددية والتنوع، ودعم تحديث الشركات الصحفية وضمان استدامتها”[32].

 

مقاربات بديلة

في ضوء ما سبق، تبرز أهمية اعتماد مبادئ الشفافية والمحاسبة والنجاعة لتوفير جو ديمقراطي تتمتع فيه المقاولة الصحفية بالاستقلالية، ويتمتع فيها الصحافيون بالكرامة، خاصة مع تنزيل قرار تحديد أسقف دعم التسيير والاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع[33]. وتقع هذه المسؤولية على عدة أطراف منها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، التي يبقى على عاتقها نشر تفاصيل المبالغ المالية الخاصة بالدعم العمومي شفافية حسب كل منبر إعلامي[34]، ونشر لائحة الجرائد المستفيدة من الإعلانات الإدارية وعدد الإعلانات الممنوحة لكل مقاولة، وعدد الصحفيين المعتمدين.

كما يقع على عاتق المجلس الأعلى للحسابات[35] التدقيق المالي والمحاسبي لمعرفة أوجه صرف الدعم المالي العمومي، وأيضا على المجلس الوطني للصحافة القيام بنشر قائمة بأسماء الصحفيين الحاصلين على بطاقة الصحافة والمؤسسات المشغلة لهم، وعلى رئاسة النيابة العامة نشر لائحة الجرائد الإلكترونية والمطبوعات الورقية المصرح بإنشائها والمتابعات القضائية المتعلقة بالصحفيين، مع استحضار مسؤولية أعضاء البرلمان في مساءلة هذا القطاع، ومن شأن كل هذه الإجراءات إحداث قفزة نوعية في مؤشرات الصحافة والإعلام والحق في المعلومة.

الهوامش

[1]تم الاعتماد على المصادر والمراجع التالية:

– عرض تقديم مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل برسم سنة 2025، ص 86.

– مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024، ص 81-82.

– تقرير لجنة التعليم والثقافة والتواصل حول الميزانيات الفرعية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل برسم السنة المالية 2023، دورة أكتوبر 2022، ص 235.

– تقرير لجنة التعليم والثقافة والتواصل حول الميزانيات الفرعية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل برسم السنة المالية 2022، دورة أكتوبر 2021، ص 142.

– جواب وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بتاريخ 14 شتنبر 2022، على سؤال كتابي تقدم به النائب يوسف شيري، عن فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، حول: “مصير الصحافة الورقية بشقيها الوطني والجهوي والإجراءات المتخذة لدعمها”.

– جواب وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بتاريخ 17 مارس 2022، على سؤال كتابي تقدمت به النائبة نعيمة الفتحاوي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية حول: “ظروف تشغيل الصحفيات والصحفيين خلال فترة جائحة كوفيد-19.

-حصيلة الدعم الحكومي لقطاع الصحافة والنشر في المغرب: معطيات وإحصاءات، شوهد بتاريخ 12/04/2025، الإعلامي، الرابط: https://tinyurl.com/49p7mws4.

[2] أجاب صحفيون ينتمون إلى سبع مقاولات صحفية (ورقية وإلكترونية) عند سؤالهم: هل توقفت وزارة الشباب والثقافة والتواصل عن صرف رواتب الصحفيين المهنيين بعد شهر مارس؟ أنهم تلقوا أجورهم من الوزارة بعد هذا التاريخ، بعد أن تقرر التمديد لستة أشهر أو عام على أقل تقدير. ويؤكد استمرار الوزارة في منح هذه الرواتب إعلانها بتاريخ 6 ماي 2025 عن طريق موقعها الإلكتروني عن انطلاق عملية تقديم طلبات الدعم العمومي المخصص لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، وذلك خلال الفترة الممتدة من 14 ماي إلى غاية 26 يونيو 2025. انظر موقع الوزارة: https://tinyurl.com/593fnzjp

[3] عبيد الهراس، بعد الاختراق.. “الضمان الاجتماعي ” يطمئن المواطنين ويتخذ إجراءاته الأمنية، موقع صوت المغرب، شوهد بتاريخ 16 أبريل 2025، الرابط: https://tinyurl.com/4txpcwrr

[4] عبد المجيد فاضل، اقتصاديات الصحافة المكتوبة، منشورات المجلس الوطني للصحافة، (بدون سنة الطبع)، ص 12-13. (بتصرف).

[5]– تسمي تنسيقية “ضحايا اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة”، في بلاغ لها سنة 2024 هذا الانسحاب بـ”تخلي المقاولات الصحفية عن دفع أجور الصحفيين”.

[6] يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن “قطاع الصحافة المغربية يعيش ”أزمة هيكلية“ برزت ملامحها منذ سنة 2013 وفاقمتها جائحة كوفيد 19″، انظر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2022 تحت عنوان “إعادة ترتيب الأولويات لتعزيز فعلية الحقوق”، ص 49.

[7] جرى تنصيب الحكومة الحالية (2021-2026) يوم الخميس 29 صفر 1443 هـ، الموافق 7 أكتوبر 2021.

[8] عبد المجيد فاضل، مرجع سابق، ص 91.

[9] انظر جواب وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بتاريخ 17 مارس 2022، على سؤال كتابي تقدمت به النائبة نعيمة الفتحاوي، مصدر سابق.

[10]– يرجع إلى إحصائيات الصحافيات والصحفيين برسم سنوات 2022-2023-2024 كما هي منشورة في الموقع الإلكتروني للمجلس الوطني للصحافة على الرابط: https://tinyurl.com/wverb5kd

[11] عبد المجيد فاضل، المرجع السابق، ص 113.

[12] الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين ـ هِمَمْ، بيان بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 ماي 2025، انظر أيضا، المعارضة تندد بتحويل الإعلام العمومي إلى أداة انتخابية في يد أحزاب الأغلبية وتتهم الحكومة بـ”التضييق الناعم” على حرية الصحافة، موقع الصحيفة، شوهد بتاريخ 20-05-2025، الرابط:               https://tinyurl.com/sxysfa7n، ورصد المغرب، منظمة مراسلون بلا حدود، شوهد بتاريخ 20-05-2025، الرابط: https://tinyurl.com/ycyj7rw6                 

 

[13]– انظر جواب وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بتاريخ 17 مارس 2022، على سؤال كتابي تقدمت به النائبة نعيمة الفتحاوي، مصدر سابق.

[14] يلاحظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان في التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2023 تحت عنوان “إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية” أنه: “خلافا لسنة 2022، لم تعلن الوزارة المعنية على حجم مبلغ الدعم برسم سنة 2023″، حاشية ص 72.

[15] انظر على سبيل المثال لائحة الدعم العمومي المباشر الممنوح للصحافة المكتوبة 2005 – 2011، على الرابط: https://tinyurl.com/3aw934j4

[16] صدر أخر تقرير سنوي لوزارة الاتصال حول: “النهوض بحرية الصحافة ” في سنة 2016، ورغم توقفه كانت الوزارة تصدر قوائم المقاولات المستفيدة من الدعم.

[17] كانت وزارة الاتصال تصدر تقريرا مفصلا يحتوي على قوائم المؤسسات الصحفية، وأسماء الصحفيين المنتسبين إليها، ورقمهم الترتيبي، وقد تخلى المجلس الوطني للصحافة على هذه الممارسة الفضلى. على سبيل المثال تقرير وزارة الاتصال حول “إحصائيات البطاقة المهنية للصحفيين برسم سنة 2015”.

[18]محمد كريم بوخصاص، هل دخل التنظيم الذاتي للصحافة إلى النفق المسدود؟، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 24 أبريل 2023، ص 16.

[19] “الدعم العمومي للمقاولات الصحفية فاق 50 مليار سنتيم خلال 3 سنوات”، موقع لكم2، شوهد بتاريخ: 12/04/2025 على الرابط: https://lakome2.com/media/299113/

[20] عبد المجيد فاضل، المرجع السابق، ص99 .

[21] عبد المجيد فاضل، المرجع السابق، ص 121.

[22] تم إقرار صيغة جديدة للدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع مؤطرة بالنصوص التنظيمية التالية:

  • المرسوم رقم 2.23.1041 صادر في 8 جمادى الآخرة 1445 (22 ديسمبر 2023) ، بتحديد شروط وكيفيات الاستفادة من الدعم العمومي الموجه لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ؛
  • القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 صادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نونبر 2024)، بتحديد أسقف دعم التسيير و دعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وصرفهما؛
  • القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 677.25 صادر في 23 من رمضان 1446 (24 مارس 2025) بتتميم القرار المشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 صادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نونبر 2024)، بتحديد أسقف دعم التسيير و دعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع ونسب احتسابهما وكيفيات توزيعهما وصرفهما؛
  • قرار لوزير الشباب والثقافة والتواصل رقم 3195.24 صادر في 17 من جمادى الآخرة 1446 (19 دجنبر 2024)، بتحديد الوثائق المكونة لملف طلب الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع.

[23] مجلس النواب، تقرير الميزانية الفرعية لقطاع الشباب والثقافة والتواصل برسم سنة 2023، ص 279.

[24] وزارة الشباب والثقافة والتواصل، انطلاق عملية تقديم طلبات الدعم العمومي المخصص لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع، شوهد بتاريخ 18-05-2025، موقع الوزارة، ربط: https://tinyurl.com/593fnzjp

[25]– هو مبدأ ترجمه الدستور المغربي بـ”ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

[26]– المجلس الأعلى للحسابات، التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات 2016-2017، منشورات المجلس، ص من 570 إلى 583.

[27]-المجلس الوطني للصحافة، تقرير2 الصحافة المغربية وآثار الجائحة بعد الحجر الصحي يوليوز 2020 -ماي 2021، منشورات المجلس، ص 27.

[28]– القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، الجريدة الرسمية عدد 6491 – 11 ذو القعدة 1437 (15 أغسطس 2016) ص 5968.

[29]– نجد مثل هذا التوجه عند النائبة ثورية عفيف، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، التي قالت في مداخلة لها باسم المجموعة المذكورة خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال، المنعقد يوم الثلاثاء 07 يناير 2025، إن: “الحديث عن حصيلة الدعم العمومي اليوم “يحيلنا إلى الرِّدة الديمقراطية التي قوضت مكسب الاستقلالية والتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر تحت مسمى “اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر”، التي تمت لإحدى تجليات سياسة التحكم والهيمنة التي تسلكها هذه الحكومة، مدة انتدابها المحددة في سنتين على وشك الانتهاء، فماذا أعددتم لانتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة”. انظر: عفيف: الحكومة تتحكم في المشهد الإعلامي عبر الدعم العمومي، الموقع الإلكتروني لملجموعة النيابية، شوهد بتاريخ 14-04-2025، الرابط: https://www.pjdgroupe.ma/fr/node/2549

[30] سعيد الريحاني، حوار العدد مع نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف ، الدعم الاستثنائي للصحافة لم يكن منصفا والمغرب في حاجة إلى جبهة وطنية، موقع صحيفة “الأسبوع”، الرابط: https://www.alousboue.ma/79537/

[31] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2022، بعنوان”إعادة ترتيب الأولويات لتعزيز فعلية الحقوق”، ص81.

[32] المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير 2023، المرجع السابق، ص 73.

[33] قرار مشترك لوزير الشباب والثقافة والتواصل والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية رقم 2345.24 صادر في 2 جمادى الأولى 1446 (5 نوفمبر 2024) بتحديد أسقف دعم التسيير ودعم الاستثمار لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع وكيفيات توزيعهما وطرق صرفهما، الجريدة الرسمية، عدد 7353 – 15 جمادى الأولى 1446 (18 نوفمبر 2024)، ص 7890.

[34] بيان تنسيقية “ضحايا اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة، يناير 2025.

[35] ينص الفصل 147 من دستور 2011، في فقرته الثانية، على أنه “يمارس المجلس الأعلى للحسابات مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية”.

عبد الله أموش

عبد الله أموش

باحث في سلك الدكتوراه حول الصحافة والاعلام الحديث، بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. حاصل على إجازة في "الصحافة المكتوبة والإلكترونية"، وعلى إجازة في "الشريعة والقانون". حائز على البكالوريا في "الآداب العصرية". وعلى الباكالوريا/ أحرار في العلوم الإنسانية. نشر عدة أبحاث ودراسات وأوراق بحثية في مراكز بحثية مختلفة، منها: "الصحافة الحزبية بالمغرب في خضم معركة كسب الجمهور"، و"ميلاد الصحافة المغربية وانبثاق الفكرة الدستورية"، و"هل يعد دعم الصحافة الورقية الحزبية بالمغرب ريعا إعلاميا؟". وساهم في تقارير لمراكز بحثية.