يمكنكم مشاهدة الحلقة عبر الرابط التالي.
خصَّصَّ برنامج كافي بوليتيكو الذي يُنظَّم بشراكة بين المعهد المغربي لتحليل السياسات وجمعية سمسم ـ مشاركة مواطنة، حلقة حوارية جديدة لمناقشة “مدونة الأخلاق البرلمانية ورهان تخليق المشهد السياسي بالمغرب”، تم بثه مساء يوم الأربعاء27 مارس 2024، بمشاركة كل من النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، والنائبة البرلمانية فاطمة بن عزة عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، والأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بوجدة صالح أزحاف.
وقد تناولت حلقة النقاش مضمون الرسالة الملكية بمناسبة الذكري الستين لتأسيس البرلمان المغربي وتأطير العمل على تخليق الحياة البرلمانية، وعلاقة محاربة الفساد بتخليق الحياة البرلمانية، بالإضافة إلى التعديلات المقترحة على النظام الداخلي لمجلس النواب وأفق تخليق الممارسة السياسية.
البرلمانية نعيمة الفتحاوي: تخليق العمل البرلماني يجب أن يسبقه تخليق للعمل الحزبي وللهيئات السياسية كلها
أكدت البرلمانية نعيمة الفتحاوي أن تخليق العمل البرلماني يجب أن يسبقه تخليق للعمل الحزبي وللهيئات السياسية كلها، موضحة أن تخليق الحياة البرلمانية لوحدها، بالأساس، غير كافية، لأنه لا بد من تخليق المسار الانتخابي برمته انطلاقا من اختيار وانتخاب أشخاص لشغل مناصب نيابية، لا تحوم حولهم شبه، ويتحقق فيهم مبدأ النزاهة والتعبير عن الإرادة الحرة.
واعتبرت البرلمانية أن إعداد مدونة الأخلاق البرلمانية يجب أن يشمل وضع آليات تُمكن من تنزيلها وتتبعها بشكل جيد، استجابة للدعوة الملكية وترجمة لمجموعة من المبادئ المتضمنة في عدد من النصوص القانونية.
وتعليقا على متابعة عدد من البرلمانيين بقضايا فساد، قالت البرلمانية إن “حوالي 10 في المائة من النواب متابعين وهو وضع لا يليق بالبرلمانيين ويؤدي إلى فقدان الثقة لدى المواطن الذي ينتظر منهم الدفاع عن حقوقه وتشريع القوانين”.
ونبّهت البرلمانية إلى أن هذا “الوضع يخلق لدى المواطن شعورا بلا جدوى البرلمان وبأن الحياة السياسية والانتخابية مجرد أمور شكلية، مما يؤديه نحو الانسحاب من الحياة السياسية”.
ونوّهت البرلمانية إلى أن المغرب من بين الدول المتقدمة في بناء المؤسسة التشريعية والذي حرص على التعددية السياسية وعلى إشراك المجتمع المدني وتحقيق الديمقراطية التشاركية، مسجلة أنها “كلها مكاسب يجب أن يلاحظها المواطن لدى الفاعل السياسي وبالأخص البرلماني”، والذي تبقى وظائفه مهمة جدا لاسيما الرقابية أو التشريعية أو من خلال الدبلوماسية البرلمانية.
وتابعت البرلمانية أن عمل جميع المنتخبين ومختلف المؤسسات العمومية يجب أن تؤطره مدونة الأخلاق، مضيفة أن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في اختيار وترشيح النخب والمساهمة في هذا الإصلاح الذي يجب أن تصاحبه كذلك “رغبة حقيقية في إخراج إلى حيز الوجود مجموعة من القوانين وضمنها القانون الجنائي والإثراء غير المشروع واحتلال الملك العمومي والمعادن”.
وسجلت البرلمانية أن تعديلات طالت 117 مادة من مدونة الأخلاق البرلمانية، وتمت إضافة 48 مادة جديدة، فيما تم حذف 10 مواد لعدم دستوريتها أو تكرارها، وبقيت 159 مادة بدون تغيير، موردة أن هذه “التعديلات ستشكل نقلة نوعية لتطوير عمل البرلمان مع بقية المؤسسات الدستورية”، وبموجبها تم “اقتراح تعيين مكتب المجلس عضوين أحدهما من المعارضة لمراقبة حسن تطبيق المدونة”.
البرلمانية فاطمة بن عزة: لا يمكن إحداث مدونة لتخليق العمل النيابي في منأى عن مناقشة المنظومة القانونية ككل
اعتبرت البرلمانية فاطمة بن عزة، أنه “لا يمكن إحداث مدونة لتخليق العمل النيابي في منأى عن مناقشة المنظومة القانونية ككل لاسيما مدونة الانتخابات”، مبرزة أن مجموعة من الخطب الملكية تحمل دلالات ورسائل فيما يخص الجدية في العمل وتحفيز المؤسسة التشريعية على العمل الجاد والمنتج.
وقالت إنه لا بد أولا من تخليق الحياة العامة وداخل الأحزاب التي تقدم التزكيات الحزبية، مشددة على أنه يجب اختيار أشخاص في المستوى النضالي المطلوب ولهم غيرة حقيقية على البلد، وليس تزكية من له المال.
واعتبرت البرلمانية أن مسؤولية اختيار المنتخبين مشتركة كذلك بين الأحزاب والمواطن، موضحة أنه في غياب الدور التأطيري للأحزاب بشأن أخلاق المواطنة، لا يتم تمكين المواطن من حرية الاختيار الحر.
وسجلت في هذا السياق الفجوة الكبيرة التي صارت بين المواطن والفاعل السياسي نتيجة غياب المصداقية والثقة وبروز نخب تسيء بذلك لعمل النائب البرلماني وتبخسه، مؤكدة أن مدونة الأخلاق البرلمانية يجب أن تتضمن آليات وإجراءات احترازية لمنع كل برلماني تحوم حوله شبهة (دخل السجن، متابع، موقوف ..) من المشاركة في العمل البرلماني.
وأضافت البرلمانية أن الدورة الربيعية المقبلة ستعرف مناقشة قوانين مهمة مثل قانون المسطرة المدنية والقانون الجنائي وقانون مهنة المحاماة ومدونة الأسرة، متسائلة عن النخب التي ستدافع عن هذه الأوراش بجدية.
الأستاذ صالح أزحاف: الرسالة الملكية تحمل طموحا كبيرا يجب أن تترجمه الإرادة الحزبية والسياسية
أكد الأستاذ الباحث صالح أزحاف، أن الرسالة الملكية بمناسبة الذكري الستين لتأسيس البرلمان تحمل طموحا كبيرا،” لكن يجب ألا تقتصر المدونة على مرجعية الإرادة الملكية فقط ولكن لا بد من إرادة حزبية وسياسية بصفة عامة لتنزيل مدونة لتخليق الحياة السياسية وتخليق المشهد السياسي بنخب سياسية جدية”.
وتوقف الأستاذ الجامعي عند أهم خلاصات الرسالة الملكية، وهي الدعوة إلى خلق نموذج سياسي مغربي يراكم الإصلاحات الدستورية، والتأكيد على الديمقراطية التشاركية من خلال توسيع مبادرة وضع المدونة بين جميع الأطياف وانسجامها مع الديمقراطية التمثيلية، إلى جانب البناء المتدرج للنموذج السياسي المغربي والا
واعتبر الأستاذ الجامعي أن تشخيص السلوك البرلماني لا يجب أن يتعلق فقط باعتقال شخص أو شخصين وإنما “الأزمة أكبر من ذلك خصوصا مع تنامي اختصاصات مهمة للبرلمان خلال الانتقالات النوعية لدستور 2011، إذ أصبح يمتلك مؤسسات تقنية تستدعي وجود نخبة لممارسة هذه الاختصاصات”، منبّها إلى تنامي الذكاء الاصطناعي الذي ينافس العمل البرلماني لاسيما على مستوى تقييم السياسات العمومية.
وبالتالي، يضيف الأستاذ الباحث، لا بد من وجود نخبة حقيقية داخل المجلسين لأن البرلمان أصبح أمام تحديات مهمة خصوصا الدبلوماسية البرلمانية كما أن برلمانات العالم تفكر اليوم في أزمة الهجرة والتغيرات المناخية وغيرها من القضايا الحساسة والمهمة التي تستدعي انخراط النخب.
بدوه، اعتبر الأكاديمي أن المواطن يتحمل كذلك مسؤوليته إلى جانب الأحزاب السياسية داخل منظومة الفساد، موضحا أنه بالرغم من تدخل القضاء الدستوري لإثبات فساد انتخابي، يتم اختيار الأشخاص أنفسهم وإعادة انتخابهم من طرف المواطنين، مسجلا كذلك
حتى المواطن أيضا يتحمل مسؤوليته، مشددا على ضرورة إعادة وظيفة الأحزاب السياسية إلى الواجهة لتأطير المواطنين وليس استغلالهم في الفترات الانتخابية.
وقال إن أجرأة المدونة يجب أن تعرف أجرأة المبادئ الدستورية باعتبارها أهم مبادئ تخليق العمل السياسي إلى جانب النظامين الداخليين للمجلسين اللذين يتوفران على جزأين يؤطران سلوكيات البرلمان في المغرب.
وأكد أن الترسانة القانونية متقدمة لكن يجب تتجلى الجدية في عمل النخب البرلمانية والسياسية لاسيما في ظل “استهلاك القاضي الدستوري في قراراته التي لا تقبل الطعن مختلف مفاهيم المادة الجنائية من تهديد أو اختطاف أو غيرها”، وذلك في تعليقه على سلوكيات بعض البرلمانيين.