مؤشر الثقة 2022
الثقة في الإدارة العمومية خلال عصر الوباء
فريق البحث: د. محمد مصباح، د. رشيد أوراز،
دة. هاجر الإدريسي، دة. آن-لويس باومان، ذ. طارق لحرش
تحميل التقرير
تقديم
مؤشر الثقةهو تقرير سنوي يعده المعهد المغربي لتحليل السياسات بهدف قياس وتحليل ثقة المغاربة في مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يوفر هذا المشروع منصة للنقاش العام حول مسألة الثقة في المؤسسات في المغرب، ويسعى إلى تقديم توصيات ومقترحات لصناع القرار لتعزيز الثقة المؤسسية. وقد تم إعداد هذا التقرير بالشراكة مع مؤسسة “هاينرش بول”، الرباط، والصندوق الوطني للديمقراطية.
درس مؤشر الثقة 1 (2020) السمات الخاصة لثقة وانعدام ثقة المغاربة في مؤسسة البرلمان، وهي المؤسسة التي تضمن سيرورة الحياة الديمقراطية للبلاد، فيما درس مؤشر الثقة 2 (2021) طبيعة ومستوى الثقة في المؤسسات التعليمية ومؤسسات الرعاية الصحية. أما هذه السنة فإن مؤشر الثقة 3 (2022) فيسلط الضوء على الثقة في الإدارة العمومية، كما يواصل تشخيص الثقة السياسية في المغرب بعد انتخابات شتنبر 2021، التي كشفت عن نتائج ملفتة وأبرزت تغييرًا في المواقف الاجتماعية والسياسية للمواطنين.
ينقسم التقرير إلى أربعة فصول رئيسية؛ حيث يعالج الفصل الأول مسألة الثقة في الإدارة العمومية وتأثير ممارسات الحكامة الجيدة على ثقة المواطنين في السلطة المحلية، أما الفصل الثاني فيعالج الثقة الاجتماعية من خلال تحليل مؤشرات الثقة البينية، وخاصة الاستعداد على منح الثقة للآخرين، بما في ذلك الأسرة النووية والممتدة والجيران والغرباء، ويركز الفصل الثالث على الثقة السياسية، ولا سيما الثقة في المؤسسات الحكومية والمنتخبة الرئيسية، وعلاقتها بتصورات المشاركة السياسية الرسمية وغير الرسمية، فيما خصص الفصل الأخير لتناول ثقة المواطنين في الإجراءات الحكومية لمكافحة الفساد.
منهجية البحث
اعتمد المعهد على المنهج الكمي من خلال دراسة استطلاعية على عينة تمثيلية تتكون من 1500 شخص في الفترة الممتدة بين 1 أكتوبر و15 نونبر 2021، وهم يمثلون المواطنين المغاربة البالغة أعمارهم 18 سنة وأكثر. وتم ضمان الطبيعة التمثيلية للعينة بالاعتماد على عينات عشوائية من خلال متغير “الجنس” ككوطا محددة مسبقًا للوصول إلى توزيع متساو للإناث والذكور في العينة. وقد أفرزت الأسئلة 128 متغيرا تم توجيهها عبر المقابلات الهاتفية بمساعدة الكمبيوتر (تقنية CATI)، وفقا لهيكل السكان الذي حددته المندوبية السامية للتخطيط (RGHP 2014) ، وتم اعتماد عينة تمثيلية للسكان المغاربة فوق سن 18.
اعتمدت الدراسة على عينة من 50 في المائة إناث و50 في المائة من الذكور؛ ويظهر التوزيع العمري أن ثلث العينة، أي 32 في المائة تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، وأن غالبية المستطلعين، أي 59.7 في المائة تتراوح أعمارهم بين 30 و59 سنة، فيما يشكل كبار السن 8.1 في المائة من العينة. وفيما يرتبط بتمثيل جهات المغرب، فقد بلغت نسبة المستطلعين في جهة الدار البيضاء 21 في المائة من إجمالي عدد المستطلعين، تليها جهة مراكش آسفي بنسبة 15 في المائة، والرباط – سلا – القنيطرة بـ 14 في المائة، والأقاليم الجنوبية بنسبة 2 في المائة بسبب كثافتها السكانية. إضافة إلى ذلك يتكون إجمالي عدد المستطلعين في المناطق الحضرية من 68 في المائة مقابل 28 في المائة من سكان القرى. ويشكل أصحاب الدخل الأقل من 3000 درهم حوالي 59 في المائة من المستطلعين، في حين أن من يتراوح دخلهم بين 3000 و8000 درهم شهريا يشكلون 34 في المائة. أما فيما يتعلق بالمستوى التعليمي فإن 17 في المائة هم بدون تعليم، و21 في المائة لديهم مستوى ابتدائي، وحوالي 39 في المائة لديهم مستوى تعليم إعدادي أو ثانوي و13 في المائة لديهم تعليم جامعي.
وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة في إعداد هذا البحث، إلا أن هذه الدراسة قد واجهت بعض العقبات، أولها تصادف الدراسة مع موعد الانتخابات البرلمانية في 8 شتنبر 2021 وهو ما فرض تأجيل العملية برمتها إلى ما بعد عملية الاقتراع الانتخابي. وتجدر الإشارة إلى أنه تم جمع البيانات مباشرة بعد الانتخابات، وقبل تشكيل الحكومة رسميا وبالتالي فإن أي تغيير وقع على مستوى التصورات في هذه الفترة فهو لا يدخل ضمن هذه الدراسة.
النتائج الأولية
1- الثقة في الإدارات العمومية
يعتبر قياس مستوى ثقة المواطنين ورضاهم عن بعض الإدارات العمومية نقطة محورية في هذا التقرير، باعتبارها إحدى آليات الدولة التي يتفاعل معها المواطنون بطرق عديدة ومتنوعة. وتبين هذه الدراسة أن 31 في المائة من المستطلعين قد تواصلوا مع “العمالة” خلال السنوات الخمس الماضية و57 في المائة مع “البلدية” أو “الجماعة” و69 في المائة مع “المقاطعة” (الشكل 1)، وبهذا تعتبر “البلدية” و”الجماعة” الإدارتين العموميتين اللتين تستقبلان أكبر عدد من المواطنين في المغرب.
الشكل 1: التواصل مع الإدارة العمومية
وبشكل عام، أعرب 67 في المائة من المستطلعين عن رضاهم العام عن أداء الإدارات العمومية (23 في المائة راضون جدا و44 في المائة راضون إلى حد ما). (الشكل 2)
الشكل 2: الرضى العام عن أداء الإدارة العمومية
وفيما يتعلق بمستوى الرضى عن جوانب معينة من الإدارات العمومية، عبر 72 في المائة من المستطلعين عن رضاهم عن توفر وجودة المعلومات حول التدابير التي يتم اتخاذها (40 في المائة راضون تماما و 32 في المائة راضون إلى حد ما) و78 في المائة راضون عن جودة البنية التحتية والمرافق (41 في المائة راضون جدا و 37 في المائة راضون إلى حد ما)، فيما أن 78 في المائة راضون عن كفاءة وأداء الموظفين (34 في المائة راضون جدا و 44 في المائة راضون إلى حد ما)، و57 في المائة راضون عن الوقت الذي يتطلبه إنجاز مسألة معينة (32 في المائة راضون جدا و 25 في المائة راضون إلى حد ما)، و60 في المائة راضون عن إمكانية تقديم شكاوى رسمية في حالة حدوث مشاكل (40 في المائة راضون جدا و 20 في المائة راضون إلى حد ما) (الشكل 3).
الشكل 3: الرضى عن جوانب معينة من الإدارات العمومية
وتعتبر فرضية الثقة في الأداء، وهي الافتراض الضمني أن الخدمات العامة ذات الأداء الجيد ستؤدي إلى رفع مستوى الرضى بين المتلقين لها، إلى مزيد من الثقة في الحكومة. هناك العديد من المتغيرات المهمة التي تتحكم في تحديد مستوى الثقة في المؤسسات، وهي التعليم ومجال السكن والجنس والدخل. وفي هذا التقرير سنتناول مسألة مستوى الرضى عن أداء الإدارة العمومية بشكل عام، بحيث يكون لدى المستطلعين أحد الخيارات الأربعة: غير راض على الإطلاق؛ غير راض؛ راض إلى حد ما؛ وراض جدا. وقد أظهرت المعطيات أن الرجال والنساء لديهم نفس وجهات النظر، حيث أن 64 في المائة من الرجال راضون عن أداء الإدارات (23 في المائة راضون جدا و41 في المائة راضون إلى حد ما)، بينما 70 في المائة من النساء راضيات (23 في المائة راضيات جدا و47 في المائة راضيات إلى حد ما). (الشكل 4)، وبالتالي فالإناث راضيات إلى حد ما عن أداء الإدارة العمومية في المغرب مقارنة بالذكور.
الشكل 4: الرضى العام عن أداء الإدارة العمومية والفرق بين الذكور والإناث
ومن حيث منطقة السكنى، يلاحظ أن غالبية المستطلعين يعيشون في المناطق الحضرية، حيث عبر 66 في المائة منهم عن رضاهم (21 في المائة راضون جدا و45 في المائة راضون إلى حد ما)، بينما 71 في المائة من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق القروية راضون عن أداء الإدارة (31 في المائة راضون جدا و40 في المائة راضون نوعا ما) (الشكل 5). ومن ثم فإن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق القروية أكثر رضى عن أداء الإدارة العمومية من أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية أو شبه الحضرية.
الشكل 5: درجة الرضى عن أداء الإدارة حسب مجال السكن
أما فيما يتعلق بالدخل، فإن 21 في المائة من الأشخاص الذين يقل دخلهم عن 3000 درهم غير راضين على الإطلاق عن أداء الإدارة العمومية، و26 في المائة من الأشخاص الذين يتقاضون رواتب ما بين 3001 و8000 درهم غير راضين على الإطلاق كذلك و40 في المائة من الأشخاص الذين يتقاضون أكثر من 30001 درهم غير راضين على الإطلاق، وبالتالي نلاحظ أنه كلما ارتفع الدخل كلما انخفضت نسبة الرضى عن أداء الإدارة المغربية. (الشكل 6)
الشكل 6: درجة الرضى عن أداء الإدارة حسب الدخل الشهري
2- الثقة الاجتماعية
إن الثقة الاجتماعية هي أساس العلاقات بين الأفراد والجماعات وباقي مكونات المجتمع، كما أنها محدد رئيسي للتنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ورفاه الأفراد. بشكل عام بلغت نسبة المستطلعين الذين يثقون تماما بالأسرة النووية 91 في المائة، ونسبة الأشخاص الذين يثقون بالعائلة الممتدة 47 في المائة. إلا أن 63 في المائة من المستطلعين لا يثقون بالأشخاص الذين يلتقون بهم لأول مرة (41 في المائة لا يثقون بتاتا و22 في المائة لا يثقون)، و50 في المائة منهم لا يثقون بالأشخاص المنتمين إلى ديانات أخرى، و45 في المائة لا يثقون بالأشخاص ذوي جنسيات أخرى، و34 في المائة لا يثقون بجيرانهم، و27 في المائة لا يثقون بأصدقائهم (الشكل 7). تشير هذه النتائج إلى أنه كلما كانت العلاقات أقرب، كلما زادت الثقة (الأسرة مثلا)، وقد تلعب الصور النمطية دورا بارزا في انخفاض مستويات الثقة تجاه الأجانب والأشخاص من ديانات مختلفة.
الشكل 7: الثقة في الناس
إلى جانب ذلك، يعتقد 65 في المائة من المستطلعين أن المغاربة يثقون ببعضهم البعض (50 في المائة يثقون ببعضهم البعض إلى حد ما، في حين أن 15 في المائة يثقون ببعضهم البعض تماما). وبالمقابل، يرى 35 في المائة من المستطلعين أن المغاربة لا يثقون ببعضهم البعض (17 في المائة لا يثقون ببعضهم البعض كثيرا و18 في المائة لا يثقون ببعضهم على الإطلاق). (الشكل 8).
الشكل8: تصورات الثقة بين المغاربة
وفيما يتعلق بالثقة في مجموعات محددة من الناس، فإن 46 في المائة من المستطلعين يثقون في الناس إلى حد ما، بينما 22 في المائة يثقون تماماونجد بالمقابل أن 18 في المائة منهم لا يثقون كثيرا بينما 14 في المائة لا يثقون إطلاقا (الشكل 9).
الشكل 9: مستوى الثقة في الناس
3- الثقة السياسية
تعتبر الثقة السياسية واحدة من مجالات التركيز في تقرير مؤشر الثقة، حيث تعتمد الدراسة على عدة مؤشرات منها الاهتمام والمشاركة في المجال العام، والانتماء الحزبي والمدني، والتصورات حول الفساد وحرية التعبير بالإضافة إلى الثقة في المؤسسات.
إحدى أهم النتائج في هذه الموجة هي ارتفاع مستوى الثقة في المؤسسات المنتخبة بشكل عام، حيث أن حوالي 69 في المائة من المغاربة يثقون بالحكومة، مقابل 50 في المائة في السنة الماضية (2021)، و23 في المائة في سنة 2020. أما النتيجة الأبرز فهي الارتفاع المفاجئ في مستوى الثقة بالأحزاب السياسية والبرلمان، حيث أنه في سنة 2022 كان أكثر من نصف المستطلعين يثقون في البرلمان والأحزاب السياسية، مقابل 30 في المائة و26 في المائة على التوالي في سنة 2021 و2020. (الشكل 12)
الشكل 12: الثقة في المؤسسات المنتخبة
يعتبر الثقة في مؤسسات قطاع الصحة منخفضا مقارنة بقطاع التعليم، حيث أعرب 56 في المائة عن ثقتهم بالقطاع الصحي العمومي (22 في المائة يثقون تماما فيه و34 في المائة يثقون فيه إلى حد ما)، بينما عبر 44 في المائة عن عدم ثقتهم (30 في المائة لا يثقون على الإطلاق و14 في المائة لا يثقون). ويبدو أن هناك تباين بين القطاعين العام والخاص، حيث تبلغ مستوى الثقة في خدمات القطاع الخاص حوالي 79 في المائة (37 في المائة يثقون تماما و42 في المائة يثقون إلى حد ما). (الشكل 19)
وفيما يخص احترام حقوق الإنسان، فإن 8 في المائة من المستطلعين يعتقدون بأنها تحظى باحترام متوسط في المغرب، بينما قال 48 في المائة لا تحظى إلا بالقليل من الاحترام و26 في المائة لا تحظى بالاحترام على الإطلاق، وفي مقابل ذلك يعتقد 18 في المائة أن هناك احتراما كبيرا لحقوق الإنسان في المغرب. (الشكل 20)
الشكل 20: احترام حقوق الانسان بالمغرب