أثرت الأزمة الصحية التي اجتاحت العالم سنة 2020 على حياة الناس في كل الجوانب، بما في ذلك علاقة المواطنين بمؤسساتهم الاجتماعية والسياسية. وبينما ركزت معظم الدراسات على الآثار الاقتصادية والصحية لأزمة كوفيد 19، لم يتم الإلتفات كثيرا إلى آثارها الاجتماعية والسياسية وتأثيرها على علاقة المواطن ببقية المواطنين وبالدولة.
وضمن هذا السياق، يؤمن المعهد المغربي لتحليل السياسات بأهمية دراسة وفهم مواقف المواطنين وتصوراتهم حول الثقة في مختلف المؤسسات. ففهم العلاقة التي تربط بين المواطنين ومؤسساتهم السياسية، تساعد على صياغة سياسات تعزز من مستوى ثقة المواطنين اتجاه مؤسساتهم ويسهم في النتيجة في تقوية المؤسسات.
و يحاول هذا التقرير المقتضب، تسليط الضوء على مختلف جوانب الثقة الاجتماعية في المغرب سنة 2021-2020. وهو يمثل ثمرة مجهود بحثي ناهز سنتين على التوالي، حيث عمل الفريق البحثي على توفير تحليل منهجي للثقة الاجتماعية والسياسية والثقة في قطاعي التعليم والصحة خلال فترة كورونا، من خلال المزج بين مناهج البحث الكمي والنوعي.
حسب نتائج مؤشر الثقة 2020 يأتي التعليم على قائمة الأولويات التي يطالب بها المغاربة الحكومة، ثم يليها تحسين الخدمات الصحية. ويعتبر قطاعي التعليم والصحة والتشغيل ومحاربة الفساد من بين القضايا الأربعة ذات الأولوية القصوى في نظر المواطنين المغاربة. وأخذا لتلك النتائج بعين الاعتبار، قررنا أن نخصص مؤشر الثقة 2021 لدراسة الثقة في قطاعي التعليم والصحة، لكن مع بداية الدراسة، دخل العالم والمغرب في حقبة كوفيد 19، التي فرضت تحديا هائلا على هاذين القطاعين الرئيسيين. وقد جعلت هذه الأزمة غير المسبوقة ترتيب القطاعين على سلم الأوليات يتغير، حيث قفز قطاع الصحة إلى المرتبة الأولى ثم تبعه قطاع التعليم، وهذا يؤكد أن المواطنين المغاربة لديهم انتظارات كبيرة لتحسين خدمات القطاعين في المغرب.
صرح أغلب المواطنين من الفئة المستجوبة عن خيبة أملهم في قطاع التعليم بالمغرب، وعن عدم ثقتهم بالمنظومة التعليمية المغربية. حظيت المدرسة العمومية بنصيب الأسد من الانتقادات، إلا أن الأمر حسب الأطر التعليمية يتعلق بعدم رضا وليس فقدان الثقة تمامًا. تم الاستدلال بذلك بكون المواطنين لا يزالون يلجون المدرسة المغربية، ولا يزال هُناك أمل بتحسين قطاع التعليم بالمغرب إذا ما تم تجاوز الإكراهات. ومع ذلك فإن المفارقة تكمن في كون حتى من يثقون في المدرسة العمومية هم غير راضون عن مستواها أو أدائها أو مواردها وصورتها الحالية. أضعفت أزمة كوفيد 19 على ما يبدو الثقة في التعليم، إذ يرى بعض الأطر التعليمية والمواطنين أنه نظام التعليم عن بعد قد فرض على حين غرة حسب السياق، في حين أن التعليم كان ويتبع التقنيات التقليدية سابقًا، ومن ثم فإنه لا الأساتذة ولا التلاميذ كانوا على درايةِ جيدة أو خاضعين لتكوينات حول المسائل التقنية.
صرح أغلب المواطنين من الفئة المستجوبة عن عدم رضاهم وثقتهم في المنظومة الصحية بالمغرب، كما اعتبروا أن هذا القطاع يعرف مشاكل كبيرة تبدأ بضعف الموارد البشرية والبنية التحتية وما يرتبط أيضا بكلفة العلاج، وتقدم العاملون داخل المنظومة الصحية وكذا المستجوبون بعدة اقتراحات لتحسين وضعية القطاع الصحي في البلاد.
المزيد في هذا التقرير الذي أعده فريق المعهد.