يمكنكم مشاهدة الحلقة عبر الرابط التالي.
أجمع متدخلون في ندوة حول الحماية الاجتماعية، ليلة الأربعاء 19 أبريل، على أهمية تفعيل ورش الحماية الاجتماعية وفق الجدولة الزمنية المعلنة من جانب الحكومة مستحضرين آثاره على وضعية ملايين الأسر المغربية، ومشددين على ضرورة ضمان استدامته بإيجاد حلول لتحديين رئيسيين يتعلقان بتطوير المنظومة الصحية وتوفير التمويل اللازم المقدر بـ51 مليار درهم سنويا، في ظل سياق اقتصادي مضطرب يتميز بارتفاع قياسي في الأسعار والتضخم.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج “كافي بوليتيكو” للمعهد المغربي لتحليل السياسات وجمعية سمسم للمشاركة المواطنة، أدارها الصحافي محمد كريم بوخصاص، تناولت موضوع “الحماية الاجتماعية: الفرص والتحديات”، وفق ثلاثة محاور، أولها “الفرص التي يتيحها المشروع لتحقيق التنمية وتطوير العرض الصحي”، وثانيها “تحديات تنزيل المشروع على مستوى التمويل وصعوبة تحصيل الاشتراكات”، وثالثها “المقترحات العملية لضمان استدامة المشروع”، والتي جرى بثها بتقنية “اللايف” عبر المنصات الإلكترونية للهيأتين، بمشاركة نائبتين برلمانيتين تمثلان الأغلبية والمعارضة وخبير اقتصادي،
واعتبرت حورية ديدي النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن “المشروع هو ثورة اجتماعية حقيقية مستمدة من رؤية ثاقبة لصاحب الجلالة لإرساء هذا الورش الكبير بما يعود بالفائدة على المواطن المغربي”، وأضافت أن “الأغلبية الحكومية التزمت منذ البداية بوضع هذا الورش ضمن أولوياتها وإعداد رؤية واضحة لتنزيله بالطريقة المثلى مع ما يلزمه من تحضير وتمويل”، لافتة إلى أن “السلطة التشريعية لعبت دورها كاملا في تهييء ترسانة قانونية تضمن تنزيل المشروع بالشكل الصحيح”.
وتفاعلا مع أسئلة الندوة، أوضحت ديدي أن “تنزيل الورش يتطلب تظافر جهود عدة متدخلين وترسانة قانونية لأن الأمر يتعلق بتغيير جذري من الدولة التي كانت لا تتدخل في القضايا الاجتماعية قبل أن تتحول إلى موقع الريادة، خصوصا أن جائحة كورونا أظهرت وجود خلل كبير في دور الدولة في تأمين الحماية الاجتماعية للمواطنين”، وتابعت قائلة: “آن الأوان لتدارك الهدر السياسي وتحمل الدولة مسؤوليتها تجاه المواطنين فيما يتعلق بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية”.
من جانبها، قالت نبيلة منيب النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، “لا يمكن للإنسان إلا أن يفرح بتنزيل هذا المشروع الذي يمكن أن يساهم في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتوفير الحماية الاجتماعية لأكبر شريحة من المواطنين الفقراء الذين يعيشون في وضعية هشاشة”، واستدركت: “لكن لن يتحقق ذلك دون تجاوز الخروقات التي رصدتها تقارير المجلس الأعلى للحسابات فيما يخص المنظومة الصحية في بلادنا، وتنزيل الجهوية الحقيقية، ورفع ميزانية الصحة، وتجاوز منطق الصفقات المشبوهة وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وأضافت منيب أن “أحد أهم شروط نجاح ورش الحماية الاجتماعية محاربة الفساد الذي يكلف المغرب 5 في المائة من ناتجه الداخلي الخام، وهو ما يعادل تمويل المشروع (51 مليار درهم) الذي تنقسم مصادره بين 28 مليار درهم التي تسعى الحكومة لتحصيلها من الاشتراكات و23 مليون درهم التي ستقترضها الدولة”، وأشارت إلى ضرورة “تخفيض أسعار الدواء وتطوير الصناعة الدوائية في ظل التأخر المسجل على هذا المستوى بعد أن كان المغرب يؤمن في وقت سابق 80 في المائة من حاجياته الدوائية”.
أما حسن بوعشي المنسق الجهوي لمنتدى الباحثين لوزارة الاقتصاد والمالية، فاعتبر أن “ورش تعميم لحماية الاجتماعية ذو راهنية في ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة، وباعتباره مجموعة من آليات الاحتياط الاجتماعي التي تستهدف توفير الحماية للأفراد والأسر من تقلبات ومخاطر الحياة، وأحد الحقوق الأساسية لصيانة الكرامة والعيش الكريم لعموم المواطنين”.
وأضاف أن “الورش يمكن أن يكون حل عمليا للإشكالات التي تعاني منها السياسة الاجتماعية للمملكة منذ عقود، والتي كانت تتسم بتشتت البرامج وغياب التنسيق والالتقائية وتعدد المتدخلين”، مشددا على “ضرورة تحويلها إلى سياسية متكاملة المعالم لتجاوز المردودية الهزيلة للمشاريع السابقة، وأيضا جعلها سياسة قائمة على دعامات ذات مصداقية وعلى الشفافية وتستحضر الإرادة الحقيقية للتنزيل”، وتابع قائلا: “من بين الإشكالات التي كانت تعانيها كل البرامج الأخرى، تكريس نوع من الريع وضعف الحكامة والرقابة والإرادة السياسية، وهو ما ينبغي تجاوزه في هذا الورش الاستراتيجي”.
وتنخرط الحكومة المغربية منذ الربع الثاني من العام 2021 في تنزيل مشروع غير مسبوق، يروم توسيع خدمات الحماية الاجتماعية لتشمل غالبية المواطنين، بعد المصادقة في اجتماع لمجلس وزاري ثم في غرفتي البرلمان على قانون “الحماية الاجتماعية” في فبراير ومارس 2021، والذي دخل المحطة الحاسمة في 14 أبريل 2021، بترأس الملك محمد السادس حفل إطلاق تنزيل المشروع وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به بالقصر الملكي بفاس.
ومن أجل أجرأته على أرض الواقع، وضعت الحكومة خريطة زمنية تمتد على خمس سنوات، إذ ركزت المرحلة الأولى أثناء الفترة (2021-2022) على تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ليشمل 22 مليون مستفيد جديد والذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، بينما تشمل المرحلة الثانية (2023-2024) تعميم التعويضات العائلية لتستهدف 7 ملايين طفل، على أن تهم المرحلة الأخيرة توسيع قاعدة المسجلين في أنظمة التقاعد، لتشمل 5 ملايين شخص يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، وأيضا تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، ليشمل 5 ملايين شخص في أفق سنة 2025، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض.