تنخرط الحكومة المغربية منذ الربع الثاني من العام 2021 في تنزيل مشروع غير مسبوق، يروم توسيع خدمات الحماية الاجتماعية لتشمل غالبية ساكنيه، بعد المصادقة في اجتماع لمجلس وزاري ثم في غرفتي البرلمان على قانون “الحماية الاجتماعية” في فبراير ومارس 2021، والذي دخل المحطة الحاسمة في 14 أبريل 2021، بترأس الملك محمد السادس حفل إطلاق تنزيل المشروع وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به بالقصر الملكي بفاس.
وتعول الحكومة على نجاحها في تفعيل هذا المشروع لتجاوز حالة التأخر المسجلة في مجال الحماية الاجتماعية، في ظل عدم مصادقة المغرب على 42 اتفاقية تقنية صادرة عن منظمة العمل الدولية متعلقة بالمجال، وتصنيفه ضمن البلدان الأقل إنفاقا على الحماية الاجتماعية، وفقا لـ”التقرير العالمي للحماية الاجتماعية 2017/2019″ الصادر عن منظمة العمل الدولية، بمعدل إنفاق عمومي على الحماية الاجتماعية أقل من 5 في المائة من ناتجه الداخلي الخام.
وبغرض أجرأة فعالة للمشروع على أرض الواقع، وضعت الحكومة خريطة زمنية لتنزيله تمتد على خمس سنوات، إذ ركزت المرحلة الأولى أثناء الفترة (2021-2022) على تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ليشمل 22 مليون مستفيد جديد والذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، بينما تشمل المرحلة الثانية (2023-2024) تعميم التعويضات العائلية لتستهدف 7 ملايين طفل، على أن تهم المرحلة الأخيرة توسيع قاعدة المسجلين في أنظمة التقاعد، لتشمل 5 ملايين شخص يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، وأيضا تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، ليشمل 5 ملايين شخص في أفق سنة 2025، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض.
ومع التقدم المحرز في تنزيل المشروع، يُطرح تحدٍ حقيقي متعلق بقدرة المنظومة الصحية على مواجهة هذا الواقع الجديد، خاصة في ظل ضعف جاذبية واستقطابها أقل من 6 في المائة من نفقات التأمين الأساسي الإجباري عن المرض، وفق ما أورده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأي حول “واقع الحماية الاجتماعية” قدمه في إطار إحالة ذاتية تحت رقم 34/2018.
كما يثار تساؤل بشأن قدرة الحكومة على توفير التمويل اللازم للمشروع الذي بقدر بـ50 مليار درهم في السنة، وذلك سياق اقتصادي مضطرب يتميز بارتفاع قياسي في الأسعار وتضخم “هيكلي”.
وبحثا عن أجوبة شافية لكل الإشكاليات السالفة الذكر، يخصص برنامج “كافي بوليتيكو” موضوع حلقته الجديدة لمقاربة هذا الموضوع، انطلاقا من ثلاثة محاور أساسية، وهي:
- الفرص التي يتيحها مشروع الحماية الاجتماعية لتحقيق التنمية وتطوير العرض الصحي للمواطنين؛
- التحديات التي تعوق تنزيل المشروع، خاصة ما يرتبط بالتمويل وصعوبة تحصيل الاشتراكات؛
- المقترحات العملية لضمان استدامة المشروع.