الأبحاثالاصلاحات المؤسساتيةمبدأ المناصفة السياسية يراوح مكانه في المغرب

إن عدم تأسيس "هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز" رغم تنصيص دستور 2011 عليها ليس إلا واحدا من بين مؤشرات عدة على تأخر المغرب في مجال تحقيق المناصفة.
إكرام عدنني إكرام عدنني08/01/20251057 min

//

إن عدم تأسيس “هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز” رغم تنصيص دستور 2011 عليها ليس إلا واحدا من بين مؤشرات عدة على تأخر المغرب في مجال تحقيق المناصفة.

 

تحميل المقال

 

ملخص تنفيذي

ورد مبدأ المناصفة لأول مرة في دستور 2011، ونص على أن تحدث لهذه الغاية “هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”. إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ توالت عدد من الإجراءات التشريعية لمواكبة مقتضيات الدستور من دون أن ترى الهيئة النور، كما أن الواقع أبان عن أن مبدأ المناصفة لم يتحقق لاعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية. ورغم مرور ثلاث ولايات حكومية ترأستها أحزاب ذات توجهات سياسية مختلفة، لم تر هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز النور. ويطرح هذا الواقع السؤال حول أسباب هذا التأخر، وحول العوامل التي أدت إلى تراجع المشاركة السياسية للنساء بشكل عام بالمغرب، والتحديات والعوائق التي تقف أمام ذلك وأمام تحقيق مبدأ المناصفة.

 

مقدمة

شكل دستور 2011 محطة مهمة في تكريس مشاركة المرأة في الحياة السياسية والولوج إلى مراكز القرار، حيث ورد مبدأ المناصفة لأول مرة في تاريخ الدساتير المغربية[1] في هذا النص، بعد أن كانت الدساتير السابقة تؤكد على مبدأ المساواة فقط بين المرأة والرجل. ومنذ الإشارة إليه في الدستور احتل مبدأ المناصفة مكانة مهمة في خطابات الحركة النسائية والحقوقية، كما تلته العديد من التعديلات في التشريعات الخاصة بالهيئات المنتخبة والهيئات الموكول لها مهمة محاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة. بل تم اعتباره من أبرز المكاسب التي حققتها الحركات النسائية والتي من شأنها أن تعزز تمثيلية مهمة في الحياة السياسية بعد أن فشلت آلية الكوطا في تحقيق ذلك.

وتدخل الكوطا النسائية في إطار التمييز الإيجابي اتجاه النساء، وهي بمثابة آلية لتصحيح خلل قائم داخل المجتمع مبني على صورة نمطية تعتبر أن المرأة كائن غير سياسي، ولا يصلح ليكون في مراكز القرار. وتم تبني هذه الآلية من طرف النظام السياسي المغربي سنة 2002 من أجل الرفع من تمثيلية النساء داخل المجالس المنتخبة، وضمان تواجد معقول للمرأة داخل المؤسسات السياسية الرسمية وغير الرسمية.

أما مبدأ المناصفة فيجد أساسه في فكرة الكم، أي تحقيق التوازن عدديا وكميا، ويعني وجود مساواة على أساس الجنس بين الرجال والنساء في مواقع مختلفة، وخاصة في مواقع السلطة ومراكز القرار والهيئات التمثيلية. وهي بمثابة تجسيد لمبدأ المساواة والهدف منه القضاء على ضعف وجود النساء في هذه المناصب والهيئات. وإذا كان مبدأ المناصفة لم يتحقق بشكل كاف سواء في التجارب السياسية الوطنية والدولية، إلا أننا نجد بعض الاستثناءات في تجارب حكومية غربية، وتعتبر الحكومة الاسبانية الجديدة التي جرى تنصيبها يوم 20 نونبر 2023 برئاسة الاشتراكي بيدرو سانشيز نموذجا حيا، حيث حظيت فيها النساء بنصف المقاعد الوزارية (11 منصب وزاري للنساء مقابل 11 للرجال).

وفي المغرب وبالرغم من وجود ترسانة قانونية مهمة تدعو وتؤيد مبدأ المناصفة إلا أن المشاركة السياسية للمرأة على العموم تبقى ضعيفة، وهو ما حاولت تقنية الكوطا تجاوزه بمنح مقاعد مخصصة للنساء والتي تم رفع حصتها في الدورة التشريعية الأخيرة إلى 90 مقعدا بدل 60 وعلى أساس لوائح جهوية[2] منعا لاحتكار هذه المناصب من طرف المقربين من الدوائر الحزبية في المركز. إلا أنه ورغم هذه الإجراءات التقنية، لم ترتفع التمثيلية النسائية بشكل كبير خارج المقاعد المخصصة للنساء في إطار الكوطا، ليطرح السؤال من جديد حول تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة والهيئات السياسية من جهة وحول مستقبل المناصفة في المغرب ومدى إمكانية تحققه على أرض الواقع.

 

كيف تم تنزيل مبدأ المناصفة بعد دستور 2011؟

يمكن اختزال المناصفة في الحضور العددي بالتساوي بين النساء والرجال في المجالس المنتخبة ومراكز القرار بنسبة 50 + 50 في المائة، وتدخل المناصفة كمبدأ في إطار محاربة كل أشكال التمييز ضد النساء، ولذلك تم التنصيص عليه في دستور 2011، ولتتوالى بعد ذلك عدد من الإجراءات القانونية والسياسية من أجل تحقيقها على أرض الواقع.

كما تم إنشاء هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز[3]، كبنية متخصصة بمقتضى الفصل 19 من الدستور والذي ينص على أنه “… تسعى الدولة على تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وتحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز” والفصل 164 من الدستور والذي ينص على أنه “تسهر الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز المحدثة بموجب الفصل 19….”. وتتألف الهيئة، علاوة على الرئيس الذي يعين بظهير شريف، من 24 عضوا يراعى في تعيينهم النزاهة والمروءة والتجربة والكفاءة، يتوزعون بين الخبراء وممثلي الحكومة وهيئات المجتمع المدني. وتختص الهيئة في إبداء الرأي وتقديم التوصيات بشأن القوانين والنصوص التنظيمية بمبادرة منها أو بطلب من الملك أو الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان، كما تُشجِع على إعمال مبادئ المساواة والمناصفة وعدم التمييز وترسيخها في برامج التعليم والإعلام. وتقوم بتتبع مدى ملاءمة التشريعات والبرامج الوطنية التي تهم الأسرة لالتزامات المغرب الدولية كما صادق عليها، وتقديم الاقتراحات إلى الحكومة والبرلمان بهدف النهوض بوضعية الأسرة والطفول،.ورصد أشكال التمييز التي تعترض النساء.

وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من أهمية الهيئة وأهمية الاختصاصات الموكولة إليها وبالرغم من التنصيص عليه دستوريا وبالرغم من أن القانون المنظم لها صدر بالجريدة الرسمية منذ أكتوبر 2017 وبالرغم من مرور ثلاث ولايات حكومية، إلا أنها لم تخرج إلى حيز الوجود إلى اليوم، وهو ما من شأنه أن يؤثر ليس فقط على تطور مسلسل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنساء، ولكن أيضا على تعزيز حقوق النساء في التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة.

وتماشيا مع مقتضيات الدستور اعتمدت العديد من الهيئات هذا المبدأ وتم تتميم وتعديل نصوص منظمة لقطاعات مختلفة حيث تم تبنيها في النظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 75 و76 اللتان تنصان على تشكيل مجموعة عمل موضوعاتية للمساواة والمناصفة. ونص القانون القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية في المادة 26 على أنه “يعمل كل حزب سياسي على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد ولهذه الغاية، يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال”.[4]

ومن جهته وسع المشرع من الحضور النسائي بمجالس الجماعات الترابية ونص من خلال المادتين 110 و134 للقانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية على أنه “يخصص الجزء الثاني من الترشيح حصريا لترشيحات النساء…”،[5] أما بالمجالس الجماعية فنصت المادة 17 على أنه “… يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس”،[6] وهو ما رسخه أيضا القانون التنظيمي رقم 14-111 المتعلق بالجهات والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، كما نجد أن قانون رقم 03.77 وميثاق اخلاقيات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ينص على تعزيز واحقاق المناصفة بين الرجل والمرأة سواء على مستوى اعداد ومحتوى البرامج أو على مستوى التدبير والتسيير.

ورغم المجهودات التشريعية التي ذكرناها آنفا، إلا أن المطلع على الحضور النسائي في المجال المؤسساتي يلاحظ أننا بعيدون عن تحقيق مبدأ المناصفة كما أتى به دستور 2011 والتشريعات المختلفة الأخرى. ففي تركيبة الحكومة الحالية التي تتكون من 28 وزيرا لا يزيد عدد النساء عن 7 وزيرات بما يشكل ثلث المناصب فقط، مقابل أربعة نساء في الحكومة التي سبقتها والتي تشكلت من 24 وزيرا بعد التعديل الحكومي لسنة 2019.

أما على المستوى النوعي فقد حصلت المرأة لأول مرة على حقائب وزارية استراتيجية في الحكومة الحالية كالاقتصاد والمالية في حين تشمل الحقائب المتبقية إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والسياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، والتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، وهي قطاعات لا تبدو أنها تتمتع بطابع سياسي استراتيجي.

أما خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2021 فقد تمكنت 95 امرأة من الوصول إلى قبة البرلمان من أصل 395 برلماني منتخب، أي ما يمثل 24,3 في المائة من المقاعد. إلا أن 5 نائبات فقط من أصل 95 هن من ولجن المؤسسة التشريعية خارج تقنية الكوطا، وهي نتيجة هزيلة جدا. أما في انتخابات 2016 التشريعية فبلغت تمثيلية النساء 81 امرأة من أصل 395 في مجلس النواب بنسبة 60 منهن وصلن عن طريق اللائحة النسوية الوطنية و21 عبر اللوائح المحلية ولائحة الشباب، وفي انتخابات 2012 تمكنت 67 امرأة من ولوج قبة البرلمان 60 منهن وصلن عن طريق اللائحة الوطنية و7 عن طريق الانتخاب المباشر خارج لائحة الكوطا.

وأسفرت انتخابات 2021 عن عن انتخاب 14 امرأة لمجلس المستشارين من أصل 120 عضوا، أي بنسبة 12 في المائة. وشكلت النساء نسبة 38.5 في المائة من أعضاء المجالس الجهوية و26.64 في المائة من أعضاء المجالس البلدية و7.7 في المائة من أعضاء الغرف المهنية، كما تم انتخاب 3 نساء على رأس عموديات ثلاث مدن كبرى وهي الرباط والدار البيضاء ومراكش؛ فضلا عن انتخاب امرأة رئيسة لجهة كلميم وادنون (من أصل 12 جهة)، والتي تم انتخابها أيضا رئيسة لجمعية رؤساء مجالس جهات بالمملكة.

وبالرغم من وجود هذه التمثيلية على مستوى المؤسسات المنتخبة إلا أن ائتلاف “المناصفة دبا” وجه انتقادات شديدة للقطاعات والمؤسسات الوصية على قطاع وقضايا المرأة. وأوضح الائتلاف أن “ما تحقق بالنسبة للمرأة المغربية على مستوى تحيين التشريعات مهم جدًا، إلا أنه على مستوى التنفيذ والتطبيق لا تزال هناك هزالة وهشاشة تطبع واقع النساء بالمغرب”.[7]

وهذا عائد إلى أن تأثير القوانين على واقع النساء يظل مشروطا بشكل كبير، بتوفر محيط يؤمن بفكرة المساواة كقيمة إنسانية إضافة إلى تمكينهن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، بحيث أن محاربة ظاهرة التمييز ضد المرأة تفرض بذل جهود على مستوى تحليل الجوانب غير القانونية ذات الأبعاد الثقافية والاجتماعية بمكوناتها من تقاليد وممارسات نمطية ضاغطة، وتبرز ضرورة ربط العوامل السوسيو-ثقافية والتمفصلات الاجتماعية للظاهرة كهدف أفقي وعرضاني ينبغي تضمينه في مجمل جهود إعمال المساواة الفعلية[8]، في أفق تحقيق المناصفة كما نص عليها الدستور وباقي التشريعات الوطنية.

 

ما هي ضمانات التحقيق الفعلي للمناصفة ؟

شهدت السنوات الأخيرة مجهودات كبيرة لتعزيز تمثيلية النساء في مختلف مراكز القرار والمجالس المنتخبة، لكن وبالرغم من تعديل التشريعات ومختلف إجراءات التمييز الإيجابي اتجاه النساء، والتي كان آخرها إصدار البرلمان قانون معدل بشأن الشركات العامة المحدودة والذي يلزمها بتخصيص حصص الزامية للنساء في مجالس إدارة الشركات المتداولة في سوق المال[9] في يوليوز 2021، إلا أن الحضور النسائي يظل ضعيفا كما يعترض تنزيل مبدأ المناصفة العديد من الاكراهات والتحديات.

ومن مظاهر هذا الضعف، أن نجد أن الهيئات المعنية بالدفاع عن المناصفة وعلى رأسها الأحزاب السياسية لا تحترم هذا المبدأ في ترشيحاتها للاستحقاقات النيابية حيث تعول على المرشح الأكثر حظا في الفوز والذي غالبا ما يكون الرجل وليس المرأة. وهذا راجع لكون أن الرجل غالبا ما يصوت على الرجل والمرأة تصوت على الرجل أيضا بسبب ارتباط هذا بالصورة النمطية للرجل، القائد والراعي والولي ومن له القوامة داخل الأسرة وبالتالي فهو الأكثر قدرة ورجاحة وحكمة على التسيير واتخاذ القرارات وهو ما يجعل المساواة غائبة داخل الأسرة سواء على مستوى توزيع الأدوار أو اتخاذ القرارات.[10]

كما أن غياب تأطير حقيقي للنساء من خلال الإحجام عن الدفع بهن إلى مراكز القرار سواء على مستوى القيادة أو داخل مختلف هياكل الحزب ومؤسساته يجعل حظوظ النساء في تحقيق المناصفة متضائلة. وإذا كانت الأحزاب السياسية قد وجدت نفسها مجبرة على وضع ترشيحات نسائية لتمثيلها في المقاعد المخصصة للنساء إلا أنها لم تهتم كثيرا بمبدأ المناصفة ولا نكاد نجد أي إجراءات إيجابية أو حديث عنها داخل صفوف الحزب أو هياكله. بالرغم من التنصيص عليها في القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية في المادة 26، وحتى الجمعيات النسائية خارج إطار الحزب لم تتمكن من تفعيل هذا المبدأ.

إن عوائق المشاركة السياسية والتراجع المستمر للتمثيلية النسائية في المغرب لا يرتبط فقط بما هو سياسي بل إن هناك عوامل أخرى تؤثر في استمرار الوضع على ما هو عليه؛ حيث لم يتمكن المغرب من تحسين المؤشرات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للمرأة مع أنه يعد مدخلا مهما لتحقيق المساواة بين الجنسين من جهة ومفتاح لتحقيق النمو الاقتصادي من جهة أخرى، حيث أن مؤشر الفوارق المبنية على النوع Gender Gap Index يضع بلادنا في المرتبة 144 على الصعيد العالمي[11]. كما تم تسجيل تراجع نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي من 23.4 في المائة خلال سنة 2010 إلى أقل من 20 في المائة سنة 2021،[12] في حين تشير معطيات صادرة عن رئيس الحكومة المغربية إلى أن ستة من كل عشر نساء يصلن للتعليم الابتدائي، واثنتان من كل عشر نساء يلجن لسوق الشغل[13]، في حين تحصل امرأة واحدة فقط من كل عشر نساء عن أجر مقابل عملها.[14]

وتجد بعض العوامل أصولها في الثقافة السائدة، والتي تعتبر المرأة غير مؤهلة للعب أدوار سياسية أو اقتصادية، حيث يتم اعتبار المرأة كائنا غير سياسي والنساء عموما غير مؤهلات لأخذ قرارات حاسمة ومصيرية، وهو ما تؤكده نتائج استطلاع الدورة الثامنة للباروميتر العربي، حيث أقر 68 في المائة من المستجوبين من الذكور أن الرجال أفضل في تولي القيادة السياسية من النساء، مقابل 46 في المائة من النساء ممن يحمل نفس الفكرة وهي نسب مهمة تبرز استمرارية الصورة النمطية عن الأداء السياسي للمرأة وعدم الثقة لوضعها في مراكز القرار والمسؤولية.

 

خلاصة

إن ما حققه المغرب على مستوى تكريس المناصفة يبقى ضئيلا جدا، ويتسم التقدم في هذا المجال بالتردد، ولا ترقى النتائج إلى مستوى التطلعات التي وضعت من أجلها التشريعات، ما يجعل من المناصفة طموحا مؤجلا في الوقت الحالي، خاصة وأن تكريس هذا المبدأ يتطلب محاربة كل أشكال التمييز التي تلحق النساء في كل المجالات التربوية والاجتماعية والإعلامية والاقتصادية قبل السياسية. وهي مسألة مطلوبة من المرأة قبل الرجل مع العمل على عدم تحول المناصفة والتمثيلية العددية إلى ريع، كما حدث مع تجربة الكوطا في محطات انتخابية متعددة ما أفرغها من محتواها الكيفي مقابل تحقيق الهدف الكمي فقط.

أما الرهان الأكبر فيبقى مرتبطا بعمل هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والتي بقيت مجمدة حالها حال عدد من المجالس الدستورية المنصوص عليها في دستور 2011 ولم تر النور إلى اليوم، بالرغم من صدور القوانين الخاصة بتكوين هيئات دستورية ذات طبيعة استشارية. ويعد إخراج هذه الهيئة إلا الوجود من بين الشروط الرئيسية لإعطاء دفعة سياسية لسياسة المناصفة، وتسريع الخطط المتعلقة بتمكين المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية.

 

الهوامش

[1] الفصول: 19 و164 من دستور 2011 المغربي

[2] المادة 23 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب.

[3] صدر في العدد 6612 من الجريدة الرسمية بتاريخ 12 أكتوبر 2017 القانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز المحدَثة بموجب الفصل 19 من الدستور المغربي.

[4] القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية.

[5] ظهير شريف بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية: أنظر الراربط التالي: https://adala.justice.gov.ma/api/uploads/2024/06/28/ المائةA9-1719564529956.pdf

[6] ظهير شريف رقم 1.15.85 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.

[7] للمزيد أنظر: “المناصفة دبا”: واقع المرأة هزيل على الرابط التالي: https://aljarida24.ma/p/actualites/258807/

[8] للمزيد أنظر “حقوق المرأة” تقرير للمجلس الوطني لحقوق الانسان على الرابط التالي: https://www.cndh.ma/ar/hqwq-almrat

[9] القانون 19.20 بتغيير وتتميم القانون 17.95 المتعلق بالشركات المساهمة ذات المسؤولية المحدودة.

[10] للمزيد أنظر نتائج الباروميتر العربي حول النوع الاجتماعية على الرابط التالي:  https://www.arabbarometer.org/ar/

[11]= جواب السيد رئيس الحكومة على السيدات والسدة النواب المتعلقة بالسؤال المحوري: تمكين المرأة المغربية ورهان التنمية. للمزيد انظر الرابط التالي: https://www.cg.gov.ma/ar/node/11333

[12] الرابط السابق

[13] حدد الباروميتر العربي في نتائج استطلاع الدورة الثامنة حول الراي المغرب أساب عوائق دخول النساء إلى سوق العمل بالمغرب بين عدم توفر فرص العمل وتدني الأجور والحماية القانونية والافتقار الى المرونة في ساعات العمل وخيارات رعاية الأطفال والافتقار الى المواصلات والمهارات والتعليم والتحيز ضد المرأة واعتبار الشغل غير مقبول اجتماعيا وتراوحت النسب بين 17 و6 في المائة وللمزيد يمكنكم الاطلاع على الرابط التالي: https://www.arabbarometer.org/ar/

[14] جواب رئيس الحكومة على أسئلة السيدات والسادة النواب المتعلقة بالسؤال المحوري: “تمكين المرأة المغربية ورهانات التنمية: للمزيد انظر الرابط التالي https://www.cg.gov.ma/ar/node/11333

إكرام عدنني

إكرام عدنني

أستاذة العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن زهر، أكادير. المغرب. عضو نشيط بمراكز بحثية. باحثة مهتمة بالدراسات الأكاديمية حول المرأة والشباب والهجرة والأقليات. صدر لها في هذا الصدد مقالات بمجلات وجرائد ومواقع مغربية وعربية.