[vc_row][vc_column][vc_column_text]
أرضية المؤتمر
تحميل أرضية المؤتمر
لماذا الثقة في المؤسسات؟
تهدف المؤسسات إلى وضع القيود على تصرفات وقرارات السياسيين والنخب لحماية مصالح الأفراد وحرياتهم الأساسية[1]، وذلك لتحقيق غاية بناء الثقة بين الأفراد داخل المجتمع. فظهور فكرة المؤسسات[2] من حيث المبدأ يرجع إلى الرغبة في خفض المخاطر التي تعترض الأفراد، وإلى الحاجة إلى خفض كلفة التعامل بين هؤلاء الأفراد داخل المجتمع، ففي مجتمع يتوفر على قواعد محددة للسلوك يستطيع الأفراد التصرف بالطرق الأقل كلفة بحثا عن العوائد الأكبر. وعبر التاريخ الانساني تمت ترجمة هذه القواعد إلى مؤسسات تبنتها اليوم أغلب المجتمعات الانسانية، مثل: الدساتير والقوانين والقواعد التنظيمية والعقود والقواعد العرفية والمعتقدات والعادات وسلوك الأفراد في الشؤون اليومية[3]، والتي يمكن تقسيمها إلى مؤسسات رسمية التي ترتبط بالقواعد المكتوبة، ومؤسسات غير رسمية التي تعتمد على القواعد غير المكتوبة. ويعتقد بعض الباحثين إلى أن فحص وتحليل تأثير المؤسسات الرسمية أسهل من دراسة المؤسسات غير الرسمية، بالرغم من تأثير هذه الأخيرة الكبير على التقدم الاقتصادي وعلى ازدهار المجتمعات الإنسانية.
بالرغم من أن النقاش الفلسفي حول أهمية المؤسسات في تقدم الأمم يرجع إلى عصر الفلاسفة التجريبيين الانجليز، إلا أن الاسهام الأكبر في دراسة دور المؤسسات تنامى خلال سبعينات القرن الماضي مع ظهور التيار الذي يسمى “الاقتصاد المؤسساتي الجديد”[4]. وقد أولى هؤلاء اهتماما خاصا بالمؤسسات السياسية التي يمكن اعتبارها تعاقدات من أجل التعاون بين الأفراد والنخب في المجتمع بهدف بناء السلم الاجتماعي المستدام وحفظ مصالح الأفراد. ويربط الفلاسفة والباحثون المؤسساتيون بين الحفاظ على القواعد المؤسساتية ومتانة وفعالية الحكومات؛ وذلك من خلال قدرتها على حماية الحقوق والحريات بصفة عامة وحقوق الملكية بصفة خاصة، وحماية الآليات التي تضمن تنفيذ التعاقدات لتحقيق العدالة. وإذا بينت التجارب العالمية المقارنة أن المجتمعات التي استطاعت بناء القواعد المؤسساتية والحفاظ عليها ضمنت التقدم والازدهار، فإن المجتمعات التي تحكمها حكومات غير فعالة وفاسدة حصدت مقابل ذلك التخلف الاجتماعي وانهيار السلم الاجتماعي، وكل ما يستتبع ذلك من مآسي اجتماعية.
علاوة على ذلك، يرى المؤسساتيون أن تنمية المجتمعات لا تتطلب فقط وجود مؤسسات اقتصادية متينة ولكن أيضا مؤسسات سياسية تتمتع بالقدرة على الحد من سلطات الحكام على انتهاك حقوق ملكية الأفراد[5]. لقد بينت الأبحاث أن تطور المؤسسات السياسية (النظام البرلماني وسيرورة الدمقرطة) خلال القرنين الماضيين في بعض الدول مثل الملكية البرلمانية في بريطانيا والنظام الفيدرالي في الولايات المتحدة هو ما سمح بتقدم البلدين وتطورهما. ولقد لعبت المؤسسات السياسية في كلتا الحالتين وفي أغلب البلدان الغربية، دورا مهما في التنمية الاقتصادية من خلال التشجيع على المبادرة الحرة والاستثمار وحماية حقوق الملكية والخلق والابداع.
الثقة في المؤسسات في السياق المغربي
إذا كان موضوع متانة وجودة المؤسسات ودور الثقة في سيرورة الدمقرطة والتقدم الاقتصادي قد حضي باهتمام بحثي في الغرب، فإنه لم يحض بنقاش كاف في المجال التداولي العمومي في العالم العربي وفي المغرب بشكل خاص، وذلك بالرغم من أهميته وراهنيته. كما أن الدراسات العلمية حول الموضوع بقيت محدودة وبعضها غير متاح للعموم في هذه البلدان. ففي المجال الأكاديمي يتم التطرق لأهمية المؤسسات باحتشام في صفوف الباحثين في المنطقة، وفي حالات كثيرة، ينقصه الكثير من الشجاعة في تناول الموضوع، رغم إشارة الكثير من التقارير الدولية والمحلية إلى أهمية المؤسسات في التنمية الاقتصادية ودور ثقة المواطنين في نجاعة ومتانة المؤسسات.
ففي حالة المغرب، بدأ يظهر اهتمام متنامي بهذا الموضوع في الآونة الأخيرة. فقد أشار تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نشر في نوفمبر 2017 بعنوان “الثروة الاجمالية للمغرب ما بين 1999 و2013″ إلى أن علاقة المغاربة بمؤسساتهم متوترة ولا تطبعها الثقة واعتبر أنه باستثناء المؤسسات السيادية، التي تحظى بثقة الساكنة (ما عدا المؤسسة القضائية)، فإن ” هناك شعورا كبيرا بانعدام الثقة ما انفك يأخذ منحى تصاعديا، مع ما ينتج عن ذلك من آثار سلبية على التماسك الاجتماعي، لم يتم بعد قياس حجمها بما فيه الكفاية”[6]. وقد سبق لدراسة حول موضوع “الرابط الاجتماعي” أنجزها “المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية” سنة 2012 أن أكدت هذا المنحى من خلال خلاصة مفادها أن ” الرابط السياسي والمدني هو الرابط الأكثر ضعفا وهشاشة في المغرب، لا سيما بسبب الضعف المسجل على مستوى الثقة في المؤسسات”[7].
وعلى نفس المنوال تسير نتائج عدد من التقارير الدولية. فالمغرب يصنف في معظم التقارير الدولية التي تهتم بالتنمية الإنسانية والاقتصادية بكونه بلدا يتوفر على مؤسسات ذات جودة منخفضة وضعيفة. فحسب مؤشر السلطوية ( Polity IV Project) الصادر عن مركز السلام الشامل(Center for Systemic Peace) فإن المغرب يعتبر بلدا يتميز بمؤسسات سياسية عاجزة عن فرض الرقابة على المؤسسة التنفيذية التي تبقى منفلتة من رقابة مؤسساتية ذات مصداقية[8]. كما أن تقارير ومؤشرات منظمات دولية مثل فريدم هاوس ومنظمة الشفافية العالمية، تضع المغرب في ذيل الترتيب العالمي على مستوى الحريات السياسية والمدنية وحرية الصحافة وتشير إلى وجود مستويات مرتفعة للفساد وسوء الحكامة. أما على مستوى المؤسسات الاقتصادية، فإن المغرب يعاني من تضخم حجم الحكومة (ارتفاع مؤشر الانفاق الحكومي)[9]، ومستوى متدني فيما يخص حماية حقوق الملكية [10] ومؤشر انفتاح اقتصادي متوسط[11] ، وتوضح هذه المؤشرات مدى ضعف المؤسسات الاقتصادية المغربية وعدم قدرتها بالتالي على ضمان شروط التنمية الاقتصادية.
خلاصة القول، فإن هذه الوضعية التي تتميز بهشاشة المؤسسات لها انعكاسات اقتصادية وسياسية، قد تؤثر في الأمد المتوسط والبعيد على الاستقرار والسلم الاجتماعي. فالمؤسسات الهشة تُضعف النمو الاقتصادي والدخل الفردي وتخلق الفوارق الاجتماعية، مما يغذي حالة انعدام الرضا والإحباط لدى الأفراد وخصوصا فئات الشباب، والذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع الاحتقان الاجتماعي. علاوة على ذلك، تساهم هذه الوضعية في تدهور المحفزات على الاستثمار في الرأسمال البشري وعلى المبادرة الحرة، وتعد هذه المظاهر من بين القواسم المشتركة بين الاقتصاديات السائرة في طريق النمو، وهي مؤشرات على فشل السياسات العامة في تحقيق الرخاء الاجتماعي.
انطلاقا من هذا التشخيص، يسعى المعهد المغربي لتحليل السياسات إلى المساهمة في النقاش العمومي حول موضوع الثقة في المؤسسات من خلال تنظيم النسخة الأولى من نشاطه السنوي؛ “منتدى الرباط للسياسات 2019″. وذلك وفق مقاربة نقدية تحليلية لطبيعة المؤسسات السياسية والاقتصادية ومقاربة إشكالية جودة ومتانة المؤسسات وعلاقتها بموضوع ثقة المغاربة في هذه المؤسسات. فالخطابان السائدان في التداول العمومي يتجهان إما نحو تمجيد المؤسسات القائمة وإغفال عيوبها ونواقصها، أو التشكيك فيها وفي فعاليتها والمطالبة بالتالي بتقويض وجودها وإلغائها تماما، وكلا الخطابان لا يقدمان بدائل واقعية أو عقلانية تساهم في تغيير هذه المؤسسات نحو الأجود والأمتن.
من خلال فتح النقاش بين الباحثين وصناع القرار، ستسعى أشغال هذه النسخة الأولى من “منتدى الرباط للسياسات” لتجاوز الخطاب التمجيدي والخطاب العدمي اللذان يسودان الساحة، من خلال تقديم تفسيرات معمقة وتحليلات نقدية تقارب الموضوع من زوايا متعددة وتخصصات متنوعة، كما ستعمل على اقتراح بدائل السياسات تقدم لصناع القرار قصد سياسات تتميز بالادماجية وتعزيز الحريات والعدالة.
منتدى الرباط للسياسات
هو منتدى بحثي للحوار والنقاش السياسي ينعقد مرة واحدة كل سنة، يجمع نخبة من كبار الباحثين والمتخصصين والخبراء من مختلف المؤسسات والجامعات المغربية والعالمية من أجل مناقشة القضايا المتعلقة بتحليل السياسات العمومية وتقييمها.
يسهر المنتدى على تناول أحد الموضوعات التي تهم قضايا السياسات العمومية في المغرب وخارجه، وذلك بغية تقديم حوار علمي وأكاديمي نقدي معمق بين المتخصصين في مجال تحليل السياسات العمومية وصناعة القرار، من أجل تشخيص دقيق للسياسات العامة ونقدها وتقديم البدائل والتفكير في الخيارات المتاحة. وتتوج أشغال المنتدى بإصدار أوراق بحثية في تقرير تركيبي باللغتين العربية والانجليزية، يوزع على صناع القرار والخبراء والباحثين داخل وخارج المغرب.
المعهد المغربي لتحليل السياسات
مؤسسة أبحاث مستقلة تأسست من طرف مجموعة من الباحثين ذوي التخصصات والمشارب العلمية والفكرية المختلفة، ويضع من بين أهدافه الأساسية تقديم تحليلات للسياسات العمومية في المغرب وباقي بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وستغطي التحليلات التي ينتجها المعهد مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن خلال أعماله سيسعى إلى تقديم المشورة للفاعلين والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وهيئات المجتمع المدني بكل أصنافها وذلك وفق قواعد منهجية صارمة تعتمد الحياد والدقة.
محاور المؤتمر الرئيسية
- المحور الأول: الثقة في المؤسسات في المغرب: تشخيص الوضعية الراهنة
يسعى هذا المحور إلى تشخيص جودة ومتانة المؤسسات السياسية والاقتصادية في المغرب عبر تحديد دقيق لنقط القوة ومكامن الخلل، بالإضافة إلى ذلك، يركز هذا المحور على مستوى ثقة المغاربة في مؤسساتهم وتأثير ذلك على سلوكهم اليومي.
- المحور الثاني: كيف تساهم الثقة في المؤسسات في التنمية والديمقراطية؟ تجارب عالمية
ينظر هذا المحور إلى التجارب العالمية في علاقة جودة ومتانة المؤسسات بالتنمية الاقتصادية وتعزيز الديمقراطية، كما ينظر أيضا إلى التجارب المقارنة التي أثر فيها ضعف الثقة في المؤسسات على الاستقرار والسلم الاجتماعي.
- المحور الثالث: بناء الثقة في المؤسسات: الفرص والتحديات
ينظر هذا المحور للمستقبل من خلال عرض التحديات التي تعترض الاصلاح المؤسساتي المتعثر، وكذا الخيارات المتاحة وبدائل السياسات لتقوية فعالية المؤسسات واسترجاع ثقة المواطن فيها.
الهوامش
[1]– D. North. (1990). Institutions, Institutional Change and Economic Performance,éd. Cambridge University Press.
[2]– Ibidem.
[3]– Ibidem.
[4]– قدمت مدرسة “الاقتصاد المؤسساتي القديم” في نهايات القرن التاسع عشر وبداية العشرين مساهمة مهمة في هذا المجال، لكن تبقى متواضعة مقارنة مع مساهمة المدرسة الجديدة.
[5]– B. Weingast. (1993). « Constitutions as Governance Structures: The Political Foundations of Secure Markets”. Journal of Institutional and Theoretical Economics (JITE) 149(1): 286–311.
[6]– المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. (2017): الثروة الاجمالية للمغرب ما بين 1999 و2013. الرباط. ص 90.
[7] Institut Royal des Etudes Strategiques, (2012). Rapport de L’enquête Nationale sur le Lien Social au Maroc, Rabat. P : 9.
[8]– https://www.systemicpeace.org/polity/mor2.htm
[9]– لا يتعدى 5.68 نقطة من أصل 10 نقاط (سنة 2015) حسب بنك المعلومات Penn World Table 9.0 (https://www.rug.nl/ggdc/productivity/pwt/ ).
[10] 7.9 على 10 سنة 2016 حسب مؤشر معهد الكاتو. (انظر: http://perspective.usherbrooke.ca/bilan/servlet/BMTendanceStatPays?langue=fr&codePays=MAR&codeTheme=9&codeStat=GOUV.CATO2).
[11]– 77.72% سنة 2016 حسب مؤشر World Development Indicators الذي ينتجه البنك الدولي (https://data.worldbank.org/products/wdi).
ورقة تقنية حول المؤتمر:
المكان:
- مدينة الرباط/ المغرب
تواريخ المؤتمر:
- آخر أجل لاستقبال مقترحات الأوراق للمشاركة: 30 سبتمبر 2018
- الرد على الأوراق المقبولة للمشاركة: 15 أكتوبر 2018
- آخر أجل لإرسال الأوراق النهائية: 10 دجنبر 2018
- الرد النهائي على قبول الورقة: 17 ديسمبر 2018
- تاريخ انعقاد المؤتمر: 18 يناير 2019
- يتم التواصل مع اللجنة المنظمة من خلال البريد الالكتروني التالي: contact@mipa.institute
شروط المشاركة:
- المشاركة في المؤتمر مفتوحة أمام الباحثين المغاربة والأجانب من المتخصصين باللغات العربية والانجليزية.
- يشترط في البحث المقترح للمشاركة أن يتسم بالجدة والعلمية والموضوعية، وأن لا يكون موضوع مشاركة سابقة أو نشر سابقا.
- يجب أن يكون مقترح البحث في حدود 500 كلمة، وأن يتم توضيح المنهجية التي سيتبعها الباحث وسياق البحث وإشكاليته وفرضياته وأن يكون مذيلا بلائحة المراجع التي سيتم اعتمادها
- يشترط في النص النهائي للبحث أن يكون في حدود 3500 كلمة غير الملاحق والمراجع
- يرسل الباحث سيرته الذاتية المفصلة، وروابط لمشاركاته السابقة أو مقالاته المنشورة.
لغة المؤتمر:
- اللغة المستعملة في أشغال المؤتمر هي العربية والانجليزية مع توفير الترجمة الفورية، كما سيقوم المعهد بترجمة جميع الأوراق نحو العربية والانجليزية.
الشركاء المؤسساتيون:
- المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية (EED).
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]