[vc_row][vc_column][vc_column_text]
خطَّ دستور 2011 الحدود الفاصلة بين مهام رئيس الدولة واختصاصات رئيس الحكومة، إلا أن الممارسة أفرزت جلسات العمل باعتبارها عرفا ناشئا.
مقدمة
تتّسمُ الـممارسة الدستورية في الـمغرب بطابع تقليدانـي لا يخفى، فالنسق الدستوري بتجلياته السياسية، يميلُ نحو الـمزاوجة بين الوثيقة والعرف، وبين السلطان والفرقان، وبين الحداثة والتراث، لا يقطع مع هذا ولا يفرّط في تلك، بل يوفر لكل منها الأسباب الكفيلة بأن تجعلها تسبح في عمق النص الدستوري وعلى ضفافه.
في الـمغرب تنسلّ الأعراف الدستورية وتطل برأسها من بين ثنايا الوثيقة المكتوبة وفراغاتها، التي عادةً ما تكون مليئة بالبياضات ومناطق العتمة والظل، لتؤسس لـممارسات سياسية عقيدتها الدستور الضمني لا الصريح.
لقد خطَّ دستور 2011 الحدود الفاصلة بين مهام رئيس الدولة واختصاصات رئيس السلطة التنفيذية، وميّز بين السياسة العامة للدولة، التي تعود فيها الولاية للملك، وبين السياسات العمومية التي يختصّ بها رئيس الحكومة، وأصبح المجلس الوزاري ومجلس الحكومة فضاءان للتداول حول جملةٍ من النصوص والقضايا، لكن إلى جانب ذلك، أفرزت الممارسة أحد الأعراف الناشئة على ضفاف دستور 2011، إنها جلسات العمل التي يرأسها الملك بين الفينة والأخرى، بوتيرة تنخفض حيناً وتتصاعد أحياناً أخرى، حيث تواتر خلال السنوات الأخيرة، الـميل الـمكثف إلى اعتماد صيغة جلسات العمل، كشكل من أشكال التواصل بين الملك وباقي السلط والمؤسسات الدستورية، ورسم السياسات، وتنبيه المسؤولين واستفسارهم، واتخاذ القرارات الملزمة للسلطات العامة.
تعبّر جلسات العمل في العمق عن الحضور المكثف للملك بصفته رأساً للسلطة التنفيذية الـمزدوجة، فجلسات العمل تشكل بهذا المعنى، فرصةً للوقوف عند تفاصيل الـمعالـم الكبرى للسياسة العامة للدولة في بعدها الاستراتيجي، المرتبط بقطاعات ومحاور مهيكِلة للاقتصاد الوطني وإنتاج الثروة، وتشكل مناسبة لبحث قضايا آنية ومستجدة، بما يعكس الحضور المطلق للدولة في تفاصيل القرار العمومي، ويؤشر بالـملموس على أنها الـماسك الأوحد بزمام القضايا والملفات الكبرى للمملكة.
تبحث هذه الورقة في الخصائص العامة التي تميّز جلسات العمل، من خلال استعراض وتيرة انعقادها الـمتصاعدة، وطبيعة الحضور فيها، خصوصاً غياب رئيس الحكومة في بعض الأحيان وحضور مستشاري الملك، ثـم القضايا المطروحة على جدول أعمالها، والرهانات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمسائل الـمتداول بشأنها في جلساتها الـمعلنة، كما أن هذه الجلسات تثير ملاحظات جمّة بخصوص علاقتها بالسياسات العمومية والزمن الحكومي.
وتيرة انعقاد تصاعدية
انطلقت وتيرة انعقاد جلسات العمل بشكل بطيء خلال السنوات الأربع الأولى (2011-2014)، حيث ترأس الملك أول جلسة عمل أسابيع قليلة (22 شتنبر 2011) بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ[1]، وذلك بمعدل جلسة عمل واحدة خلال سنوات: 2011، 2012، 2013، 2014، وهي جلسات العمل التي تناولت مجالات وقضايا مختلفة؛ إذ خصصت جلستا العمل الأولى والرابعة لقطاع الطاقات المتجددة، أما جلسة العمل الثانية فكانت ذات طابع آنـي، ارتبطت “بالسلوكات غير اللائقة ذات الصلة بالرشوة وسوء المعاملة الممارسة من قبل عدد من عناصر الأمن العاملين في عدد من المراكز الحدودية للمملكة”، فيما بحثت الجلسة الثالثة إشكالية الهجرة، بفعل انتقال المغرب من بلد عبور للمهاجرين وطالبي اللجوء، إلى بلد استقرار، الأمر الذي كان من مخرجاته إعداد الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.
تـميّزت السنوات الأولـى ببطء واستقرار على مستوى وتيرة انعقاد جلسات العمل، غير أنه ابتداءً من سنة 2015 ستشهد هذه الوتيرة تصاعدا واضحاً، وهو ما يبيّنه المنحنى (الشكل رقم 1)، حيث يتّضح أن سنة 2015 عرفت انعقاد ثلاث جلسات عمل: خصصت الجلستان السادسة والسابعة لقطاع الطاقة، فيما خصصت الجلسة الخامسة “لتقديـم ودراسة مخطط العمل المتعلق بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع المصنع “بـي إس أ بوجو – سيتروين”. أما السنة الموالية (2016)، فشهدت انعقاد جلستي عمل (الثامنة والتاسعة) خصصتا للقطاع الطاقي دائماً، بما فيه مشروع خط أنابيب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، الذي يحظى بطابع استراتيجي نظرا لارتباطه الوثيق بقضية الصحراء. وبذلك تكون سنتا 2015 و2016 قد عرفتا انعقاد ما مجموعه خمس جلسات عمل، وهو العدد الذي يفوق ما انعقد من جلسات خلال الأربع سنوات الأولى، مع حضور لافت لـموضوع الطاقة في جدول الأعمال، فمن أصل تسع جلسات خلال ست سنوات الأولى، خصص للقطاع الطاقي ست جلسات عمل، وهو ما يعكس الأهمية البالغة التي يحظى بها الموضوع في الأجندة الملكية.
الشكل 1: متغيّر عدد الجلسات تبعا لمؤشر السنوات (شتنبر 2011- مارس 2020)
بالعودة دائما إلى المنحنـى المبيّن في الشكل رقم (1)، يبدو لافتا عدم انعقاد أي جلسة عمل سنة 2017، رغم أنها تميزت باستقرار على مستوى وتيرة انعقاد المجالس الوزارية التي يرأسها الملك[2]، الذي عرفت أحد اجتماعاته في السنة المذكورة، تقديـم عرض حول “مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030″، من طرف وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة[3].
بعد انقطاع لـمدة سنة، عادت جلسات العمل إلى الانعقاد بوتيرة متصاعدة، إذ عرفت سنة 2018 أكبر عددٍ من الجلسات خلال الفترة المدروسة (شتنبر 2011- مارس 2020)، بحصيلة خمس جلسات، خصصت لموضوعين أساسيين: ثلاث جلسات عمل لمتابعة بحث وتنزيل موضوع الطاقات المتجددة؛ فيما الموضوع الثاني، الذي أصبح محور جلسات عمل ملكية، فيتعلق بمسألة التكوين المهني، من خلال بروز توجهٍ لدى الدولة يروم البحث عن حلول لمشكلة تشغيل الشباب عبر بوابة التكوين المهني.
خلال سنة 2019، عادت وتيرة انعقاد جلسات العمل إلى الانخفاض بترأس الملك جلستي عمل فقط، الأولى جاءت استكمالا لدراسة موضوع التكوين المهني، فيما خصصت الثانية لموضوع باتَ مطروحا على التدبير الاستراتيجي للدولة، ويتعلق الأمر بالجواب عن إشكالية العطش وندرة المياه[4]، حيث خصصت جلسة العمل المنعقدة بتاريخ 18 أبريل 2019 لإشكالية الماء[5]، وهو الموضوع نفسه الذي استهلت به جلسات العمل مطلع سنة 2020، من خلال تخصيص جلسة عمل بتاريخ 7 يناير 2020 لـموضوع البرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، أما جلستي العمل المتبقيتين فقد خصصتا لـموضوع فيروس كورونا المستجد.
طبيعة الحضور في جلسات العمل
تعرف جلسات العمل التي يترأسها الملك، حضور عددٍ من المسؤولين من مختلف الرتب والدرجات، بدءاً من رئيس الحكومة[6]، مروراً بالوزراء[7]، وصولا إلى رئيس مؤسسة عمومية أو كاتب عام[8] في قطاع وزاري، وذلك تبعا لاختلاف طبيعة القضايا والمسائل المطروحة على جدول أعمال جلسات العمل. يهتم هذا المحور ببحث حضور رئيس الحكومة ومستشاري الملك.
- حضور وغياب رئيس الحكومة
يقوم دستور 2011 على تقابلات عديدة، من بينها: المجلس الوزاري ومجلس الحكومة، مجال القانون ومجال التنظيم، الملك أمير المؤمنين والملك رئيس الدولة، التصويت حق وواجب، التعيين في المجلس الوزاري والتعيين في مجلس الحكومة، مشاريع القوانين ومقترحات القوانين؛ ومن بين الثنائيات الأخرى الناظمة للوثيقة الدستورية، نجد التنصيص تارة على السياسة العامة وتارة أخرى على السياسات العمومية، وهو إحالة في العمق على توزيع الاختصاصات بين الملك ورئيس الحكومة بصفتهما رَأْسَا السلطة التنفيذية. لئن كان الدستور الصريح قد رسم الحدود الفاصلة بين اختصاصات الملك واختصاصات رئيس الحكومة، فإن جلسات العمل، باعتبارها أحد أبرز تجليات الدستور الضمني، قد عززت الحضور التنفيذي للملك، ومنحته الولاية العامة على إعداد وتتبع وتنزيل وتقييم عددٍ من الخطط والبرامج والاستراتيجيات المندرجة في باب السياسة العامة للدولة، من منطلق أن التمييز بين السياسة العامة والسياسات العمومية هو في العمق تفكيكٌ لعلاقة الملك برئيس الحكومة.
تسمح القراءة التركيبية للوثيقة الدستورية بالوقوف عند طبيعة “القضايا والنصوص”[9] التي يتداول بشأنها كلٌ من المجلس الوزاري ومجلس الحكومة، حيث تتّضح الطبيعة التحضيرية لاجتماعات مجلس الحكومة في علاقته باجتماعات المجلس الوزاري، ويبدو ذلك واضحاً من خلال الصيغ الـموظفة في متن الفصل 92 من الدستور: “قبل عرضها على المجلس الوزاري”، “دون إخلال بالأحكام الواردة في الفصل 49 من هذا الدستور”، “الـمشار إليه في الفصل 49 من هذا الدستور”.
الجدول 1: النصوص والقضايا[10] التي يتداول بشأنها كل من المجلس الوزاري ومجلس الحكومة
من جهة أخرى، تعرّف السياسة العامة بأنها ذلك “التصور السياسي العام الذي يتم تنزيله عبر قرارات حكومية لمواجهة الإكراهات التدبيرية أو معالجة المشاكل الاجتماعية”[11]، أما السياسات العمومية فتحيل على “مجموع الإجراءات والتدابير الاستراتيجية ذات البعد التدبيري والتنموي”[12]، الأمر الذي يُستنتج منه شمولية السياسة العامة للدولة، وأن السياسات العمومية[13] ما هي إلا فرعٌ من فروعها، بحكم أن السياسة العامة للدولة تظل عابرةً للزمن الحكومي المحدد في خمس سنوات. يُفهم من التقسيم الوارد في الفصلين 49 و92 من الدستور، أن الملك يمارس اختصاصاته بصفته رئيساً للدولة[14]، وهو مؤتمن على تدبير الزمن الاستراتيجي للدولة، فيما يختصّ رئيس الحكومة بتأمين السير العادي للمرافق الدولتية، بما يتطلبه الأمر من إصدار القرارات، بموجب ممارسته للسلطة التنظيمية كما نصّت عليها الفقرة الأولى من الفصل 90، والحرص على ضمان تنفيذ القانون، وحسن تنزيل البرنامج الحكومي[15].
من أصل تسع عشرة جلسة عمل، غاب رئيس الحكومة مرتين، حيث لـم يحضر الوزير الأول[16] عباس الفاسي[17] لجلسة العمل الأولى الخاصة بتقدم سير البرامج المندمجة في مجال الطاقات المتجددة، الشمسية والريحية، المنعقدة بتاريخ 22 شتنبر 2011، فيما لـم يحضر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران[18] لجلسة العمل الثانية حول السلوكات غير اللائقة ذات الصلة بالرشوة وسوء المعاملة الممارسة من قبل عدد من عناصر الأمن العاملين في عدد من المراكز الحدودية للمملكة، المنعقدة بتاريخ 9 غشت 2012، الأمر الذي جعل البعض يرى أن القرارات المتخذة في جلسة العمل المذكورة تنعكس مباشرة على “ازدواجية رئاسة السلطة التنفيذية. وهو ما يترتب عنه: ازدواجية مصدر التعليمات (بين الملك ورئيس الحكومة) وإمكانية صدور تعليمات متعارضة ومتناقضة. علما بأن المسؤولية القانونية والسياسية يتحملها رئيس الحكومة”[19].
-
حضور المستشارين: ظل الملك
يحيط برئيس الدولة عددٌ من المستشارين، جزءٌ منهم اشتغلَ إلى جانب والده الملك الراحل الحسن الثاني، وجزء آخر تقاسم معه مقاعد الدراسة في المدرسة المولوية، فيما جزء ثالث التحق مستشارا بالديوان الملكي خلال فترات مختلفة. ويقدّم مستشارو الملك للجالس على العرش الخبرة والاستشارة حول عددٍ من الملفات، تبعا لتخصصهم وقربهم من الملك، كما تواتر بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ، مواظبتهم على حضور أشغال المجلس الوزاري.
تشكّل مشاركة مستشاري الملك في جلسات العمل، أحد خصائصها المميزة، فبخصوص جلسة العمل الأولى المتعلقة بتقدم سير البرامج المندمجة في مجال الطاقات المتجددة، الشمسية والريحية، بتاريخ 22 شتنبر 2011، فقد حضرتها زليخة نصري[20]، بصفتها مستشارة للملك، والتي حضرت أيضا جلسة العمل حولمخطط الطاقة الشمسية المغربي “نور”، بتاريخ 17 مارس 2014، وهي جلسة العمل التي عرفت حضور ياسر الزناكي[21] لأول مرة بصفته مستشارا ملكيا. فيما غاب مستشارو الملك عن حضور جلسة العمل المخصصة للسلوكات غير اللائقة ذات الصلة بالرشوة وسوء المعاملة الممارسة من قبل عدد من عناصر الأمن العاملين في عدد من المراكز الحدودية للمملكة، بتاريخ 9 غشت 2012، وأيضا جلسة العمل المخصصة للبرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020- 2027، بتاريخ 7 يناير 2020، ثـم جلسة العمل المخصصة لتتبع تدبير انتشار وباء فيروس كورونا، بتاريخ 17 مارس 2020. أما بخصوص باقي الجلسات فقد كان يحضرها كل من فؤاد عالي الهمة[22] أو ياسر الزناكي أو هما معا، فيما جلسة العمل المخصصة لإشكالية الهجرة، فقد حضرها إلى جانب المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، فاضل بنيعيش، بصفته مكلفا بمهمة في الديوان الملكي[23]. في حين عرفت جلسات العمل الثلاث المخصصة لبحث وضعية التكوين المهني حضور عمر عزيمان[24] بصفتيه، الاستشارية من جهة، ورئاسته[25] للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي[26]، من جهة أخرى.
الجدول 2: حضور مستشاري الملك في جلسات العمل
جدول أعمال جلسات العمل: الاستراتيجي والمستجدّ
يفيد تحليل لائحة القضايا والـمواضيع الـمدرجة في جدول أعمال جلسات العمل خلال المدة المدروسة (شتنبر 2011- مارس 2020)، التمييز بين مستويين من المواضيع والقضايا:
– قضايا ذات طبيعة استراتيجية: نجد على رأسها مسألة الطاقات المتجددة، وذلك بالنظر إلى عدد الجلسات المخصصة لها، مما يشكل نسبة 47 في المائة من مجموع المواضيع المدروسة في جلسات العمل، كما يوضح ذلك الشكل رقم (2)، بدءاً من دراسة سير البرامج المندمجة في مجال الطاقات المتجددة، مروراً ببحث تقدّم أشغال إنجاز مخطط الطاقة الشمسية المغربي “نور”، والوقوف عند مدى تنفيذ الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (مازن) لبرامج تنمية الطاقات المتجددة بالمملكة، وكذا تقييم مختلف مراحل إنجازها، ثـم تدارس مستوى سير مشاريع الطاقات المتجددة، التي تشرف عليها الوكالة المغربية للطاقات المستدامة، وصولا إلى تنزيل استراتيجية الطاقات المتجددة.
الشكل 2: توزيع مواضيع جلسات العمل الملكية
يعتبر مجال الطاقات المتجددة من المجالات التي تتصدّر الأجندة الملكية، من منطلق أن الوكالة المغربية للطاقة المستدامة[27]، تصنّف ضمن المقاولات العمومية الاستراتيجية، بحكم القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وهو المجال الذي يختصّ الملك بالتعيين فيه على سبيل الحصر، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، الذي ميّز بين المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية، وبين المناصب العليا التي يتم التداول بشأنها في مجلس الحكومة[28].
الجدول 3: جلسات العمل المتعلقة بالمجال الطاقي
إلى جانب المسألة الطاقية، تحظى إشكالية الهجرة ببعد استراتيجي لدى المغرب، الأمر الذي استدعى تخصيص جلسة عمل بتاريخ 10 شتنبر 2013، والتي على إثرها أسند قطاع شؤون الهجرة المحدث إلى الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج ابتداءً من 14 أكتوبر 2013، وشهرا بعد ذلك انطلقت عملية تسوية الوضعية الإدارية للأجانب المقيمين بشكل غير قانوني في المغرب، وبتاريخ 18 دجنبر 2014، صادق مجلس الحكومة على الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء[29]، التي تتألف من 11 برنامجاً، يضم 27 هدفاً خاصاً، و81 عملية. لكن ما يثير الانتباه هو التخلي عن القطاع الحكومي المكلف بالهجرة بموجب التعديل الحكومي منتصف أكتوبر 2019، فبعد إحداث وزارة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة[30] سنة 2013، ثـم الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة[31] سنة 2017، فإن الظهير المنظم للحكومة في صيغتها المعدلة سنة 2019، خلا من أي ذكر لهذا القطاع[32].
في اتصال دائماً بالمواضيع ذات الصبغة الاستراتيجية، وعلى إثر تواتر عددٍ من الديناميات الاحتجاجية المتصلة بندرة المياه، بات الأمر مطروحاً على رأس القضايا الاجتماعية، حيث استدعى ذلك تخصيصَ جلستين متتابعتين: الأولى لإشكالية الماء، والثانية للبرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي بلغت تكلفته المالية الإجمالية 115 مليار درهم، وهمّت أساساً:
- تنمية العرض المائي لاسيما من خلال بناء السدود؛
- تدبير الطلب وتثمين الماء خاصة في القطاع الفلاحي؛ تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي؛
- إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء؛
- التواصل والتحسيس من أجل ترسيخ الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استعمالها[33].
الجدول 4: جلسات العمل المتعلقة بإشكالية الهجرة والماء
كان لحراك الريف[34] تأثير واسع على مجريات الحياة السياسية والاجتماعية، من منطلق أن أحد أبرز مطالب الحراك تجلت في الشغل الضامن للعيش الكريـم، فبعد تعاقب سلسلة من السياسات ذات الطبيعة الاجتماعية، وجدت الدولة في إنعاش التكوين المهني منفذاً للتخفيف من وطأة مشكلة البطالة، فدعيّ المسؤولون إلى ثلاث جلسات، بما يشكل نسبة 16 في المائة من مجموع المواضيع التي تناولتها جلسات العمل، وقد اهتمت هذه الجلسات ببحث سبل تأهيل عرض التكوين المهني وتنويع وتثمين المهن وتحديث وتـجديد شعبه ومناهجه البيداغوجية، وهو المسار الذي توّجَ بالإعلان عن خارطة الطريق المتعلقة بتطوير التكوين المهني وإحداث مدن المهن والكفاءات في كل جهة، بتاريخ 4 أبريل 2019[35].
إلى جانب مسألة التكوين المهني، سعت الدولة إلى تنويع مداخل حل مشكلة البطالة، وذلك بالتركيز على القطاع الصناعي، ولهذا الغرض ترأس الملك جلسة عمل تقديـم ودراسة مخطط العمل المتعلق بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع المصنع “بـي إس أ بوجو – سيتروين “، بتاريخ 24 يونيو 2015.
الجدول 5: جلسات العمل المتعلقة بالتكوين المهني والمجال الصناعي
– قضايا ذات طبيعة آنية ومستجدّة: كشفت لائحة جلسات العمل التي ترأسها الملك عن طبيعة القضايا الاستراتيجية التي تشغل بال الدولة، غير أن ثمة قضايا أخرى تفرض انعقاد جلسات عمل، وهي قضايا ذات طبيعة آنية ومستجدة، ويمكن تحديدها فيما بلغ إلى علم الجالس على العرش من شكاوى[36]تقدّم بها عدد من المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، “وذلك على إثر تعرضهم لسوء المعاملة لدى عبورهم عدد من المراكز الحدودية للمملكة”[37]، الأمر الذي استدعى عقد جلسة عمل لبحث “السلوكات غير اللائقة ذات الصلة بالرشوة وسوء المعاملة الممارسة من قبل عدد من عناصر الأمن العاملين في عدد من المراكز الحدودية للمملكة”، غير أن اللافت بخصوص هذه الجلسة أنها انعقدت بعد أن أمر الملك بفتح تحقيق بشأن هذه السلوكات طبقا للقانون، وهو التحقيق الذي أفضى إلى توقيف عدد من عناصر الأمن والجمارك والدرك الملكي الذين سيحالون على المحاكم المختصة، وبالتالي ما الغرض من عقد جلسة العمل؟
يتعلق الموضوع الثاني ذو الطبيعة الآنية بما عرفه العالـم من انتشار فيروس كورونا المستجد (covid-19)[38]، الأمر الذي استدعى المسارعة باتخاذ جملة من التدابير وحزمة من الإجراءات الهادفة إلى جعل الوضع تحت السيطرة، فبعد أن ظهر فيروس كورونا لأول مرة في مدينة ووهان الصينية، انتشر شريط مرئي عبر وسائل التواصل الاجتماعي يخصّ عددا من الطلبة الذين يدرسون في هذه المدينة، يناشدون من خلاله التدخل لإجلائهم، ولهذا الغرض خصصت جلسة العمل المنعقدة بتاريخ 27 يناير 2020 للتدابير المرتبطة بإجلاء المواطنين المغاربة الموجودين في إقليم ووهان الصيني، وهو ما تـم يوم 2 فبراير 2020، حيث حطت الطائرة التي كانت تقلهم، وجرى إخضاع 167شخصا لتدابير الحجر الصحي بمدينتي الرباط ومكناس، لـمدة عشرين يوماً[39].
وإذا كانت جلسة العمل الأولى قد تميزت بطابعها الاستباقي، فإن جلسة العمل الثانية المنعقدة بتاريخ 17 مارس 2020، قد اتسمت بطابعها الـمواكِب، إذ خصصت لتتبع تدبير انتشار وباء فيروس كورونا، والوقوف عند جاهزية وزارة الصحة للتعامل مع زحف الوباء القاتل.
الجدول 6: جلسات العمل المتعلقة بالقضايا المستجدة
جلسات عمل معلنة
لا يتعلق الأمر بجلسات عمل مشمولة بطابع السرية، أو بجلسات عمل مغلقة يعقدها رئيس الدولة مع نخبة من مستشاريه، بل نحن أمام جلسات عمل بجدول أعمال معلن، ويخصص لها حيزٌ رئيسٌ ضمن الأنشطة الملكية الـمذاعة في وسائل الإعلام، لاسيما الرسمية منها، ويَصدر بشأنها بلاغٌ مفصّل من الديوان الملكي، الذي يُخبر بموضوع جلسة العمل وجدول أعمالها، ويفصح عن أسماء الحاضرات والحاضرين وصفاتهم، ويبرز أهم ما دار فيها من نقاشات واستفسارات، ثـم يحدد أهم القرارات التي نتجت عنها. وبخصوص العلنية دائماً، فقد وردت في البلاغات الصادرة عن الديوان الملكي بشأن جلسات العمل، ثلاث صيغ تفيد الزمنية:
- الصيغة الأولى: الإعلان عن انعقاد جلسة العمل في اليوم نفسه، حيث تتصدر بلاغات الديوان الملكي عبارات من قبيل: “ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الاثنين بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل”[40].
- الصيغة الثانية: الإعلان عن جلسة العمل يوماً واحداً بعد انعقادها، حيث تتصدر بلاغات الديوان الملكي عبارات من مثل: “أفاد بلاغ للديوان الملكي أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ترأس أمس الثلاثاء بالقصر الملكي بمدينة طنجة، جلسة عمل”[41].
- الصيغة الثالثة: الإعلان عن جلسة العمل يومين بعد انعقادها، حيث ورد في بلاغ الديوان الملكي بخصوص أول جلسة عمل بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ، الصيغة التالية: “ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أول أمس الخميس بالديوان الملكي بالرباط، جلسة عمل”[42].
جلسات عمل مصغّرة
عديدة هي القواسم المشتركة بين جلسات العمل التي يترأسها الملك، واجتماعات المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك كذلك (ف 48)، الذي يتداول في جملة من القضايا والنصوص (ف 49)، إذ يشتركان معاً في غياب جدولة انعقاد زمنية محددة، لأنه لا يوجد في الدستور ما يفيد ضرورة انعقاد المجلس الوزاري بشكل أسبوعي أو شهري أو دوري، عكس مجلس الحكومة (ف 92)، الذي، لئن لـم ينصّ الدستور عن دورية انعقاده، فإن القانون التنظيمي الـمتعلق بأشغال الحكومة قد حدد دورية انعقاده بوتيرة أسبوعية[43]، فسار العرف أن يلتئم صباح كل خميس، ما لـم تدعو الضرورة إلى اجتماعه في يوم آخر[44]. كذلك الأمر بشأن جلسات العمل، فهي غير محددة من حيث زمنية الانعقاد، فقد تنعقد بوتيرة مرتين في الشهر، وقد لا تنعقد في السنة أي مرة (2017).
الجدول 7: جلسات العمل التي انعقدت مرتين في الشهر
عرفت المدة المدروسة (شتنبر 2011- مارس 2020)، انعقاد 19 جلسة عمل خلال عشر سنوات، وهي المدة نفسها[45] التي تميزت بانعقاد 32 اجتماعاً للمجلس الوزاري، ويمكن تفسير هذا الرقم الـمرتفع مقارنة مع جلسات العمل، بعاملين اثنين: الأول، مرتبطٌ بإحالة مشاريع القوانين التنظيمية على نظر المجلس الوزاري خلال السنوات اللاحقة لدخول دستور 2011 حيز التنفيذ، خصوصا خلال الولاية الحكومية الأولى (2011- 2016)، من منطلق أن الفصل 86 من الدستور، قد نص على ضرورة عرض مشاريع القوانين التنظيمية على مسطرة المصادقة، داخل أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ دستور 2011؛ أما العامل الثاني، فمرتبط بضرورة أن يتداول المجلس الوزاري سنويا ًفي التوجهات العامة لقانون المالية، طبقا لأحكام البند الرابع من الفصل 48 من الدستور، وهو ما يعادل عشرة اجتماعات للمجلس الوزاري خلال عقد من الزمن.
الشكل 3: مقارنة جلسات العمل مع اجتماعات المجلس الوزاري (2011- 2020)
إذا كانت الفقرة الأولى من الفصل 48 من الدستور، قد نصت على أنه “يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء”، فإن جلسات العمل تعرف حضور عددٍ مصغّر من المسؤولين، تبعا لجدول أعمال الجلسة، حيث إن أول جلسة عمل[46] انعقدت بحضور 4 مسؤولين، غير أن بعض جلسات العمل تحولت إلى ما يشبه اجتماعاً مصغراً للمجلس الوزاري، حيث سجّلت حضور اثنى عشر مسؤولا.
الجدول 8: جلسات العمل التي حضرها 6 مسؤولين أو أقل
إن ما يزكي القول إن جلسات العمل التي يرأسها الملك قد تتحول إلى مجلس وزاري مصغّر، كونها لا تتقيد بالموضوع المدرج على جدول أعمالها، بل تكون فرصةً سانحةً من أجل أن يستفسر الملك حول قضايا محددة، ليست بالضرورة من صميم جدول أعمال الجلسة، كما هو الشأن بخصوص جلسة العمل المخصصة لمتابعة موضوع تأهيل وتحديث قطاع التكوين المهني، المنعقدة بتاريخ 29 نونبر 2018، حيث استهل الملك الجلسة بالاستفسار عن “تقدم تنفيذ مخطط التسريع الصناعي لجهة سوس ماسة، الذي سبق لجلالته أن ترأس انطلاقته في 28 يناير 2018 بأكادير، والذي يشكل المنطلق للتنزيل الجهوي للاستراتيجية الصناعية الوطنية. وفي هذا الصدد، أثار جلالة الملك الانتباه لتعثر هذا المخطط، الذي لـم يعرف أي تقدم منذ إطلاقه”[47].
الجدول 9: جلسات العمل التي حضرها أكثر من 6 مسؤولين
جلسات عمل قد لا يترأسها الملك بالضرورة
لـم يحدث منذ دخول دستور 2011 حيز التنفيذ أنْ ترأس مجلس الحكومة عضوٌ من أعضائها، باستثناء رئيسها، من منطلق أن الفصل 92 من الدستور ينص على أنه “يتداول مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة”، ولا يوجد ضمن تشكيلة الحكومة منصب نائبٍ لرئيس الحكومة. أما بخصوص المجلس الوزاري، فإن الفقرة الأخيرة من الفصل 48 نصّت على مقتضىً في غاية الأهمية، إذ يمكن “للملك أن يفوض لرئيس الحكومة، بناء على جدول أعمال محدد، رئاسة مجلس وزاري”، وهو المقتضى الدستوري الذي لـم يفعّل يوماً، شأنه في ذلك شأن انعقاد مجلس وزاري بطلب من رئيس الحكومة، كما تنصّ على ذلك الفقرة الثانية من الفصل 48 من الدستور.
إن اللافت بخصوص جلسات العمل أنها انعقدت مرةً دون أن يترأسها الملك، يتعلق الأمر بجلسة العمل المخصصة لقطاع الطاقة، بتاريخ 26 دجنبر 2015، حيث ورد في بلاغ الديوان الملكي أنه “بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عقدت، اليوم السبت بالديوان الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خصصت لقطاع الطاقة، بحضور عدد من المسؤولين الكبار عن هذا القطاع”، وهو ما يمكن تفسيره بالأهمية الكبرى التي يكتسيها قطاع الطاقة، لا سيما المتجددة منها، فمن أصل 19 جلسة عمل، خصصت 8 جلسات عمل كلها لقطاع الطاقات المتجددة.
جلسات عابرة للزمن الحكومي
لا يوجد في الدستور ولا في القانون التنظيمي الـمتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، ما يفيد أن الولاية الزمنية للحكومة محددة في خمس سنوات، بل إن الأمر يُستشفّ ضمنياً من خلال تطرّق الدستور لولاية مجلس النواب، بتصريحه أن أعضاءه ينتخبون “بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس”[50]، وأيضا من منطلق أن مجلس النواب يتولـى التصويت على البرنامج الحكومي طبقاً للترتيبات المبيّنة في الفصل 88 من الدستور، حيث يَعرض رئيس الحكومة البرنامج الذي يعتزم تطبيقه في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية، وعلى أساس هذا البرنامج يمارس البرلـمان اختصاصاته ذات الصلة بالرقابة على عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية.
من الخصائص المميزة لجلسات العمل، أنها عابرة للزمن الحكومي وفوق الزمن الانتخابي، بما يحمل “إشارة واضحة إلى تموقع الصلاحيات الاستراتيجية للملك، خارج الزمن الانتخابي، وبعيدا عن دائرة التنافس ومنطق الأغلبية والمعارضة”[51]، والشاهد على ذلك أن جلسة العمل المخصصة للقطاع الطاقي، وأساسا البرنامج الوطني لتنمية الطاقات المتجددة (26 شتنبر 2016)، انعقدت يومين (24 شتنبر 2016) بعد انطلاق الحملة الانتخابية[52] المخصصة لانتخاب أعضاء مجلس النواب؛ أما بخصوص جلسة العمل المخصصة لمشروع خط أنابيب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، فقد انعقدت بتاريخ 13 دجنبر 2016، في وقت لـم يكن فيه عبد الإله بنكيران[53] رئيس الحكومة الـمعين، قد استطاع تشكيل حكومته بعدُ، على إثر تكليفه من طرف الملك بتاريخ 10 أكتوبر 2016.
من مميزات جلسات العمل أيضاً، كونها لا تتأثر بالخلافات التي قد تدبُّ في جسد الائتلاف الحكومي، وأن انسحابَ حزبٍ أو انضمامُ آخرٍ، لا يحول دون انعقادها ولا ينعكس على وتيرة سير عملها، وهو ما حصل بخصوص جلسة العمل المخصصة لإشكالية الهجرة بالمنعقدة بتاريخ 10 شتنبر 2013، في وقت كان فيه حزب الاستقلال قد أعلن انسحابه من الحكومة بموجب البيان الصادر عن مجلسه الوطني بتاريخ 11 ماي 2013، في حين لـم ينضم حزب التجمع الوطني للأحرار إلى الحكومة إلا ابتداء من 14 أكتوبر 2013[54].
الطبيعة المواكـِبـة لجلسات العمل
من أصل سبعة مواضيع وقضايا مدرجة في جدول عمل الجلسات، نجد أن بعض القضايا خصص لها أكثر من جلسة، كما يوضح ذلك الجدول رقم (10)، فالقضايا المتصلة بالطاقة[55]، وإشكالية الماء، وقضية التكوين المهني، وموضوع فيروس كورونا، خصصت لها ما بين جلستين (02) وتسع جلسات (09)، فيما خصصت لـمسألة الهجرة وسلوكات عناصر الأمن والمجال الصناعي جلسة واحدة لكل منهما.
يتضح من خلال جلسات العمل المنعقدة بخصوص الموضوع الواحد، الطبيعة المواكِبة لهذه الجلسات، فالأمر لا يقف عند إثارة الانتباه للمشكل المدرج على أجندة السياسة العامة للدولة، أو استفسار هذا المسؤول أو ذاك بخصوص قضية من القضايا أو مسألة من المسائل، بل يتجاوز ذلك إلى بحث الموضوع في جزئياته وتفاصيله، بما يعنيه من حرصٍ على تتبع تقدّم الأشغال، كما حصل بشأن جلسة العمل حول “تأهيل عرض التكوين المهني وتجديد الشعب والمناهج البيداغوجية”، المنعقدة بتاريخ 28 فبراير 2019، حيث حرص بلاغ الديوان الملكي على الإشارة إلى أن الجلسة المذكورة تأتي “استكمالا للاجتماعين السابقين المخصصين لقطاع التكوين المهني”[56].
لا يقف الأمر عند ذلك، بل إن بعض الجلسات قد شهدت تنبيه الملك إلى ما قد يعترض الموضوع المدرج على جدول أعمال الجلسة من اختلالات أو عراقيل، كما حدث في الجلسة المخصصة لمتابعة موضوع تأهيل وتحديث قطاع التكوين المهني، بتاريخ 29 نونبر 2018، حيث أكد الملك على “ضرورة الانكباب على بعض النواقص التي تشوبه، وعلى مسألة ضبط مصادر وآليات تمويله”[57].
الجدول 10: عدد الجلسات المخصصة لكل موضوع
إحساس الجالس على العرش: الإحباط والرضى
لا توفر البلاغات الصادرة عن الديوان الملكي عقب انعقاد جلسات العمل، معطيات بخصوص تتبع السياسة العامة للدولة فقط، بل أيضاً – وهذا أمرٌ لا يقلّ أهمية – شعور الملك تجاه السير العام للخطط والبرامج والاستراتيجيات الموضوعة على طاولة جلسات العمل. نستشف من خلال مضامين بلاغات الديوان الملكي إحساسا بالرضا حول سير عدد من السياسات، لكن في المقابل، نلمس إحباطا لدى الملك تجاه تنفيذ سياسات أخرى، من ذلك مثلا تنبيه[58] الملك لتعثر تنفيذ مخطط التسريع الصناعي لجهة سوس ماسة[59]، والذي يشكل المنطلق للتنزيل الجهوي للاستراتيجية الصناعية الوطنية. مضمون هذا التنبيه أن المخطط “لـم يعرف أي تقدم منذ إطلاقه”[60]، الأمر الذي استوجب من “القطاع المعني، تحمل مسؤولياته، قصد الإسراع بتنزيله داخل الآجال المحددة”[61].
على العكس من ذلك، فإن جلسات العمل المخصصة للمجال الطاقي، تميزت بتعبير الملك عن رضاه بخصوص العمل المنجز، حيث ورد في بلاغ الديوان الملكي بشأن جلسة العمل المخصصة لدراسة مستوى تقدم مشاريع الطاقات المتجددة التي تشرف عليها الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (مازن)، المنعقدة بتاريخ 26 أبريل 2018، تعبير الملك عن “ارتياحه للتقدم المسجل لغاية اليوم”[62]، وهو ما تكرر في الجلسة الأخيرة، ضمن سلسلة جلسات العمل المخصصة للمسألة الطاقية، حيث جاء في بلاغ الديوان الملكي، أن الملك أعرب عن “ارتياحه للإنجازات المسجلة إلى غاية اليوم”[63]. يتّضح أن لغة بلاغات الديوان الملكي ميّزت بين “التقدم المسجل”، وبين “الإنجاز”، وهو مسارٌ ممتدٌ من الفعل والتتبع المواكِب منذ مرحلة الإعداد وصولا إلى لحظة تنزيل استراتيجية الطاقات المتجددة.
مسار متعثر نحو الدسترة
يحيل مفهوم الدسترة Constitutionnalisation على معنى تضمين القانون التأسيسي مقتضىً ما، ويتم التمييز في هذا الباب بين دسترة منشِئة، أي عندما ينص الدستور على مقتضىً لأول مرة، كأن ينشئ مؤسسة جديدة (المجلس الأعلى للأمن/ الفصل 54/فق.1)، أو يضيف اختصاصا جديدا (الدفع بعدم دستورية القوانين/ ف 133)، أو يعتبر أن الحريات والحقوق الأساسية تبقى مكفولة خلال فترة إعلان حالة الاستثناء (الفصل 59/فق.3).
إلى جانب ذلك، نجد دسترةً كاشفةً، أي عندما يتم دسترة مقتضىً جرت به أطوار الممارسة ومقتضيات العرف، كما هو الشأن مثلا بخصوص اجتماعات مجلس الحكومة خلال فترة ما قبل دستور 2011، الذي كانت تنعقد دون أن ينصّ على ذلك دستور من الدساتير التي عرفها المغرب ابتداء من سنة 1962، ودون أن يطعن أحدٌ في مخرجاته ذات الصلة بالنصوص والسياسات، إلى أن تمت دسترته بموجب الفصل 92 من الدستور.
علاقة بما سبق، ينصّ الفصل 92 من دستور 2011 على جملةٍ من النصوص والقضايا التي يتداول في شأنها مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيسها، غير أن المجلس المذكور دأبَ على التداول في مشاريع القوانين التنظيمية[64]، دون أن نجدَ لذلك سنداً في الفصل 92، بل يتداول بشأنها المجلس الوزاري طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، من منطلق أن فعلَ الدسترة يضفي الشرعية على الممارسات والإجراءات.
ما يسري على تداول مجلس الحكومة في مشاريع القوانين التنظيمية خارج المقتضيات الشكلية والإجرائية التي أسس لها دستور 2011، يسري أيضاً على جلسات العمل التي يترأسها الملك، فالدستور لا يوفر غطاءً لهذا النوع من الجلسات، وحتى الرأي القائل بكونها تجد سندها في أحكام الفصل 42 (الفقرة الأولى) من الدستور[65]، فإن الفقرة الثالثة منه لا تعضد حجة هذا الرأي، من خلال تنصيصها على أنه “يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور”. إن مسار دسترة جلسات العمل التي يترأسها الملك يطرح عددا من الإشكاليات، من حيث زمنية انعقادها، وطبيعة الحضور فيها، والجهة المكلفة بإعداد جدول أعمالها، وطبيعة النصوص والقضايا التي تتداول في شأنها، ثـم علاقة كل ذلك بالسياسة العامة للدولة والسياسات العمومية، فإذا كانت أشغال مجلس الحكومة منظمة بقانون تنظيمي يحدد شكليات انعقاد اجتماعاته، فإن المجلس الوزاري متحررٌ من هذا الضبط، شأنه في ذلك شأن جلسات العمل، وأي دسترة لها في المستقبل قد يقيّد من مرونة انعقادها التي يسمح لها به العرف المتواتر المنفلت من قبضة النص الدستوري.
على سبيل الختم
كثيرا ما كان الملك الراحل الحسن الثاني يردد أن “العرش ليس أريكة فارغة”، لذلك فإن جلسات العمل التي يترأسها الملك تسعى إلى تأكيد الحضور التنفيذي للملك، وإدارته لشؤون الدولة، وحرصه على تتبع القضايا والملفات ذات الطابع الاستراتيجي والمستجدّ، وهو الأمر الذي يُضعف من دور رئاسة الحكومة، ويجعلها تجتهد فقط في تنفيذ القرارات التي تصدر عن جلسات العمل.
الهوامش
[1]– صدر الأمر بتنفيذ الدستور بتاريخ 29 يوليوز 2011، ونشر بالجريدة الرسمية في اليوم الـموالي.
[2]– خصص اجتماع المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 10 يناير 2017، للمصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي، بينما انعقد مجلس وزاري ثان بتاريخ 25 يونيو 2017، واجتماع ثالث في 2 أكتوبر 2017، خصص أساسا لعرض التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2018، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور.
[3]– أنظر البيان الصادر عن اجتماع المجلس الوزاري في موقع الأمانة العامة للحكومة.
[4]– يشكل موضوع الـمياه النظيفة، الهدف السادس ضمن أهداف التنمية المستدامة البالغ عددها 17 هدفاً، وذلك بسبب ما أصبح يثيره العطش من قلق، الأمر الذي يستدعي مزيدا من التخطيط المستدام للحفاظ على هذه المادة الحيوية.
[5]– جدير بالذكر أنه خلال أشغال اجتماع المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 2 أكتوبر 2017، أثار الملك الانتباه لـمشكل خصاص الـماء الصالح للشرب وميّاه الرعي في المناطق القروية والجبلية، وأعطى توجيهاته لرئيس الحكومة قصد ترؤس لجنة تنكب على دراسة هذا الموضوع من أجل إيجاد الحلول الملائمة.
[6]– تحرص البلاغات الصادرة عن الديوان الملكي بخصوص جلسات العمل، على ترتيب رئيس الحكومة أولا، يليه مستشارو الملك، ثـم الوزراء، فمديري المؤسسات والمقاولات العمومية.
[7]– يتم ترتيب أسماء الوزراء الحاضرين في جلسات العمل، من خلال بلاغات الديوان الملكي، استنادا إلى آخر ظهير خاص بتعيين أعضاء الحكومة، لذلك نجد أن وزير الداخلية يتصدّر اللائحة، ثـم يليه وزير العدل، فباقي أعضاء الحكومة.
[8]– حضر الكاتب العام لقطاع التشغيل في جلسة العمل المخصصة لقطاع الهجرة، المنعقدة بتاريخ 10 شتنبر 2013.
[9]– ينص الفصل 49 من الدستور على أنه “يتداول المجلس الوزاري في القضايا والنصوص التالية (..)”، وينص الفصل 92 من الدستور على أنه “يتداول، مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص التالية (..)”.
[10]– تـم الاقتصار على ذكر العناصر ذات الصلة بالتحليل فقط.
[11]– المملكة المغربية، مجلس النواب، الإطار المرجعي لتقييم السياسات العمومية، منشورات مجلس النواب (1)، ص 29.
[12]– المصدر نفسه.
[13]– ورد في دستور 2011 عددٌ من التعابير التي تدور في فلك السياسة العامة والسياسات العمومية، من ذلك مثلا: “يتداول مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص التالية: – السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري”/ الفصل 92 (البند 1)؛ “تُقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتُقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة”/ الفصل 100 (الفقرة 3)؛ “تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة (..)”/الفصل 137؛ “تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها”/ الفصل 13؛ “يصوت البرلـمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية”/ الفصل 70 (الفقرة 2)؛ “يتداول مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص التالية: –السياسات العمومية”/ الفصل 92 (البند 2)؛ “تُخصص جلسة سنوية من قبل البرلـمان لـمناقشة السياسات العمومية وتقييمها”/ الفصل 101 (الفقرة 2)؛ “يتداول مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص التالية: – السياسات القطاعية؛” الفصل 92 (البند 3)؛ “تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية“/ الفصل 137.
[14]– تنص الفقرة الأولى من الفصل 42 من الدستور على الأحكام التالية: “الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة”.
[15]– ينص الفصل 89 من الدستور على الأحكام التالية: “تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية”.
[16]– كانت الدساتير المغربية والمراجعات المتعاقبة تنص على صيغة “الوزير الأول”، كما ورد ذلك مثلا في أحكام الفصل 24/فق.1 من المراجعة الدستورية لسنة 1996: “يعين الـملك الوزير الأول”. لكن هذه التسمية تغيّرت بموجب أحكام الفصل 47/فق.1 من دستور 2011: “يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها”.
[17]– تـمَّ تعيين عباس الفاسي وزيرا أولا بتاريخ 19 شتنبر 2007، على إثر نتائج انتخابات 7 شتنبر 2007، التي عرفت نسبة مشاركة انتخابية متدنية. أنظر في هذا الشأن:
– ظهير شريف رقم 1.07.194 صادر في 6 رمضان 1428 (19 سبتمبر 2007) بتعيين السيد عباس الفاسي وزيرا أول. الجريدة الرسمية عدد 5563، بتاريخ 11 رمضان 1428 (24 سبتمبر 2007)، ص 3145.
– ظهير شريف رقم 1.07.200 صادر في 3 شوال 1428 (15 أكتوبر 2007) بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 5570، بتاريخ 6 شوال 1428 (18 أكتوبر 2007)، ص 3408.
[18]– تـم تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة بتاريخ 29 نونبر 2011، على إثر نتائج انتخابات 25 نونبر 2011 السابقة لأوانها، التي تعد أول انتخابات تجرى بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ. أنظر في هذا الشأن:
– ظهير شريف رقم 1.11.83 صادر في 3 محرم 1433 (29 نوفمبر 2011) بتعيين السيد عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة. الجريدة الرسمية عدد 6000، بتاريخ 5 محرم 1433 (فاتح ديسمبر 2011)، ص 5700.
– ظهير شريف رقم 1.12.01 صادر في 9 صفر 1433 (3 يناير 2012) بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 6009 مكرر، بتاريخ 10 صفر 1433 (4 يناير 2012)، ص 154.
[19]– عبد العلي حامي الدين، “دفاعا عن الدستور”، هسبريس، 01 شتنبر 2012.
[20]– توفيت بتاريخ 16 دجنبر 2015.
[21]– بتاريخ 6 دجنبر 2011 أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن الملك محمد السادس قد عين ياسر الزناكي مستشار ملكيا. وقد كان الملك قد عينه وزيرا للسياحة والصناعة التقليدية بتاريخ 4 يناير 2010. أنظر في هذا الصدد:
– ظهير شريف رقم 1.10.01 صادر في 18 من محرم 1431 (4 يناير 2010) بتغيير الظهير الشريف رقم 1.07.200 الصادر في 3 شوال 1428 (15 أكتوبر 2007) بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 5804، بتاريخ 28 محرم 1431 (14 يناير 2010)، ص 107.
– بموجب الظهير الشريف رقم 1.12.02 الصادر في 9 صفر 1433 (3 يناير 2012) عين السيد ياسر الزناكي مستشارا للملك ابتداء من 9 صفر 1433 (3 يناير 2012)، الجريدة الرسمية عدد 6010، بتاريخ 11 صفر 1433 (5 يناير 2012)، ص 164.
[22]– بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.196 الصادر في 11 من محرم 1433 (7 ديسمبر 2011) عين فؤاد عالي الهمة مستشارا للملك ابتداء من 11 من محرم 1433 (7 ديسمبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 6006، بتاريخ 26 محرم 1433 (22 ديسمبر 2011)، ص 6153.
[23]– يعتبر فاضل بنيعيش زميل الملك في المدرسة المولوية، والذي شغل أيضا مهمة سفير لدى المملكة الإسبانية، بعد تعيينه في هذا المنصب خلال اجتماع المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 11 فبراير 2013.
[24]– بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.185 الصادر في 9 محرم 1433 (5 ديسمبر 2011)، عين عمر عزيمان مستشارا للملك ابتداء من 3 محرم 1433 (29 نوفمبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 6003 بتاريخ 16 محرم 1433 (12 ديسمبر 2011)، ص 5918.
[25] – تـم تعيين عمر عزيمان رئيسا منتدبا للمجلس الأعلى للتعليم، بتاريخ 20 غشت 2013، وفي 16 يوليوز 2014، تـم تنصيب أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وتعيين عمر عزيمان رئيسا له.
[26]– تـمت دسترة المجلس الأعلى للتعليم منذ دستور 1970 (الفصل 33) في سياق مخرجات ما عرف بانتفاضة 23 مارس 1965، باعتبارها أحد أقوى الديناميات الاحتجاجية التي بصمت تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، في حين نصّ الفصل 168 من دستور 2011 على أنْ يحدث مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، باعتباره هيئة استشارية، مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، وكذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين وسيرها. كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال.
[27]– تـم احداث الوكالة المغربية للطاقة الشمسية سنة 2010، وأصبح اسمها منذ 2016: “الوكالة المغربية للطاقة المستدامة”، وتعتبر في حكم القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا مقاولة عمومية استراتيجية، أنظر في هذا الصدد:
– ظهير شريف رقم 1.12.20 صادر في 27 من شعبان 1433 (17 يوليو 2012) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور. الجريدة الرسمية عدد 6066، بتاريخ 29 شعبان 1433 (19 يوليو 2012)، ص 4237.
– ظهير شريف رقم 1.18.23 صادر في 8 رجب 1439 (26 مارس 2018) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 27.17 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20 بتاريخ 27 من شعبان 1433 (17 يوليو 2012)، الجريدة الرسمية عدد 6659، بتاريخ 8 رجب 1439 (26 مارس 2018)، ص 1716.
– ظهير شريف رقم 1.10.18 صادر في 26 من صفر 1431 (11 فبراير 2010) بتنفيذ القانون رقم 57.09 المحدثة بموجبه الشركة المسماة «الوكالة المغربية للطاقة الشمسية» «MOROCCAN AGENCY FOR SOLAR ENERGY» . الجريدة الرسمية عدد 5822، بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1431 (18 مارس 2010)، ص 1127.
– ظهير شريف رقم 1.16.132 صادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 37.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 57.09 المحدثة بموجبه الشركة المسماة «الوكالة المغربية للطاقة الشمسية» «MOROCCAN AGENCY FOR SOLAR ENERGY». الجريدة الرسمية عدد 6502، بتاريخ 20 ذو الحجة 1437 (22 سبتمبر 2016)، ص 6823.
[28]– يفترض هذا الوضع تغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا في كل مرة، فبين سنة 2012 وسنة 2020، تـم تعديله خمس مرات.
[29]– الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، الموقع الإلكتروني للوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج.
[30]– ظهير شريف رقم 1.13105 صادر في 8 ذي الحجة 1434 (14 أكتوبر 2013) بتغيير الظهير الشريف رقم 1.12.01 الصادر في 9 صفر 1433 (3 يناير 2012) بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 6195، بتاريخ 8 ذو الحجة 1434 (14 أكتوبر 2013)، ص 6500.
[31]– ظهير شريف رقم 1.17.07 صادر في 9 رجب 1438 (7 أبريل 2017)، بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 6558 مكرر، بتاريخ 9 رجب 1438 (7 أبريل 2017)، ص 2581.
[32]– أنظر في هذا الصدد: ظهير شريف رقم 1.19.22 صادر في 15 من صفر 1441 (14 أكتوبر 2019) بتغيير الظهير الشريف رقم 1.17.07 الصادر في 9 رجب 1438 (7 أبريل 2017). الجريدة الرسمية عدد 6822 مكرر، بتاريخ 19 صفر 1441 (18 أكتوبر 2019).
[33]– بلاغ الديوان الملكي بخصوص جلسة العمل المتعلقة بإشكالية الماء المنعقدة بتاريخ 7 يناير 2020.
[34]– يحيل حراك الريف على الدينامية الاحتجاجية التي انطلقت إثر الوفاة التراجيدية لبائع السمك محسن فكري بمدينة الحسيمة يوم 28 أكتوبر 2016، بعد مصادرة سلعته، الأمر الذي كانت له تداعيات كبرى على الوضع السياسي العام، لــم يشهد لها المغرب مثيلا منذ احتجاجات حركة 20 فبراير 2011، حيث اتّسم حراك الريف بجملة من الخصائص المميزة، أبرزها مشروعية المطالب وسلمية التعبير عنها، من منطلق تلك اللحمة الجامعة التي تغذيها ثلاثية الأرض والإنسان واللغة في تكثيفٍ لـمعاني الهوية ومقتضيات الانتماء.
[35]– صدر بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 4 أبريل 2019، ورد فيه أن الملك ترأس بالرباط “جلسة تقديـم خارطة الطريق المتعلقة بتطوير التكوين المهني وإحداث “مدن المهن والكفاءات” في كل جهة”، حيث يتعلق الأمر بالإعلان عن خارطة الطريق، والتي تميزت بحضور عدد كبير من المسؤولين، ولـم يرد في بلاغ الديوان الملكي عبارة “جلسة عمل”.
[36]– ليس من أهداف هذه الدراسة التثبت من الوقائع بخصوص هذه المسألة، وإبراز وجهات النظر المختلفة من هذا الموضوع.
[37]– بلاغ الديوان الملكي.
[38]– ينتمي فيروس “covid-19″، إلى عائلة الفيروسات التاجية التي تستهدف الجهاز التنفسي، ظهر أول الأمر في مدينة ووهان الصينية في دجنبر 2019، وسجّل المغرب أول إصابة بالفيروس المذكور بتاريخ 2 مارس 2020.
[39]– أعلنت وزارة الصحة بتاريخ 22 فبراير 2020 انتهاء فترة الحجر الصحي لفائدة 167 شخصا.
[40]– كما هو الشأن مثلا بخصوص جلسة العمل المخصصة لتأهيل عرض التكوين المهني وتجديد الشعب والمناهج البيداغوجية، المنعقدة بتاريخ 28 فبراير 2019.
[41]– كما هو الحال بخصوص جلسة العمل المخصصة للقطاع الطاقي، وأساسا البرنامج الوطني لتنمية الطاقات المتجددة، المنعقدة بتاريخ 14 أكتوبر 2015.
[42]– بلاغ الديوان الملكي بخصوص جلسة العمل المخصصة لتقدم سير البرامج المندمجة في مجال الطاقات المتجددة، الشمسية والريحية، المنعقدة يوم 22 شتنبر 2011.
[43]– تنص الـمادة 14/فق.1 من القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بأشغال الحكومة على المقتضيات التالية: “يعقد مجلس الحكومة اجتماعاته مرة في الأسبوع على الأقل، إلا إذا حال مانع من ذلك”. أنظر في هذا الصدد: ظهير شريف رقم 1.15.33 صادر في 28 من جمادى الأولى 1436 (19 مارس 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها. الجريدة الرسمية عدد 6348، بتاريخ 12 جمادى الأخرة 1436 (2 أبريل 2015)، ص 3517.
[44]– تتحدد حالات تقديـم أو تأخير انعقاد اجتماع مجلس الحكومة في تزامنه مع نشاط ملكي أو عطلة رسمية، كما أن الممارسة أفرزت انعقاده يوم الأحد، كما هو الشأن مثلا بخصوص الاجتماع المنعقد بتاريخ 22 مارس 2020، للتداول في مشروع مرسوم بقانون رقم 2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، ومشروع مرسوم رقم 2.20.293 يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا «كوفيد – 19»”.
[45]– تـم الاقتصار على دراسة اجتماعات المجلس الوزاري الـمنعقدة خلال فترة ما بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ.
[46]– خلال الفترة المدروسة دائما (شتنبر 2011- مارس 2020).
[47]– بلاغ الديوان الملكي.
[48]– بتاريخ 4 أكتوبر 2015.
[49]– بتاريخ 26 شتنبر 2016.
[50]– الفصل 62 من دستور 2011.
[51]– حسن طارق، “جلسة عمل ملكية في زمن انتخابي: محاولة قراءة”، هسبريس، 27 شتنبر 2016.
[52]– انطلقت الحملة الانتخابية في الساعة الأولى من يوم السبت 24 شتنبر 2016، وانتهت في الساعة الثانية عشر ليلا من يوم الخميس 6 أكتوبر 2016.
[53]– استطاع حزب العدالة والتنمية تصدّر نتائج انتخابات أعضاء مجلس النواب للمرة الثانية على التوالي بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ، وعلى إثر نتائج انتخابات 7 أكتوبر 2016، استقبل الملك بتاريخ 9 أكتوبر 2016 عبد الإله بنكيران وكلفه بتشكيل الحكومة، وهو ما تعذّر عليه بسبب خلافات واسعة مع عدد من الأحزاب السياسية خلال مشاورات تشكيل الحكومة. وبتاريخ 15 مارس 2017، تـم إعفاء عبد الإله بنكيران من هذه المهمةـ التي أسندت في اليوم الموالي (17 مارس 2017) إلى سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، وبتاريخ 7 أبريل 2017 تـم تعيين أعضاء الحكومة من طرف الملك. أنظر في هذا الصدد:
– ظهير شريف رقم 1.17.04 صادر في 18 من جمادى الآخرة 1438 (17 مارس 2017) بتعيين السيد سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، الجريدة الرسمية عدد 6554، بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1438 (23 مارس 2017)، ص 896.
– ظهير شريف رقم 1.17.07 صادر في 9 رجب 1438 (7 أبريل 2017) بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 6558 مكرر، بتاريخ 9 رجب 1438 (7 أبريل 2017)، ص 2580.
[54]– ظهير شريف رقم 1.13105 صادر في 8 ذي الحجة 1434 (14 أكتوبر 2013) بتغيير الظهير الشريف رقم 1.12.01 الصادر في 9 صفر 1433 (3 يناير 2012) بتعيين أعضاء الحكومة. الجريدة الرسمية عدد 6195، بتاريخ 8 ذو الحجة 1434 (14 أكتوبر 2013)، ص 6500.
[55]– بما فيها جلسة العمل الخاصة بمشروع خط أنابيب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، المنعقدة بتاريخ 13 دجنبر 2016.
[56]– بلاغ الديوان الملكي.
[57]– بلاغ الديوان الملكي.
[58]– يتعلق الأمر بجلسة العمل المخصصة لمتابعة موضوع تأهيل وتحديث قطاع التكوين المهني، المنعقدة بتاريخ 29 نونبر 2018.
[59]– أعطى الملك انطلاقته في مدينة أكادير بتاريخ 28 يناير 2018.
[60]– بلاغ الديوان الملكي.
[61]– المصدر نفسه.
[62]– بلاغ الديوان الملكي، جلسة العمل المخصصة لدراسة مستوى تقدم مشاريع الطاقات المتجددة التي تشرف عليها الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (مازن)، المنعقدة بتاريخ 26 أبريل 2018.
[63]– بلاغ الديوان الملكي، جلسة العمل المخصصة لتنزيل استراتيجية الطاقات المتجددة، المنعقدة بتاريخ 1 نونبر 2018.
[64]– مثال ذلك: تداول مجلس الحكومة بتاريخ 18 يوليوز 2013 في مشروع قانون تنظيمي رقم 066.13 يتعلق بالمحكمة الدستورية، وقد تقرر بعد مناقشته، الموافقة عليه مع الآخذ بعين الاعتبار التعديلات المقدمة بعد دراستها، تمهيدا لعرضه على مداولات مجلس وزاري مقبل، وهو ما تـم بتاريخ 15 أكتوبر 2013.
[65]– التي تنص على الأحكام التالية: “الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة”.[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]
عبد الرحمان علال
حاصل على شهادة الدكتوراه في القانون العام من كلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، في موضوع: "حقوق الإنسان في تصور الحركة الإسلامية بالمغرب: الخطاب والممارسة"، وأيضا على شهادة الـماستـر في تخصص صياغة النصوص القانونية والعمل البرلماني. مهتمٌ بقضايا الدستورانية والإسلام السياسي والقانون الدستوري لحقوق الإنسان. شارك في مؤتمرات وأعمال جماعية، وصدرت له دراسات محكّمة داخل المغرب وخارجه. يعمل أيضاً مستشاراً في التشريع والسياسات العمومية وحقوق الإنسان لدى المنظمات غير الحكومية داخل المغرب وخارجه.