الأبحاثالاصلاحات المؤسساتيةتجربة الحكومة المفتوحة بالمغرب : السياق والأهداف والحصيلة

بعد خمس سنوات من تبني فكرة الحكومة المفتوحة، لا يزال هناك العديد من الأهداف المسطرة لم تتحقق، لا سيما تلك المرتبطة بمجال الشفافية والنزاهة والوجود الواقعي الملموس لفكرة الحكومة المفتوحة، بسبب غياب الاطار القانوني الواضح المهيكل لعملها

بعد خمس سنوات من تبني فكرة الحكومة المفتوحة، لا يزال هناك العديد من الأهداف المسطرة لم تتحقق، لا سيما تلك المرتبطة بمجال الشفافية والنزاهة والوجود الواقعي الملموس لفكرة الحكومة المفتوحة، بسبب غياب الاطار القانوني الواضح المهيكل لعملها.

 

تحميل المقال

 

مقدمة

انضم المغرب إلى مبادرة الحكومة المفتوحة أو “مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المفتوحة” سنة 2018، وذلك 7 سنوات بعد اعتماد الدستور الجديد والإعلان عن هذه المبادرة خلال الجلسة الافتتاحية السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر شتنبر 2011. وترتكز هذه المبادرة على أربعة محاور أساسية، لا سيما شفافية الميزانية والولوج للمعلومة ونشر والتصريح بممتلكات المنتخبين والمسؤولين العموميين ومشاركة المواطنين في العمل الحكومي وضرورة إعداد المشروع الحكومي المتعلق بالحكومة المفتوحة. ومنذ انضمامه إلى هذه المبادرة عمل المغرب على تحقيق هذه الأهداف من خلال سلسلة من الإجراءات (خطة العمل الوطنية الأولى2018-2020 والثانية2021-2023).

ولكن بعد أكثر من خمس سنوات من تبني هذه المبادرة، لا يزال هناك العديد من الأهداف المسطرة أو مما تقتضيه مرجعيات المبادرة لم تتحقق، لا سيما تلك المرتبطة بمجال الشفافية والنزاهة والوجود الواقعي الملموس لفكرة الحكومة المفتوحة في التنظير والممارسة بالإدارة المغربية، ويبدو أن سبب ذلك راجع بالأساس إلى غياب الاطار القانوني الواضح المهيكل لعمل الحكومة المفتوحة، ونتيجة لذلك فإن الجهة الإدارية التي تسير الحكومة المفتوحة بحكم الواقع هي وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وبالتالي يطرح دائما مشكل الاستقلالية المؤسساتية لعمل مبادرة الحكومة المفتوحة. كما أن طريقة اختيار ممثلي المجتمع المدني في لجنة القيادة تحتاج إعادة نظر في التركيبة لتكون أكثر تمثيلية لمختلف الفئات والجهات في المغرب، فضلا عن منهجية الاشتغال وتجانسه وعدم كفاية التعبئة لفكرة الحكومة المفتوحة والتعريف بها لدى الرأي بشكل أكبر بسبب قلة أو انعدام الموارد المخصصة لها.

سنقوم في هذه الورقة بتناول موضوع “تجربة الحكومة المفتوحة بالمغرب” من خلال التعريف بهذه التجربة والحديث عن السياق الذي جاءت فيه وأهدافها والحصيلة التي أنجزتها خلال الخمس سنوات الماضية، وأخيرا رصد بعض الملاحظات وربطها ببعض الاقتراحات.

  1. الحكومة المفتوحة بالمغرب: السياق والمرجعية

تستند فكرة الحكومة المفتوحة  Open Government Partnership على مبدأ “التشاركية”، الذي أضحى قاعدة دستورية في العديد من دساتير دول العالم، حيث ينبغي إشراك المواطنين، بشكل معين، في تدبير الشأن العام وإنتاج السياسيات العمومية وذلك بالاعتماد على وسائل معيارية تمكن المواطنين من تتبع هذه السياسات بشكل سلس وسهل قصد تقييمها ومساءلتها.

وتتجسد فكرة “الحكومة المفتوحة” في أرض الواقع عن طريق إحداث لجان مستقلة ومختلطة تجمع بين الإدارة والمجتمع المدني في الدول المنخرطة في المبادرة لمواكبة تطبيق الإدارة العمومية لمبدأ التشاركية وما يرتبط بها من مبادئ تهدف في النهاية لتدبير شفاف للمرافق العمومية وفق استراتيجيات موضوعة سلفا تتضمن العديد من الالتزامات، بحيث تشتغل هذه اللجان وفق معايير متفق عليها بين الدول الأعضاء مع وضع آليات لتقييمها بشكل دوري، فضلا عن اشتراط عدة شروط لها ارتباط بمجال اشتغال الحكومة المفتوحة أمام الدول الراغبة بالانضمام إلى هذه المبادرة.

وقد جاءت مبادرة الحكومة المفتوحة أو “مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المفتوحة” أول الأمر من قبل ثمان دول هي البرازيل وأندونيسيا والمكسيك والنرويج والفلبين وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وتمّ الإعلان عنها خلال الجلسة الافتتاحية السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 سبتمبر2011، وتشرف على هذه المبادرة لجنة قيادية مكونة من 22 عضوا ممثلين لحكومات البلدان العضوة بالمبادرة وممثلين عن المجتمع المدني الدولي، وتضم في عضويتها حاليا 77 دولة[1]. ويشترط للانضمام إلى هذه المبادرة عدة شروط، تتعلق بأربعة محاور أساسية، هي: شفافية الميزانية والولوج للمعلومة، ونشر والتصريح بممتلكات المنتخبين والمسؤولين العمومين، ومشاركة المواطنين في العمل الحكومي مع شروط شكلية أخرى، وضرورة إعداد المشروع الحكومي المتعلق بالحكومة المفتوحة.

 إن عمل الحكومة المفتوحة يستند إلى تطبيق مبادئ عامة وعالمية كالشفافية والمساءلة للوصول إلى مبدأ أكبر وهو إشراك المواطنين في تسيير الشأن العام “مبدأ التشاركية”، وبالتالي فإن أي تعريف لها يجب أن لا يخرج عن هذه المبادئ والأهداف، ومع ذلك رصدت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن بعض الدول تفسر هذه المبادئ التعريفية الموحدة بشكل مختلف تبعا لمصلحة صانعي السياسات العمومية فيها، وما ينطوي عليه ذلك من عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية[2]. وسعيا من ذات المنظمة في الوصول إلى هدف التعريف الموحد والمعياري تم تعريف الحكومة المفتوحة على أنها “ثقافة الحكم القائم على سياسات وممارسات مبتكرة ومستوحاة من مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة والتي تعزز الديمقراطية والنمو الشامل”[3].

وفي المغرب بدأت فكرة الحكومة المفتوحة تتبلور منذ المصادقة على دستور 2011 الذي تتضمن عدة مبادئ عامة تتقاطع مع مجال اشتغال مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المفتوحة حاليا، حيث تم التعبير من طرف المغرب على الانضمام لهذه المبادرة العالمية، و تم تأسيس لجنة لهذه الغاية في أكتوبر سنة 2012 قصد تفعيل التصريح الحكومي الذي صادق عليه البرلمان في يناير من ذات السنة والذي جعل من بين أهدافه تنزيل المقتضيات الدستورية وتحديد إجراءات كفيلة بتجسيد مبادئ الحكامة الجيدة والنزاهة والشفافية والمسؤولية وتم العمل من طرف القطاعات المعنية على توفير شروط الانضمام إلى هذه المبادرة، من خلال إعداد وتنفيذ عدة مشاريع لها ارتباط بموضوع الانضمام، “لاسيما تلك المتعلقة بشفافية الميزانية، والحصول على المعلومات، والنزاهة، والمشاركة المواطنة. وقد تكللت هذه الجهود بصدور القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات بالجريدة الرسمية بتاريخ 12 مارس 2018 ليستكمل المغرب هذه الشروط ويصبح بتاريخ 26 أبريل 2018 العضو 76 في مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة”[4].

وتعاون المغرب في هذا الاطار مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE التي تعمل على مواكبة مشروع الحكومات المفتوحة ، بحيث تدعم البلدان في “جهودها الرامية إلى بناء حكومات أكثر شفافية وخضوعا للمساءلة وتشاركية يمكن أن تعيد ثقة المواطنين وتعزز النمو الشامل للجميع. وهي توفر تحليلا متعمقا للسياسات والمبادرات الحكومية المفتوحة، وتقترن بتوصيات قابلة للتنفيذ، وتساعد على زيادة ادماج مبادئ وممارسات الحكومة المفتوحة في دورات صنع السياسات وتقييم آثارها ..”[5].

وتتألف الحكومة المفتوحة في المغرب حاليا من:

  • لجنة الاشراف: التي تضم ثمانية عشر عضوا نصفهم ممثلين عن مختلف الإدارات المعنية بمخطط عمل الحكومة المفتوحة ونصفهم الآخر من منظمات المجتمع المدني حيث يتم اختيار النصف الأخير من طرف لجنة مختلطة وفق معايير محددة سلفا بعد استفاء الجمعيات المترشحة للشروط المتضمنة في اعلان فتح باب الترشيح، ويتم تجديد الأعضاء كل سنتين مع عدم إمكانية الترشح لأكثر من ولايتين [6]، ويتمثل دور لجنة الإشراف في “وضع التوجهات الاستراتيجية للحكومة المنفتحة بالمغرب وتعبئة الفاعلين المعنيين”.
  • لجنة التنفيذ: التي “تتكون من رؤساء المشاريع المندرجة في إطار الخطة الوطنية للحكومة المنفتحة، ويتجلى دورها في تنفيذ التزامات المغرب وإعداد التقارير المرحلية حول تقدم إنجاز هذه الخطة”.
  • منتدى منظمات المجتمع المدني: وهو فضاء للاقتراح والتواصل والتحسيس، مفتوح في وجه كل منظمات المجتمع المدني المهتمة بمواضيع مبادرة الحكومة المنفتحة.”[7]

وتكمن المرجعية القانونية العامة المؤطرة للعمل والمبادئ والاهداف التي تشتغل عليها الحكومة المفتوحة في المغرب في دستور 2011 وكذا في عدة نصوص قانونية وتوجيهات وبرامج وتوصيات. وهكذا نص الفصل الأول من الدستور في فقرته الثانية على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم ” على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة[8]، وللإشارة فإن هذه المبادئ هي نفسها تقريبا التي تضمنها الإعلان المتعلق بالشراكة لأجل الحكومة المفتوحة سنة 2011[9].

وأما على مستوى النصوص القانونية فنجد أن أهمها القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وكذا القانون المتعلق بتقديم الملتمسات في مجال التشريع وتقديم العرائض للسلطات العمومية فضلا عن تفعيل المقاربة التشاركية على مستوى الجهات[10].  كما تجد الحكومة المفتوحة بالمغرب مرجعيتها أيضا في الرسائل والخطب الملكية في موضوع الإدارة وكذا في البرنامج الحكومي المقدم سنة 2012، فضلا عن المبادئ والتوصيات المتعلقة بمبادرة الشركة من أجل الحكومة المفتوحة (OGP)، وكذا تلك التي تصدرها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE).

  1. حصيلة خمس سنوات من التجربة

 يهدف الانضمام إلى الحكومة المفتوحة والاشتغال ببرامجها في المغرب إلى تطبيق مبادئ هذه الأخيرة في عمل الإدارة العمومية بشكل عام، وتتجسد هذه المبادئ المعلن عنها في : الشفافية والنزاهة والمشاركة.

وبعد انضمام المغرب إلى مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المفتوحة بتاريخ 26 أبريل 2018، عمل على انجاز مخطط وطني أول للفترة الممتدة من 2018 إلى 2020، ثم مخطط ثان يهم الفترة من 2021 إلى 2023 لتجسيد المبادئ الثلاث في السياسات العمومية للإدارة المغربية. وقد سطر مخطط العمل الوطني الأول[11] العديد من الالتزامات في مجال المبادئ التي تؤطر عمل هذه الحكومة، من خلال محاور تنوعت ما بين الحصول على المعلومات التي بحوزة الإدارة والنزاهة ومحاربة الفساد وشفافية الميزانية والمشاركة المواطنة والتواصل والتحسيس حول ورش الحكومة المفتوحة.

فيما ركزت خطة العمل الوطنية الثانية للفترة الممتدة من 2021 إلى [12]2023 على محاور الشفافية وجودة الخدمات العمومية و المساواة والشمولية والعدالة المنفتحة والمشاركة المواطنة والجماعات الترابية المنفتحة.

الجماعات الترابية المن ف ت ح

 ولأن عمل الحكومة المفتوحة في المغرب يقوم، وفق المعلن عنه في الوثائق المتضمنة لأديباتها، على التزام الصياغة التشاركية للمخططات (الإدارة والمجتمع المدني) وعلى التنفيذ والتقييم التشاركي لها[13]، فقد نشرت بوابة الحكومة المفتوحة حصيلة بنسب مئوية لإنجاز الالتزامات التي تضمنها مخطط العمل الوطني الأول للفترة الممتدة من 2018 إلى 2020 وحددت نسبة الإنجاز في الالتزامات التي تضمنها محاور المخطط كما يلي :

جدول 1: خطة العمل الوطنية للفترة 2018 – 2020

نسبة إنجاز الالتزامات: 84 في المائة

المحاور نسبة الإنجاز
الحصول على المعلومات

6 التزامات

98 في المائة
النزاهة ومكافحة الفساد

4 التزامات

80 في المائة
شفافية الميزانية

3التزامات

74 في المائة
المشاركة المواطنة

4 التزامات

72 في المائة
التواصل والتحسيس بأهمية الحكومة المنفتحة

التزام واحد

97 في المائة

المصدر : بوابة الحكومة المفتوحة

 

جدول 2: خطة العمل الوطنية للفترة 2021 – 2023 

نسبة إنجاز الالتزامات: 34 في المائة

نسبة التقدم الإجمالية:

عدد الالتزامات: 22

إلتزامات لم يشرع في تنفيذها: 16

التزامات في طور الإنجاز: 6

المحاور لم يشرع في تنفيذها في طور الانجاز نسبة الإنجاز
المساواة والشمولية

3 التزامات

0 3 43 في المائة
العدالة المنفتحة

3 التزامات

0 3 33,7 في المائة
المشاركة المواطنة

4 التزامات

0 4 52 في المائة

المصدر : بوابة الحكومة المفتوحة

 من أجل الوقوف بشكل عملي وتجريبي على مدى تحقيق انجاز بعض الالتزامات الواردة في المخطط الأول 2018-2020 تم إحداث بوابة شفافية[14] لهذا الغرض، تنفيذا للإلتزام السادس الخاص بإحداث بوابة خاصة بالشفافية الوارد في المحور الأول والمتعلق بالحصول على المعلومات التي بحوزة الإدارة، وتتضمن هذه البوابة مجموعة من المعطيات المرتبطة بالشفافية.

ففيما يخص الالتزام المتعلق بإحداث البوابة الوطنية للنزاهة الوارد في المحور الثاني الخاص بالنزاهة ومحاربة الفساد لم يتم إنجازه لحدود إعداد هذه الدراسة، وهذا يدعو إلى تسجيل ملاحظة متعلقة بالنسب المئوية المتعلقة بإنجاز الالتزامات المنشورة في بوابة الحكومة المفتوحة، وهي أنه يتعين توضيح كيفية الوصول إلى هذه النسب المئوية عن طريق ربطها بما تم إنجازه من التزامات حتى يسهل على المتصفح أو الدارس معرفة ما تم إنجازه تحديدا وما لم يتم.

 وإذا كانت هذه هي أهداف وحصيلة الحكومة المفتوحة بالمغرب[15]، فما هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها على هذه التجربة وتجاوزها لتطوير الأداء وفتح آفاق جديدة عن طريق الاستفادة من التراكم في مجال عمل هذه المبادرة الهامة ؟

 

  1. تجربة تتطلب تحسينات عدة

من أجل تطوير هذا المشروع، وتحقيق أهدافه الكبرى، وانطلاقا من التجربة والخبرة المكتسبة من خلال العضوية بالحكومة المفتوحة في الفترة الممتدة من 2018 إلى 2020، نقترح مجموعة من التوصيات بناء على الملاحظات التي تم تسجيلها والنواقص التي تم الوقوف عليها :

  • غياب الإطار القانوني الواضح المهيكل لعمل الحكومة المفتوحة؛ فمن الناحية الإدارية والمالية فالحكومة المفتوحة لا تتبع لأي وزارة معينة، وبالتالي ليس هناك جهة إدارية داخلية تؤطر عملها، فقط هناك أطر وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بتعاون مع رؤساء المشاريع بمختلف الإدارات المعنية بالتزامات الواردة في مخططات الحكومة المفتوحة، الذين يقومون بمجهودات على مستوى خدمة وتنفيذ مخرجات اجتماعات الحكومة المفتوحة، والحال أنه وعلى غرار باقي الهيئات يجب أن يصدر- مرسوم على الأقل -ينضم عملها إداريا وماليا وما يتطلبه ذلك من وضع نظام داخلي يحدد هياكل الحكومة المفتوحة ومقرها ولجانها وطريقة عملها وحفظ بياناتها والمصاريف المتربطة بعملها.
  • إنه نتيجة ونظرا لغياب هذا الاطار القانوني، فإن الجهة الإدارية التي تسير الحكومة المفتوحة بحكم الواقع هي وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وبالتالي يطرح هذا بشكل دائم مشكل الاستقلالية المؤسساتية لعمل الحكومة المفتوحة.
  • إن طريقة اختيار ممثلي المجتمع المدني في لجنة القيادة تحترم في الواقع إلى حد كبير معيار الشفافية والديمقراطية من خلال نشر معايير الاختيار وطريقته [16]، ولكن في نظري يجب توسيع تمثيلية المجتمع المدني عن طريق خلق هيئة المجلس الوطني الموسع لجمعيات المجتمع المدني بتمثيلية جهوية إلزامية (على شاكلة البرلمان) والذي يمكنه (أي المجلس الوطني أو أي تسمية مختارة معبرة عن المقصود) أن يجتمع مرتين في السنة ويناقش التوجهات العامة للجنة القيادة التي يجب أن تجتمع على الأقل مرة في الشهر للسهر على تنفيذ هذه التوجهات، صحيح أنه يوجد الآن فضاء منتدى المجتمع المدني، لكنه يبقى فضاء تشاركيا وتواصليا عاما ليس له صبغة الجهاز المنظم والمندرج ضمن أجهزة الحكومة المفتوحة.
  • إن من شأن هذا المقترح، أن يضمن تمثيلة جهوية للحكومة المفتوحة، كما أنه سوف يمكن لجنة القيادة من الإفادة من خبرات المجتمع المدني وادماجه في النقاش العام المؤطر في هذا “المجلس الوطني”، والاستفادة منه وهو ما سيعطي للمقاربة التشاركية بعدا مؤسساتيا هاما وسيتيح انتشار فكرة الحكومة المفتوحة أكثر فأكثر جهويا ووطنيا.
  • إن الحكومة المفتوحة بالمغرب هي بحاجة إلى التعريف بها وبأهدافها أكثر، إذ أنها لسيت منتشرة ولا معروفة عند الكثير من الفئات المهنية والأكاديمية، فضلا عن الرأي العام، وهذا يقتضي القيام بخطوات تواصلية كبيرة للتعريف بها في فضاء الجامعات وكل الفضاءات المرتبطة بالمعرفة والثقافة، فضلا عن استمرار المجهودات المبذولة على مستوى المحتويات الإعلامية وتطوريها ونشرها في كل الوسائط. كما يتعين بعد اختيار أعضاء الحكومة المفتوحة أن يتم تنظيم تكوين شامل لفائدة الأعضاء الجدد حول فكرة الحكومة المفتوحة وطريقة عملها وتحديد ما هو مطلوب منهم.
  • الاشتغال بطريقة اللجان الموضوعاتية التي تتيح ضبط المواضيع المشتغل عليها والتحكم في محاورها، مع إمكانية الاستعانة بالخبراء في المجالات المتخصصة حتى من خارج اللجان.
  • يجب تقوية أسس العمل وتجانسه بين أعضاء الحكومة المفتوحة، ولا سيما لجنة الاشراف، واعتبارهم فريقا واحدا مكونا من الأعضاء ممثلي الإدارة والمجتمع المدني لتحقيق أهداف الحكومة المفتوحة وليس فريقين مختلفين في منهجية الاشتغال أو لدى كل منهما هواجسه الخاصة.
  • يجب الاشتغال على البرامج التي تحدث الأثر في الواقع الملموس لدى المرتفقين، كإحداث البوابات التي تمكن من تقديم الخدمات المعلوماتية وتقديم الطلبات عبرها وتلقي الإجابات، كما هو موجود في فعلا في تجارب بعض الإدارات المغربية التي يجب تطوير تجاربها وتعميمها .
  • يجب أن يكون عمل ومخرجات الحكومة المفتوحة وبهذا الاسم واضحا في البرامج الحكومية وعمل الوزارات ومصالحها الخارجية، حتى يكون لعملها القيمة الإدارية اللازمة وكذا التعريف بها بشكل مباشر و غير مباشر.
  • إيجاد آلية لاشراك المؤسسات الدستورية المرتبطة بالحكامة والنوظمة وباقي المؤسسات الوطنية في برامج واستراتيجية الحكومة المفتوحة، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس المنافسة والمجلس الوطني لحقوقي الانسان والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ورئاسة النيابة العامة، وذلك لكون هذه المؤسسات لا تدبر العمل الحكومي بمعناه السياسي ومستقلة وبالتالي لا تنطبق عليها البرنامج والتصريح الحكومي الذي هو عبارة عن التزامات تعاقدية مع الناخبين وممثليهم في البرلمان، كما أن مجالات عمل الحكومة المفتوحة تتقاطع مع مجال اشتغال هذه المؤسسات في العديد من المواضيع.
  • تثمين عمل الحكومة المفتوحة وتحفيز المؤسسات الملتزمة معنويا، وذلك من خلال القيام بالتعريف بما قامت به الحكومة المفتوحة وما حققته من نتائج بواسطة المنصات الإعلامية المختلفة ولا سيما الاجتماعية منها، مع الحرص على المصداقية وبشكل استراتيجي وهادف مع الإعلان عن مبادرات للتحفيز كإنشاء الجائزة الوطنية للحكومة المفتوحة تمنح للوزارة والمؤسسات الأكثر إنجازا للالتزامات التي سطرتها الحكومة المفتوحة في مخططاتها وبذلك سيكون هناك أيضا، حافز أمام الفاعل السياسي وحتى الاداري المشرف على الوزارة أو المؤسسة على الانخراط في العمل أكثر فأكثر.

الهوامش

[1] للتفاصيل أكثر يرجى الاطلاع على الموقع الالكتروني لمبادرة الشراكة من اجل الحكومة المفتوحة على الرابط الآتي : https://www.opengovpartnership.org/fr/about/

[2] الحكومة المفتوحة، السياق العالمي والافاق المستقبلية، منشورات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لسنة 2016، ص : 03، متاح في موقع المنظمة على الرابط الآتي : https://www.oecd.org/gov/Open-Government-Highlights-ARA.pdf تم الاطلاع عليه بتاريخ 30-03-2022.

[3] الحكومة المفتوحة، السياق العالمي والافاق المستقبلية، م .س .ص : 03.

[4] يرجى الاطلاع على الموقع الرسمي لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة على الرابط الآتي :

https://www.mmsp.gov.ma/ar/decline.aspx?m=11&r=381

[5] الحكومة المفتوحة، السياق العالمي والافاق المستقبلية، منشورات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لسنة 2016، ص : 02، متاح في موقع المنظمة على الرابط الآتي : https://www.oecd.org/gov/Open-Government-Highlights-ARA.pdf تم الاطلاع عليه بتاريخ 30-03-2022.

[6] تتألف لجنة الانتقاء من ممثل عن المجتمع المدني يتم اختياره عن طريق التصويت في فضاء خاص بالمجتمع المدني ببوابة الحكومة المفتوحة، وممثل عن القطاع الخاص وممثل عن الجامعة و ممثلين عن مؤسسات وهيئات مستقلة تتولى اختصاصات مرتبطة مباشرة بمبادئ الحكومة المنفتحة ويحضر أشغال لجنة الانتقاء ممثل عن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وممثلين عن المنظمات الدولية المعنية، مع نشر المعلومات المتعلقة بمنهجية وعملية الانتقاء. للمزيد من التفاصيل حول عملية انتقاء وشروط الترشح للجنة القيادة للحكومة المفتوحة من طرف المجتمع المدني، أنظر : https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/M%C3%A9thodologieSelectionMembreCopil_ONG-2y6Wz.pdf

[7] انظر مخطط العمل الوطني للحكومة المفتوحة 2018-2020، ص : 06، منشور ببوابة الحكومة المنفتحة المغربية على الرابط الآتي : https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/%D9%85%D8%AE%D8%B7%D8%B7%20%D8%B9%D9%85%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-1emNy.pdf

[8] نص الدستور المغربي كذلك في الفصول 12-14-و25-27-28-29-36و156 15 على بعض القواعد التي تلامس مجال اشتغال الحكومة المفتوحة.

[9] استعراض منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول الحكامة العامة : الحكومة المنفتحة بالمغرب، منشورات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ص : 25، متاح في موقع المنظمة على الرابط الآتي : https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/Report–Open-Government-Morocco-Arabic-T0EDl.pdfتم الاطلاع عليه بتاريخ 03-04-2022.

[10] يتعلق الأمر بالقوانين الآتية :

 – القانون التنظيمي رقم 64-14 يتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع.

 – القانون رقم 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات .

 – القانون رقم 14-44 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية.

 – القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.

 – القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والاقاليم.

 – القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية .

[11] يمكن الاطلاع على هذا المخطط كاملا والذي يقع في 93 صفحة في بوابة الحكومة المنفتحة المغربية على الرابط الآتي : https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/%D9%85%D8%AE%D8%B7%D8%B7%20%D8%B9%D9%85%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-1emNy.pdf

[12] يمكن الاطلاع على خطة العمل الوطني كاملة والتي تقع في 102 صفحة في بوابة الحكومة المنفتحة المغربية على الرابط الآتي :

https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/Plan%20d’action%20OGP-nyPAe.pdf

[13] يمكن الاطلاع على الوثيقة في بوابة الحكومة المفتوحة على الرابط الآتي :

 https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/D%C3%A9pliant%20OGP-tyOUQ.pd

[14]– للإطلاع على البوابة: http://www.chafafiya.ma

[15] بالإضافة إلى هذين المخططين المذكورين أعلاه، عملت المحكومة المفتوحة عبر آليات اشتغالها على تنظيم العديد من الندوات واللقاءات الوطنية والجهوية وخلقت نقاشات عمومية مرتبطة بمجال اشتغالها، فضلا عن ان بعض هذه الأنشطة له علاقة بالالتزامات الواردة بالمخططين المذكورين.

[16] – مع تسجيل ملاحظة طرحها البعض بخصوص تعيين باقي أعضاء لجنة الانتقاء من غير العضو الممثل لجمعيات المجتمع المدني الذي يتم اختياره بالتصويت الالكتروني من طرف الجمعيات. للمزيد من التفاصيل حول عملية انتقاء وشروط الترشح للجنة القيادة للحكومة المفتوحة من طرف المجتمع المدني، أنظر : https://www.gouvernement-ouvert.ma/docs/M%C3%A9thodologieSelectionMembreCopil_ONG-2y6Wz.pdf

عبد اللطيف الشنتوف

عبد اللطيف الشنتوف

حاصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق، وأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط وسلا، ورئيس سابق لنادي قضاة المغرب، كاتب مقالات بعدة منابر وطنية عربية ودولية.