الأبحاثالتنمية الاقتصاديةتسقيف الدولة الاجتماعية

يتيح السجل الاجتماعي الموحد فرصة لتعزيز كفاءة المنظومة، التي تستهدف الفئات الأكثر هشاشة بما يحقق متطلبات الاستحقاق والانصاف، لكن قد يؤثر سلبا على بعض الفئات الأقل هشاشة مما قد يحد من الطابع الإدماجي للبرامج الاجتماعية ويكرس المزيد من الإقصاء.

يتيح السجل الاجتماعي الموحد فرصة لتعزيز كفاءة المنظومة، التي تستهدف الفئات الأكثر هشاشة بما يحقق متطلبات الاستحقاق والانصاف، لكن قد يؤثر سلبا على بعض الفئات الأقل هشاشة مما قد يحد من الطابع الإدماجي للبرامج الاجتماعية ويكرس المزيد من الإقصاء.

 

تحميل المقال

 

ملخص تنفيذي

 شرع المغرب في تفعيل السجل الاجتماعي الموحد كآلية لإعداد بنك معطيات مركزي، يحتوي على بيانات رسمية مُحَينَّة حول مؤشرات الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للأسر، والتي يتم في ضوئها تطوير “منظومة الاستهداف” بناءً على معايير موضوعية، تمكن من تحديد قوائم المستفيدين من مختلف البرامج الاجتماعية التي توفرها الحكومة.

 تناقش هذه الورقة، التأثيرات الاجتماعية لهذا السجل في ضوء النصوص المرجعية والسياقات التدبيرية، وانطلاقا من فرضية تزعم بكون الاستحقاقات التي ستترتب عن إقامة المنظومة الجديدة للاستهداف الاجتماعي، ستُمكِّن من إدماج أكثر الفئات هشاشة وستعزز استفادتها من الدعم العمومي، لكن في المقابل يحتمل وقوع بعض المخاطر التي تهم إقصاء الطبقة الوسطى الهشة من شبكات الأمان الاجتماعي، وب”تسقيف” نموذج الدولة الاجتماعية ضمن إطار محدود، إذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية لمواجهة اكراهات هيكلية قد تحد تحقيق الرهانات الكبرى لهذا الورش.

 

مقدمة

شهد التدخل الاجتماعي بالمغرب تعديلات متتالية، سواء من حيث نطاق التدخل الذي كان يتقلص ويتوسع استجابة لتقلبات الظرفية الاقتصادية وتحولات الواقع الاجتماعي والسياسي، أو على صعيد المنهجية المتبعة في هندسة السياسات الاجتماعية، حيث تعددت “الوصفات” الرامية إلى التحكم في معدلات الفقر والإقصاء والهشاشة للحيلولة دون التأثير على السلم الاجتماعي. وعلى الرغم من التمويلات المرصودة لحل هذه المعضلة الاجتماعية فإن النتائج ظلت دون المستوى المأمول[1]. وذلك راجع لعوامل عديدة، لعل أبرزها هو قصور المقاربة المتبعة في تحديد الفئات المستهدفة، وفي قيادة برامج الدعم الاجتماعي التي تضاعفت وتكاثرت دون أن تُسهم بالشكل المطلوب في التخفيف من مؤشرات الفقر والإقصاء، مثلبرنامجي تيسير ومليون محفظة لدعم التمدرس، وبرنامج دعم الأرامل الحاضنات لأولادهن المتمدرسين، وبرنامج التكافل العائلي لفائدة المطلقة المعوزة وأطفالها. وهو ما أبرزته جائحة كورونا التي كشفت عن وجود ما يناهز 46% من السكان خارج منظومة الحماية الاجتماعية[2]، وأكثر من 5.5 مليون أسرة تعمل في القطاع غير المهيكَل، احتاجت إلى المساعدات التي قدمها الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا[3]، مع الصعوبات البالغة التي رافقت تحديد مستحقي الدعم وآليات تحويله وتتبعه.

 هذا المآل تطلب إجراء مراجعة جذرية للفعل العمومي الاجتماعي، من خلال السعي لبلورة قواعد بيانات مستقرة وآمنة حول حقيقة الوضعية الاجتماعية، ووضع معايير موضوعية ودقيقة لتحسين استهداف مستحقي المساعدات الاجتماعية، ناهيك عن الارتقاء بآليات التدبير والتتبع والتقييم، لخلق تجانس أكبر بين البرامج الاجتماعية، وهي الجهود التي توجت بإصدار القانون رقم 72.18 المتعلق بإحداث السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد، والوكالة الوطنية للسجلات[4]، وما تبعه من إجراءات تنظيمية وتدبيرية لإرسال منظومة متكاملة للاستهداف الاجتماعي.

 يُنتظر أن يسهم السجل الاجتماعي الموحد في عقلنة السياسات الاجتماعية بالمغرب، وذلك بجعلها تستند على بنك للبيانات الاجتماعية يساعد على تحقيق الإنصاف والإستحقاق، كما أن آليات تنزيل السجل تبشر بتعزيز حكامة تدبير البرامج الاجتماعية من خلال الوكالة الوطنية للسجلات كمؤسسة عمومية مكلفة بالإشراف على تدبير السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان وكذا تقديم الإستشارة للفاعلين العموميين فيما يتعلق بهندسة وتتبع وتدبير برامج الدعم. لكن في المقابل ثمة بعض التداعيات غير المرغوب فيها التي قد تنجم عن تفعيل السجل الاجتماعي الموحد وما ستعقبه من “إصلاحات منهجية” حول مساطر تقديم الدعم الاجتماعي.

لتتبع التأثيرات المتوقعة من تفعيل هذا الورش المهيكِل سنعتمد على النصوص والتقارير المؤسسة والمواكبة لتصحيح وتطوير منظومة الاستهداف، وكذا الإرهاصات الأولية التي تبدت مع الشروع في مرحلة التجريب، مع الإستئناس بمآلات التجارب الدولية السباقة إلى اعتماد السجل الموحد في تصميم وقيادة البرامج الاجتماعية.

 

1.    محدودية البرامج الاجتماعية في ظل ضعف “منظومة الاستهداف”

أفضى تطور الفعل الاجتماعي للدولة إلى بلورة آليات متعددة لتقديم الدعم للفئات الهشة ضمن مخططات استراتيجية كما هو الحال مع استراتيجية التنمية الاجتماعية التي سعت منذ منتصف التسعينات تدارك الخصاص المتراكم طيلة فترة التقويم الهيكلي 1983-1993[5]، مع الشروع في إنجاز تدخلات إجتماعية مُهيكلة منذ بداية الألفية، مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووكالة التنمية الاجتماعية. إلى جانب ذلك، تم تنفيذ برامج تستهدف فئات محددة كبرنامج المساعدة الطبية (راميد) الذي دخل حيز التفعيل بشكل رسمي في 2012، وبرنامج “تيسير” لتشجيع التمدرس منذ 2008، وبرنامج دعم الأرامل في وضعية هشة منذ 2014، إضافة إلى أشكال أخرى من الدعم في مجالات السكن والتشغيل والتعليم والتكوين والرعاية الاجتماعية وغيرها.

وفي المحصلة، أدى تطور التدخل الاجتماعي “الرسمي” إلى ظهور شبكة واسعة من برامج الحماية والمساعدة، التييتجاوز عددها 120 برنامجًا، يتم تنفيذها من قبل القطاعات الوزارية[6]، بالإضافة إلى التدخلات التي تقوم بها المؤسسات العمومية والجماعات الترابية، الأمر الذي أفضى إلى تعقيد البيئة المؤسساتية للفعل العمومي الاجتماعي بوجود أكثر من 50 متدخلا في تقديم البرامج الاجتماعية[7]، ونتيجة لذلك، ضعف تماسك منظومة الاستهداف الاجتماعي في ظل تباين وغموض معايير تحديد الفئات المعنية بالدعم العمومي، في غياب أي هيئة حكومية تتكلف بصياغة وقيادة استراتيجية اجتماعية متكاملة[8].

أنماط ومعايير الاستهداف للبرامج الاجتماعية الكبرى

البرامج نوع الاستهداف معايير الإنتقاء
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جغرافي/

اجتماعي

مؤشرات الفقر والإقصاء والبطالة والهدر المدرسي، ومستوى الخدمات والتجهيزات العمومية …
الإنعاش الوطني فئوي/

جغرافي

معدلات الفقر بالجماعات حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط، معيار الحد الأدنى للدخل …
برامج وكالة التنمية الاجتماعية معدلات الفقر خارج نطاق تدخل المبادرة
نظام المساعدة الطبية (راميد) أسري/ جغرافي ظروف العيش، الدخل السنوي، الجماعات التي يساوي أو يفوق معدل الفقر بها 30 في المائة.
برنامج “تيسير” أسري، جغرافي نطاق تدخل المبادرة، معدل الفقر فوق 30 في المائة، معدل الهدر المدرسي بالجماعة فوق 5 في المائة
تدخلات الوكالة الوطنية للتشغيل وإنعاش الكفاءات فئوي/

آخر

الفئة العمرية، المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية …
التعاون الوطني فردي نوعية الخدمات بالمناطق الفقيرة، الخدمات المستجيبة للأشخاص الأكثر هشاشة …

المصدر: تركيب الباحث

 يُلاحظ أن تعدد الجهات المتدخلة في تدبير البرامج الاجتماعية وعدم وجود آليات للتنسيق بينها يحول دون استهداف الفئات المستحقة للدعم بالدقة والفعالية اللازمتين[9]، في ظل تفرد منهجية التدخل وتباين السياقات والرهانات التي كانت وراء اعتماد كل برنامج. كما أن تضارب المعايير المعتمدة في تحديد الفئات المستفيدة نجم عنه وجود أنظمة استهداف مستقلة وغير متناسبة[10]، فضلا عن عدم تجانسها وافتقادها للطابع التراكمي بالنظر لمحدودية تطويرها ومراجعتها من قبل الإدارات المعني، وذلك لتحسينها وتكييفها مع التحولات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية. وعمومًا، يمكن التمييز بين ثلاثة أنماط كبرى من الاستهداف:

  • استهداف جغرافي: تستهدف بعض البرامج نطاقات ترابية معينة (جماعات، دواوير، أحياء)، من خلال خريطة الفقر متعدد الأبعاد التي تعدها المندوبية السامية للتخطيط[11]، على سبيل المثال، برنامج محاربة الفقر بالعالم القروي ضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتدخلات وكالة التنمية الاجتماعية التي يشمل نطاقها الجماعات التي توجد خارج مجالتدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج “تيسير” الذي يركز على الجماعات القروية الأكثر فقرا مع الاستئناس بمؤشرات أخرى كنسبة الهدر المدرسي[12].
  • استهداف أسري: بشكل عام معظم البرامج تستهدف الأفراد وقلة تلك التي تعتمد الأسرة كوحدة للاستهداف. ومن بين البرامج التي تعتمد الاستهداف الأسري، نجد برنامج المساعدة الطبية (راميد) الذي يعتمد على مؤشرات الفقر والهشاشة، ومعدلات الدخل ومتوسط الإستهلاك السنوي لكل أسرة، في عملية منح بطائق الإستفادة للأسر الأكثر احتياجا[13]، مع مراعاة المعيار الجغرافي بشكل جزئي، حيث يتم التركيز على الجماعات التي يساوي أو يفوق معدل الفقر بها 30 في المئة.
  • استهداف فئوي: بعض التدخلات الاجتماعية تتوجه بخدماتها إلى فئات بعينها، على غرار تدخلات مؤسسة التعاون الوطني وبرامج محاربة الأمية والتسول، وبرنامج “الهشاشة” للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية الذي يستهدف الفئات الاجتماعية في وضعية هشة، كما يمكن ذكر برنامجي “تحفيز” و”إدماج” للوكالة الوطنية للكفاءات وإنعاش التشغيل الذي يركز على الشباب في وضعية بطالة بناء على مؤشرات اجتماعية كنسبة الفقر[14]، بالإضافة إلى ذلك، برنامج “مقاولتي” لنفس المؤسسة والموجه للفئة العمرية بين 20 و45 سنة.

لقد كرس التباين في تحديد معايير الاستفادة من البرامج الاجتماعية حالة من الاستهداف العشوائي (Ciblage Aléatoire)[15]، حيث تظهر تناقضات في منهجيات الاستهداف. فبعض التدخلات تستهدف الجميع دون وجود تدخلات تستهدف الجميع، مع غياب معايير تكفل وصول الدعم لمستحقيه على شاكلة المواد المدعمة من طرف صندوق المقاصة والدعم الموجه للمهنيين، حيث يستفيد منها على حد سواء الأفراد الأكثر ثراءً والأكثر احتياجًا. وفي المقابل، ثمة برامج أخرى -وإن كانت موجهة لفئات بعينها- تفتقد لمعايير ثابتة وواضحة في تحديد “الأهلية الاجتماعية” التي تخول الاستفادة من برامج الدعم، كما هو الحال مع المنح والأحياء الجامعية، حيث قد يتوقف الاستفادة منها على قرارات اللجان الإدارية المحلية التي تمتلك سلطة تقديرية مطلقة في قبول أو رفض الطلبات، كبرنامج محاربة الفقر بالعالم القروي، واستفادة المتمدرسين من دور الطالب والطالبة[16].

التباين الحاصل في منظومة الاستهداف أثر سلبًا على إسهام البرامج الاجتماعية في تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية. وبالنظر إلى محدودية إعمال متطلبات الاستحقاق في حصر وتحيين قوائم المستهدفين منها، فقد قيدت قدرة هذه البرامج على تحديث وتحديد قوائم المستحقين بشكل محدد، حيث يتم استهداف نفس السكان المستفيدين من عدة برامج مختلفة.بينما بعض الفئات الأخرى تفتقر إلى أي دعم عمومي، وناهيك عن إشكالات أخرى مرتبطة بتدبيرها، فإن العديد منها لا يستجيب بالشكل الكافي للحاجيات الحقيقية للمستفيدين، وذلك نتيجة لأعطاب اعترت عمليات التشخيص والتتبع والتقييم، وكذا غياب قواعد بيانات اجتماعية إذا ما استثنينا النظام المعلوماتي لبرنامج المساعدة الطبية، لكنه ظل غير كافٍ بسبب تراخي عمليات التدقيق والتحيين، مما جعل فئات ميسورة تستفيد من خدماته مقابل حرمان بعض الفئات الهشة[17]. و بالرغم من اعتماد بعض أشكال “التحويل النقدي” الموجه للفقراء، كبرنامج “تيسير” وبرنامج دعم الأرامل (دعم)، إلا أنها لا تزال في حاجة إلى تحسينات تكفل عقلنتها وفعاليتها، في ظل الغموض الذي اعترى تنقيط المستحقين طالما أنها تستند على قاعدة بيانات برنامج المساعدة الطبية[18].

 مع تفشي جائحة كورونا، أصبح الوضع الاجتماعي أكثر “مقروئية”، حيث انكشفت هشاشة شبكات الأمان الاجتماعي. إذ احتاج حوالي % 62 من المواطنين إلى الدعم المباشر الذي قدمته الدولة إبان هذه الفترة عبر صندوق مخصص لذلك[19]، ناهيك عن الإشكالات التي اعترت عملية تحديد مستحقي الدعم العمومي في ظل غياب قواعد معطيات واضحة لفرز لوائح المستحقين وآليات حديثة لتحويل المساعدات النقدية، على عكس ذلك لم تجد الدول السباقة إلى العمل بالسجل الاجتماعي الموحد أية صعوبة في دعم المتضررين من الجائحة كالبرازيل، بفضل الشباك الموحد للبرامج الاجتماعية(Cadastro Unico) كأداة لفرز الأسر منخفضة الدخل ودعمها انطلاقا من برامج فيدرالية متخصصة[20].

هذه الاكراهات حتمت تحسين استهداف المستفيدين من البرامج الاجتماعية ووضع قاعدة بيانات آمنة وصادقة يمكن الاعتماد عليها في كل تدخل اجتماعي، في أفق إرساء الشباك الاجتماعي الافتراضي (RSV) كخيار ضروري لتطوير نظام الاستهداف ولضمان التتبع المنتظم لسياسات الدعم الاقتصادي والاجتماعي[21]. ومن خلال تنظيم عدة مناظرات ومشاورات،[22] برز توجه عام نحو اعتماد “سجل اجتماعي موحد” يمكن من تحقيق هدفين: أولاً، كونه قاعدة لتجميع ومعالجة البيانات الاجتماعية، وثانياً، كونه لوحة قيادة تمكن من رصد وقيادة البرامج الاجتماعية، مع تعزيز التوافق والتكامل والتوحيد بين مختلف برامج الدعم التي تركز على التحويلات الشاملة وآليات الحماية المستهدِفة لفئات معينة من السكان،وبهدف تجنب الازدواجية والغش[23]. وعليه، يسعى النظام إلى تحويل هذا السجل إلى نقطة تحوّل في وضع سياسات اجتماعية شاملة ومنصفة، وفي ابتكار آليات مبتكرة لإدارة البرامج الاجتماعية المعاصرة.

 

2.    السجل الاجتماعي الموحد: تدبير جديد لسياسات الدعم الاجتماعي

انطلاقا من الدروس المستخلصة من التجارب السابقة والخبرة الدولية، انخرط المغرب في مسار إعادة توجيه برامج الدعم الاجتماعي، وذلك بالتركيز على وضع سجل اجتماعي موحد كقاعدة يتم الانطلاق منها في رسم مجمل السياسات الاجتماعية. وهو المسار الذي تم التأسيس له عبر عدة خطب ملكية، بدءًا من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2018، حيث أكد على ضرورة المضي قدمًا نحو إنشاء نظام وطني لتسجيل الأسر المستحقة للدعم الاجتماعي، بناءً على معايير دقيقة وموضوعية ومنظمة تقنيًا بواسطة آليات تكنولوجية حديثة. وفي ظل صعوبات استهداف الفئات المستقبِلة للدعم إبان جائحة كورونا، سيجدد خطاب العرش لسنة 2020 التأكيد على أهمية السجل الاجتماعي الموحد في إصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية والرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين.

 في ضوء ذلك، تم إصدار القانون رقم 72.18 الذي استهدف وضع نظام وطني شفاف لتسجيل المواطنين والأسر المعنية ببرامج الدعم الاجتماعي[24]. يعتمد هذا النظام على منظومة متكاملة تتكون من سجلين رئيسيين: الأول يتمثل في السجل الوطني للسكان (RNP) الذي يعمل كمنصة للمعالجة الإلكترونية للبيانات الشخصية للأفراد، بحيث يتم منح كل مسجل بما يسمى ب”المعرف المدني والاجتماعي الرقمي” (IDCS)[25]، وهذا المعرف يعمل كنقطة ولوج موحدة (point d’entrée unique) لجميع الخدمات العمومية. ويعتبر التسجيل اختياريا بالنسبة لعموم السكان وإلزاميا للأشخاص الذين يريدون الإستفادة من البرامج الاجتماعية. وتكمن أهميته في توفير معلومات مؤمنة وموثوقة يتم الانطلاق منها في تسجيل البيانات السوسيو-اقتصادية التي تقيس مستوى العيش، وفي الإعفاء من الإدلاء بالوثائق الثبوتية في مختلف الإجراءات المتعلقة ببرامج الدعم الاجتماعي، الأمر الذي من شأنه أن يقلص من الإقصاء الناجم عن المصاريف المباشرة وغير المباشرة للمساطر الإدارية[26].

 أما السجل الثاني، فهو السجل الاجتماعي الموحد (RSU)، الذي يعمل كنظام معلوماتي لتسجيل الأسر الراغبة في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، ولتجميع البيانات الاقتصادية والاجتماعية ومعالجتها بمنح نقطة عددية لكل أسرة مدرجة في السجل بناءً على البيانات المصرح بها، مثل مهنة رب الأسرة، والمصاريف السنوية التي تشمل الماء والكهرباء والهاتف والغاز لكل فرد، وقيمة الممتلكات العقارية والمنقولة، مع تنويع المؤشرات بحسب جهة الإقامة وطبيعة وسط العيش. ويتم إعداد القوائم الإسمية للأسر المسجلة، عبر عمليات التجميع والتصنيف والتحيين والتغيير، وتشمل نتائج التقييم النقطية الخاصة بكل أسرة، بالإضافة إلى المعطيات المتعلقة بها، وذلك للحصول على فرصة للإستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، على أساس العتبة المحددة لكل برنامج[27]، مع وضع لوائح الأسر المؤهلة للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي رهن إشارة الإدارات والمؤسسات العمومية التي تشرف على تقديم هذه البرامج تحت إشراف الوكالة الوطنية للسجلات (ANR).

في ضوء المعلومات المعالجة يصبح السجل الاجتماعي الموحد مستودعا رقميا لقرارات الاستحقاق والبيانات المفصلة التي تبرر استفادة الأسر من برامج الدعم، من خلال فرز وتوزيع البرامج الاجتماعية التي تستفيد منها الأسر والأفراد، والأسر التي تستحق الدعم هي تلك التي لم يتجاوز مؤشرها السقف المخصص للبرنامج واستوفت الشروط الخاصة به، مع تخصيص البرامج المناسبة لكل فئة مستفيدة بحسب احتياجاتها. وبحكم إتاحة تتبع مختلف التدخلات الاجتماعية فإن السجل الاجتماعي الموحد يشكل آلية للتدبير المحكم للدعم العمومي[28].

لأجل ذلك تم تكثيف جهود تطوير المنصة الرقمية للسجل الاجتماعي الموحد، بعد مشاورات امتدت لسنوات عديدة مكنت من إعداد الهندسة المعلوماتية للشباك الموحد للبيانات الاجتماعية، مع الاسترشاد بالتجربة الهندية السباقة إلى العمل بالسجل الموحد في تحديد أهلية الاستفادة من البرامج الاجتماعية، حيث وقعت وزارة الداخلية اتفاقية مع المعهد الدولي لتكنولوجيات المعلومات (IIT-B) في 27 غشت 2018، لإنشاء منظومة إلكترونية لتجميع المعطيات المتعلقة بالحالة المدنية والاجتماعية، بدعم من البنك الدولي عبر “مبادرة تحديد الهوية من أجل التنمية”(ID4D) -الرامية إلى استثمار الابتكار في تحسين ولوج الأشخاص إلى البرامج الاجتماعية- من أجل مساعدة المغرب على إرساء نظام وطني للمعلومات يمكن من التدبير المندمج لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية المُوجهة إلى الفئات الفقيرة والهشة[29].

 لتفعيل القانون 72.18 تم إصدار عدة نصوص تنظيمية خلال سنة 2021، كالمرسوم المتعلق بتحديد مسطرة التسجيل بالسجل الوطني للسكان، وخصائص “المعرف المدني والاجتماعي الرقمي” وكيفيات منحه، وطرق توفير خدمات التحقق من صدقية المعطيات[30]، والمرسوم الخاص بتدقيق كيفيات تقييد الأسر في السجل الاجتماعي الموحد، وبتحديد العناصر والمتغيرات المعتمدة في تنقيط الأسر بناء على صيغ حسابية يتم إعدادها وتحيينها من لدن المندوبية السامية للتخطيط[31]. كما حدد هذا المرسوم كيفيات تغيير المعطيات الاجتماعية والاقتصادية ومراجعة التنقيط الممنوح للأسر، مع تكليف الوكالة الوطنية للسجلات بتحيين معطيات الأسر استنادا على التغييرات المصرح بها أو بناء على المعلومات التي تتوصل بها من الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية والخاصة، إضافة إلى مقتضيات أخرى حول كيفيات التشطيب من السجل الاجتماعي الموحد والآثار المترتبة عنه.

 وقد أذن المرسومين بالتفعيل التدريجي للسجلين، حيث انطلقت المرحلة التجريبية للسجل الوطني للسكان بعمالات وأقاليم جهة الرباط-سلا-القنيطرة في 27 أكتوبر 2022[32]، ثم جهة طنجة-تطوان-الحسيمة في 3 نونبر 2022 [33]، فجهة فاس-مكناس بتاريخ 10 نونبر 2022[34]، ثم جهة الدار البيضاء-سطات في 17 نونبر 2022 وجهة بني ملال-خنيفرة انطلاقا من 21 نوفمبر 2022[35]، ليتم تعميميه على باقي الجهات بين 2023 و2025، عبر العديد من العمليات والحملات الرامية إلى وضع توحيد قاعدة المعطيات المدنية مع الاستئناس بالتراكمات السابقة، كالمنظومة الإلكترونية للحالة المدنية والنظام المعلوماتي للمساعدة الطبية والآلية المعتمدة في تحويل الدعم العمومي إبان فترة الحجر الصحي.

 نفس الأمر بالنسبة للسجل الاجتماعي الموحد الذي شرع في تنفيذه في مرحلة أولى انطلاقا من عمالة الرباط وإقليم القنيطرة بتاريخ 17 نونبر 2022[36]، وابتداء من 29 نونبر من نفس الشهر سيُشرع العمل به بباقي عمالات وأقاليم جهة الرباط-سلا القنيطرة، وبالعمالات والأقاليم التابعة لجهات طنجة-تطوان-الحسيمة- وفاس-مكناس وبني ملال-خنيفرة والدار البيضاء-سطات[37]، مع السعي الحثيث لتعميمه والانتهاء من مرحلة تسجيل المواطنين والتحقق من معطياتهم الاجتماعيةمع نهاية عام 2023، على أن يُصاحب ذلك باختبار جميع مكونات منظومة السجل الاجتماعي الموحد عبر التأكد من صحة البيانات الاجتماعية والاقتصادية المصرح بها، بطريقة موحدة عبر المنصة الحكومية لتبادل البيانات[38].

 

تركيب الباحث بناء على تقرير لجنة الداخلية بمجلس النواب حول مشروع القانون 77.18

 توحي المؤشرات العامة بوجود تقدم ملحوظ في إرساء السجل الاجتماعي الموحد، فإلى حدود الأسبوع الأخير من ماي 2023 تم تسجيل ما يزيد عن 1.8 مليون أسرة بما يمثل حوالي 51 في المائة من الهدف المحدد بالنسبة للسنة الجارية[39]، لكن هذا الإيقاع قد لا يمكن من تحقيق الجاهزية التامة للنظام الجديد للاستهداف، وما قد يترتب عن ذلك من محدودية الانضباط لمعايير الاستحقاق والإنصاف في تصميم الحزمة الجديدة من البرامج الاجتماعية.

 من الطبيعي أن يكتنف بناء السجل الاجتماعي الموحد بعض التأخر بسبب كثافة وتعقد العمليات التشريعية والتقنية المطلوبة لإنضاجه، لكن التراخي في تفعيله سيمدد من المرحلة الانتقالية وما تعنيه من استمرار العمل بالبرامج السابقة، والحيلولة دون توظيف المقاربة الجديدة للاستهداف في تحقيق الرهانات المرجوة منها، حيث أشار التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات إلى أن التأخر في تنزيل السجل الاجتماعي الموحد سيؤثر سلبا على تعميم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وعلى فعاليته[40].

 

3.    السجل الاجتماعي الموحد: هل سيعزز فعالية البرامج الاجتماعية؟

يَعِد المسار الجديد لمنظومة الاستهداف بتدقيق معايير احتساب أوضاع الأسر وتوحيد شروط الاستفادة من الدعم الذي تقدمه الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، الأمر الذي من شأنه تحسين مؤشرات الإدماج الاجتماعي، حيث يُنتظر أن يفيد الاعتماد على السجل الاجتماعي الموحد في الارتقاء بحكامة تدبير البرامج الاجتماعية وتعزيز فعاليتها:

  • تحسين مردودية البرامج الاجتماعية: يُعَدُّ السجل الاجتماعي الموحد وسيلةً لضمان التكامل بين برامج الحماية والمساعدة. فإذا كان التأمين الاجتماعي يشكل هدفًا رئيسًا للحماية الاجتماعية، فإن الدعم الاجتماعي يُعَدُّ الأداة المثلى لتحقيق هذه الحماية[41]. على اعتبار أن تطبيق أجندة القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية مرتبط بشكل وثيق بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد[42]، وخاصة فيما يتعلق بتعميم التغطية الصحية عبر مراجعة لائحة المستفيدين من برنامج المساعدة الطبية “les ramédistes”، من أجل إدماجهم في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (AMO) وتخويلهم حق الاستفادة من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مع التمييز بين نظامي التضامن والاشتراك بحسب عجز أو قدرة الأسر على دفع واجبات الاشتراك انطلاقا من معايير ومساطر خاصة. في ضوء ذلك سيمكن الإعمال التلقائي للسجل الاجتماعي الموحد من وضع نظام توزيعي فعال لضمان نجاعة البرامج الاجتماعية[43].
  • عقلنة الدعم الاجتماعي: يفترض أن يُمكِّن السجل الاجتماعي الموحد من ضبط “المحفظة الاجتماعية” للدولة انطلاقا من برامج محددة الأجندة الزمنية والمالية، وعلى أساس معايير وأهداف مضبوطة يسهل قياسها وتتبعها، كما سيساعد على تعزيز الالتقائية بين الفاعلين الاجتماعيين بشكل قد يمكن من تلافي البرامج المكررة، ومن توسيع قاعدة المستفيدين من البرامج الاجتماعية التي تقدمها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية لفائدة الأسر المقيدة بالسجل الاجتماعيالموحد والمستوفية لشروط الاستفادة من الدعم العمومي، كما سيُتيح إمكانية تجميع مختلف البرامج الاجتماعية ضمن نظام واحد مندمج يقطع مع التشتت الذي طبع التجارب السابقة. وقد تتجلى بعض إرهاصات ذلك من خلال التوجه نحو تخصيص تعويضات عائلية منتظمة لفائدة سبعة ملايين طفل من الأسر المعوزة قبل متم 2023 كبديل عن برامج تيسير، ومليون محفظة، ودعم الأرامل الحاضنات لأطفالهن اليتامى.
  • تجفيف منابع الريع الاجتماعي: شكل غياب قواعد معطيات حول الوضع الاجتماعي مرتعا خصبا لانتعاش حالة من التدبير العشوائي في تحديد القاعدة البشرية المعنية ببرامج الدعم الاجتماعي، وهو ما نجم عنه استفادة فئات ميسورة من “نعيم المال العام” مقابل إقصاء فئات تعاني من شتى ضروب الخصاص من مختلف صور المساعدة الاجتماعية. ولذلك من شأن تنقيط الأسر بناء على بيانات موثوقة أن يساعد على التخفيف من “البؤر الريعية”، حيث سيمكِّن النظام المعلوماتي من تحديد المستفيدين الفعليين من البرامج الاجتماعية وتوفير بيانات دقيقة حول نطاق وحجم الاستفادة[44].
  • إدماج الاقتصاد غير المهيكل: شكل استيعاب القطاعات غير المنظمة هاجسا أساسيا عند هندسة المسار الجديد للتنمية الاجتماعية، بحيث ستشكل برامج الحماية والدعم فرصة سانحة لإدماج “اقتصاديات الظل” ضمن الاقتصاد الوطني، عبر تدابير تحفيزية لتشجيعه على الاندماج في “الدورة الاقتصادية الرسمية”. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم مزايا ضريبية انتقالية وتوفير تسهيلات للانضمام إلى برامج التأمين الإجباري للمرض وتعويضات الأسرة ومعاشات التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل، وكذا الاستهداف المباشر للفئات الهشة التي تشتغل في هذه القطاعات، وهو ما سيغذي من مقروئية وصدقية المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ومن تحسين كفاءة اشتغال منظومة الاستهداف.
  • استدامة السلم الاجتماعي: طالما أسهمت معضلات الإقصاء الاجتماعي في تراكم مشاعر السخط والغضب لتتحول في سياقات معينة إلى “نزوعات مغذية” للاحتجاج العنيف، وإلى الإخلال بالتوازن الجغرافي بالنزوع الجماعي من البوادي إلى المدن جراء أعطاب النظام الإنتاجي وتفكك الشبكات التقليدية للتضامن والحماية، وما خلف ذلك من انعكاسات اقتصادية واجتماعية وبيئية، ومن تعميق الإقصاء الاجتماعي بالحواضر العمالية بتناسل السكن الصفيحي وتراكم مظاهر العوز والهشاشة. ولذلك من شأن الإعمال الفعلي للسجل الاجتماعي الموحد أن يعزز استفادة الفئات المستحقة من دعم عمومي يمكنها من تلبية احتياجاتها الأساسية ومن توفير الحد الأدنى للعيش الكريم (SMIG “KARAMA”).
  • تحسين الخدمة العمومية الرقمية: تمثل المنظومة المعلوماتية للسجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان فرصة سانحة لتسريع التحول الرقمي للخدمات العمومية عبر مركزة المعطيات ونزع الصفة المادية عن كل الوثائق الإدارية بما يمكن من استهداف أفضل للأشخاص المستحقين للإعانات الاجتماعية للدولة[45]، بحيث سيشكل نموذجا مناسبا لتطبيق الحلول الرقمية الخاصة بتحديد الهوية الرقمية للمواطنين، انطلاقا من معلومات بيومترية وديموغرافية وسوسواقتصادية ستشكل قاعدة صلبة سيتم الاستناد عليها في وضع وتقييم مختلف السياسات العمومية[46].

إن تطوير أنظمة معلوماتية وطنية تجمع بين كفاءة تجميع ومعالجة المعطيات وبين حماية خصوصيات الأفراد من شأنه تحصين “الداتا الاجتماعية” من كل تلاعب قد يشوبها، كما أن إسهام المعالجة الإلكترونية للمعطيات الاجتماعية في تحسين منظومة الاستهداف الاجتماعي، سيُحفِّز على تعميم الرقمنة لتشمل مختلف الخدمات والمؤسسات الاجتماعية بما يضمن الالتقائية المنشودة، إذا ما وضع آلية مناسبة ودائمة لضمان مشاركة البيانات الاجتماعية بين مختلف المؤسسات المعنية، وهو ما يعني أن الفائدة المرجوة من السجل الاجتماعي الموحد لن تتحقق إلا بتجميع برامج المساعدة والحماية ضمن نظام مندمج للسياسات الاجتماعية[47]، في ضوء التجارب الدولية الناجحة كالسجل الموحد للبرامج الاجتماعية بالشيلي (Registo Social de Hogares) الذي يضم 23 برنامجا اجتماعيا موجها لمستهدفين محددين، ومنظومة معلومات التأمين الاجتماعي بكوريا الجنوبية (Haemgnok-E-eum) التي تتميز بوضع أنظمة فرعية تسمح بتطوير عملية الاستهداف كنظام دعم كبار السن الضعفاء ونظام رعاية الطفل ونظام الرعاية الصحية العامة[48].

  • تعزيز مصداقية البيانات الاجتماعية: اكتنفت المنهجية السابقة في تشخيص الأوضاع الاجتماعية عدة إشكالات حدت من دقتها وموثوقيتها، لكن بالشكل الجديد ينتظر أن تسفر التحسينات والتحيينات المتتالية لقواعد المعلومات السكانية عن تعزيز الثقة في البيانات الاجتماعية وضمان فعاليتها، فالاعتماد على قزحية العين في ضبط المعطيات البيومترية سيمكن من تجنب التكرار، كما أن الإجراءات الزجرية في حق المدلين ببيانات منقوصة أو مغلوطة ستساعد على التقليص من حالات الغش والاحتيال والازدواجية التي أورثت في السابق استفادة البعض من برامج متعددة مقابل عدم استفادة البعض الآخر من أي برنامج.
  • تطوير التحويل المالي المباشر: من شأن تعميم التحويلات النقدية المشروطة (TMC) أن يساعد على عقلنة الإنفاق الاجتماعي وتعزيز التقائية برامج المساعدة الاجتماعية، ومن ثم الرفع من تأثيرها على المستفيدين من حيث تحسين القدرة الشرائية وحفظ الكرامة والحد الأدنى من الاستقلال المالي، وتعزيز الاندماج في النسق الاقتصادي، على غرار التجربة التشيلية حيث أسهمت التحويلات النقدية في دعم الاستقرار المالي للأسر الضعيفة وبروز بوادر لاستثمار قسط من المبالغ المحولة في تمويل مشاريع عائلية صغرى مدرة للدخل في المجالات الزراعية والصناعة التقليدية وتربية المواشي، بشكل يساعد على التحسين المستدام لوضعياتها بفضل الرفع التدريجي من قدرتها على خلق الثروة[49].

في ضوء هذا المعطى الأخير يبدو أن “البشائر” التي يعد بها السجل الاجتماعي الموحد لا تعني أن الطريق قد أصبح سالكا نحو تحقيق حلم الدولة الاجتماعية، ونحو توفير كافة شروط الاستهداف في وضع سياسات الدعم الاجتماعي، بل إنها قد تكون “نُذُرَ شُؤمٍ” على المكتسبات التي تحققت في السابق على علتها ونقصها، في ظل عدة مخاطر وانعكاسات جانبية قد تتولد عن تفعيل الحزمة الجديدة للبرامج الاجتماعية.

التأثيرات الإيجابية والجانبية لتفعيل السجل الاجتماعي الموحد

 

المصدر: تركيب الباحث

 

4.    الانعكاسات الجانبية للمنظومة الجديدة للاستهداف والاستجابات المطلوبة

 من السابق لأوانه الحكم على الآثار العكسية أو غير المرغوبة التي يمكن أن تترتب عن تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، طالما أن تفعيله من الناحية العملية بشكل تام وشامل لن يتم إلا في أفق 2025 في ظل التأخر الحاصل الذي تعرفه عمليات الجرد والتصنيف، وأيضا بظهور تحديات ماكرو اقتصادية جديدة ستكبح “جماح” الإصلاحات الاجتماعية بشكل عام. لكن بالرغم من ذلك يمكن استشراف الملامح العامة لتداعيات تطبيق المنظومة الجديدة للاستهداف، انطلاقا من استقراء الإشكالات التي تطبع الأطر التشريعية والتمويلية والتدبيرية التي قد تكرس الإقصاء وتحجم من مدى الإدماج، مع الاسترشاد ببعض التجارب المقارنة التي استلهم منها المغرب بعض ملامح نموذجه الخاص بالشباك الاجتماعي الموحد.

 على المستوى التشريعي تطرح مقتضيات القانون رقم 77.18 عدة إشكالات، فالاستناد على تعريف المندوبية السامية للتخطيط لمفهوم الأسرة[50] يحتمل نزعة إقصائية في حق بعض الفئات الهشة، لأنه يستبعد النساء في وضعية صعبة، والأشخاص بدون مأوى، والمشردين وأطفال الشوارع، الأمر الذي سيجعلهم من الناحية القانونية محرومين من الاستفادة من دعم عمومي منتظم ومهيكَل خارج التدابير الإحسانية والحملات الظرفية، أما اشتراط التواجد في مكان واحد فهو لا يراعي وضعية الأسر التي لا تستطيع الإدلاء بما يثبت محل سكناها، كما هو الحال مع الأشخاص القاطنين بمدن الصفيح. وكما أن آلية الاستهداف القائمة على التصريح الذاتي، قد تكرس إقصاء غير مباشر في حق الأشخاص الذي يعانون من الأمية ومن ضعف تملك واستعمال الآليات الحديثة للاتصال[51]. لتفادي ذلك يتعين تقوية آليات جمع المعلومات بعدم الاقتصار فقط على الطلب التلقائي، بل عبر أعمال تكميلية للوصول إلى الفقراء المعزولين ممن لم تشملهم حملات تجميع المعطيات، كالقيام بحملات بالأسواق الأسبوعية وتوجيه وحدات متنقلة إلى المناطق النائية، إلى جانب الاستعانة بالجمعيات المحلية وبالأشخاص المرجعيين (personnes référentes) على صعيد كل جماعة قروية[52].

فيما يخص آلية التنقيط لم تحدد المادة 11 من القانون 77.18 المعايير المعتمدة في وضع وتحيين الصيغ الحسابية لتنقيط الأسرة مع الإحالة على نص تنظيمي لضبط متغيراتها، الأمر الذي قد يقيدها بشروط تقنية تقلص من عدد المستفيدين المحتملين لتصبح التقنية في خدمة التقشف. نفس الأمر بالنسبة للائحة المعطيات الاجتماعية والاقتصادية التي لم تحددها بتفصيل المادة 14، مما قد يحد من الطابع الموضوعي للإحصاءات المترتبة عنها، كما أن سكوت المشرع عن إحداث آلية لتوحيد عتبة الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي يقدمها مختلف المتدخلين، قد يكرس “إقصاءا نظاميا” في حق الفئات المحتاجة في حال لم يتم ضبط السقف الذي يخول الاستفادة من الدعم بمعايير دقيقة، تكفل حصول كل الأسر الهشة على البرنامج الذي يناسب وضعيتها، مع الأخذ بعين الاعتبار عنصر الميزانية بحيث قد تستغل مشكلة ضعف أو عدم استقرار الموارد المالية كمبرر لتقليص الدعم الاجتماعي. إضافة إلى هذه القيود التشريعية ثمة إشكالات أخرى ذات طابع تدبيري يمكن تلخيصها على الوجه التالي:

  • خلخلة التوازن الاجتماعي: لا شك في أن هناك خلفية اجتماعية للمشروع، حيث يهدف بشكل مباشر إلى الإنصاف في توزيع الموارد العمومية بما يمكن من تقريب الفجوة بين طبقات المجتمع. ومع ذلك، فإن المنطق الذي يحكم هذا الإصلاح قد يؤدي في الواقع إلى عكس ذلك، لأن خلفيته “الطبقية” لتقليص التفاوتات الاجتماعية قد تقود نحو “استهداف منهجي” للطبقة الوسطى التي تعد صمام الأمان للنسق السوسيو اقتصادي، خاصة في ظل اللبس الذي يكتنف تحديدها والتدهور الذي تعرفه أوضاعها، بشكل قد يجعلها تتحمل فاتورة الإصلاح نتاج رفع الدعم عن المواد المعيشية وبإرهاقها بضرائب اجتماعية تحت يافطة التضامن.

 لا شك في كون التمويل الضريبي يعد مدخلا أساسيا لإعادة توزيع الثروة ولتحقيق التنمية الاجتماعية[53]، لكن المشكلة تكمن في أن توسيع نطاقه بمبرر المساهمات التضامنية في السياسات الاجتماعية قد يهدد بتحويله من رافعة لتحقيق التماسك الاجتماعي إلى أداة لتفقير الفئات الدنيا من الأسر المتوسطة[54]، إذا ما أخذنا في الحسبان التقلبات المستمرة لأحوال فئات تستحق إخراجها من أنظمة الدعم، مقابل تدهور أوضاع فئات أخرى تستحق الإدماج. الأمر الذي يفرض القيام بتحيين مستمر للبيانات الاقتصادية والاجتماعية لضمان الفعالية المستمرة لمنظومة الاستهداف، من خلال استيعاب وإدماج التغيرات التي تمس بنية الأسرة (الازدياد، الوفاة، الانفصال…) وطبيعة سكنها (نوع السكن، محيط قروي أوحضري)، وكذا ظروفها الاقتصادية والاجتماعية (تحسن أو تراجع الدخل وشروط العيش، مستوى الفقر…)[55].

  • تناقض مساري الحماية والمساعدة: في ظل تباين الأجندة الزمنية لتفعيلهما، فتعميم ورش الحماية الاجتماعية ذو الطابع الموضوعاتي بتقسيم البرامج الأربعة على خمس سنوات، أما السجل فتدرجه جغرافي وهو ما يعني أن الانتهاء من السجل لن يتحقق بصفة نهائية في أحسن الأحوال إلا مع متم سنة 2025، وهو السقف المخصص لانتهاء جميع العمليات المرتبطة بتعميم برامج الحماية الاجتماعية الأمر الذي سيؤثر على نجاعتها[56]، وسيُخل بمؤشرات العدالة والإنصاف والاستحقاق في حصر المستفيدين من برامج الحماية في ظل العيوب التي قد تشوب مسطرة الاستهداف طالما أنها لم تستند على السجل الاجتماعي الموحد[57]. نفس التأثير سيمس برامج الدعم على اعتبار أن الإعمال الفعلي لآلية الاستهداف لن يتحقق من الناحية العملية إلا مع بداية سنة 2026، وهو وما يعني أن المقاربة السابقة للاستهداف ستظل سارية المفعول طيلة السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يعني استمرار إنتاج نفس الإشكالات السابقة التي كرست بعض مظاهر الإقصاء في حق الفئات المستحقة للمساعدة والحماية.
  • تراخي فعالية منظومة الاستهداف: ُيلاحَظ أن التباطؤ في تنفيذ الأجندة الزمنية لمنظومة الاستهداف الاجتماعييقابله تسارع كبير في التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي قد تضع على المحك مصداقية الصيغ الحسابية والمعايير المعتمدة في تنقيط الأسر وحصر قوائم مستحقي الدعم الاجتماعي، على اعتبار أن تدهور القدرة الشرائية جراء تفشي موجات الغلاء سيوسع من القاعدة الاجتماعية المستحقة للدعم ومن السقف المحدد للتحويلات المالية المباشرة، كما سيعقد من مهمة وضع عتبة منصفة لاتخاذ قرارات منح الدعم وإدخال أو إخراج الأسر من منظومة السجل الاجتماعي الموحد.
  • مزالق الإقصاء التقني: كما أسلفنا ترتبط الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي بحصول الأسر على نتائج تنقيط تتموقع ضمن العتبة المحددة بناء على البيانات المدلى بها، لتتكفل البرمجيات بمنح مؤشر خاص للأسرة على أساسه تدمج أو تقصى من البرامج الاجتماعية. وهنا تكمن المعضلة، حيث يتعامل المُعالج الآلي بشكل حسابي وتقني مع أوضاع اجتماعية وإنسانية معقدة. وقد بدأت بعض المخاطر في الظهور، فالعديد من الأسر مُنحت مؤشرات مرتفعة أقصتها من الاستفادة المجانية من نظام التغطية الصحية[58]، ويحتمل أن تقصيها من برامج الدعم بحكم تصريحها بامتلاك معدات أصبحت ضرورية كالتوفر على هاتفين أو على أكثر من قنينة غاز، لكن “المَعْيَرَة التقنية” تُدخِل ذلك في نطاق “الكماليات”، مقابل ذلك مُنحت أسر أخرى مؤشرات دنيا تخولها الاستفادة من البرامج الاجتماعية بناء على الإدلاء ببيانات غير حقيقية. هذه المعضلة تتطلب تعبئة موارد بشرية متخصصة مع تكثيف عمليات المراجعة لجعل المعالجة الحاسوبية أداة لتحسين كفاءة منظومة الاستهداف، وإلا فهي قد تضرب في العمق بمصداقية بيانات السجل الاجتماعي الموحد، وقد تورث بعض أشكال الغش والتدليس للتحايل على مخاطر الإقصاء التقني. نشير كذلك إلى أن ضعف صيانة وتطوير المنصة المعلوماتية للسجل الاجتماعي الموحد ستجعله عديم الفائدة فيما يخص تنقيط الأسر، على غرار تجربة بنغلاديش حيث أدى تراجع الدعم التقني للسجل الموحد (NHD) إلى جعل معطياته متجاوزة وماسة بمصداقية منظومة الاستهداف[59].
  • شرعنة نموذج الدولة “الأدنوية”: من خلال متابعة الخطاب الرسمي المصاحب لتفعيل السجل الاجتماعي الموحد نستشف بعض إرهاصات النزوع نحو “الترسيم” النهائي للمنطق النيوليبرالي في التدبير العمومي، من خلال تقليص التمويلات المخصصة للتنمية الاجتماعية والاقتصار فقط على برامج محددة لها منافذ مالية “غير مرهقة” للميزانية العامة، مثل التمويل الضريبي وتوسيع نطاق نظام الاشتراك ليشمل حتى الفئات ذات الوضع الاقتصادي غير المستقر، وهو نزوع قد يتجذر أكثر في ظل سعي الحكومة نحو توظيف رهانات عقلنة البرامج الاجتماعية كمشجب للتفكيك النهائي لصندوق المقاصة، حيث ما فتئت قوانين المالية منذ 2020 تربط بشكل آلي بين تفعيل السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهداف أكثر فعالية وبين الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة بهدف توفير هوامش مالية لتمويل السياسات الاجتماعية[60]. وهو إصلاح على الرغم من راهنيته من الناحية المالية، فقد تكون له انعكاسات عكسية على غرار الآثار الناجمة عن تحرير أسعار المحروقات منذ 2015، حيث اتضح أن الاستهداف شمل كبار الفاعلين في سوق المحروقات بدلا من المواطن[61].
  • الارتدادات العكسية للدعم المباشر: على الرغم من أن تجاوز الدعم المعمم للسلع الأساسية سيمكن من إعادة توجيه الإعانات العمومية نحو الفئات المستحقة، ومع ذلك يمكن أن يسفر عن تداعيات سلبية في حال لم يصاحب بتدابير احتياطية لضمان وصول الدعم المباشر لمستحقيه ولتدارك الضرر الذي قد تجابهه الفئات المتوسطة. تجربة الجزائر تعكس هذا المشهد، حيث أفضت الحلول التقنية المتعلقة بتقليص الدعم عن المحروقات والمواد الاستهلاكية والاعتماد المتزايد على الأشكال المباشرة للمساعدة الاجتماعية إلى تكريس حالة من التخلي الجزئي غير المعلن عن سياسة الدعم الاجتماعي دون بدائل اقتصادية مواكبة[62]. كما أن اتساع الفجوة بين الدعم المالي الثابت وبين الطفرات غير المسبوقة في الأسعار سيجعل من الدعم غير قادر على تحقيق الغرض المتوخى منه، فلا هو ساعد الأسر على العيش بكرامة ولا تم تخصيصه لتمويل سياسات عمومية كان يمكن أن تنتج الثروة وفرص الشغل وتعزز الأمن الغذائي والطاقي.

لذا، يتعين الوعي بخصوصيات وسياقات النماذج الدولية بدل التماهي المطلق معها، كما فعلت بعض الدول العربية التي حاولت النقل الحرفي لتجارب من أمريكا اللاتينية بدون مظلة تنموية تكفل نجاح برامج المساعدة الاجتماعية، وعلى غرار مصر عبر برنامجي تكافل وكرامة للتحويلات النقدية المشروطة[63]. وبالتالي، يجب أن نشير إلى أن فعالية برامج الدعم الاجتماعي تعتمد على وجود سياسة اجتماعية متكاملة تركز على التأهيل والحماية، بهدف تضييق نطاق الدعم الاجتماعيليشمل فقط الفئات التي لم تستطع أن تتوفر على شروط العيش الكريم، نتاج ظروف موضوعية وذاتية.

  • مخاطر التحويل النقدي المشروط: يعتبر تعميم هذه الآلية خطوة إيجابية ولكن يجب أن ندرك مخاطرها. فارتهان الميزانية الاجتماعية للمتغيرات السياسية والاقتصادية يهدد باستمرار المساعدات المالية المباشرة أو بتخفيض سقفها في ظل اتساع الفجوة بين استقرار أو خفض الميزانيات المرصودة للبرامج الاجتماعية وبين ارتفاع أعداد المستفيدين كما حصل لعدة تجارب دولية[64]، مثل نيكاراغوا حيث انعكس انخفاض ثمن البن في بداية الألفية على المستفيدين من برنامج شبكة الحماية الاجتماعية (Red de Protección Social) إلى حد إخراج آلاف الأسر لأبنائها من المدارس جراء تراجع حجم الدعم المباشر، كما أن استفحال معدلات التضخم من شأنه إفقاد التحويلات قيمتها و بالتالي التأثير على وظيفتها في حماية القدرة الشرائية. نفس الأمر بالنسبة لإثيوبيا، حيث أثرت تداعيات موجات الجفاف وتكلفة الصراع حول إقليم “تيغراي” على قيمة الدعم المالي المباشر وعلى انتظامه. وبالتالي، يجب اتخاذ تدابير استباقية لمواجهة المخاطر التي قد تهدد استقرار واستمرارية التحويلات المالية المباشرة الموجهة للفئات الهشة.

خاتمة

 يُبشِّر السجل الاجتماعي الموحد بإحداث تغييرات جوهرية في منهجية تحديد المستهدفين من البرامج الاجتماعية، بالانطلاق من بنك معطيات مركزي يكفل تجميع ومعالجة البيانات والمؤشرات ذات الصلة بالوضعية الفعلية للأشخاص في وضعية هشة، بما يمكن من توخي أقصى درجات الدقة والإنصاف في حصر القوائم النهائية لمستحقي الدعم العمومي، ومن تحقيق التكامل بين مختلف المتدخلين في مجالات المساعدة والحماية مقارنة بالمراحل السابقة التي انطبعت بتعدد البرامج دون طائل، في ظل الإشكالات التي اعترت المقاربات المعتمدة في الاستهداف والتدبير والتتبع.

بناءاً على ذلك يرتقب أن تسهم الإصلاحات الرامية إلى تفعيل السجل الاجتماعي الموحد عن عقلنة تدبير البرامج الاجتماعية سواء تلك المتصلة بالمساعدة أو بالحماية، بشكل قد يوسع من مدى وحجم الاستفادة ومن تكريس الأحقية في استهداف الفئات المستفيدة، وهو ما يعني إدماج مختلف المواطنين في وضعية صعبة في شبكات البرامج الاجتماعية، إذا ما تم تطوير مساطر الاستفادة وآليات تقديم الدعم العمومي وتتبعه وتقييمه.

لكن في المقابل قد تترتب عن تفعيل هذا الورش تأثيرات جانبية تنتج وضعيات تمييزية وتكرس بعض حالات الإقصاء في حق فئات عريضة نتاج عدم حصولها على العتبة المطلوبة أو بسبب ضعف مواكبة وتحيين منظومة الاستهداف، إضافة إلى احتمال توظيف الحزمة الجديدة لبرامج الدعم والحماية لحصر السياسات الاجتماعية ضمن تدابير مرحلية ضيقة، كما أن اكراهات التمويل قد تستغل كمسوغ لتبرير رفع يد الدولة عن المسألة الاجتماعية وتكريس منظور “اقتصادوي” قد يتعاكس مع الدينامية المطلوبة للتعاطي مع التعقيدات التي تطبع السياسات العمومية الاجتماعية.

في ضوء هذه المآلات المحتملة يتعين تبني مقاربة استباقية للتعامل مع المخاطر التي قد تحرف السجل الاجتماعي الموحد عن مساره الحقيقي من ضمانة لتعزيز فعالية السياسات الاجتماعية إلى آلية لتكريس الإقصاء في حق بعض الفئات الاجتماعية، وللحيلولة دون ذلك نقترح:

  1. مراجعة المقتضيات التشريعية والتنظيمية لضمان فعالية منظومة الاستهداف، بما يجعل السلطات العمومية مُلزمَةً بالإعمال الفعلي للسجل الاجتماعي الموحد في تصميم السياسات الاجتماعية وتتبعها وتقييمها.
  2. التحيين التلقائي والمنتظم لقواعد المعطيات السوسيو اقتصادية حتى تعكس حقيقة الوضع الاجتماعي وتلبي أكثر متطلبات الإنصاف والاستحقاق.
  3. تقوية الأدوات التدبيرية والمالية لتدخل الوكالة الوطنية للسجلات لجعلها قادرة على التحقق من المعطيات المضمنة بالسجل الوطني الاجتماعي الموحد مع تيسير المساطر المتعلقة بإعادة النظر في التنقيط بما يضمن مصداقية وكفاءة منظومة الاستهداف.
  4. تأطير المعادلات الحسابية المتعلقة بتنقيط الأسر بضمانات جدية، تفاديا لاستخدامها كوسيلة لتضييق قاعدة المستفيدين من البرامج الاجتماعية، من خلال المراجعة المنتظمة للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية مع تنويع الصيغ الحسابية للتنقيط بحسب التفاوتات المجالية.
  5. توحيد الجهود الرامية إلى إرساء نظام شامل لشبكات الأمان الاجتماعي، عبر خلق بنية قيادية للتنسيق بين مختلف آليات قيادة الحزمة الجديدة للبرامج الاجتماعية بما يضمن استفادة المستحقين من الدعم الذي تقدمه الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.
  6. تهيئة الظروف المثلى للانتقال من التطبيقات السابقة إلى البرامج الاجتماعية الجديدة لتجنب الإقصاء في حق الفئات التي تستحق دعم الدولة، كما حصل عند الانتقال من نظام “راميد” إلى نظام “أمو تضامن”، مع إحداث لجان للمساءلة الاجتماعية لضمان فرز واضح بين النسقين المساهماتي والتضامني لمنظومة الحماية الاجتماعية.

 من شأن هذه الإجراءات المقترحة أن تُمكِّن من الرفع من الأثر الإيجابي للسجل الاجتماعي الموحد في تحقيق تكامل واندماج السياسات الاجتماعية، مع الحفاظ على التعزيز الفعَّال للعدالة الاجتماعية والمساواة في توفير الدعم والحماية للأفراد في وضعية اجتماعية صعبة.

 

الهوامش

[1] لم تعكس حصيلة البرامج الاجتماعية الانتظارات المعقودة عليها في ظل البون الشاسع الذي ما فتئ يتسع بين النتائج والأهداف، وهو ما تكشفه المعطيات الخاصة بعدد المستفيدين، فبرنامج تكافل لفائدة المطلقة المعوزة ولأطفالها في حالة الغياب أو الإعسار لم يغطي منذ انطلاقته سنة 2011 سوى 15 ألف قرار قضائي بمبلغ كلي بلغ 150 مليون درهم. وعلى الرغم من ارتفاع ميزانية برنامج تحسين ظروف تمدرس الأطفال في وضعة إعاقة خلال فترة 2015-2020 لتقارب 700 مليون درهم فإن عدد المستفيدين منه ظل في حدود 61 ألف مستفيد. نفس الأمر بالنسبة لبرنامج تيسير الذي لم يُمكِّن تنامي غلافه المالي -الذي وصل إلى 2.6 مليار درهم- من التحكم في الهدر المدرسي الذي ظل يراوح نسبة 5.3 بالمئة.

[2]عثمان مخون، ورش الحماية الاجتماعية: هل يتغلب المغرب على التحديات المطروحة؟ مبادرة الإصلاح العربي، سلسلة بوادر، 5 شتنبر 2023، متاح على الرابط التالي: https://l8.nu/tCda

[3] الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا “كوفيد‐19” والسبل الممكنة لتجاوزها، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة رقم 28/2020، ص 13.

[4] قُدّم مشروع القانون رقم 72.18 من طرف وزارة الداخلية، وبعد المناقشة والتصويت تمت المصادقة عليه من طرف مجلس المستشارين في 15 يونيو 2020 ومجلس النواب في 20 يوليوز 2020، ليتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 13 غشت 2020.

[5]Abdallah Alaoui Amini, la gestion institutionnelle de la question sociale au Maroc, Fomdation Abderrahim Bouabid, 1997, p.19.

[6] مذكرة تقديم حول مشروع قانون المالية لسنة 2022، وزارة الاقتصاد والمالية، 2021، ص 91. شُوهد بتاريخ 10 يوليوز 2023. متاح على الرابط: https://bit.ly/3rdK9nI

[7]تشمل شبكة الهيئات المتدخلة في تصميم وتقديم برامج المساعدة الاجتماعية القطاعات الوزارية المعنية بالداخلية والتربية الوطنية والشبيبة والرياضة والتعليم العالي والصحة، والتنمية الاجتماعية والسكنى والمغاربة المقيمين بالخارج، والمؤسسات العمومية المختصة كوكالة التنمية الاجتماعية والوكالة الوطنية لمحاربة الأمية (ANCLA) ومؤسسة التعاون الوطني ومكتب تنمية التعاون (ODCO)، والوكالة الوطنية للتشغيل وإنعاش الكفاءات (ANAPEC)…

[8]African Development Bank, social protection governance support programme, June 2016, p.10.

[9]محمد خيي، محمد الادريسي بخات، تطوير منظومة الدعم الاجتماعي في المغرب لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، مجلة الدراسات المندمجة في العلوم الاقتصادية والقانونية والتقنية والتواصل -العدد الأول -نونبر 2020 ص 8.

[10]Identifier les personnes pauvres grâce au couplage des données et à la coordination interagences, jointlearningnetwork,2022,p.15.Consulté le 03/03/2023.

[11] خريطة الفقر متعدد الأبعاد هي شبكة من المؤشرات تعدها المندوبية السامية للتخطيط بناء على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 مع تحيينها بشكل دوري بناء على بحوث المندوبية حول الاستهلاك ونفقات الأسر والتشغيل. وذلك من أجل تحديد فئات السكان في وضعية حرمان متعدد الأبعاد من حيث الولوج إلى التعليم والصحة والبنيات التحتية الاجتماعية الأساسية وظروف السكن على مستوى الوحدات الترابية.

[12] Mappingde la protection sociale au Maroc, UNICEF, 2018, p.60.

[13]Atick, Joseph J., et al. Identification for Development (ID4D), country diagnostic: Morocco. The World Bank, 2016, p.13.

[14] Laila Zerrour, IDMAJ et TAhfiz : 41428 insertions en quatre mois, aujordhuit.ma. N 4443, jeudi 18 juillet 2019. Consulté le 10/07/2023.

[15]Abdelkhalek, Touhami; Boccanfuso, Dorothée. Impact des programmes de protection sociale sur la pauvreté multidimensionnelle : nouvelles approches et application au cas du Maroc. Revue d’économie du développement, 2021, 29: 3, p.7.‏

[16]Banque Mondiale, Ciblage et protection sociale au Maroc : note d’orientation stratégique, 2012, p.78.

[17] Abdallah SaafEt Rachid El Houdaigui, la stratégie du Maroc face au covid-19, Policy center for the new south, 2020, p.21.

[18]ministère de l’économie et des finances et de la réforme de l’administration, Politique publique intégrée de protection sociale 2020-2030, novembre 2019, p.48.

[19]‎عبد الرفيع زعنون، برامج الحماية الاجتماعية وممكنات تمفصلها مع سياسات الدعم الاجتماعي، مجلة عدالة، عدد مزدوج 18-19. 2021، ص 202.

[20] Gabriela Perin and Krista Joosep Alvarenga, Social protection digitalisation embedded in e-governance, ID, data, and information management systems International Policy Centre for Inclusive Growth (IPC-IG), 05/07/2022, accessed on 02/03/2023, at:

[21]Le Haut-Commissariat au Plan ,Impact social & économique de la crise du covid-19 au Maroc, juillet 2020, p.11.

[22] نشير على سبيل المثال إلى المناظرة الوطنية للحماية الاجتماعية بالصخيرات في نونبر 2018 التي نظمتها الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، والتي شكلت توصياتها مرجعية توجيهية لمجمل الإصلاحات الرامية إلى مراجعة السياسات الاجتماعية.

[23]مذكرة تقديم حول مشروع قانون المالية لسنة 2022، وزارة الاقتصاد والمالية، 2021، ص 91.

[24]تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين حول مشروع قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، دورة أبريل 2020، ص 48.

[25] المعرف الرقمي المدني والاجتماعي عدد تركيبي يتكون من عشرة أرقام تحدث بطريقة آلية يمنح لكل شخص مقيد بالسجل الوطني للسكان. تكمن أهميته في تسهيل الإجراءات الإدارية المتعلقة ببرامج الدعم الاجتماعي، كما يستعمل المعرف الرقمي كرابط بين مختلف قواعد البيانات للإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية التي تشرف على برامج الدعم.

[26]تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب حول مشروع قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، دورة أبريل 2020، ص 10.

[27]المادة 11 من القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.77 في 18 من ذي الحجة 1441 (8 أغسطس 2020). جريدة رسمية عدد 6908 بتاريخ 23 ذو الحجة 1441(13 أغسطس 2020).

[28]التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021، ص 8.

[29] Registres national et social de la population : le choix technologique défini, medias 24, 27 août 2018.Consulté le 23/03/2023

[30]مرسوم رقم 2.21.473 صادر في 28 يوليوز 2021 بتطبيق القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، فيما يخص السجل الوطني للسكان، ج. ر عدد 7011- 9 غشت 2021، ص 6001.

[31]مرسوم رقم 2.21.582 صادر في 28 يوليوز 2021، بتطبيق القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعيوبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، فيما يخص السجل الاجتماعي الموحد، ج. ر 7011- 9 غشت 2021، ص 6003.

[32]قرار لوزير الداخلية رقم 2794.22 صادر في 24 أكتوبر 2022 بتحديد الشروع في العمل بالسجل الوطني للسكان بباقي العمالات والأقاليم التابعة لولاية جهة الرباط سلا القنيطرة، جريدة رسمية 7138 في 27 أكتوبر 2022، ص 6707.

[33]قرار لوزير الداخلية رقم 2795.22 صادر في24 أكتوبر 2022 بتحديد تاريخ الشروع في العمل بالسجل الوطني للسكان بالعمالات والأقاليم التابعة لولاية جهة طنجة- تطوان-الحسيمة، جريدة رسمية عدد 7140 بتاريخ 3 نونبر 2022، ص 6805.

[34]قرار لوزير الداخلية رقم 2796.22 صادر في 24 أكتوبر 2022) بتحديد تاريخ الشروع في العمل بالسجل الوطني للسكان بعمالات وأقاليم جهة فاس-مكناس، جريدة رسمية عدد 7140 بتاريخ 3 نونبر 2022، ص 6805

[35]قرار لوزير الداخلية رقم 3183.22 صادر في 16نوفمبر 2022 بتحديد تاريخ الشروع في العمل بالسجل الوطني للسكان بعمالات وأقاليم جهة الدار البيضاء- سطات وجهة بني ملال-خنيفرة، جريدة رسمية عدد 7144-17 نونبر 2022.ص 7472.

[36]قرار وزير الداخلية رقم 3183.22 صادر في 15 نوفمبر 2022 بتحديد تاريخ الشروع في العمل بالسجل الاجتماعي الموحد بعمالة الرباط، جريدة رسمية عدد 7144 بتاريخ 17 نونبر 2022.ص 7471.

[37]قرار وزير الداخلية رقم 3228.22 صادر في 24 نونبر 2022 بتحديد تاريخ الشروع في العمل بالسجل الاجتماعي الموحد بباقي عمالات وأقاليم جهة الرباط – سلا – القنيطرة وعمالات وأقاليم جهات طنجة-تطوان- الحسيمة وفاس-مكناس وبني ملال-خنيفرة والدار البيضاء- سطات. الجريدة الرسمية عدد 7147 بتاريخ في 28 نونبر 2022، ص 7668.

[38]ليلى أنوزلا، وزير الداخلية يبشر بقرب إخراج السجل الاجتماعي الموحد إلى حيز الوجود، الصحراء المغربية، 30 ماي 2022، متاح على الرابط:

[39]السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد.. الابتكار من أجل نظام حماية اجتماعية شامل وفعال، وكالة المغرب العربي للأنباء، 24 ماي 2023. متاح على

[40]التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، مرجع سابق، ص 27.

[41]الملاءمة ومدى توافق برامج الحماية وسياسات الدعم الاجتماعي، مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرلمانية، مجلس المستشارين، 2019، ص 11.

[42] التقرير الاقتصادي والمالي، قانون المالية لسنة 2022، وزارة الاقتصاد والمالية، 2021، ص 49. او 39

[43] Louise paul-delvauxet autres, impact de la pandémie de covid-19 sur le marché du travail marocain et réponse publique face à la crise, Lab de l’emploi Maroc ,2020, p.49.

[44]Sara Ibriz, Round up. RNP, RSU et leur rôle dans la nouvelle stratégie de ciblage, medias 24, 25 Mai 2023. Consulté le 09/06/2023

[45]Khadija Shaqi, digitalisation : le Maroc adopte le programme d’identification AADHAAR, lebrief.ma, 24/03/2023, Consulté le 2023/04/11

[46] Louise Paul-Delvaux et autres, impact de la pandémie de covid-19 sur le marché du travail marocain et réponse publique face à la crise, op,cit, p.49.

[47]Larabi Jaïdi, le nouveau registre social unifié (RSU) du Maroc : enjeux et mise en œuvre, centre international de politiques pour la croissance inclusive, Brasilia, Avril 2021, p 2

[48] Khalid Haniza, Unified Social Registry: Towards An Efficient Social Protection System, United Nations Development Programme, March 2021, p.6-7.

[49] Ciblage et protection sociale au Maroc, op,cit, p.94.

[50]حسب المندوبية السامية للتخطيط فالأسرة عبارة عن مجموعة من الأشخاص يقطنون بنفس المسكن ويتقاسمون المصاريف الضرورية للاستجابة لحاجياتهم المشتركة ويدخل في حكم الأسرة الشخص الذي يقطن لوحدة

[51]المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رأي حول مشروع قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعيوبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، إحالة ذاتية رقم 2020/44، ص 15.

[52]Larabi Jaïdi, Le Registre social unique: Enjeux et défis, Policy Center for the New South, 2020, p.14.Consulté le 08/06/2023. https://bit.ly/3p2QnGe.

[53]Ettahiri, Lahcen & Benazzou, Lotfi. Social inequalities in Morocco and the imperative of financing: What tax policy for the new development model?.Revue du contrôle, de la comptabilité et de l’audit, 2022, 6: 2,p.130.

[54] على غرار التدابير الجبائية لتي تم اتخاذها منذ قانون المالية لسنة 2021 للمساهمة في تمويل ورش الحماية الاجتماعية، بفرض المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخل على كل موظف أو أجير يساوي أو يفوق أجره الشهري 20 ألف درهم.

[55]Larabi Jaïdi, le registre social unique: enjeux et défis, op. cit, p.15.

[56]حسن بويخف، أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 2022، متاح على الرابط: https://mipa.institute/9158

[57]نشير على سبيل المثال إلى أن القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية قد نص على تخويل الحاصلين على بطاقة راميد البالغ عددهم 11 مليون من الاستفادة المجانية من برنامج تعميم التغطية الصحية لكن التفعيل المرحلي يؤشر على إقصاء ما يقارب المليون مستفيد من هذا البرنامج بسبب إجبارهم على أداء مستحقات الاشتراك في غياب معايير واضحة للفصل بين نظامي الاشتراك والتضامن، الأمر الذي سيجعلهم خارج كل أشكال التأمين الاجتماعي.

[58]عبد الرفيع زعنون، إشكالات تشريعية وتدبيرية تعيق تعميم التغطية الصحية، أسبوعية الأيام، العدد 1038، ماي 2023، ص 22.

[59] Stephen Kidd, Diloá Athias & Idil Mohamud, social registries: a short history of abject failure, Development Pathways, June 2021, p.13.

[60] مديرية الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية، البعد الاجتماعي لقانون المالية 2022 تدابير مهمة من أجل مشروع مجتمعي جديد، مجلة المالية، عدد خاص، يناير 2022، ص 22.

[61]سلمى صدقي، نظام المقاصة: الإصلاح الذي لم يكتمل، المعهد المغربي لتحليل السياسات، شوهد بتاريخ 2023/03/28، على الرابط التالي: http://bit.ly/3nQR8Bw

[62] حامي حسام، سياسة الدعم الاجتماعي في الجزائر: الكلفة الاقتصادِية وحتمية الإصلاح، مبادرة الإصلاح العربي، 24 فبراير 2022، متاح على الرابط: https://bit.ly/41bCbs9

[63]ريم عبد الحليم، الخطاب السياسي الحالي وتغيرات نظم الدعم في مصر، ص 3، مبادرة الإصلاح العربي، 24 فبراير 2023، متاح على الرابط:http://bit.ly/3MistzX

[64] Banerjee, Abhijit, et al. Social Protection in the Developing World, Massachusetts Institute of Technology (MIT(, Octobre2022.‏ accessed on 11/02/2023, at: https://bit.ly/3GqihSb

 

عبد الرفيع زعنون

عبد الرفيع زعنون

باحث في القانون العام والعلوم السياسية، يشتغل حاليتا أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي بمدينة طنجة، وأستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، له مشاركات في العديد من المؤتمرات الوطنية والدولية وفي عدة مجلات محكمة وكتب جماعية، صدر له كتاب"تدبير التنمية الترابية بالمغرب: دراسة مقارنة"، ساهم في تأطير تكوينات متخصصة لفائدة الطلبة الباحثين والفاعلين المدنيين ومنتخبي وموظفي الجماعات الترابية.