[vc_row][vc_column][vc_column_text]
محمد مصباح مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات لأسبوعية “الأيام”:
إذا اتجهت الأمور نحو التصعيد سنكون أمام مرحلة جديدة في العلاقة عنوانها الرئيسي هو هو انهيار الروابط العضوية التي تربط الملكيات العربية، والتي على ضوئها تم دعوة المملكة لمجلس التعاون الخليجي.
ألا ترى أن الخطوات الاحتجاجية الأخيرة للمغرب تؤكد أن الأزمة مع السعودية أكبر مما نتصور؟
العلاقات المغربية مع دول الخليج، لاسيما معا السعودية، استراتيجية وطويلة الأمد وتمتد لعقود، لكن المؤكد أن هذه العلاقات عرفت اهتزازا خلال السنتين الأخيرتين، مرتبطا أساسا بالتغير على مستوى القيادة في السعودية من خلال صعود الأمير بن سلمان للحكم، وقد بدأ ذلك بمجموعة من الإشارات التي أعقبت إعلان المغرب موقفه المحايد من حصار قطر، ثم تأكد في عدد من المحطات الأساسية، أهمها التصويت ضد الملف المغربي في سباق الترشيح لمونديال 2026. لكن النقطة التي أفاضت الكأس هي بث قناة “العربية” تقريرا مصورا يدعم البوليساريو. ورغم أن هذا الأمر لا يعكس تحولا في الموقف الرسمي السعودي من النزاع في الصحراء، إلا أنه يعتبر محاولة للي ذراع المغرب، وهو ما يفسر هذا التشنج أو دعنا نقل إنه آخر حلقة للتوتر بين الدولتين.
ما هي التداعيات المحتملة لهذه الأزمة خصوصا أن العلاقات بين البلدين لم يسبق لها أن عاشت وضعا مماثلا؟
الأزمة تعكس أن السياسة الخارجية للمغرب تتجه أكثر نحو الاستقلالية وإن كانت دائما موسومة بالاعتزاز بالنفس بشكل عام، كما أنها تؤكد أن المس بقضية الصحراء خط أحمر، وتشير إلى أن العلاقة مع دول الخليج يجب أن تطبعها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل،
السؤال المطروح: هل هذا التوتر سيؤدي إلى القطيعة؟ صعب القول بهذه المسألة، في غياب مؤشرات كافية لتأكيد هذا الأمر، خصوصا أن السفير المغربي لدى الرياض اعتبر في تصريح صحافي أن الأزمة سحابة صيف عابرة.
أعتقد أن المسألة ستبقى في حدود المناوشات في الإعلام، أما على الصعيد الدبلوماسي فربما هناك رغبة في تطويق الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية، وهو يفسر خرجة بوريطة الذي لم يؤكد ولم ينف وجود أزمة ولم يرد صب مزيد من الزيت على هذا الموضوع.
لكن العلاقة تضررت والضرر ثابت، وبالتأكيد لن تعود العلاقة إلى ما كانت عليه في السابق.
ألا تتوقع أن تشمل الأزمة دول حلف السعودية، خاصة الإمارات والبحرين ومصر؟
في كل الأحوال السعودية تعيش عزلة سياسية على الصعيد العالمي بعد تداعيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي، كما أن سمعتها في الحضيض وتعيش توترا مع دول غربية مثل كندا وجزء من الداخل الأمريكي، لذلك ليس من مصلحتها خسارة حليف استراتيجي مثل المغرب.
قد يقول البعض إن المغرب يمكن أن يخسر الكثير من هذه الأزمة، خاصة الدعم المالي المقدم إليه من بلدان الخليج، لكن الواقع يؤكد أن هذا الدعم قد تراجع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، في وقت أخلفت بلدان التزاماتها.
المشكل الرئيسي أن المغرب شعر أنه لم يكن شريكا على نفس قدم المساواة مع الدول التي تشارك في “عاصفة الحزم” في اليمن. صحيح أن المغرب فقد أحد جنوده في الحرب لكنه لم يكن في مركز صنع القرار، وربما نتائج الحرب دفعته لتقييم طبيعة مشاركته.
تقولون إن السعودية لن تغامر بفقدان حليف مثل المغرب، لكن آلا ترى أن شخصية الحاكم الفعلي للسعودية المثيرة للجدل تجعل من الصعب التنبؤ بما قد يتخذه من قرارات، وهو الذي تسبب في عزلة دولية لبلاده؟
ينبغي انتظار الأسابيع المقبلة لمعرفة كيف ستدبر هذه الأزمة، وأتفق معك في أن شخصية الحاكم الجديد للسعودية لا يمكن التنبؤ بها. مع ذلك فطبيعة الرد السعودي هو الذي سيحدد مستقبل العلاقة بين البلدين، والمغرب عبر عن امتعاضه بطريقته لكن ينبغي انتظار رد الجانب السعودي. وإذا اتجهت الأمور نحو التصعيد سنكون أمام مرحلة جديدة في العلاقة عنوانها الرئيسي هو هو انهيار الروابط العضوية التي تربط الملكيات العربية، والتي على ضوئها تم دعوة المملكة لمجلس التعاون الخليجي.
هل يمكن تفسير الصمت الرسمي وعدم تعليق الجانبين على الأزمة بأنه محاولة لفسح المجال أمام جهود رأب الصدع؟
المغرب عبر عن امتعاضه ورمى الكرة في ملعب السعودية في انتظار معرفة ردها، وأتوقع أن تبقى الأزمة في هذا الحدود وتتجه الأطراف إلى حلها عبر القنوات الدبلوماسية.
أجرى هذا الحوار محمد كريم بوخصاص ونشر في العدد 840 (14-20 فبراير 2019) من أسبوعية الأيام المغربية.
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]
مدونة المعهد
مدونة المعهد المغربي لتحليل السياسات.