[vc_row][vc_column][vc_column_text]
ستكون لفيروس كورونا المستجدّ تداعياتٌ واسعة النطاق فيالمغرب العربي
في الوقت الذي تّتخذ فيه ليبيا خطوات لتفادي تفشّي فيروس كورونا المستجدّ، يعتمد قادة آخرون في منطقة المغرب العربي إجراءات صارمة لكبح تقدّم الجائحة. وتشمل هذه الإجراءات حظر التجمّعات العامة وفرض العزل الإلزامي وإلغاء الصفوف الدراسية وإغلاق المساجد وتسريح اليد العاملة بشكل جزئي وتعليق السفر الجوي والبحري والبرّي.
ستكون لبعض الإجراءات تداعياتٌ اقتصادية قاسية في منطقة المغرب العربي. فمع استمرار القيود على السفر، سيعاني المغرب وتونس، اللذان يعتمد اقتصادهما على السياحة. ومع هبوط أسعار النفط ستعاني الجزائر وليبيا اللتان تصدّران الهدروكربون أيضاً. وستؤثّر الاضطرابات التي ستطال التجارة مع الصين سلباً في المغرب والجزائر وتونس، فيما ستضرّ الأسواق الأوروبية المتراجعة بالمغرب، الشريك التجاري الأكبر لأوروبا في منطقة البحر المتوسط.
على الصعيد السياسي، على الرغم من أنّ الجائحة قد تؤمّن فترة استراحة من الاحتجاجات الدائمة في الجزائر، فإنّ سلوك النظام في هذا الوقت، مع أنظمة رعاية صحّية متواضعة وتفاوت اجتماعي، سيفضي في النهاية إلى بروز معارضة في أرجاء المغرب العربي. ففي المغرب حيث أُشيد بالإجمال بالردّ الحكومي، أثار قرار إغلاق المساجد انتقادات الشخصية السلفية البارزة، عبد الحميد أبو نعيم، في حين أدّى الحظر العام إلى تظاهر عشرات الأشخاص في طنجة وفاس وتطوان. واعتقلت السلطات منذ ذلك الحين أبو نعيم، الذي ينتظر المحاكمة حالياً، بالإضافة إلى مجموعة من الأشخاص المتّهمين بالتحريض على الاحتجاجات. وقد انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصورٌ لقوات الأمن وهي تقمع بعنف الأفراد الذين اعترضوا على الحظر. وسيواجه ردّ الفعل هذا انتقاداً من ناشطي حقوق الإنسان ومجموعاتها الذين اتّهموا النظام بالقمع القضائي في الآونة الأخيرة.
وفي الجزائر، أجّل أعضاء الحراك المسالم المعارض للنظام الاحتجاجات للمرّة الأولى منذ فبراير 2019. وسوف يُكسب القرارُ بتأجيل الاحتجاجات للصالح العام الحراكَ احتراماً وثقة لدى الشعب. وستشكّل الأزمة الجارية امتحاناً للرئيس عبد المجيد تبون الذي شهدت عملية انتخابه للرئاسة مقاطعةً واسعة والذي سيكون ردّ فعله إزاء الجائحة تحت المجهر.
وتتمتّع تونس بنظام رعاية صحية أفضل من المغرب والجزائر وهي تتعامل مع تقدّم أبطأ للفيروس. وعلاوة على مبلغ 400 مليون دولار أمريكي تلقّتها البلاد من صندوق النقد الدولي، تعهّدت الحكومة بمبلغ 850 مليون دولار أمريكي للمساعدة على احتواء أثر الفيروس. بيد أنّ التوقّعات الاقتصادية للبلاد غير واعدة وعلى الأرجح أن تواجه ركوداً، ولا سيّما مع أثر الجائحة في قطاعها السياحي.
أما ليبيا، فعلى الرغم من أنّها لم تسجّل سوى حالة واحدة مؤكّدة حتّى لحظة كتابة هذه المقالة، وضْعُها يدعو للقلق، نظراً إلى صراعها الجاري. ففي حال تفشّت الجائحة، ستكون النتائج كارثية، بسبب مواردها المحدودة وانعدام سيطرة الحكومة المعترَف بها دولياً على البلاد.
نشرت النسخة الأصلية من هذا المقال من طرف معهد بروكنجز
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]
ياسمينة أبو الزهور
أبو الزهور هي زميلة زائرة في مركز بروكنجز، و حازت دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة أوكسفورد حيث أعطت محاضرات لمرحلتي البكالوريوس والدكتوراه في السياسات المقارنة والعلاقات الدولية والحوكمة الاقتصادية. تركّز بحوثها على استمراريّة الأنظمة السلطويّة وتحوّلاتها، والسلوك الاستراتيجي الذي تعتمده هذه الأنظمة، وتفاعلات الأنظمة مع التيارات المعارضة، و تعدد المنهجيات. وهي تكتب كتابًا حول استمراريّة الأنظمة الملكية العربية و تكمل عدة مشاريع حول سياسة و اقتصاد دول شمال أفريقيا. وقد عملت أبو الزهور سابقًا كمحللة مخاطر سياسية في أوكسفورد أناليتيكا، و حصلت على درجة البكالوريوس بتميّز في العلوم السياسية من جامعة كولومبيا.