في مواجهة ضغوط الاتحاد الأوروبي، يسعى المغرب إلى إقامة توازن بين التعاون وعدم رغبته في تحمل أعباء ملف الهجرة لوحده
تحميل المقال
ملخص تنفيذي
- تحدد إدارة ومراقبة الهجرة علاقة الاتحاد الأوروبي مع البلدان المجاورة له، ولا سيما تلك الواقعة جنوب البحر الأبيض المتوسط.
- الهجرة شبه حاضرة في جميع سياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية التي تستهدف البلدان الثالثة، خاصة البلدان الرئيسية المرسلة للمهاجرين و / أو بلدان العبور.
- نظرا لأهمية موقع المغرب الجيوسياسي، وضع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء العديد من أطر السياسات ووفر التمويل والدعم التقني لتعميق التعاون مع المغرب فيما يتعلق بإدارة الهجرة ومراقبة الحدود.
- أصبح المغرب في السنوات الأخيرة يقوم بدور نشط في التصدي للهجرة غير الشرعية لمواطنيه ولرعايا البلدان الثالثة التي جذبها قرب المغرب جغرافيا من أوروبا.
- يتشارك المغرب واسبانيا كلا من الحدود البرية والبحرية، مما يتيح العديد من منافذ الدخول إلى أوروبا.
- يبدو أن المغرب يحاول الموازنة بين استجابته لدوافع وضغوط الاتحاد الأوروبي، من خلال التعاون بشأن مراقبة الحدود، ومعارضة المقترحات التي يعتبرها ضارة بمصالحه الاستراتيجية.
تقديم
خلال العقدين الماضيين، اكتسبت إدارة الهجرة والأمن[1] مكانة بارزة ضمن التعاون المتعدد المستويات بين المغرب والاتحاد الأوروبي. ويعتبر مسلسل الرباط -وهو أرضية للحوار الإقليمي أُحدث سنة 2006 بهدف إشراك بلدان المنشأ والعبور والمقصد في إدارة الهجرة- وشراكة التنقل المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 2013، مثالين على إعادة ترتيب الأولويات هذه.
وتشكل الآلية الأوروبية للجوار (ENI)، والصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل إفريقيا (EU Emergency Fund for Africa) مؤشرات على هذا التحول في الأولويات من التجارة والعلاقات الدبلوماسية إلى الأمن وإدارة الهجرة، وكلاهما على رأس جدول أعمال الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء.
أنشأ الاتحاد الأوروبي أطرا للسياسات وفعّل هذه الأخيرة من خلال مجموعة من الاتفاقيات المالية، بهدف ضمان إبعاد المهاجرين قدر الإمكان عن حدوده، وهو الأمر الذي يتطلب مشاركة نشطة من طرف البلدان الشريكة كالمغرب الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، وخاصة إسبانيا، شريكا وفاعلا رئيسيا وحيويا في ملف الهجرة.
تعمل سياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على تحويل المغرب فعليا إلى “دركي أوروبا”، وهو دور يرفضه المغرب بشدة، فقد عبر عن موقفه بوضوح سنة 2013 عندما عبر السيد سعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون آنذاك (رئيس الحكومة الحالي)، بشكل صريح أن المغرب يرفض أن يكون دركي أوروبا[2]، غير أن موقف المغرب السياسي العلني من هذه القضية يختلف عما يحدث على أرض الواقع، فضغط الاتحاد الأوروبي (السياسي والاقتصادي والمالي) والتزامات البلاد بموجب أطر التعاون المختلفة مع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، قد حولت المغرب في الواقع إلى خط الدفاع الأول ضد المهاجرين غير الشرعيين.
تناقش هذه الورقة دور المغرب في الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وكيف تحول سياسات الاتحاد الأوروبي والضغط الدبلوماسي والسياسي والدوافع المالية المغرب فعليا إلى دركي أوروبا.
ضبط ومراقبة وإدارة الحدود
مرت تجربة المغرب مع الهجرة بثلاث مراحل لعب فيها أدوارا متعددة وفقا لمجموعة من العوامل، فقد كان المغرب خلال الستينيات والسبعينيات مصدرا للعمال المهاجرين، ومن ثم اتبع سياسة تصدير العمالة[3] التي استمرت إلى أن فرضت دول أوروبا الغربية قيودا على العمال المهاجرين في منتصف السبعينيات، ثم أصبح المغرب في أواخر التسعينيات بوابة العبور المفضلة لدى المهاجرين غير الشرعيين المتوجهين إلى الـ “إلدورادو” الأوروبية. وفي سياق تعزيز مراقبة الحدود وتعميق التعاون في مجال الهجرة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وخاصة مع إسبانيا، فقد يصبح المغرب دولة مستقبلة.
وعلى عكس موقف المغرب المتطور إزاء الهجرة، فإن موقف أوروبا من الهجرة يتغير باستمرار وبشكل كبير، لا سيما بعد الأزمة المالية سنة 2008 التي هزت العديد من القطاعات الاقتصادية في أوروبا وعلى رأسها القطاعات التي تعتمد على العمال ذوي المهارات المحدودة (البناء مثلا)[4]. ونتيجة لذلك، تبنت الحكومات الأوروبية سياسات أكثر تقييدا وأصبح للرأي العام الأوروبي موقف متعصب تجاه المهاجرين. أدى هذا التطور وهذه السياسات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في إطار المقاربة العالمية للهجرة وحرية التنقل (GAMM) إلى تحويل المغرب في حد ذاته إلى بلد مقصد. وعلاوة على ذلك تم تأكيد الوضع الجديد للمغرب بعد أن قام بتسوية الوضع القانوني لآلاف المهاجرين غير الشرعيين سنتي 2014 و2017.
يتسم التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في إدارة الهجرة ومراقبتها بالتعقيد، حيث ينصب تركيز أوروبا على ضبط الحدود ومراقبتها، واتفاقيات إعادة القبول؛ فيما يتعلق بمراقبة الحدود، يجمع المغرب والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وتحديدا إسبانيا، تعاون عميق، أما من فيما يتعلق باتفاقيات إعادة القبول فقد أبرم المغرب عدة اتفاقيات ثنائية مع دول أوروبية كإسبانيا وفرنسا وألمانيا. وعلى الرغم من بدء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي من أجل إبرام اتفاقية إعادة القبول (EURA) في سنة 2000، إلا أن مسارها تعثر سنة 2013[5]. لم ينجح الاتحاد الأوروبي في الواقع في إبرام اتفاقية إعادة القبول مع أي من الدول المغاربية[6]، وهو الأمر الذي قد يفسر الأسباب الكامنة وراء مقترح الاتحاد الأوروبي بخصوص منصات الإنزال سنة 2018، والذي لم يكتسب زخما بسبب معارضة قوية من المغرب والجزائر وتونس على الرغم من بعض الحوافز المشجعة، كما يبدو أيضا أن البلدان المغاربية قد رأت في هذا المقترح تقسيما غير عادل للمسؤولية ووسيلة الاتحاد الأوروبي للتملص من مسؤوليته الدولية بموجب القوانين الدولية والأوروبية.
وفقا لتقرير الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، شهدت سنة 2018 ارتفاعا في ضغط الهجرة على إسبانيا حيث تضاعف عدد حالات الدخول غير المشروعة مقارنة بسنة 2017. وقد أشار التقرير نفسه إلى تزايد حالات المغادرة من المغرب خمسة أضعاف خلال نفس الفترة وأن معظم المهاجرين الذين يسلكون طريق غرب البحر الأبيض المتوسط (WM) جاءوا من إفريقيا جنوب الصحراء بالإضافة إلى عدد كبير من المغاربة (20.55 في المائة من إجمالي الهجرات)[7]. ويمكن اعتبار ذلك نتيجة التأثير غير المباشر للوضع المضطرب في ليبيا وتضييق الخناق على المهاجرين في إيطاليا من خلال سياساتها التقييدية والقمعية، ما أدى إلى تحويل طريق غرب البحر المتوسط إلى المسلك المفضل لدى المهاجرين في 2018[8]، وتحويل إسبانيا إلى المدخل الرئيسي للمهاجرين غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبي.
المصدر: فرونتكس 2019
عزز هذا الوضع العلاقة بين المغرب وإسبانيا وعمق تعاونهما في مجال الهجرة، وأصبحت إسبانيا تدعم المغرب في الاتحاد الأوروبي، وتدافع عن مصالحه من أجل تأمين التمويل بموجب مختلف أدوات الاتحاد الأوروبي المالية[9]. بالإضافة إلى ذلك، زار العديد من المسئولون الإسبان رفيعو المستوى الرباط في السنوات الأخيرة للاجتماع مع نظرائهم المغاربة ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها مشكلة الهجرة؛ ومن الأمثلة على ذلك في سنة 2018 عندما صرح السيد جوزيف بوريل، وزير الخارجية الإسباني آنذاك أن: “الهجرة مشكلة أوروبية لن تتمكن [أوروبا] من حلها إذا لم نعتمد على مساعدة المغرب”[10].
من الواضح أن معالجة مشكل الهجرة تتطلب التزاما حازما من السلطات المغربية التي تحتاج إلى اعتماد سياسات وتكريس الموارد البشرية والمالية من أجل تأمين ومراقبة حدود المغرب البرية والبحرية مع أوروبا بشكل فعال. إن “مشكلة الهجرة” التي ترغب أوروبا في حلها، كما جاء في تصريح السيد بوريل، قد تصبح مشكلة المغرب، وهذا يضع المغرب في موقف حرج تجاه شركائه الأوروبيين. وبعبارة أخرى، فإن تشديد الرقابة على الحدود وإضفاء الطابع الأمني عليها يعني أن عدد المهاجرين الذين سيظلون عالقين في المغرب سيزداد بشكل كبير. ومن جهة أخرى تحاول الحكومة المغربية تجنب ارتفاع أعداد المهاجرين في البلاد بسبب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المفترضة للهجرة؛ فهل يفسر هذا سبب عدم وضع المغرب للأطر القانونية والمؤسسية اللازمة لسياسة هجرة ونظام لجوء فعالين وناجعين على الرغم من توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟
ويبدو أن المغرب مستعد للتعاون مع أوروبا فيما يتعلق الهجرة طالما أن هذا التعاون لا يهدد مصالحه الإستراتيجية ولا ينقل مسؤولية أوروبا إليه، خاصة بعدما أشار السيد جوزيف بوريل إلى أنه “لم يتم التعامل مع المغرب بشكل جيد من حيث المساعدة التي منحها الاتحاد الأوروبي من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية “.[11]
ومقارنة بالدعم الذي وعد به الاتحاد الأوروبي تركيا بموجب اتفاق بينهما، لا يتلقى المغرب سوى نسبة ضئيلة، وذلك لأن تركيا تستضيف أعدادا كبيرة من المهاجرين على أراضيها وهي حجة مقنعة وتدعم هذه المعاملة المالية التفضيلية، أخذا بالاعتبار أن اقتصاد تركيا أكبر بكثير من اقتصاد المغرب الذي يحاول جاهدا توفير فرص اقتصادية للمواطنين، وهو بالضبط أحد أهم الأسباب وراء لجوء الكثير من الشباب المغربي إلى الهجرة غير الشرعية. بالإضافة لذلك فإن معظم المهاجرين إلى تركيا هم من دول الجوار (سوريا والعراق) التي تجمعها روابط تاريخية ودينية مع تركيا، كما أن هناك احتمال كبير بأنهم سيسلكون طريق العودة بمجرد انتهاء الحروب.
لكن يختلف الوضع بالنسبة للمهاجرين في المغرب ويولد تخوفا غير معلن من التآكل التدريجي لما يسمى بـ “الهوية المغربية”، حيث ظهرت مواقف معادية للمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى تجلت في المواجهات العنيفة سنة 2017 بين شباب مغاربة ومهاجرين في أحد أحياء الدار البيضاء؛[12] وقد تكون التغطية الإعلامية (التي تكون أحيانا مضللة) للأحداث المتعلقة بالمهاجرين، لاسيما الوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء، سببا في استياء بعض الشباب المغربي وعدائهم تجاه المهاجرين لأنهم يرون أن “المهاجرين يحصلون على كل شيء بسهولة“[13].
التدابير المباشرة
يفتقر المغرب إلى الموارد المالية والبشرية الكافية من أجل ضبط حدوده، لذا لا يمكنه تحويل موارده المحدودة لمكافحة الهجرة غير الشرعية نيابة عن الاتحاد الأوروبي باعتبار أن مكافحة الهجرة غير الشرعية أمر مكلف سياسياً ومالياً، ويبدو أن المغرب غير مستعد للمخاطرة بمصالحه دون تلقي “تعويض منصف” من أوروبا.
شهد المغرب خلال سنتي 2017 و2018 احتجاجات شعبية كبيرة في مدينة الحسيمة، شمال البلاد، وعاصمة المناجم سابقا، جرادة، شرق البلاد، وبالرغم من أن المدينتين تقعان على طرفي البلاد وليستا مركزيتين وحضريتين رئيسيتين، إلا أن حجم ومدة هذه الاحتجاجات مؤشر قوي على الاعتلال الاجتماعي والاقتصادي في المغرب. ونُذكر بأن الحكومة قد اعتمدت نهجا قمعيا في التعامل مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة لسكان المدينتين، الذين لا يزالون مهمشين ومعوزين اقتصاديا، خاصة بالنسبة للشباب الذين يواجهون انسداد آفاق الشغل، وبالنتيجة، لجأ آلاف الشباب والشابات للبحث عن طرق بديلة لتأمين مستقبل أفضل لأنفسهم ولأسرهم، وهذا قد يفسر الارتفاع الهائل في أعداد المهاجرين غير الشرعيين المغاربة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا مقارنة بالسنوات السابقة، حيث مثل المغاربة أكبر جنسية تصل إلى أوروبا عبر إسبانيا في 2018[14].
يحتاج المغرب إلى تهيئة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية والمؤسسية لثني مواطنيه عن محاولة العبور إلى أوروبا بشكل غير قانوني، كما يحتاج إلى تأمين حدوده لمنع الهجرة غير الشرعية لمواطني الدول الثالثة؛ ولا يمكن تحقيق هذه المهمة المزدوجة إلا بتخصيص موارد كبيرة لكل من مراقبة الحدود ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة.
خلال المدة الممتدة من 2014 إلى 2018 صرف الاتحاد الأوروبي 232 مليون أورو لتمويل سبعة وعشرين مشروعا متعلقا بالهجرة في المغرب،[15] وقد أظهرت دراسة حول هذه المشاريع والأموال المخصصة لها ما يلي:
- يمتلك المغرب أكبر حافظة مشاريع التعاون بين دول شمال إفريقيا.
- يتم تمويل التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في ملف الهجرة عبر ثلاث أدوات مالية: الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل افريقيا(EUTF Africa) الذي تم إحداثه بعد قمة فاليتا بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، والآلية الأوروبية للجوار (ENI) وأداة التعاون الإنمائي (DCI)
- تخصص معظم التمويلات، أي 73٪ (170 مليون أورو)، لإدارة الحدود ومكافحة الاتجار بالبشر والتهريب، ويخصص الباقي للإدماج الاجتماعي والاقتصادي (4٪)، والحماية (10٪) والحكامة وسياسة الهجرة (13٪).
- معظم الجهات المنفذة للمشاريع هي إما مؤسسات حكومية مغربية أو منظمات غير حكومية أوروبية ووكالات التنمية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (على سبيل المثال، المؤسستين الألمانية والاسبانية للتعاون الدولي و الوكالة الفرنسية للتنمية)، ووكالات متخصصة تابعة للأمم المتحدة (كاليونيسف والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة)، ومن بين هذه الجهات خمس منظمات غير حكومية مغربية فقط. وقد يأتي هذا الوضع بنتائج عكسية على المدى الطويل لأن المنظمات غير الحكومية المغربية لا تبدي استعدادا لتطوير قدراتها والمشاركة بفعالية في إيجاد الحلول وتسهيل اندماج المهاجرين إذا استمر إقصاؤهم من الدعم المالي، وهو أمر بالغ الأهمية ولا غنى عنه.
وكما هو موضح أعلاه، فإن معظم الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للمغرب يصب في إدارة الحدود ومراقبتها، وهو مؤشر واضح على أن الاتحاد الأوروبي يدعم نهج المملكة القمعي في مكافحة الهجرة وأن تأمين الحدود هو الاستجابة الراجحة لتدفق المهاجرين.
وأفادت تقارير إعلامية بأن المغرب طلب دعما إضافيا بقيمة 60 مليون أورو من شركائه في الاتحاد الأوروبي لشراء معدات مراقبة متطورة كالرادارات وأجهزة المسح وطائرات الهليكوبتر ومعدات أخرى لعناصر الأمن المسؤولين عن مراقبة الحدود.[16]و يُذكر أن السلطات المغربية قد أرسلت قائمة هذه المعدات إلى الحكومة الإسبانية التي أرسلتها بدورها إلى المفوضية الأوروبية[17].
يوجد بالفعل تعاون عملي وثيق بين إسبانيا والمغرب حيث يقوم البلدان بدوريات مشتركة في البحر ويتبادلان المعلومات التي تجمعها الرادارات والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار حول تحركات المهاجرين غير الشرعيين سواء في البحر أو في الغابات المحيطة بجيبي سبتة ومليلية. كما ساهم تعزيز قدرة اسبانيا على مراقبة سواحلها، بعد أن نشرت في منتصف العقد الأول من القرن الحالي نظام المراقبة الخارجية المتكامل (SIVE)، في تبادل المعلومات الاستخبارية بين الطرفين، وهو أمر ضروري في معركتهما المشتركة ضد المتاجرين بالبشر والمهاجرين ومهربي المخدرات.[18] إلى جانب ذلك، يعمل البلدان معا في بعض الأحيان للالتفاف حول القانون الأوروبي والدولي من خلال تعاونهما بشأن “عمليات الإعادة القسرية” في المنطقة العازلة بين السياجين المحيطين بجيبي سبتة ومليلية، حيث ورد أن المهاجرين يحتجزون حتى وصول عناصر مراقبة الحدود المغربية لإعادتهم إلى المغرب.
تدعم موارد الاتحاد الأوروبي الجهود الإسبانية المغربية ، حيث يمول الاتحاد الأوروبي ضبط ومراقبة الحدود بين الدولتين جزئيا وتعززها وكالة فرونتكس من خلال عمليتين رئيسيتين في مينيرفا وإندالو غرب البحر الأبيض المتوسط.[19] الهدف الرئيسي من هذه العمليات هو مساعدة السلطات في مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات، فهي توفر المعلومات وتنفذ مهام الإنقاذ في البحر، حيث يوجد في الواقع 180 ضابطا من عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي يساعدون السلطات الإسبانية في مكافحة شبكات التهريب الإجرامية وتسجيل المهاجرين وإجراء عمليات التفتيش على الحدود وغيرها.[20]
وتتم مراقبة الحدود وحراستها بتعاون متعدد المستويات بين إسبانيا والمغرب والاتحاد الأوروبي، من خلال اضطلاع كل من الأطراف الثلاثة بمهمة معينة؛ حيث يتحمل المغرب على سبيل المثال مسؤولية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لثني المهاجرين عن الاقتراب من منافذ الدخول المعروفة لدى المهاجرين غير الشرعيين، ثم تتدخل إسبانيا كخط دفاع ثانٍ من خلال توفير بعض الدعم التقني والمالي للمغرب، وأخيرا ينضم الاتحاد الأوروبي إلى جهود البلدين عبر توفير الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي، وكذا السياسات المؤسسية والأطر القانونية لتسهيل وقف الهجرة غير الشرعية التي لا تتم دائما بما يتماشى مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان الأساسية للمهاجرين.
التدابير غير المباشرة
مدفوعا بشركائه في الاتحاد الأوروبي،[21] يلجأ المغرب إلى وسائل أخرى للتصدي للهجرة غير الشرعية كحظر دخول المهاجرين من جنوب الصحراء – بمن فيهم أولئك الذين استفادوا من الإقامة القانونية بعد حملتي تسوية الأوضاع في 2014 و2017 – إلى المدن الشمالية مثل الناظور، وإلى حد ما طنجة وتطوان.[22] وفي هذا الصدد، كثيرا ما يستنكر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH) بالناظور الاعتقالات غير القانونية،[23] وعمليات احتجاز وترحيل المهاجرين من الناظور والمناطق المحيطة بها، وقد انتقدت نفس المنظمة غير الحكومية السلطات في مناسبات عديدة بسبب ظروف احتجاز المهاجرين، ولاسيما الفئات الضعيفة كالنساء والقاصرين.
وكما أوردت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومجموعة مناهضة العنصرية والدفاع عن الأجانب والمهاجرين GADEM وغيرهما، فإن توقيف المهاجرين من جنوب الصحراء يعتمد أساسا على التنميط العنصري[24] حيث تقوم قوات الأمن المغربية باعتقال المهاجرين من إفريقيا حتى لو كان الشخص الموقوف مقيما بشكل قانوني في البلاد. زيادة على ذلك تفيد التقارير بأن الاعتقالات تحدث في المستشفيات والأسواق والشوارع وحيثما “يُرى شخص أسود البشرة”.[25] يعتبر سلوك السلطات هذا انتهاكا واضحا لدستور البلاد الذي يحظر التمييز على أساس العرق أو اللون أو الأصل القومي، وبهذا السلوك يكون المغرب قد خرق أيضا الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (CERD) التي صادق عليها في 18 دجنبر1970.
ويلجأ المغرب أيضا إلى ترحيل المهاجرين قسريا من المدن الشمالية لوقف الهجرة غير الشرعية، وأصبح ترحيل المهاجرين غير الشرعيين المحتملين إلى أبعد ما يمكن عن جيبي سبتة ومليلية والمدن الساحلية المغربية المعروفة بكونها نقط انطلاق القوارب التي تقل المهاجرين غير الشرعيين، أحد الأساليب الخاصة التي يعتمدها المغرب في تعاطيه مع هذه الأزمة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأسلوب الذي لا يفرق بين المهاجرين المقيمين بشكل قانوني والمهاجرين غير القانونيين يتعارض مع الحق في حرية التنقل المنصوص عليه في دستور 2011 (المادة 24)، ناهيك عن الأضرار النفسية والمادية التي يسببها للمهاجرين كفقدان الممتلكات والانفصال عن أسرهم، على سبيل المثال لا الحصر.[26]
وهناك بعض الحالات التي وضع فيها المغرب عقبات إدارية لخلق ظروف تجبر المهاجرين على إعادة النظر في قرار الاستقرار في مدينة الناظور والمناطق المجاورة لها؛ ومثالا على ذلك خلال حملات تسوية الأوضاع، عندما قدم مهاجرون 280 طلبا في مدينة الناظور، رفض 278 طلبا من بينها وهو عدد الطلبات التي قدمها مهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى، في حين أن الطلبين الموافق عليهما هما من طرف مهاجرين من الشرق الأوسط.[27] وتجدر الإشارة إلى أن السكان المقيمين في المدن المغربية المحاذية لسبتة ومليلية يتمتعون، بناء على اتفاقيات بين المغرب وإسبانيا، بالحق في دخول هاتين المدينتين دون تأشيرة، وفقط بتقديم بطاقة تعريف تثبت الإقامة في إحدى هذه المدن، وربما قد يكون ذلك سبب رفض السلطات المغربية لطلبات تسوية أوضاع المهاجرين من جنوب الصحراء في الناظور نظرا لأن تسوية أوضاعهم هناك قد تعني إتاحة فرصة الدخول إلى مليلية، وبالتالي حصولهم على موطئ قدم على أراضي الاتحاد الأوروبي أو على الأقل الوصول إلى أقرب نقطة من حدود أوروبا.
وبحسب وزير الداخلية المغربي فقد أحبط المغرب، من خلال استراتيجيته الخاصة بآليات مراقبة الهجرة المباشرة وغير المباشرة، 89 ألف محاولة هجرة غير شرعية وفكك 229 شبكة لتهريب المهاجرين وأنقذ 29715 مهاجرا في البحر في 2018.[28] فهل أدت تقنيات مراقبة الحدود هذه وما يسمى بالتعاون طويل الأمد و”النموذجي”[29] بين إسبانيا والمغرب إلى تقليل عدد حالات الهجرة غير الشرعية إلى أراضي الاتحاد الأوروبي؟
وجد مركز الدراسات السياسية الأوروبية (CEPS) أنه في الفترة بين 2008 و2015،[30] كان عدد حالات العبور غير القانوني يرتفع كل سنة تقريبا على الرغم من التعاون الثنائي العميق بين إسبانيا والمغرب والدعم الذي يوفره الاتحاد الأوروبي من خلال التمويل والمراقبة المتقدمة بواسطة نظام مراقبة الحدود الأوروبية “يوروسور”[31] وغيره.
وتؤكد دراسة حول حالات العبور غير القانوني عبر غرب البحر الأبيض المتوسط للفترة الممتدة بين 2015 و 2018 النتائج السابقة وتظهر أنه بالرغم من كل الجهود المبذولة ماليا وسياسيا وبشريا، فإن مكافحة الهجرة غير الشرعية، كما يتضح، بصدد الإخفاق.
الجدول 1: عمليات العبور غير القانونية حسب السنة وعبر جميع مسالك البحر الأبيض المتوسط.
مجموع عمليات العبور غير القانونية | غرب البحر المتوسط | وسط البحر المتوسط | شرق البحر المتوسط | السنة |
0,67% | 7,004 | 153,946 | 885,386 | 2015 |
2,67% | 9,990 | 181,376 | 182,277 | 2016 |
12,51% | 23,063 | 118,962 | 42,319 | 2017 |
41.6% | 57,034 | 23,485 | 56,561 | 2018 |
المصدر: بيانات جمعها الباحث من إحصائيات فرونتكس.
تثبت هذه النتائج أنه على الرغم من كل عمليات المراقبة عالية التقنية والدوريات المشتركة وتسييج سبتة ومليلية، إلا أنه من الصعب إغلاق الحدود بين إسبانيا والمغرب، فقد تزايدت حالات الهجرة غير الشرعية بأكثر من الضعف منذ عام 2016 ولا يزال المهاجرون يجدون أساليب لخرق هذه الإجراءات وبلوغ أوروبا. وللأسف يلجأ المهاجرون إلى طرق خطيرة عند محاولتهم عبور الحدود المغربية والإسبانية، وبالتالي يرتفع عدد الوفيات المسجلة.
الجدول 2: إجمالي الوفيات حسب السنة وعبر جميع مسالك البحر الأبيض المتوسط.
نسبة الوفيات في المجموع | غرب البحر المتوسط | إجمالي وفيات المهاجرين (شرق ووسط وغرب البحر المتوسط) | السنة |
4.20% | 19 | 452 | 2014 |
1.80 | 38 | 2,103 | 2015 |
2.95% | 86 | 2,911 | 2016 |
3.20% | 69 | 2,155 | 2017 |
24.89% | 293 | 1,177 | 2018 |
33.67% | 201 | 597 | 2019
(يناير-يونيو) |
المصدر: بيانات جمعها الباحث من موقع المنظمة الدولية للهجرة: missingmigrants.iom.in
تبين النتائج أعلاه محدودية هذا التوجه الأمني والتكلفة البشرية لهذه التدابير؛ لذلك فقد حان الوقت لكي تأتي أوروبا بطرق تجديدية وإنسانية لمعالجة مشكل الهجرة غير الشرعية بدلاً من إهدار المزيد من الأموال دون جدوى،[32] والتسبب في الفواجع في البحر والحدود البرية.
يعبر المهاجرون بلدانا عديدة من أجل الوصول إلى المغرب، لذا من المهم إشراك هذه البلدان في عملية مكافحة الهجرة غير الشرعية. وعليه، فقد خلصت المفوضية الأوروبية في تقريرها إلى البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي سنة 2019 إلى أنه: “يجب أن يكون التصدي للتهريب وتدفق المهاجرين إلى المغرب جزءًا من هذا التعاون الوثيق أيضا”.[33]
لقد آن الأوان لرؤية الهجرة غير الشرعية من زاوية أخرى غير الزاوية الأمنية؛ فكما أوضحت بعض الدراسات الأخرى،[34] تواصل وسائل الإعلام الرئيسية والخطاب السياسي في أوروبا الدعوة إلى اتباع نهج أمني في التعامل مع الهجرة؛ فهل سترتفع أصوات أخرى لتقترح بدائل أخرى، لاسيما الآن بعد أن أثبت التركيز على مراقبة الحدود محدوديته وتكلفته المادية والبشرية؟
إعادة القبول
تعتبر إعادة القبول جانبا بارزا آخر من جوانب التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حول الهجرة، ففي هذا الشأن وقع المغرب اتفاقيات إعادة القبول مع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مطلع سنة 1992، وبدأ إجراء المفاوضات بشأن اتفاقية الاتحاد الأوروبي لإعادة القبول منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، غير أن المفاوضات بين الطرفين حول آلية مراقبة الهجرة هذه توقفت في سنة 2013. ويبدو أن الحوار الثنائي هو المسار الذي يفضله المغرب وشركائه الأوروبيون عندما يتعلق الأمر بإعادة قبول المواطنين المغاربة ورعايا الدول الثالثة (على الأقل في حالة إسبانيا).[35]
اتفاقيات إعادة القبول الثنائية
إن الاتفاقية المبرمة بين المملكتين الإسبانية والمغربية حول حرية تنقل الأفراد والعبور وإعادة قبول الأجانب الذين دخلوا بشكل غير قانوني (اتفاقية إعادة القبول)، التي جرى توقيعها سنة 1992، هي أول اتفاقية إعادة قبول بين المغرب ودولة عضو في الاتحاد الأوروبي تتبادر إلى الذهن.[36] وقد عادت هذه الاتفاقية لتطفو على السطح في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد تزايد الجهود المبذولة في سياق مكافحة الهجرة غير الشرعية وانتهاكات حقوق الإنسان. وتعتبر عمليات الإعادة غير القانونية من الجيبين الإسبانيين، سبتة ومليلية، انتهاكا للقانون الدولي والقانون الأوروبي، وتحديدا الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؛ ومثالا على ذلك قضية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تمثلت في ملف د.ن ون.ت ضد إسبانيا؛[37] فقضية دومبي نابوتشي ضد إسبانيا، والتي لا تزال معلقة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تثبت أن عمليات الإعادة القسرية ليست استثنائية بل ممنهجة.
وتتذرع الحكومة الإسبانية باتفاقية إعادة القبول المبرمة مع المغرب لإضفاء الشرعية على أفعالها؛ فما هي إذن خصوصية هذه الاتفاقية؟
تتميز هذه الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ في 21 أكتوبر 2012،[38] بكونها تتناول مسألة إعادة قبول مواطني الدول الثالثة، وهذا البند الذي يبدو أن معظم دول العبور الواقعة جنوب البحر الأبيض المتوسط لا تدرجه في اتفاقياتها مع الدول الأوروبية هو علة وجود الاتفاقية الإسبانية المغربية، وهي حتى الآن الاتفاقية الوحيدة التي يقبل فيها المغرب إعادة قبول رعايا الدول الثالثة.
ومن ناحية ثانية، فإن هذه الاتفاقية تستهدف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء لكونها لا تتضمن في المادة 8 طرد المهاجرين غير الشرعيين من الدول المغاربية. وقد أجرى المغرب كذلك ترتيبات مع إسبانيا لإعادة آلاف القاصرين المغاربة غير المصحوبين ببالغين الموجودين إما في سبتة ومليلية أو في البر الإسباني الرئيسي، الأمر الذي أثار سخط المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان التي رأت في هذه الاتفاقية انتهاكا لحقوق هؤلاء القاصرين.[39]
كما تعاون المغرب مع ألمانيا لإعادة آلاف المواطنين المغاربة ممن رُفضت طلباتهم للحصول على الحماية الدولية، ومع فرنسا التي أعادت في السنوات الأخيرة 1161 مهاجرا مغربيا غير شرعيين بتكلفة باهضة بلغت 171 مليون أورو.[40]
علاوة على ذلك، تظهر دراسات أخرى أن المغرب لا يتردد في التعاون مع الدول الأعضاء عندما يتعلق الأمر بإعادة قبول المواطنين المغاربة، حيث وجدت دراسة أجراها مركز دراسات السياسة الأوروبية (CEPS) بتكليف من مكتب هاينريش بول شتيفتونغ (HBS)في شمال إفريقيا في الرباط أن هناك حالات تم فيها تحديد وإصدار وثائق السفر من قبل الخدمات القنصلية المغربية بوتيرة أسرع من إجراءات الدولة التي تطلب هذه الوثائق.[41] وفيما يخص سياسة العودة، يبدو أن المغرب لا يفضل اللجوء إلى الرحلات المستأجرة على غرار السلطات الجزائرية، وعكس تونس التي لا تعارض استخدام الطائرات المستأجرة لإعادة مواطنيها.[42]
تتسم اتفاقيات إعادة القبول الثنائية بين المغرب والعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بكونها عملية وتستخدم باستمرار على الرغم من بعض الحواجز العملية كإعادة توطين الأفراد الذين يتم ترحيلهم وإعادة إدماج من أعيد قبولهم في النسيج الاجتماعي للبلاد. إن عدم معالجة دوافع الهجرة غير الشرعية هو ما يحول دون كسر الحلقة المفرغة للهجرة غير الشرعية؛ وفي هذا الشأن كشف استطلاع حديث أجراه الباروميتر العربي عن الفترة الممتدة بين خريف 2018 وربيع 2019 أن عددا مقلقا من الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يرغبون في الهجرة إلى إحدى الدول المتقدمة.[43] والوضع ليس مختلفا في المغرب حيث أن أكثر من 43٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع يرغبون في مغادرة البلاد بمجرد أن تسنح لهم الفرصة.
هذه نتائج ينبغي على صناع السياسات والسياسيين أن يسترشدوا بها من أجل إعادة التفكير في استراتيجياتهم وإصلاح سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية بشأن الهجرة، فربما يكون العمل على تطوير شراكات لخلق فرص للشباب المحرومين وتهيئة الظروف اللازمة لترسيخ ديمقراطية حقيقية وسيادة القانون هو الحل.
اتفاقية الاتحاد الأوروبي لإعادة القبول: توقعات متضادة؟
بدأت المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حول اتفاقية الاتحاد الأوروبي لإعادة القبول في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين واستمرت حتى سنة 2013 حيث توقفت بعد أكثر من 15 جولة من المفاوضات. كما عمل توقيع شراكة التنقل سنة 2013 بين الاتحاد الأوروبي والمغرب على فتح المجال لمزيد من المفاوضات حول اتفاقية الاتحاد الأوروبي لإعادة القبول وخلصت المفوضية في تقييمها لهذه الاتفاقية سنة 2011 إلى أنه: “إذا لم يطالب الاتحاد الأوروبي ببند “رعايا الدول الثالثة” أو كان هذا الأخير مدعوما بحوافز ملائمة، فمن الممكن أن تكون بعض المفاوضات [على سبيل المثال، المغرب وتركيا] قد اختتمت بالفعل“.[44]
تعتبر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن القيمة المضافة لاتفاقية الاتحاد الأوروبي مع المغرب بشأن إعادة القبول تكمن في إدراج البند المتعلق برعايا البلدان الثالثة، حيث يرفض المغرب بشدة هذا البند لأسباب عملية وسياسية. من الناحية العملية، يرى المغرب أنه سيكون من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، إثباث عبور المهاجرين (أو عدم عبورهم) إلى المغرب (على سبيل المثال، ما هو نوع الإثبات الذي يمكن أخده في الاعتبار؟).[45] أما سياسيا، يبدو أن المغرب يرى في هذه الاتفاقية وسيلة يريد الاتحاد الأوروبي من خلالها نقل مشاكله إلى بلدان أخرى، إضافة إلى أن البند المذكور قد يكون مكلفا ماليا وسياسيا؛ فمن الناحية السياسية، سيبدو المغرب كما لو أنه “يتعاقد من الباطن مع أوروبا على أعمال قذرة” وهذا سيضر بصورته بشكل عام في إفريقيا خاصة في سياق “سياسته الإفريقية“.[46] ومن الجانب المالي فإن إعادة قبول رعايا البلدان الثالثة يعني أن المغرب بحاجة إلى تهيئة البنى التحتية من أجل الاستقبال، والتفاوض وتقديم حوافز مالية للدول الإفريقية لإعادة قبول مواطنيها.
ويتساءل المسؤولون المغاربة عن سبب عدم إبرام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اتفاقيات إعادة القبول مع البلدان الإفريقية التي يقيم مواطنوها بشكل غير قانوني في أوروبا بدلاً من إبرام اتفاقية إعادة قبول مع المغرب تتضمن “بند رعايا البلدان الثالثة” المثير للجدل؟ [47]قد تكون الإجابة الشافية على هذا السؤال هي أن معظم قرارات الدول الأعضاء بشأن العودة تمر عبر مراجعات إدارية وقضائية قد تؤدي إلى إبطاء هذه القرارات، وإلغائها أحيانا.
وفي الواقع فإن إعادة صياغة التوجيه المتعلق بإجراءات اللجوء الذي أعده الاتحاد الأوروبي (2013/32/EU) يحدد إجراءات الاستئناف بما في ذلك الحق في انتصاف فعال.[48] وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مفهوم “بلدان المنشأ الآمنة” في عملية مراجعة طلبات اللجوء،[49] حيث تعتبر الدولة آمنة، وفقا لهذا المفهوم، إذا كان لديها نظام ديمقراطي ولم يكن هناك اضطهاد على النحو المحدد في المادة 9 (2) من التوجيه[50] 2011/95/EU: ” لا يجوز إخضاع أي شخص للتعذيب أو العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة أو التهديد بالعنف أو النزاع المسلح”[51]. كما تعتبر معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن غالبية دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي دول منشأ غير آمنة، وهذا يعني أن إبعاد هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين من أوروبا سيكون أمرا صعبا، لذلك ترى الدول الأعضاء أن إدراج البند المتعلق برعايا البلدان الثالثة في اتفاقية الاتحاد الأوروبي لإعادة القبول مع المغرب هو الحل المناسب.
ختاما
يواجه المغرب ضغوطا متزايدة من أوروبا “ حول الأمور المتعلقة بإدارة الهجرة، في ظل الأهمية الجيوسياسية لموقع المملكة“.[52] غير أنه لا ينبغي للمغرب أن يرضخ أو يتذرع بضغوط أوروبا ليخل باحترام الحقوق الإنسانية للمهاجرين وعدم الوفاء بمسؤولياته التعاهدية، بل يحتاج إلى اتخاذ خطوات استباقية ويتمسك بموقفه كما فعل عندما رفض مقترح الاتحاد الأوروبي “منصات الإنزال الإقليميى”.
ولا ينبغي للمغرب أن يتظاهر بأنه لاعب رئيسي وبطولي في ملف مهم كالهجرة دون إنشاء إطار مناسب –وخاص به- للهجرة، وبالتالي فهو بحاجة إلى استكمال أنظمة الحماية القانونية والمؤسسية وسد الفجوة بين القانون والممارسة، كما يجب أيضا أن لا يغرب عن البال بأن القوانين هي مجرد نصوص على الورق إذا لم يتم تنفيذها وإنفاذها بشكل فعال. لهذا فقد حان الأوان لكي ينفذ المغرب بفعالية القوانين التي سنها وأن يسرع في إنشاء تلك التي يفتقر إليها لبناء آلية الحماية الخاصة به. إن نظام الحماية غير المكتمل الذي يملكه المغرب غير كافٍ وغير متسق مع موقفه السياسي ووعوده بموجب استراتيجيته الوطنية للهجرة واللجوء؛ فقد أعطى دستور 2011 الأولوية للاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية، وهو تطور جدير بالإشادة، لكنه سيظل حبرا على ورق إذا لم يوائم المغرب تشريعاته مع القانون الدولي ولاسيما المعاهدات التي صادق عليها، وإذا لم يدرب القضاة والممارسين القانونيين على تطبيق المعاهدات عند التقاضي أو إصدار حكم في قضية ما. ومن المنطلق نفسه، لابد للمغرب أن يعزز نظامه القضائي لضمان إعمال الحق في الانتصاف الفعال في الممارسة العملية.
وإذا كان المغرب يعتزم تحسين سجله في مجال حقوق الإنسان وضمان احترام حقوق الإنسان للأشخاص الخاضعين لولايته القضائية احتراما كاملا، فإنه يحتاج إلى الامتثال لهيئات المعاهدات الإقليمية الأممية من خلال تقديم تقاريره في الوقت المحدد وقبول إجراءات معالجة الشكاوى الفردية، مما سيحمي حقوق المواطنين ومن يخضعون لولايته. ومن الضروري أيضا أن يواكب المغرب آليات حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الإفريقي وخاصة الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ما سيضمن بعض المساءلة، فالنظام الذي يفتقر إلى المساءلة هو نظام يشجع على الانتهاكات.
ومن جهة ثانية، ينبغي أن يكون لدى الاتحاد الأوروبي رؤية واقعية وإنسانية عند صياغة وتنفيذ سياسات مراقبة الهجرة، وسيكون من المنطقي أيضا إجراء تقييم لأثر هذه السياسات والتأكد من أن تطبيقها لن يؤدي إلى أي انتهاك لحقوق الإنسان. ويتعين على الاتحاد الأوروبي كذلك إنشاء هيئات مراقبة تضمن إدارة الهجرة مع احترام كامل لحقوق المهاجرين والعمل مع بلدان المنشأ والعبور لإيجاد حلول مستدامة تفتح أبواب أوروبا لمن هم بحاجة إلى الحماية؛ فنقل العبء أو تفويض مراقبة الحدود إلى دول ثالثة ليس حلا.
الهوامش
[1] كلوي تيفان (2019)، العلاقات الأوروبية -المغربية: شراكة بصيغة رابح رابح. المعهد المغربي لتحليل السياسات. اطلع عليه في 7 يونيو 2021. https://mipa.institute/jorifiq/2019/06/Chloe-Teevan-English-.pdf
[2] ستايتووتش نيوز أونلاين: (2013). اطلع عليه في 16 يونيو 2019. http://www.statewatch.org/news/2013/mar/05eu-morocco.htm
[3] بيل-إير ف. د. (2016). موجز الهجرة: المغرب. 16.
[4] خوف أوروبا من المهاجرين يزداد بسبب ما يسمى بأزمة الهجرة لسنة 2015.
[5] را، س. وآخرون (2016، 22 يناير). التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حول إعادة القبول والحدود والحماية: نموذج يحتذى به؟ [مركز الدراسات السياسية الأوروبية CEPS]
[6] عبد الرحيم ، ت. (2019 ، 15 يناير) الدفع بالحدود: كيفية إقامة تعاون أكثر فاعلية في مجال الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط. (2019). https://www.ecfr.eu/publications/summary/pushing_the_boundaries_effective_migration_cooperation_across_Mediterranean
[7] فرونتكس (2019)، “تقرير تحليل المخاطر السنوي 2019 “، وارسو، ص.6.
https://frontex.europa.eu/assets/Publications/Risk_Analysis/Risk_Analysis/Risk_Analysis_for_2019.pdf
[8] المرجع السابق. ص.8
[9] ط. بزة (2018، 18 أكتوبر). إسبانيا تدعو لزيادة الدعم المالي الذي يخصصه الاتحاد الأوروبي للمغرب بهدف مراقبة الحدود.اطلع عليه في 18 يونيو 2019 ، موروكو وورلد نيوز: https://www.moroccoworldnews.com/2018/10/255651/spain-calls-for-raising-eus-fund-to-morocco-for-illegal-immigration/
[10] المرجع السابق
[11] المرجع السابق
[12] الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، (2018)، تقييم الشراكة من أجل الديمقراطية للبرلمان المغربي.http://website-pace.net/documents/18848/4457779/20180911-MoroccoPartnerDemocracy-EN.pdf/f922662b-60b2-4e39-
[13] المرجع السابق
[14] رسالة من المفوضية إلى البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي والمجلس (2019)، “تقرير مرحلي حول تنفيذ الأجندة الأوروبية بشأن ملف الهجرة”.https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/20190306_com-2019-126-report_en.pdf
[15] لمزيد من التفاصيل انظر بيان الحقائق حول التعاون بين الاتحاد الأوروبي المغرببشأن الهجرة.https://ec.europa.eu/neighbourhood-enlargement/sites/near/files/eu-morocco-factsheet.pdf
[16] القصراوي ،ص. (2018، 28 يوليوز). المغرب يطلب 60 مليون أورو من إسبانيا لمكافحة الهجرة غير الشرعية. اطلع عليه في 19 يونيو 2019، موروكو وورلد نيوز. https://www.moroccoworldnews.com/2018/07/251326/morocco-spain-e60-million-fight-undocumented-migration/
[17] المرجع السابق
[18] كاريرا، س. وآخرون (2016).
[19] المرجع السابق
[20] لمزيد من التفاصيل حول عمليات وكالة فرونتكس، زر الرابط التالي: https://frontex.europa.eu/along-eu-borders/main-operations/operations-minerva-indalo-spain-/
[21] من خلال الدعم المالي والسياسي، يبدو أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لا يأخذون احترام حقوق الإنسان على محمل الجد عندما يتعلق الأمر بما يسمى بمكافحة الهجرة غير الشرعية.
[22] بدأ العمل بإستراتيجية المغرب بشأن الهجرة واللجوء في عام 2014 استجابة لتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي انتقد وضع المهاجرين، واستجابة لتوصيات هذا الأخير من طرف العاهل المغربي. وبناء على ذلك أطلق المغرب حملتين لتسوية الأوضاع، الأولى في سنة 2014 والثانية سنة 2017، وقد حظيت هاته الحملتان بتغطية إعلامية كبيرة لاتسامهما بالابتكار والإنسانية. وجرى التركيزعلى أن مبادرة المغرب كانت الأولى في المنطقة وأن البلاد تضع في اعتبارها حقوق المهاجرين وتبذل كل ما في وسعها لتسهيل اندماجهم على الرغم من محدودية موارد البلاد.
[23] فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (2018)، “وضع المهاجرين واللاجئين في الناظور”. اطلع عليه في 15 يونيو 2019. http://amdhparis.org/wordpress/?p=4645
[24] تحدث عمليات التحقق من الهوية / التنميط العرقي للمهاجرين من جنوب الصحراء بشكل رئيسي في طنجة والناظور بينما لا يتم التحقق من الهوية تقريبًا في أي مدن أخرى.
[25] الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (2018) ومجموعة مناهضة العنصرية والدفاع عن الأجانب والمهاجرين (2018)
[26] المرجع السابق
[27] المرجع السابق
[28] إذاعة فويس أوف أميريكا، 2019 ، تقرير: المغرب يحبط 89000 محاولة هجرة غير شرعية في 2018. اطلع عليه في 17 ماي، 2019. https://www.voanews.com/a/morocco-foils-89-000-illegal-migration-attempts-in-2018-interior-ministry-reports/4747825.html
[29] كاريرا، س. وآخرون (2016، 22 يناير). التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حول إعادة القبول والحدود والحماية: نموذج يحتذى به؟ [مركز الدراسات السياسية الأوروبيةCEPS]
[30] المرجع السابق
[31] لمزيد من التفاصيل حول نظام مراقبة الحدود زوروا الرابط التالي: https://ec.europa.eu/home-affairs/what-we-do/policies/borders-and-visas/border-crossing/eurosur_en
[32] كاريرا، س. وآخرون (2016، 22 يناير).
[33] رسالة من المفوضية إلى البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي والمجلس (2019)، “تقرير مرحلي حول تنفيذ الأجندة الأوروبية بشأن ملف الهجرة”.
[34] كاريرا، س. وآخرون (2016، 22 يناير).
[35] موني، ج. لوكهارت، س. (2018). أزمات الهجرة والتعاون الدولي. أثينا: مطبعة جامعة جورجيا.http://www.jstor.org/stable/j.ctt22nmcdt
[36] النسخة الإنجليزية من الاتفاقية https://therightsangle.files.wordpress.com/2013/12/19920213-spain-morocco-readmission-agreement-eng.pdf
[37] قضت الغرفة العليا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 13 فبراير 2020 بأن إسبانيا لم تنتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .https://www.echr.coe.int/documents/cp_spain_eng.pdf
[38] انظر تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في قضيتي ن.د. ون.ت. ضد إسبانيا (الطلب رقم 8675/15 و 8697/15) أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان .https://www.ecoi.net/en/file/local/1424631/1226_1518764566_59d3a81f4.pdf
[39] إلياسون ، م. (25 أبريل2019). إسبانيا تستعد لإعادة القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم. اطلع عليه في 25 يونيو 2019، موروكو وورلد نيوز.https://www.moroccoworldnews.com/2019/04/271426/spain-repatriate-unaccompanied-moroccan-minors/
[40] لخضر، ي. (2019). السلطات الفرنسية تُرحل 1161 مهاجرا مغربيا بتكلفة 171 مليون درهم. اطلع عليه في 7 يونيو 2019. https://www.hespress.com/societe/434677.html
[41] مركز الدراسات السياسية الأوروبية، 2017، “سياسات الهجرة الخارجية الأوروبية والألمانية: المغرب حالة للدراسة”، الرباط، المغرب. https://ma.boell.org/sites/default/files/eu_and_german_external_migration_policies_-_ceps.pdf
[42] عبد الرحيم، ط. (2019)
[43] بي بي سي نيوز (27 يونيو2019). الانتفاضات العربية: أي بلد يمكن أن يكون التالي؟ https://www.bbc.com/news/world-africa-48771758
[44] المفوضية (2011)، “تقييم اتفاقيات الاتحاد الأوروبي لإعادة القبول، COM (2011) 76. ص
[45] كاريرا، س. وآخرون (2016).
[46] بالد، أ. (2017). “بوريطة يفسر سياسة المغرب الإفريقية.” جريدة لوسواغ. اطلع عليه في 28 يونيو 2019.
[47] دن هرتوغ، ل2016). )تمويل “شراكة التنقل” بين الاتحاد الأوروبي والمغرب: التنفيذ والكفاءات، المجلة الأوروبية للهجرة والقانون، 18 (3)، 275-301. https://doi.org/10.1163/15718166-12342103
[48] تعليمات 32/2013الاتحاد الأوروبي الصادرة عن برلمان ومجلس الاتحاد الأوروبي بتاريخ 26 يونيو 2013 بشأن الإجراءات المشتركة لمنح وسحب الحماية الدولية.
[49] شبكة الهجرة الأوروبية (2018). بلدان المنشأ الآمنة – الشبكة الأوروبية للهجرة ببروكسل: شبكة الهجرة الأوروبية
[50] تعليمات 95/2011البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي بتاريخ 13 دجنبر2011 بشأن المعايير المشتركة لتأهيل مواطني الدول الثالثة أو الأشخاص عديمي الجنسية كمستفيدين من الحماية الدولية للحصول لتقنين وضع اللاجئين أو الأشخاص المؤهلين للحصول على الحماية الفرعية، الحماية الممنوحة (إعادة صياغة).
[51] انظر قائمة الاتحاد الأوروبي حول”بلدان المنشأ الآمنة”. https://ec.europa.eu/home-affairs/sites/homeaffairs/files/what-we-do/policies/european-agenda-migration/background-information/docs/2_eu_safe_countries_of_origin_en.pdf
[52] المفوضية السامية لحقوق الإنسان. (21 دجنبر 2018). بيان المقررة الخاصة لاختتام البعثة حول أشكال العنصرية المعاصرة والتمييز العنصري وكره الأجانب وتعصب في ختام مهمتها بالمملكة المغربية. اطلع عليه في 13 يوليوز 2019. https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=24043&LangID=E
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]
مصطفى حجي
باحث مغربي مختص في العلاقات الدولية وفض النزاعات، خريج جامعة جورج ميسن في الولايات المتحدة الأمريكية.