الأبحاثالتنمية الاقتصاديةتحقيق العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد

يستوجب تحقيق العدالة المجالية الموازنة بين استراتيجية مُندِمجة لاجتثاث الفوارق الترابية "من المنبع" عبر تدعيم الأساس الجهوي في بناء السياسات وتوزيع الموارد والاستثمارات، وبين تدابير "استدراكية" لفائدة الجهات والمناطق الضعيفة.

يستوجب تحقيق العدالة المجالية الموازنة بين استراتيجية مُندِمجة لاجتثاث الفوارق الترابية “من المنبع” عبر تدعيم الأساس الجهوي في بناء السياسات وتوزيع الموارد والاستثمارات، وبين تدابير “استدراكية” لفائدة الجهات والمناطق الضعيفة.

 

تحميل المقال

 

مقدمة

أفضى التوزيع اللامتكافئ للموارد والبرامج والاستثمارات العمومية إلى اتساع الهوة التنموية بين المجالات الترابية، وهو ما كرس “تمييزا سلبيا” بين جهات ومناطق تسجل مؤشرات اقتصادية واجتماعية تفوق المعدل الوطني، وأخرى ظلت ضمن دائرة “المغرب غير الضروري”. وبالرغم من تعدد البرامج المخصصة لعبور “الفجوات المجالية” فإنها ما فتئت تتسع أمام تفاقم وضعيات متقدمة من التفاوتات الصارخة بين العواصم الجهوية والمدن الصغرى، فضلا عن اتساع الشرخ بين العالم الحضري الذي يستحوذ على القسط الأوفر من مشاريع الاستثمار والتأهيل، وبين العالم القروي الذي لا تزال العديد من نطاقاته تعاني أوجُها متعددة من الخصاص الاقتصادي والاجتماعي.

أمام استفحال تأثيرات هذا الشرخ وتناقضه مع متطلبات العدالة المجالية كما أصَّل لها دستور 2011، تم وضع استراتيجية وطنية لتدعيم التوازن التنموي بين مجالات التراب الوطني، والتي جرى تنفيذها عبر عدة برامج على رأسها برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في العالم القروي في الفترة الفاصلة بين 2017 و2023، الذي سعى إلى تمكين المناطق المستهدفة من الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والولوجية والماء والكهرباء، من خلال حزمة من المشاريع بلغت تكلفتها حوالي 5 مليار دولار بتمويل من القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والمجالس الجهوية، وانطلاقا من مقاربة تشاركية توخت استدراك التأخر الذي تعرفه المناطق المَقصيَّة في مجالات التجهيز والصحة والتعليم والشبكات العمومية.

سنرصد في هذه الورقة تحولات برامج العدالة المجالية بالمغرب ومآلاتها في ضوء حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية لفترة 2017-2023، مع تتبع الإشكالات والجذور التي لا تزال تُغذِّي هذه المعضلة، وكذا استشراف المقترحات الكفيلة بتوجيه آليات التمييز الترابي (discrimination territoriale) لاستئصال العوامل المُورثة للتفاوتات بدل الاستمرار في معالجة المظاهر التي لا تنفك تعيد إنتاج نفسها في كل حين.

 

برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية: الرهانات والآليات

عانت السياسات العمومية بالمغرب طيلة عقود من وطأة التركة الاستعمارية التي كرست منظورا “تمييزيا” بين المغرب النافع والمغرب غير النافع في توزيع الاستثمارات والبرامج والمرافق العمومية[1]. وبالرغم من محاولات تجاوز هذه الفجوة عبر العديد من التدخلات والمشاريع فإنها ما فتئت تتسع، لأن الطابع التراكمي للتفاوتات المجالية وقابليتها للانتقال من جيل إلى جيل يجعل كل تأخر في معالجتها جد مكلف مع مرور الوقت[2]. في ظل هذا الوضع برزت ضرورة بلورة استجابة عمومية متكاملة لتجاوز هذه المعضلة التي أصبحت ترهق المسار التنموي الذي انخرط فيه المغرب، وتناقض التصور الدستوري للإنصاف الترابي، وما تبعته من إصلاحات تشريعية أولت أهمية بالغة للتنمية المتوازنة في ضوء التوجهات الجديدة لإعداد التراب والجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري والتوزيع المجالي للاستثمار.

لهذه الغاية، دعا خطاب عيد العرش لسنة 2015 إلى وضع مخطط عمل مُندمِج للتقليص من الفوارق المجالية بين جهات المغرب وبين الوسطين الحضري والقروي بما يساعد على الحد من الهجرة نحو المدن. كما أكدت خطب ورسائل ملكية أخرى على جعل الحد من التفاوتات المجالية هدفا أساسيا لكل نموذج تنموي منشود، في إطار سياسة جديدة لإعداد التراب تستهدف إعادة التوازن بين مجالات التراب الوطني[3]. ضمن هذا السياق ما فتئت تُحذّر تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من انعكاسات الفوارق المجالية على التفاوت في الدخل وتكافؤ الفرص وفي مستوى الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية[4]، مع تشخيص طبيعة هذه التفاوتات وطابعها القروي في ظل وجود أزيد من 29 ألف من الدواوير في 1.253 جماعة تُعاني من الخصاص في الخدمات والتجهيزات الأساسية، وخاصة في مجالات التعليم والصحة والماء والكهرباء والطرق القروية[5]، وكذا في مؤشرات التنمية البشرية بتجاوز معدلات الفقر النقدي بالعديد من الجهات للمتوسط الوطني (4.8) كما هو الحال مع جهة درعة-تافيلالت (14.6) وجهة بني ملال-اخنيفرة (9.3). وفي المحصلة ضمَّت سبع جهات حوالي 74 في المائة من مجموع الساكنة الفقيرة بالمغرب، مع ترسيخ الطابع القروي للفقر إذ بلغت نسبة الأشخاص الذين يعانون من الفقر متعدد الأبعاد في العالم القروي 85.4 في المائة في 2014[6].

شكلت هذه الخطب والتقارير مرجعية توجيهية لوضع الاستراتيجية الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية التي صادقت عليها اللجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية في يوليوز 2015. تتألف الاستراتيجية من ثلاث مكونات: يتضمن الأول المشاريع الكبرى المهيكَلة لفك العزلة وتقوية تنافسية المجالات والتخفيف من التفاوتات بين الجهات، من خلال تعزيز جاذبية الأقطاب الحضرية والمحطات السياحية والطاقية. فيما يضم المكون الثاني المشاريع التي تستهدف حماية الموارد الطبيعية والأنظمة الإيكولوجية وتثمين القطاعات المحركة للتنمية المجالية في ميادين الفلاحة والسياحة والصناعة التقليدية والتراث المادي واللامادي، أما المكون الثالث فيشمل مشاريع البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية المضمنة ضمن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في العالم القروي (PRDST). الذي تم الرهان عليه كتجربة نموذجية للتأهيل الاجتماعي والترابي للجيوب المجالية التي تعاني من الخصاص ضمن مدى زمني ممتد على سبع سنوات (2017-2023) لتنفيذ أكثر من عشرين ألف مشروع بالمناطق التي تسجل معدلات تنمية متدنية[7].

استهدف البرنامج المذكور تدعيم التقائية السياسات القطاعية والترابية في التصدي للجذور المغذية للتفاوت المجالي على الأمد البعيد. أما على المستوى الإجرائي فقد ارتكز البرنامج على خمسة أهداف خاصة، تتمثل في تسريع جهود فك العزلة عن المناطق الجبلية[8]. فبحكم العمق القروي للتفاوتات المجالية، ووعيا بالدور المحوري للشبكة الطرقية في تعزيز الاندماج الترابي، فقد تم الرهان على تشييد وتأهيل وصيانة 35 ألف كيلومتر من الطرق والمسالك القروية بميزانية تناهز 36 مليار درهم. كما استهدف البرنامج تحسين ولوج ساكنة المناطق الهشة إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية في مجالات التعليم عبر تدعيم البنيات التحتية، والصحية من خلال تعزيز وصول الساكنة القروية لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية، إضافة إلى تدارك الخصاص المتراكم في تعميم الربط بشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب[9]. موازاة مع ذلك، تم وضع حزمة من المشاريع لتحفيز التنمية المستدامة وتشجيع توطين الاستثمارات بالمناطق الأكثر فقرا، وفق منظور يراعي تكامل الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، ويكفل تقوية الجاذبية الترابية للمناطق المستهدفة.

لتحقيق الأهداف المرجوة، تم الاستناد على شبكة أرقام استدلالية لحساب الفوارق بين المجالات الترابية في ضوء 19 مؤشرا تم على أساسها تصنيف الجماعات الترابية إلى خمس فئات ترتبط بِوُلوجية وَجودة البنيات التحتية والمرافق الصحية والتعليمية. وعلى أساس هذا التصنيف تم تحديد الحاجيات ذات الأولوية الخاصة بكل جماعة تبعا لحجم ونوع الخصاص المسجل في التجهيزات والخدمات العمومية، مع الارتكاز على نظام المعلوميات لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية (SIDERZM) الذي طورته مديريتي تنمية المجال القروي والمناطق الجبلية ونظم المعلوميات والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بوزارة الفلاحة[10]. كما تم العمل بلوحة قيادة لقياس فعالية النتائج المحققة ولرصد التحسن المسجل في تجسير الفجوات المجالية، في إطار من التنسيق بين القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجالس الجهوية.

للتخفيف من وطأة المركزة في تدبير سياسات العدالة المجالية، تم الارتكاز على البعدين التشاركي والترابي في هندسة الإطار المؤسساتي للاستراتيجية الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية ولحكامة تدبير برنامج تقليص الفوارق، فإلى جانب اللجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية (CIPDERZM) -التي تتولى مهام القيادة والتنسيق تحت إشراف رئيس الحكومة وتضم في عضويتها 17 قطاعا وزاريا- تم تكليف اللجنة الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية (CNDERZM)[11]، باقتراح المشاريع النموذجية والميزانيات التقديرية لكل جهة تحت إشراف وزير الفلاحة[12]. على المستوى الترابي، تم إرساء لجان جهوية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية (CRDERZM)[13] عُهِد إليها – تحت الرئاسة المشتركة للولاة ورؤساء الجهات- بتحديد الحاجيات وبرمجة المشاريع ذات الأولوية ضمن مخططات جهوية سنوية بتنسيق مع اللجنة الوطنية، مع صياغة عقود برامج يتم فيها تحديد التركيبة المالية وأدوار كل من الولاة ورؤساء المجالس الجهوية والتدابير المتعلقة بالإشراف على تنفيذها وتتبعها وتقييمها.

بلغت ميزانية البرنامج 50 مليار درهم تتأتى من مساهمات المجالس الجهوية (20 مليار درهم)، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (4 مليار درهم) والمكتب الوطني للكهرباء والماء (2,56 مليار درهم)، فيما بلغت مساهمة صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية (FDRZM) 23,3 مليار درهم تشمل الموارد الذاتية للصندوق ومساهمات القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية المعنية[14]، بما يُمثِّل 47 في المائة من الغلاف المالي للبرنامج، على اعتبار أن جميع اعتماداته خلال هذه المرحلة (2017-2023) أصبحت مخصَّصة بالكامل لتمويل عمليات برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية[15]. من حيث طبيعة المشاريع الممولة، فقد تم تخصيص أكثر من ثلثي ميزانية البرنامج (35.4 مليار درهم) لشق وإعادة تأهيل وصيانة الطرق والمسالك القروية، فضلا عن المنشآت الفنية في إطار المساهمة المباشرة لوزارة التجهيز والماء، فيما يتوزع باقي الغلاف المالي على تقوية البنيات التحتية التعليمية (5 مليار درهم) والصحية (2 مليار درهم) وتدعيم شبكات الكهرباء (2 مليار درهم) والماء الصالح للشرب (6 مليار درهم).

 

الشكل 1: مصادر تمويل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية

 المصدر: نظام المعلومات لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، 2019.

 

موازاة مع التمويلات الوطنية، تم إطلاق عدة مشاريع للتنمية المجالية خلال فترة 2020-2023 لإسناد جهود تدارك الخصاص بالمناطق القروية الأقل تجهيزا، في إطار الشراكة مع المانحين الدوليين، كمشروع التنمية القروية بالمناطق الجبلية بأقاليم ورزازات وتنغير وبني ملال، ومشروع التنمية القروية المندمج لمقدمة جبال الريف بدعم من البنك الدولي، ومشروع التنمية القروية ذو الفائدة الشمولية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة بشراكة مع البنك الإسلامي للتنمية[16]، كما قدَّم الاتحاد الأوروبي مساعدة مالية وتقنية تُقدَّر ب 50 مليون أورو لدعم ميزانية زارة الفلاحة،ولإنجاز مشاريع للتأهيل القروي بجهتي الشرق وبني ملال-اخنيفرة، إضافة إلى الدعم المحصل من الصناديق العربية والذي ناهز 78 مليون دولار، كصندوق أبوظبي للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية، لتمويل بعض عمليات برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في العالم القروي بجهات درعة-تافيلالت وسوس-ماسة ومراكش-آسفي.

 

ملامح تحسن مؤشرات العدالة المجالية خلال فترة 2017-2023

راهن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية على البعد الجهوي في تعضيد الجهود العمومية انطلاقا من مخططات جهوية تحدد حاجيات كل جهة وآليات تجاوزها للخصاص التنموي مقارنة بالمعدل الوطني وبمعدلات الجهات الرائدة. في ضوء ذلك، شكَّل البرنامج مِظلَّة لتطوير العمل بالمقاربة الترابية في ضوء التقدم الحثيث الذي تعرفه أوراش الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري، باعتباره إحدى أهم الشراكات الواعدة بين الدولة والجهات، وآلية لتفعيل الاختصاصات المشتركة بينهما في المجالات الملحة كتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء وفك العزلة عن المناطق القروية ومدها بالبنيات التحتية والتجهيزات العمومية الأساسية. كما تمكَّنت الجهات بفضل مشاريع البرنامج من تعبئة موارد مهمة لتفعيل بعض اختصاصاتها الذاتية، وخاصة تلك المتعلقة ببناء وتحسين وصيانة الطرق غير المصنفة، واقتناء وحدات النقل المدرسي وتأهيل المؤسسات التعليمية والصحية. كما شكلت المقاربة التشاركية فرصة لتلاقي إرادات الفاعلين المركزيين والترابية حول مشاريع ترابية للتنمية يتم اختيارها وتطويرها في ضوء الحاجيات الفعلية للمجال المحلي، وضمن رؤية تكاملية لإلحاق المجالات الهشة بالديناميات التنموية الوطنية والجهوية.

أسفرت حصيلة الفترة الفاصلة بين 2017 و2023 عن بلورة سبعة برامج عمل سنوية لتنمية المناطق القروية[17]، تم إنجازها ضمن إطار تشاركي أشرفت عليه اللجنة الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية والمجالس الجهوية بغلاف مالي بلغ 48 مليار درهم مع متم سنة 2023 وهو ما يُشكِّل 96% من الغلاف المالي للبرنامج. ومكَّنت المشاريع المنجزة من الوصول إلى 14 مليون نسمة من الساكنة القروية موزعة على 1066 جماعة قروية بما يُمثِّل 83% من الجماعات الترابية بالمغرب، و91 جماعة حضرية تعرف تدفقات وتفاعلات منتظمة للساكنة القروية[18].

     في انتظار الانتهاء من التقييم النهائي للبرنامج لقياس أثره الفعلي في تقليص الفجوات، في ضوء مؤشرات الفعالية والاستدامة والنجاعة والمعطيات الخرائطية للتفاوت الترابي[19]، تُظهر المؤشرات العامة مساهمة برنامج تقليص الفوارق المجالية في الارتقاء بمعدلات التأهيل الترابي للجماعات المستهدفة، حيث انتقلت 241 جماعة مصنفة ضمن الأولوية 1 و2 و3 سنة 2016 إلى فئتي الأولوية 5 و6 سنة 2022، وهو ما أفضى إلى انتقال عدد الجماعات التي تتوفر على مجمل الخدمات الأساسية من 502 جماعة سنة 2016 إلى 743 جماعة حاليا بزيادة قدرها 48 في المائة[20]، فضلا عن أثره المنهجي في تدعيم التقائية الاستراتيجية الوطنية والبرامج القطاعية والترابية الرامية إلى تعزيز الإنصاف المجالي في الاستفادة من الفرص والموارد الطبيعية والاقتصادية[21].

على مستوى فك العزلة، أسفرت الجهود المبذولة عن الرفع من نسبة الولوجية بالعالم القروي إلى 90 في المائة، بفضل تشييد وإصلاح ما يزيد عن 18.300 كيلومتر من الطرق والمسالك وتجهيز 165 منشأة فنية ساعدت على تدعيم الترابط بين العديد من المناطق المعزولة، حيث تراجع عدد أيام انقطاع الطرق بنسبة النصف بانتقالها من 24.5 إلى 12.2 يوما[22]. كما ساهمت مشاريع فك العزلة في تحفيز الأنشطة الاقتصادية الفلاحية وغير الفلاحية بالعالم القروي، وفي تيسير الولوج إلى الخدمات الاجتماعية بالمناطق المستهدفة، باختصار مدة الوصول إلى المؤسسات التعليمية بنسبة 16 في المائة، وبانتقال نسبة تردد الأسر المستفيدة على المؤسسات الصحية من 8.4 زيارة سنوية في سنة 2016 إلى 9.8 في 2023، مع تسجيل انخفاض مهم في نسبة وفيات المواليد الجدد عند الولادة بنسبة 59 في المائة[23].

ارتباطا بذلك، مكَّن البرنامج من توسيع العرض الصحي بإنجاز 745 عملية بناء وإصلاح للبنية التحتية لقطاع الصحة، من ضمنها تشييد أكثر من 182 مركزا صحيا و167 دارا للولادة و81 دارا للأمومة، مع إصلاح الوحدات الصحية القائمة وتجهيزها بالمعدات الطبية اللازمة، فضلا عن توفير ما يزيد من 647 من التجهيزات الطبية و447 وحدة طبية متنقلة و759 من سيارات الإسعاف. فيما يخص البنيات التعليمية، أسفرت المشاريع المنجزة عن بناء وإصلاح ما يناهز 2.700 من البنيات التحتية المدرسية، من ضمنها تشييد وصيانة أزيد من 1500 وحدة تعليمية تشتمل على ما يزيد عن 3200 حجرة دراسية مع مدها ب 393 من التجهيزات البيداغوجية، وبناء 57 مكتبة قروية و81 دارا للطلبة و803 سكن وظيفي، إضافة إلى اقتناء حوالي 886 من عربات النقل المدرسي بالجماعات القروية المستفيدة[24]، وغيرها من المشاريع التي ساعدت على كسب خمس نقاط بالنسبة لمعدل التمدرس الذي بلغ 77 في المائة، كما عرف معدل تمدرس الفتيات القرويات تطورا تدريجيا بالمناطق المستهدفة ليقفز إلى 60 في المائة بزيادة قدرها 15 في المائة مقارنة مع سنة 2017[25].

من جهة أخرى، ساعد البرنامج على تقوية الشبكات العمومية الأساسية، بإنجاز 25.236 عملية للتزويد بالماء الصالح للشرب شملت الربط الفردي والمختلط، وحفر وصيانة 655 منظومة مياه للشرب[26]. وهو ما ساعد على التقليص على التوالي من المسافة والمدة الزمنية اللازمة للتزود بالماء بنسبة 81 و82 في المائة، مع تحسن ملحوظ في جودة مياه الشرب بنسبة 95 في المائة على مستوى الربط الفردي و65 في المائة على مستوى النافورات[27]. فيما يتعلق بالكهربة القروية مكن البرنامج من تمديد الشبكة الكهربائية بحوالي ألف كلم فيما عرفت المجالات الجبلية كهربة 821 قرية، وهو ما مكن من الرفع من عدد الجماعات الفئة 6 حسب مؤشر الربط بالكهرباء من 816 في 2016 إلى 1212 مع متم سنة 2022 بزيادة تقارب 400 جماعة[28].

على المستوى الاجتماعي، من الصعب الحكم بالتأثير المباشر للبرنامج في تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية في ظل تعدد المبادرات. لكن، في كل الأحوال، لا يمكن إنكار أثر الإرساء التدريجي للبنيات التحتية والمرافق والتجهيزات العمومية بالمناطق المهمشة في التخفيف من الفروقات الاجتماعية، حيث أسهمت التدخلات المنجزة ضمن البرنامج المذكور التخفيف من معضلة البطالة، حيث مكنت المشاريع المنفَّذة من خلق أزيد من 103 مليون يوم عمل و234 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة[29]. كما أصبحت الساكنة القروية أكثر إقبالا على الأنشطة الفلاحية بفضل إصلاح المسارات والمسالك الطرقية. مع تراجع ملحوظ في مؤشرات الفقر المدقع والهشاشة الاقتصادية، بانخفاض معدل الفقر النقدي من 4.8 في المائة إلى 1.7 ومعدل الهشاشة من 12.5 إلى 7.9 في المائة[30]، ويُعزى هذا التراجع في جانب كبير منه إلى المشاريع المنجزة ضمن برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، إلى جانب برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، وتدخلات القطب الاجتماعي.

موازاة مع ذلك، ساعد البرنامج على تنشيط الدينامية التنموية بالمناطق المستهدفة، كما ساهم -إلى جانب باقي الاستراتيجيات والبرامج العمومية والترابية- في تطور مساهمة الجهات في إنتاج الثروة، حيث ارتفع الناتج الداخلي الخام الذي حققته الجهات الاثنتا عشرة بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 4.71 في المائة، مع تسجيل خمس جهات لنسب أعلى من هذا المعدل كجهة درعة-تافيلالت (6.44)، وجهة الشرق (6.29)، والعيون-الساقية الحمراء (10.56)، وكلميم-واد نون (7.30)، والداخلة-وادي الذهب (6.54)[31].

 

الشكل 2: تطور نسبة مساهمة الجهات في الناتج الإجمالي الخام خلال الفترة 2015-2021

المصدر: تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تفعيل الجهوية المتقدمة، 2023، ص 29.

 

لكن القراءة العامة لمآلات هذا التطور تؤشر على ازدياد حدة الفوارق بين الجهات بخصوص خلق الثروة، إذ تساهم الجهات الثلاث الواقعة ضمن محور طنجة-الجديدة[32] بأزيد من 58 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 42 بالمائة لباقي الجهات[33]، كما انتقل متوسط الفارق المطلق بين الناتج الداخلي الإجمالي لمختلف الجهات ومتوسط الناتج الداخلي الإجمالي الجهوي من 66,4 مليار درهم سنة 2020 إلى 71,8 مليار درهم سنة 2021[34]. في هذا السياق، تُطرح على المحك محدودية التدابير المتخذة لتجسير الفجوة بين مجالات التراب الوطني أمام تفاقم الفروقات “الماكرو مجالية” بين الجهات الغنية والجهات الضعيفة، و”الميكرو مجالية” بين المجال الحضري والقروي ضمن نفس الجهة.

 

استمرار الفجوات بين مجالات التراب الوطني: المظاهر والجذور

إن التقدم الملحوظ في تجسير الهوة التنموية بين مجالات التراب الوطني لا يعني السير بخطى ثابتة على سكة العدالة المجالية في ظل مؤشرات تُوحي بإعادة إنتاج وضعيات معقدة من التفاوت بين المناطق والجهات في توزيع الاستثمارات وتوزيع الموارد والمشاريع العمومية وما لذلك من تأثيرات اقتصادية واجتماعية، إذ لا زالت العديد من الجهات بعيدة عن اللحاق بالإيقاع التنموي للجهات القيادية بسبب استمراء وطأة الهاجس المركزي في توزيع الاستثمارات، وما لذلك من تأثير في “توريث” التفاوت ونقله من جيل إلى جيل، حيث تسجل ثلاث جهات (الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة ومراكش-أسفي) تراكما من الاستثمارات يبلغ 61 بالمئة من الاستثمار الوطني، في حين تكتفي باقي الجهات التسع الأخرى بنسبة 39 بالمئة[35].

على صعيد البنيات التحتية، لا يمكن إنكار الجهد المبذول في فك العزلة عن العديد من المناطق بفضل مشاريع بناء وتقوية الشبكة الطرقية، لكن ذلك لم يحل دون اتساع التفاوت في مؤشر الهامشية في العالم القروي[36]، حيث لا زالت العديد من الجهات تسجل معدلات أعلى من المتوسط الوطني (3 كيلومتر)، كجهة طنجة تطوان الحسيمة (4.3 كلم) والشرق (4.1 كلم) مقابل جهات أخرى أكثر وُلوجية كالرباط -سلا-القنيطرة (1.4 كلم)[37]. من جهة أخرى فالتركيز على تحسين مؤشر العزلة الجغرافية قد يخفي النقص الموجود في مؤشرات العزلة الاقتصادية في ظل غياب أية مشاريع للربط الجهوي وبين الجهوي للعديد من المناطق بالسكك الحديدية والطرق السريعة الضرورية لتقوية التنافسية اللوجستية ولتحسين القدرة على جذب الاستثمارات. كما أن مجمل التدخلات الرامية إلى تحسين الولوج تفتقد للرهان الإنتاجي، في ظل محدودية إحداث المنشآت الفنية وبنيات الاستقبال بالعالم القروي، في شكل مناطق للأنشطة الاقتصادية والحرفية وفضاءات نموذجية لتسويق المنتوجات المجالية.

يُورِث التباين في توطين المرافق اختلالات عميقة في توزيع الموارد البشرية بين المجالات الترابية، إذ يتسم التوزيع الحالي لموظفي الدولة المدنيين حسب الجهات بتفاوتات كبيرة، باستحواذ خمس جهات على حوالي 68 في المائة[38]فيما لا تتوفر الجهات السبع الأخرى سوى على حوالي 32 في المائة من مجموع الموظفين المدنيين[39]. ويطرح التفاوت في انتشار الكفاءات والأطر العليا تأثيرات عميقة على التمتع بالحقوق والخدمات، فعلى سبيل المثال بالرغم من التقدم الملحوظ في إرساء البنيات التحتية الصحية بالعالم القروي فإنها تظل تفتقد للفعالية المطلوبة، بسبب غياب أو قلة الأطر الطبية والتمريضية في العديد من الوحدات الصحية، الأمر الذي يفرض اعتماد تدابير تحفيزية لتشجيع الأطر الصحية على الاستقرار بالمناطق النائية مع التسريع باعتماد أنماط التكوين والتوظيف على المستوى الجهوي[40]. فضلا عن التداعيات المباشرة للتفاوت على آليات التدبير الترابي وقيادة برامج التنمية، لأن مركزة الأطر في الإدارات المركزية والمدن الكبرى يجعل باقي المناطق مفتقدة للموارد البشرية المطلوبة لتركيب وتنفيذ مشاريع التنمية الترابية، كما يؤثر سلبا على تطبيق البرامج الكبرى الرامية إلى تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية[41]

إن التقلص النسبي للتفاوتات الاجتماعية لا يمكن أن يحجُب الكُلفة الاجتماعية لاستمرار وضعيات اللاتوازن الديموغرافي والاقتصادي التي ترخي بظلالها على درجة التمتع بالحقوق الاجتماعية بالمجالات الهشة[42]، فاختلال التوطين المجالي للاستثمارات يُورث تفاوتات صارخة في الولوج إلى الشغل، إذ تضم خمس جهات 72.6 في المائة من مجموع السكان النشيطين البالغين 15 سنة فما فوق على رأسها جهة الدار البيضاء-سطات (22.2) والرباط-سلا-القنيطرة (13.7)، وفي المقابل تضم خمس جهات أكثر من 71.4 في المائة من العاطلين[43].

نشير كذلك إلى ضمور التماسك الاجتماعي في صفوف ساكنة المناطق شبه الحضرية والقروية، حيث تولد التفاوتات في إيقاع التنمية إحساسا مشتركا بالتهميش من التنمية المجالية وتُؤجج التوترات الاجتماعية[44]، خصوصا أمام اتساع فجوات التنمية البشرية بين الجهات “الأكثر حظا” كالدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، وبين الجهات الضعيفة كدرعة-تافيلالت وبني ملال-اخنيفرة، وخاصة فيما يتعلق بالمؤشرات الصحية[45]. على غرار مؤشر عدد الفحوصات، فباستثناء جهتي كلميم-واد نون وفاس-مكناس فإن باقي الجهات تسجل معدلات ضعيفة في الفحوصات الطبية وشبه الطبية، كما لا زال يتمركز أكثر من ثلث الأطباء في جهتي الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة، وإذا ما أُضِيفت جهتا مراكش-أسفي وفاس-مكناس تكون أربع جهات مستحوذة على حوالي 70 في المائة من الأطباء، مع الإشارة إلى استفحال التفاوت بين الوسطين الحضري والقروي في توزيع الأطقم الطبية وشبه الطبية، بنسبة تزيد عن الضعف لكل من جهتي الدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، وعن الضعفين كما هو عليه الحال بجهة العيون-الساقية الحمراء[46].

ارتباطا بذلك، يطرح تمركز التنمية بمناطق دون غيرها تبعات وخيمة على متطلبات التوازن الترابي، حيث يؤدي تمركز الاستثمارات والمرافق والتجهيزات الكبرى في بعض المحاور إلى تكثيف الضغط الديموغرافي عليها وتغذية موجات النزوح نحو المراكز الصناعية، وما لذلك من ارتدادات على كفاءة الشبكة الحضرية من مختلف النواحي العمرانية والاجتماعية، كاختلالات التعمير في ظل تزايد السكن العشوائي وتفاقم الأنشطة غير المهيكَلة. ناهيك عن الآثار الأمنية المحتملة لأن تراكم العوز والخصاص في أحياء الهامش يجعلها مرتعا لانتعاش ظواهر الإرهاب والإجرام وتجارة المخدرات[47]. وهو وضع وسع من الشرخ القائم بين مدن “متروبولية” تحتمل كثافة سكانية لا طاقة لها بها وتضر بجودة العيش بها وتبطئ ديناميات برامج التأهيل الحضري، وبين مدن صغرى ومتوسطة أصبحت تفقد تدريجيا وظائفها الاقتصادية والاجتماعية، وما بين عالم قروي أصبح يعاني من نزيف مزدوج ومتزامن: “نزيف ديموغرافي” أمام استمرار موجات الهجرة القروية وما تخلفه من فراغ، و”نزيف اقتصادي” جراء توالي موجات الجفاف وتدهور الموارد الطبيعية وإشكالات التحول الوظيفي للأنشطة الفلاحية.

نشير بهذا الخصوص إلى الإكراهات البنيوية التي تغذي معضلة الفوارق الاجتماعية والمجالية[48]، كالتمايز الحاصل في توطين المشاريع الكبرى والحظائر اللوجستيكية التي تجعل بالضرورة الجهات المستفيدة أكثر جذبا للاستثمارات وأكثر توفيرا لفرص الشغل، وسيادة الطابع القروي لنظام اللامركزية بالمغرب باحتضان المجال القروي لحوالي 85 في المائة من الجماعات الترابية[49]، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم الجماعات القروية تعاني عجزا ماليا مُزمِنا. إلى جانب ذلك، ثمة صعوبات تدبيرية تحد من فعالية برامج العدالة المجالية، بسبب محدودية الاهتمام بالتشخيصات التشاركية في تحديد الحاجيات المجالية، وتوقف العديد من المشاريع بسبب عدم التزام بعض الشركاء بالتزاماتهم المالية، ناهيك عن تراخي إجراءات تتبع ومراقبة العمليات الجاري تنفيذها، وكذا محدودية تقييم التدخلات المنجزة وقياس أثرها في تقليص الفجوات. في ضوء ذلك يتعين تنويع مداخل تحقيق العدالة المجالية للانتقال من معالجة أعراض التفاوتات المجالية إلى استئصال الجذور المغذية لهذه المعضلة التي تعيد إنتاج نفسها ربما بوتيرة أسرع من تأثيرات الاستراتيجيات المتخذة.

 

استحقاقات العدالة المجالية في ضوء التحديات الراهنة

أعطى برنامج تقليص الفوارق دفعة قوية لديناميات العدالة المجالية بالمغرب، وإن كان قد ساهم في التخفيف من حدة التفاوتات التنموية بين الحواضر والقرى فإنه لم يسعف في “محاربتها” بالرغم من الموارد والوسائل المرصودة على امتداد سبع سنوات، أمام اتساع الهوة بين مجالات التراب الوطني، وهو ما يفرض إعادة النظر في المقاربة المعتمدة من خلال المزاوجة بين “التدابير الاستدراكيةّ لسد الفجوات وبين “الحلول الاستراتيجية” لاستئصال الجذور المُغذِّية للتفاوت، وذلك ضمن منظور استراتيجي بعيد المدى، فبحسب المندوبية السامية للتخطيط يتطلب تقليص التفاوت المجالي بمعدل النصف إلى حوالي ربع قرن من العمل المتواصل[50]،  وهو تحدي يفرض اعتماد مداخل متعددة للتصدي لهذه المعضلة التي لا تؤثر فقط على الآفاق المستقبلية للمجالات الترابية الهشة، بل إنها ترهق نمو البلد بشكل عام[51]:

       – تكييف التقسيم الترابي: يرتبط جزء من الضعف المالي للجهات والجماعات الفقيرة بالطابع اللاتنموي للتقسيم الترابي الذي أفرز وحدات ترابية معطوبة لا تمتلك المقومات الأساسية للنمو، بسبب محدودية الموارد المالية وشبكات الربط وبنيات الاستقبال على نحو يفاقم من عزلتها ويجعلها عالة على دعم الدولة لتصحيح اختلالات الميزانية، وعلى ما تجود به السياسات العمومية من مشاريع لتدارك ما تعانيه من خصاص. ولذلك فإن نشدان أي توازن بين أجزاء التراب الوطني يتطلب مراجعة المعايير المعتمدة في التقسيم بما يجعلها أكثر كفاءة في إنتاج مجالات مهيأة تتوفر على الأسس المادية للتنمية، مع التركيز على التقليص من العوامل المورثة للتفاوتات بين الجهوية التي  تخفي فوارق “ميكرومجالية” قد تكون أشد وطأة من الشرخ التنموي القائم بين الجهات[52]، وهو ما يفرض  تصحيح التوازن بين أقاليم نفس الجهة للقطع مع المركزية الجهوية التي إعادة إنتاج مساوئ المركزة من خلال التوزيع العادل والمتساوي للموارد والفرص ذات القيمة الاجتماعية فيما بين وداخل المجالات الترابية[53].

      – مراجعة سياسة إعداد التراب: تطرح استحقاقات الإنصاف الترابي كمبدأ دستوري توفير شروط التوزيع المتوازن للسكان والموارد والمشاريع والبنيات التحتية الأساسية، وخاصة في الميادين ذات الأولوية، كالصحة، بتصحيح اختلالات الخريطة الصحية بما يتماشى مع متطلبات العدالة المجالية أمام استمرار تمركز معظم المؤسسات الصحية العامة والخاصة بالمدن الكبرى وخاصة الرباط والدار البيضاء[54]، والتعليم العالي، ببناء أقطاب جامعية جهوية مندمجة كرافعة أساسية لتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الترابي ولتحسين الجاذبية الاقتصادية للجهات في ضوء مشروع الجهوية المتقدمة[55]، وباعتماد رؤية جديدة للسياسات القروية توازن بين تطوير القطاع الفلاحي وتشجيع الأنشطة غير الفلاحية، من خلال توسيع شبكات النقل والاتصال وإرساء بنيات استقبال مهمة لتعزيز جاذبية المجالات القروية كفضاء للعيش وللاستثمار[56]، مع استحضار العدالة المجالية في الموارد المائية، بالتسريع من وتيرة الربط بين المنظومات المائية على امتداد التراب الوطني لتجاوز التركيز المجالي للواردات السطحية في مناطق معينة دون غيرها، مع تكييف البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 مع الاستحقاقات الجديدة للأمن المائي[57]، وغير ذلك من الحاجيات التنموية التي يحتاج استدراكها إلى تحقيق أكبر قدر من التجانس بين التصاميم الجهوية لإعداد التراب وبين الوثائق والمخططات الوطنية للتهيئة المجالية والتنمية المستدامة.

       – تعزيز التوطين المجالي للاستثمار: تُبشِّر الإصلاحات الجارية باستحضار متطلبات التوازن الجهوي في إرساء بنيات الاستقبال الكبرى، حيث صادقت الحكومة على مجموعة من الاتفاقيات لإحداث 12 منطقة صناعية بسبع جهات على مساحة إجمالية تناهز 1200 هكتار[58]، وهو المجهود الذي يتعين مواكبته بإرساء البنيات الخاصة بالإنتاج واللوجستيك والتوزيع. ناهيك عن الارتقاء بالتنافسية الترابية في الجهات والمناطق الأكثر تهميشا. ومن شأن توظيف الآليات الجديدة التي جاء بها ميثاق الاستثمار أن يساعد على تقليص الفجوة بين مختلف المناطق في جذب الاستثمارات، عبر تقديم “منح ترابية” (primes territoriales) للمشاريع المنجزة بالمناطق ذات الأولوية. مع توخي التكامل بين جهود كل من القطاعات الوزارية والمراكز الجهوية للاستثمار والمجالس الجهوية لبلورة نظام ترابي لتحفيز الاستثمار تبعا لخصوصيات كل جهة وإقليم وبحسب حاجياتها وقدراتها. مع وضع الضمانات اللازمة للارتقاء بمساهمة الاستثمار المحلي في تقليص الفارق بين المعدل الوطني والمعدلات الجهوية للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في مجالات التشغيل والتطبيب والتعليم والتكوين وغيرها من الخدمات والحقوق الاساسية.

      – “إعادة توجيه” الجهوية المتقدمة: يتطلب التقليص من الفجوات المجالية للتنمية بلورة أشكال تدخل متناسبة مع الواقع الترابي لكل جهة[59]. وهو ما يعني جعل رهان تقليص الفوارق التنموية مندمجا في صلب ورش الجهوية المتقدمة، وبدون ذلك، سيظل المشروع الجهوي بالمغرب قاصرا عن بلوغ الرهانات المتوخاة منه كدعامة لتحقيق التنمية الترابية المتوازنة. وعيا بذلك، دعت التوصية الثانية من مخرجات المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة إلى تبني العدالة المجالية كأولوية في السياسات العمومية والترابية من أجل تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، كما تُوجِّت المناظرة بصياغة ميثاق لتفعيل اختصاصات الجهة شكَّل أرضية لتوقيع عقود برامج بين الدولة والجهات كآلية فعالة لمأسسة جهود العدالة المجالية[60]، غير أن هيمنة المنظور المركزي يفرض تقوية الضمانات التشريعية للارتقاء بالنهج التعاقدي بين الجانبين المركزي والترابي في سد الفجوات التنموية بالجهات الأكثر احتياجا. مع توجيه آليات التضامن الترابي لحقيق التوازن بين الجهات الغنية والضعيفة، من خلال تفعيل صندوقي التضامن بين الجهات والتأهيل الاجتماعي مع الرفع من مواردهما ومراجعة المعايير المعتمدة في توزيعها بجعل الحد من الفوارق عنصرا محددا في اعتماد نظام خاص للتنقيط والتصنيف، مع إحداث منظومة للتتبع والتقييم من أجل قياس النتائج المحققة وتقييم طريقة تدبير الاعتمادات المخصَّصة للجهة[61]. إضافة إلى ذلك، تُطرح على المحك ضرورة تطوير أنظمة التضامن والموازنة الترابية على نحو يراعي طبيعة الموارد المتاحة ومؤشرات الاستدامة والإنصاف، كإحداث صندوق لتعزيز التضامن بين الجماعات القروية، وآلية للتضامن بين مجالس العمالات والأقاليم، في ضوء التجربة الفرنسية التي تمكنت من التحكم النسبي في حجم الفجوات المجالية بفضل تنويع آليات التضامن والموازنة. ضمن نفس السياق، تبرُز راهنية تعميم تجربة المراصد الجهوية للديناميات المجالية (ORDT) كإطار للإشراف على الدراسات والتقارير الضرورية لتحليل ومعالجة المعطيات ذات الصلة بقياس حجم التفاوتات وبيان طبيعة تأثيرات برامج العدالة المجالية، بتنسيق وتعاون مع المرصد الوطني للديناميات المجالية (ONDT)[62].

غير أن مثل هذه الآليات يبقى دورها تعويضيا وانتقاليا على أساس اتخاذ التدابير اللازمة لاستئصال الجذور المورثة للتفاوت بين المجالات الترابية، وفي مقدمتها تدعيم الاستقلال المالي المحلي بتقوية الموارد الذاتية للجهات والجماعات الترابية بشكل عام، كتثمين الأملاك العقارية الترابية وتوظيفها في بناء شراكات مع الفاعلين العموميين والخواص، وبمراعاة الفوارق المجالية عند توسيع الوعاء الجبائي المحلي[63]، مع التحفيز على العمل بآليات التعاون بين الجماعي في تثمين التراث اللامادي والموارد الطبيعية والسوسيوثقافية التي تزخر بها مختلف المناطق التي تسجل معدلات نمو أقل من المستوى الوطني ضمن مقاربة جديدة للتنمية الترابية تقوم على تعضيد جهود مختلف الفاعلين الترابيين في بلورة مشاريع تنموية لاستئصال الجذور العميقة للتفاوتات[64]. مع إيلاء عناية خاصة بتحقيق التوازن بين الوسطين الحضري والقروي من خلال تعزيز التكامل بين الاستراتيجيات القطاعية والبرامج الترابية، بغية توجيه المجهود التنموي الوطني نحو مواجهة الفروقات الاجتماعية والمجالية[65].

من جهة أخرى، يتعين إعادة النظر في النموذج الاقتصادي للجهات في اتجاه تدعيم تنافسيتها وتقوية قدرتها على جذب الاستثمارات الخاصة الوطنية والدولية[66]. وبالموازاة مع استحقاقات بلورة النموذج الوطني للتنمية قد يكون من الأنسب مستقبلا التأسيس لنماذج تنموية ترابية تلائم الخصوصيات المجالية في شتى مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، خاصة في ضوء الحصيلة المشجعة للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أسفر خلال الفترة الفاصلة بين 2015 و2023 عن تنفيذ سلسلة من المشاريع المهيكِلة بالجهات الثلاث في مجالات تعزيز البنيات التحتية والشبكات والتنمية البشرية والاجتماعية بغلاف مالي يقارب 90 مليار درهم[67]. ويمكن الاسترشاد بهذه التجربة في اعتماد تجارب تنموية مكيفة بحسب خصوصيات الجهات وحجم الخصاص ونوعه، مع تحقيق أقصى حد من الملاءمة بين السياسات القطاعية والبرامج الترابية بما يُضيِّق الهوة بين المتوسط الوطني والمعدلات الجهوية والمحلية للتنمية البشرية.

 

خاتمة

تُظهِر الحصيلة الكمية لبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية تحسنا ملحوظا في تقليص الهوة التنموية بين المجالين الحضري والقروي، فالجهود المبذولة في تدعيم الربط بالشبكات العمومية والخدمات الاجتماعية الأساسية ساهمت في تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالمناطق الجبلية والنائية، وهو التحسن الذي ساعد على التخفيف من الشرخ المجالي بين الجهات الغنية والضعيفة من حيث توطين الاستثمارات وإرساء التجهيزات والمرافق العمومية، وما لذلك من تأثير إيجابي على تدعيم التماسك الاجتماعي عقب موجة من الاحتجاجات الاجتماعية غذَّتها وضعيات الإقصاء والتهميش بالعديد من الجيوب المجالية. في مقابل هذا التحسن، تهدد بعض التدخلات بإعادة إنتاج “الشرخ المجالي” أمام استمرار التداعي التدريجي لوظائف المراكز القروية والمدن الصغرى والمتوسطة مقابل توجيه معظم المشاريع التنموية صوب الحواضر الكبرى، وهو ما يهدد بمنح طاقة جديدة لمنظور المركز-الهامش الذي طالما كان وراء “توريث” الفجوات فيما بين مجالات التراب الوطني وداخلها.

إن العدالة المجالية ليست لعبة أرقام يمكن حلها بإجراء تغييرات طفيفة في مؤشرات الفقر والبطالة والإقصاء، بل هي محك لنجاعة السياسات العمومية، وهو ما يحتم الموازنة بين وضع استراتيجية وطنية مندمجة لاجتثاث الفوارق الترابية من المنبع عبر تدعيم الأساس الجهوي في بناء السياسات وتوزيع الموارد والاستثمارات العمومية، وبين سن حزمة متكاملة من التدابير “الاستدراكية” لفائدة الجهات والمناطق الضعيفة، مع تقوية آليات التضامن بين الجماعات الترابية. وفي هذا السياق ندلي بالمقترحات التالية:

  • تطوير مقاربة “التمييز الترابي” من خلال منح الأفضلية للمجالات الأقل تجهيزا في الأوراش الجاري تنفيذها، كالاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والمخطط الوطني المندمج للمناطق اللوجستيكية، وبرامج توسيع العرض الجامعي والصحي.
  • تعديل المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 13-130 لقانون المالية بضم تقرير العدالة المجالية للوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية السنوي، بما يساعد على جعل الميزانية العامة للدولة مُستهدِفة للحد من الفروقات التنموية بين مجالات التراب الوطني.
  • تعميم المراصد الجهوية للديناميات المجالية وتدعيم دورها كإطار للتنسيق والحوار حول أولويات التقليص من التفاوتات الترابية بين وداخل الجهات، مع تعزيز تكاملها مع المرصد الوطني للديناميات المجالية وفق تركيبة متوازنة تضمن تمثيلية القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وهيئات المراقبة والحكامة.
  • إصدار تقارير دورية حول تحولات التفاوت الترابي بين الجهات، مع تكليف مجلس المستشارين بمتابعة تنفيذ التوصيات ذات الصلة بتحقيق العدالة المجالية.
  • بلورة صيغة حسابية لقياس التفاوت التنموي مع جعلها عنصرا موجِّها للبرامج القطاعية والجماعات الترابية وخاصة الجهات في توزيع الموارد والاستثمارات والتجهيزات العمومية، تفاديا لإعادة إنتاج نموذج المركز-الهامش على المستوى الترابي بين مركز الجهة ومحيطها.

الهوامش

[1] Brahim Labari, Des inégalités a l’indignation, économie magazine, HEM Research Center, Octobre 2017, p.14.

[2] التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في أفق الجهوية المتقدمة، ودور المراكز الجهوية للاستثمار في إعداد وبلورة المخططات التنموية على الصعيد الجهوي وتعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال على صعيد الجهة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة رقم 2015/17، 2015، ص 18.

[3] الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال المنتدى الوزاري العربي الثاني للإسكان والتنمية الحضرية في 21 دجنبر 2017. https://cuts.top/CKH4

[4] التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2015، ص 54.

[5] تنمية العالم القروي: التحديات والآفاق، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة ذاتية رقم 2017/29، 2017، ص 11.

[6] تقرير حول الفوارق الاجتماعية والمجالية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 2017، ص 130.

[7] Lhassan Badri, la décentralisation au Maroc : quelles perspectives pour la gouvernance locale et le développement territorial ? cas de la régionalisation avancée, thèse pour obtenir le grade de docteur en sciences du territoire, université Grenoble alpes, 2019, p.246.

[8] مشروع نجاعة الأداء، مشروع قانون المالية لسنة 2019، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، 2018، ص 9.

[9] Salaheddine Lemaizi, réduction des disparité territoriales. Des programmes sans vision ? chambre française du commerce et d’industrie du Maroc, 7 décembre 2018, https://cuts.top/AATh

[10] مشروع نجاعة الأداء، مشروع قانون المالية 2023، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، 2022، ص 101.

[11] تضم اللجنة الوطنية في تركيبتها وزارات الفلاحة، والداخلية والاقتصاد والمالية، والتجهيز والماء، والصحة والحماية الاجتماعية، والتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وممثلي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

[12] التنمية القروية: مجال المناطق الجبلية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة رقم 2017/21، ماي 2018، ص 22.

[13] تتألف اللجان الجهوية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية من الولاة والعمال ورؤساء المجالس الجهوية والتمثيليات الإدارية الجهوية للقطاعات الوزارية، والمديريات الجهوية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

[14] مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2018، وزارة الاقتصاد والمالية، 2017، ص 44.

[15] مداخلة رئيس الحكومة بجلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية ودوره في تنمية الوسط القروي والمناطق الجبلية. 19 دجنبر 2023، ص 7. متاح على الرابط: https://www.cg.gov.ma/ar/node/11596

[16] مشروع نجاعة الأداء، مشروع قانون المالية 2023، مرجع سابق، ص 98.

[17] Saïd Naoumi, Le bilan du programme de réduction des disparités territoriales et sociales pour bientôt, lematin.ma, 26 Février 2024, https://cuts.top/CnQx

[18] Lina Ibriz, Réduction des disparités territoriales : Ce qui a été réalisé à ce jour, selon Aziz Akhannouch, ledesk.ma, 20 décembre 2023. https://cuts.top/CssH

[19] Mehdi Idrissi, Programme de réduction des disparités territoriales et sociales : l’heure du bilan pour le ministère de l’Agriculture, LesEco.Ma, 21/02/2024, https://cuts.top/ABJH

[20] حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، مرجع سابق، ص 14.

[21] Mohamed Badrane, Réduction des disparités territoriales et sociales : l’heure est au bilan, aujourdhui.ma, 1 Février 2024, https://cuts.top/CoJl

[22] Fahd Iraki, 32 milliards de dirhams dépensés en cinq ans pour transformer le monde rural, le360.ma, 15/01/2022, https://cuts.top/CtEi

[23] حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، مرجع سابق، ص 15.

[24] مذكرة مشروع قانون المالية لسنة 2024، وزارة الاقتصاد والمالية، 2023، ص 70.

[25] خالد فاتيحي، برنامج تقليص الفوارق يرفع مُعدل تمدرس الفتاة القروية إلى 60 في المئة، المدار 21، 4 يناير 2022، متاح على الرابط: https://madar21.com/46365.html

[26] مداخلة رئيس الحكومة بجلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية، 20 يونيو 2023، ص 17. متاح على الرابط: https://www.cg.gov.ma/ar/node/11300.

[27] سفيان رازق، هذه أبرز منجزات برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في العالم القروي، العمق المغربي، 14 أبريل 2022، متاح على الرابط: https://al3omk.com/739536.html

[28] حول حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، مرجع سابق، ص 11.

[29] وئام فراج، وزير الداخلية: تقليص الفوارق المجالية يتطلب برامج موازية، وكالة المغرب العربي للأنباء، 06/12/2022. https://snrtnews.com/article/61292

[30] تفعيل الجهوية المتقدمة: الإطار القانوني والمؤسساتي، الآليات والموارد، المجلس الأعلى للحسابات، أكتوبر 2023، ص 30.

[31] المرجع السابق، ص 29.

[32] يتعلق الأمر بكل من جهة الدار البيضاء-سطات (32 بالمئة)، والرباط-سلا-القنيطرة (16 بالمائة)، وطنجة-تطوان-الحسيمة (10 بالمئة).

[33] تقرير حول أنشطة المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2022-2023، دجنبر 2023، ص 132.

[34] الحسابات الجهوية: الناتج الداخلي الإجمالي الجهوي ونفقات الاستهلاك النهائي للأسر، المندوبية السامية للتخطيط، شتنبر 2023، ص 3.

[35] الجيلالي شبيه، دراسة وتحليل للواقع الاقتصادي والاجتماعي والجغرافي بالمغرب، مجلة القانون والأعمال الدولية، 5 يناير 2024. https://cuts.top/CKTW

[36] حساب المسافة بين المسكن والطريق المعبد وخاصة في المناطق القروية كلما كانت الشبكة الطرقية قوية وممتدة كلما ارتفع معدل الولوج وفي حال وعورة المسالك يتفاقم مؤشر العزلة

[37] زهير النامي ورشيد عدو، العدالة المجالية في توزيع المرافق والخدمات في إطار الجهوية المتقدمة، المجلة المغربية للدراسات القانونية والاقتصادية، العدد 6، 2020، ص 152.

[38] يتعلق الأمر بجهة الرباط-سلا-القنيطرة (21)، الدار-البيضاء-سطات (14.8) وفاس مكناس (12.3) ومراكش-آسفي (10.8)، وطنجة-تطوان-الحسيمة (9.4).

[39] تقرير حول الموارد البشرية، مشروع قانون المالية لسنة 2024، وزارة الاقتصاد والمالية، 2023، ص 41.

[40] دينامية “من أجل إحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” تقرير ضمن الاستعراض الدوري الشامل للمغرب (الدورة الرابعة) برسم سنة 2022، المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، 2022، ص 16-17.

[41] نور الدين الزاهي، الطبقة الوسطى على ضوء تحولات المجتمع المغربي في المدة الطويلة، ضمن: التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الـمغرب، تنسيق عبد الرحمان علال وآمنة بوغالبي، مؤسسة فريدريش إيبرت، 2022، ص 36.

[42] Ouazzani Ahmed, Chafik Bakour, Riad Abadli, Dynamiques de développement et disparités régionales au Maroc, journal of Financial, Accounting and Managerial Studies, V.6, N.2, 2019, p138.

[43] من أجل تنمية متجانسة ودامجة للمجالات الترابية: مداخل التغيير الأساسية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة ذاتية رقم 2023/69، ص 15.

[44] عبد الإله سطي، احتجاجات الهوامش: القشرة وما تخفيه، المعهد المغربي لتحليل السياسات، شوهد في 30 مارس 2024. https://mipa.institute/5495

[45] Larabi Jaidi, La cohésion socio-spatiale : quels impératifs pour la cohérence des politiques publiques ? Economia-HEM, 2023, p.136.

[46] سكينة الصادقي، تقرير يرسم صورة قاتمة عن ولوج المغاربة إلى خدمات قطاع الصحة، هسبريس، 21 أبريل 2022، https://cuts.top/CBLU

[47] الجيلالي شبيه، دراسة وتحليل للواقع الاقتصادي والاجتماعي والجغرافي بالمغرب، مرجع سابق.

[48] المقاربة النيابية للنموذج التنموي الجديد للمملكة المغربية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة رقم 2019/24، ص 18

[49] تنمية العالم القروي: التحديات والآفاق، مرجع سابق، ص 9.

[50] تقرير حول الفوارق الاجتماعية والمجالية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ص 2017، ص 129.

[51] التفاوتات الاجتماعية والجهوية: مفاتيح للفهم ورهانات وأجوبة السياسات العمومية، مجلة المالية لوزارة الاقتصاد والمالية، العدد 35، غشت 2019، ص 54.

[52] Larabi Jaidi, La cohésion socio-spatiale :quels impératifs pour la cohérence des politiques publiques ? Economia-HEM, 2023, p.139.

[53] محمد أوبلوش، الديمقراطية والتنمية بالمغرب: أي دور للعدالة المجالية في تعزيز الديمقراطية: دراسة مفاهيمية ومقارنة، مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، المجلد الثالث/العدد العاشر يناير/كانون الثاني 2021. ص 345.

[54] عبد الحفيظ ماموح، السياسة الجديدة للمغرب في مجال الحماية الاجتماعية: مقاربة حقوقية، المنظمة العربية للقانون الدستوري، ورقة سياسات، 2023، ص 14.

[55] ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية، مرجع سابق، ص 24.

[56] Ministère de L’aménagement du territoire national, de l’urbanisme, de l’habitat et de la politique de la ville, élaboration du rapport « dynamiques et disparités territoriales, 2018, p.43.

[57] وكالة المغرب العربي للأنباء، الحكومة منكبة على مواجهة إشكالية الإجهاد المائي وضمان تزويد مختلف جهات المملكة بالماء الصالح للشرب، 8 مارس 2024، البوابة الوطنية. https://cuts.top/BQVX

[58] يتعلق الأمر بجهة الداخلة وادي الذهب، وجهة فاس مكناس، وجهة الشرق وجهة طنجة الحسيمة، وجهة الرباط سلا القنيطرة، وجهة كلميم واد نون، فيما تُدرس حاليا مجموعة من مشاريع البنيات التحتية الصناعية بباقي الجهات التي لم يتم التوقيع عليها بعد.

[59] متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات القطاعية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة ذاتية رقم 2016/22، ص 93.

[60] يبلغ الغلاف المالي لعقود البرامج الموقعة 23.57 مليار درهم تشمل مساهمة الجهات (8.63) ومساهمة القطاعات الوزارية (11.52): مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، وزارة الاقتصاد والمالية، 2022، ص 120.

[61] متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات القطاعية، مرجع سابق، ص 100.

[62] Nestor Alfonzo Santamaria Et Elsa Rother, Rapport de synthèse sur l’accompagnement de l’OCDE dans la mise en place et le développement de l’Observatoire National des Risques au Maroc, OCDE, 22 février 2024, p.39.

[63] Un Système Fiscal, pilier pour le Nouveau Modèle de Développement, Rapport du Conseil Économique, Social et Environnemental, Auto-Saisine 39/2019, p.13.

[64] Une analyse des dynamiques spatio-temporelles du développement au Maroc (1999-2014), Ministère de l’Aménagement du Territoire National, de l’Urbanisme, de l’Habitat et de la Politique de la Ville, 2018, p.49.

[65] Disparités territoriales en matière de développement social au Maroc, analyse régionale, observatoire national du développement humain, 2017, p 156.

[66] Les Régions dans le Nouvel Environnement Global : de la Crise à la Résilience..Le Cas de Tanger-Tétouan-Al Hoceima, L’OCDE, 2023, P.21.

[67] مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024، وزارة الاقتصاد والمالية، 2023، ص 137.

عبد الرفيع زعنون

عبد الرفيع زعنون

باحث في القانون العام والعلوم السياسية، له مشاركات في العديد من المؤتمرات الوطنية والدولية وفي عدة مجلات محكمة وكتب جماعية، صدر له كتاب "تدبير التنمية الترابية بالمغرب: دراسة مقارنة"، كما ساهم في تأطير تكوينات متخصصة لفائدة الطلبة الباحثين والفاعلين المدنيين ومنتخبي وموظفي الجماعات الترابية.