الأبحاثالتنمية الاقتصاديةكيف تعمقت التفاوتات الاجتماعية بعد أزمة كوفيد 19؟

في الوقت الذي أظهرت فيه الدولة قدرة مهمة لتعبئة الموارد من أجل مكافحة كوفيد-19 على المدى القصير، إلا أنه على المدى البعيد ما يزال التدخل الاجتماعي يعاني من نقاط ضعف مزمنة ترتبط بالاختلالات البنيوية المتراكمة.
الطاهر بكني الطاهر بكني24/11/2024146217 min

في الوقت الذي أظهرت فيه الدولة قدرة مهمة لتعبئة الموارد من أجل مكافحة كوفيد-19 على المدى القصير، إلا أنه على المدى البعيد ما يزال التدخل الاجتماعي يعاني من نقاط ضعف مزمنة ترتبط بالاختلالات البنيوية المتراكمة.

 

تحميل المقال

 

ملخص تنفيذي

في الوقت الذي أظهرت فيه الدولة قدرة مهمة لتعبئة الموارد من أجل مكافحة كوفيد-19 على المدى القصير، من خلال استجابتها للأزمة عبر برامج التحويلات النقدية المباشرة التي خففت من تأثير الوباء. إلا أنه على المدى البعيد ما يزال التدخل الاجتماعي يعاني من نقاط ضعف مزمنة، ترتبط في أغلبها بالاختلالات البنيوية المتراكمة. وبينما يؤدي تأثر الدخل بهذه الأزمة، والأضرار التي لحقت بالمقاولات والقطاع غير المهيكل، لزيادة حدة التفاوتات الموجودة أصلا. أدت الأزمة أيضا إلى ارتفاع نسبة الفقر (تحت عتبة 3,2 دولار أمريكي) إلى 6,6 في المائة سنة 2021 مقارنة بـ 5,4 في المائة المسجلة سنة 2019 وإلى تعميق التفاوتات الجهوية بين الأغنياء والفقراء.

مقدمة

عرف المغرب إصلاحات هيكلية في أغلب القطاعات بهدف جذب الاستثمارات التي سجلت حوالي 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سنويا منذ عام 2011، وتسجيله لرابع أكبر حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا عام 2017،[1] وإحداث دفعة إضافية للنشاط الاقتصادي وخلق القيمة المضافة وزيادة الإنتاجية. إلا أن حصيلة هذه الاستثمارات على العموم تبقى دون مستوى الرهانات، فمعدلات النمو التي انتقـلت من متوسط4.7 في المائة سـنويا مـا بيـن 2000 و 2008 إلـى 3 في المائة بيـن 2009 و 2019، لازالت تعتبر منخفضة نسبة إلى الأسواق الناشئة،[2] وغير كافية لحل مشكلة البطالة التي ارتفعت إلى 11,9 في المائة مقابل 9,2 في المائة قبل الجائحة،[3] خاصة بطالة الشباب ممن هم بين 15 و24 سنة (16,6 في المائة من السكان) والتي بلغت نسبة 22 في المائة على مستوى الوطني و40,3 في المائة في المناطق الحضرية سنة 2019، كما أن الشباب بين سن 25 و34 سنة (13.5 في المائة سنة 2016) يتوفرون على وظيفة غالبا ما تكون في القطاع غير النظامي وغير آمنة بأجر ضعيف ودون المزايا الأساسية.[4]

وفي السياق ذاته،لا يزال المغرب يشهد جدلا واسعا حول نموذج تنموي أكثر عدالة في ظل استمرار نفس التحديات المرتبطة باستفحال التفاوتات الاجتماعية والمجالية، والتي أضحت مصدر قلق مجتمعي عميق. فالقطاع العام لم يستطع أن يخلق سوى 26400 وظيفة جديدة فقط في المتوسط السنوي مــا بين 2012 و2016 وفقا للبنك الدولي، بينما ترتفع أعداد الذين هم فــي سن الشغل إلى 370.000 شخص سنويا.[5] فيما سلطت الجائحة الضوء على أهمية معالجة ملفات الإصلاحات غير المكتملة على وجه السرعة، وإعادة تخطيط للتمويلات العمومية بما يناسب البنية التحتية في القطاع الاجتماعي لاسيما في مجال الرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد والحماية الاجتماعية وحقوق العمال. وكذا توجيه سياسات التدخل لحماية مستقبل فئات واسعة يتهددها الانزلاق تحت عتبة الفقر بالتوازي مع ذلك تعددت أشكال اللامساواة، حيث بلغ معدل الفقر المدقع (عتبة 1,9 دولار أمريكي تعادل للقوة الشرائية) نسبة 11 في المائة سنة 2021، وهو أقل من عتبة 6 في المائة التي تم تسجيلها سنة 2017.[6] بينما انخفضت نسبة “المعرضين للهشاشة” (أقل من عتبة 5,5 دولار أمريكي تعادل للقوة الشرائية) إلى 26,7 في المائة سنة 2021 مقارنة بنسبة 28,2 في المائة سنة 2020، ومن المتوقع أن يستمر هذا الانخفاض، لكن من غير المتوقع أن تعود مؤشرات الفقر إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.[7]

1.     الثروة وتعدد أشكال اللامساواة: إنتاج وتوزيع غير متكافئين

ركزت الحكومات المغربية السابقة على الإصلاحات الماكرو اقتصادية التي كان من أبرز نتائجها الحفاظ على الاستقرار المالي، واحتواء التضخم، وضبط سعر صرف الدرهم وآليات التمويل. أدت هذه الإصلاحات في معظمها إلى تحسين بعض المؤشرات القطاعية كالبنية المؤسساتية والمخرجات المعرفية والاقتصادية والمالية، وساهمت في توسيع هامش الاقتصاد المهيكل، لكن من دون أن تنجح بشكل كبير في تقليص حجم الاقتصاد غير المهيكل الذي لا يزال في حدود 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي[8]، إضافة إلى إنجازات مهمة في قطاعات أخرى كالفلاحة والصناعة والطاقة.

وتعتبر الفلاحة المحرك الرئيسي للاقتصاد بتوظيفها لنحو 40 في المائة من اليد العاملة، حوالي 42 في المائة منهم يعملون دون أجور قارة،[9]وتساهم بحوالي 15 في المائة من إجمالي الناتج الإجمالي، فقد عرفت تطورات مهمة جعلها تظهر صلابة في ظل أزمة كوفيد 19، مع أنها ما تزال تعتمد على الظروف المناخية إلى حد كبير. وبالرغم من أن المنتجات الزراعية تشكل 23 في المائة من صادرات البلاد، وعلى الرغم من تصنيف المغرب في المرتبة 59 من أصل 113 دولة في مؤشر الأمن الغذائي الذي وضعته “إيكونوميست”.[10] إلا أن ثمة تفاوت صارخ بين المزارعين من ذوي الحيازات الضخمة الذين يتمتعون بمختلف الامتيازات، وبين ذوي الحيازات الصغيرة الذين يواجهون الفقر والتهميش ويعانون من التدهور البيئي الذي يترتب عليه خسائر اقتصادية تقدر بحوالي 134 مليون دولار سنويا.[11]

وبدورها سمحت الجهود المبذولة في الصناعة، وكذا تقدم المغرب إلى المرتبة 53 بين 190 بلدا[12] في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2020 بعد أن كان يحتل المرتبة 129 في سنة 2009 في جذب بعض الاستثمارات بما في ذلك قطاع السيارات وأجزاء الطائرات وقطع الغيار والطاقات المتجددة. غير أن ثمار هذه الجهود انحصرت بشكل أساسي على المراكز الكبرى والتجمعات الحضرية الساحلية كالشريط الساحلي القنيطرة-الدار البيضاء وطنجة. فيما بقيت المناطق الأخرى خاصة المجالات القرويةالتي انتقلت نسبة ساكنتها من 39,7 في المائة سنة 2014 إلى 36 في المائة سنة 2020 حسب تقديرات البنك الدولي، والتي يشكل سكانها 79.4 في المائة من الفقراء[13]مهمشة وفقيرة وتعاني البطالة الشديدة. في حين قابل معظم الوظائف المكتسبة في قطاعات مثل السيارات انخفاض كبير في التوظيف في قطاعات أخرى مثل قطاع الملابس الجاهزة والمنسوجات، والذي كان من نتائجه تراجع فرص العمل وفقدان بعضها وفقدان الدخل أو جزء منه بارتفاع الشغل الناقص إلى مستويات عالية وبشكل مزمن. كما أن الرهان بالنسبة إلى التسريع الصناعي لا يكمن فقط في خلق مناصب شغل، بل في نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى اليد العاملة المغربية لتصبح مؤهلة مستقبلا في بناء صناعة وطنية متكاملة، لا تعتمد فقط على التجميع والتركيب بقدر ما تقوم بالتصنيع الكامل.[14]

على صعيد آخر، لم ينجح النموذج الاقتصادي المغربي الحالي في الحد من الفوارق الاجتماعية، فالعديد من الأسر المغربية تقلص استهلاكها وانعكس سلبا على دخلها وقدرتها الشرائية على إثر تدهور الظروف الاقتصادية وتضرر سوق الشغل. كما يتجلى ذلك من خلال انخفاض متوسط الدخل الشهري للنشيطين المشتغلين بنسبة 50 في المائة.[15] وإذا كانت الكثير من المؤشرات الماكرو اقتصادية والمؤشرات الاجتماعية تشير إلى تحسن الوضع الاجتماعي والاقتصادي، فإنه تبعا للبنك الدولي، لا يزال قرابة ربع السكان فقراء أو يواجهون خطر الفقر.[16] كما أن مؤشر جيني لقياس أوجه التفاوت، يواصل تسجيل مستوى مرتفعا من التفاوتات في البلاد حيث بلغ معدله 39,5 في سنة 1998 ولم يتجاوز معدل 40 بعد عقدين.[17] والفجوة بين الطبقتين الاجتماعية الاقتصادية العليا والدنيا واسعة، مما يشير إلى تفاوت طبقي كبير. ويعتبر العجز الاجتماعي كبيرا لدرجة أنه كان مصدرا لإثارة نقاش وطني حول الثروة الشاملة وكذا حول النموذج التنموي.[18]

أما الفوارق الجهوية فقد عرفت هي الأخرى اتساع في الفجوات بينها، حيث تساهم ثلاث جهات فقط (“الدار البيضاء سطات” و”الرباط سلا القنيطرة” و”طنجة تطوان الحسيمة”) في خلق 58.6 في المائة من الثروة الوطنية.[19] وتفاقمت هذه الفوارق التي أدت في إطار عدول الدولة من اعتماد سياسات قطاعية نشيطة إلى تثبيت الاقتصاد في تقسيم دولي للعمل من نوع تقليدي أفرز تناقضات صارخة بين حركية النسيج الاقتصادي وحركية منظومة التربية والتكوين. فمن جهة نشاهد توسع الأنشطة الاقتصادية المستعملة بكثافة يد عاملة ضعيفة الكفاءة، ومن جهة أخرى ومقابل ذلك نلاحظ منظومة تربوية تنتج أعداد متزايدة ومتصاعدة من حاملي الشهادات العليا. وهذا راجع إلى ما يعرفه التعليم من أزمات بنيوية،[20] خاصة مع ارتفاع أعداد المتسربين،[21] من خلال انقطاع أكثر من 50 في المائة من الطلاب عن الدراسة، في حين يتمكن 47 في المائة فقط من التخرج. وبالتالي أصبح التعليم[22] الذي تراجع شقه العمومي شيئا فشيئا مع اكتساح التعليم الخصوصي.[23] ولهذا السبب لا يـزال الاقتصاد المغربي غير قادر على خلـق مناصـب الشـغل ذات التأهيل العالـي اللازمة للحـد مـن البطالـة فـي صفـوف الشـباب، ولا سـيما فـي صفـوف الخريجيـن حاملـي الشهادات.

2.     التباينات الجهوية: اندماج اجتماعي وترابي هش ومفكك

لا تمثل أغلب القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة سوى حصة ضعيفة في نمو التشغيل، بينما تبلغ نسبة الساكنة التي تصل إلى سن العمل ما يعادل 370.000 شخص سنويا، في حين أن عدد فرص الشغل التي تخلق لا تتجاوز 26 ألف منصب شغل في القطاع العمومي وضعف نظيرتها في القطاع الخصوصي، مع إكراه نمو اقتصادي انكمش بنسبة 7 في المائة سنة 2020، مما أدى إلى زيادة معدل البطالة من 9.2 في المائة إلى 11.9 في المائة،[24] ومن المعلوم أن انكماش النمو بنسبة 1 في المائة يؤدي إلى زيادة الفقر بنفس النسبة، بمعنى أن نسبة الناس “المعرضين للفقر” سيرتفع من 17.1 في المائة في 2019 إلى حوالي 19.87 في المائة في 2020، أي 1.058 مليون شخص إضافي.[25] وفي ذات السياق، يحدق خطر الجوع والبؤس بالعمال المياومين والباعة المتجولين وأغلب العاملين في الاقتصاد غير المهيكل الذي يشكل أكثر من 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي حسب تقديرات بنك المغرب، بينما تذهـب تقديـرات المؤسسـات الوطنيـة والدوليـة إلـى أن نسـبة تتـراوح بيـن 60 في المائة و80 في المائة مـن السـاكنة النشـيطة المشـتغلة بالمغـرب تـزاول أنشـطة تنـدرج ضمن القطاع غيـر المهيكل.[26] مما يعيق إمكانيات النمو ويحد من تراكم الرأسمال البشري الضروري لأي عملية تنموية. وبالتالي يعيد هذا الوضع إنتاج نسيج سوسيو-اقتصادي مفكك وغير مندمج ومتكون بالأساس من أنشطة ذات قيمة تقنية مضافة ضعيفة. كما يؤدي إلى ضعف التأطير بالمؤسسات؛ وضعف مردودية الإنتاج الجزئية والعامة، خاصة وأن نصف الاستثمارات يتم إنجازها من طرف القطاع العام؛ وإلى هشاشة القدرة التنافسية التي تضغط على التكاليف والأسعار. فباستثناء الشركات العاملة في المناطق الحرة عبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لم تنجح الشركات المغربية في منافسة نظيراتها الأجنبية أو خلق فرص عمل بمستويات مهمة.[27]

تؤدي الفوارق إلى استمرار ضعف الاندماج الاقتصادي الوطني قطاعيا وجغرافيا، والتي كان من إفرازاتها اقتصادات جهوية يعتمد أغلبها بالأساس على الإنفاق العمومي، وعجز في التضامن الترابي، وتفاوتات جهوية متصاعدة وصارخة فيما يخص نوعية وحجم الكفاءات البشرية،[28]ويطرح التباين بين الجهات فيما يتعلق بتوزيع الموارد البشرية مدى قدرة هؤلاء الموظفين على ضمان تدبير المرافق الإدارية الموجهة أساسا لساكنة تشهد تحولات اقتصادية مهمة. فـ 53 في المائة من الموظفين المدنيين يتمركزون في أربعة جهات بـ 351.000 موظف،[29] فيما تستحوذ جهتا الرباط والدار البيضاء على أكثر من ثلث مجموع الأطباء في المغرب.[30] مما يسلط الضوء بصورة خاصة على أوجه اللامساواة الشديدة بين الفئات الاجتماعية وكذلك بين الجهات الإدارية. وتقف معدلات الأمية المرتفعة حائلا دون الاندماج الاجتماعي، وخاصة مع تدني نسب الالتحاق بالمراحل العليا من التعليم الجامعي مقارنة بالمعدلات العالمية حيث لم تتجــاوز سـنة 2016 نسبة 32 في المائة.[31]

بالرغم من ارتفاع معدل الاستثمار العمومي الذي وصل إلى حوالي 34 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في العام الواحد بانتقاله من 167.3 مليار درهم سنة 2011 إلى ما يقارب 230 مليار درهم سنة 2021؛ أي بارتفاع بلغ 37 في المائة. إلا أن الآثار على مستوى النمو الاقتصادي والتشغيل والإنتاج، جاءت ضعيفة.[32] فالاستثمار العمومي ما زال ممركزا إلى حد كبير بالنظر إلى الاعتمادات المرصودة برسم سنة 2021 التي تتوزع إلى 85.1 مليار درهم لميزانية الدولة بنسبة 37 في المائة ، و 81.9 في المائة مليار درهم لميزانيات المؤسسات والمقاولات العمومية بنسبة 35,7 في المائة، و45 مليار درهم لصندوق محمد السادس للاستثمار بنسبة 19,5 في المائة، و18 مليار درهم مخصصة لميزانيات الجماعات الترابية بنسبة 7,8 في المائة.[33] وهي مؤشرات غير مشجعة لضمان إنجاح مسلسل اللامركزية والجهوية والحد من التفاوتات الترابية وتحقيق العدالة المجالية، ولا على توسيع سوق الشغل الذي بقي متدنيا بالمقارنة مع دول أخرى حيث أن 46 في المائة فقط من المغاربة يشتغلون، و23 في المائة من النساء فقط يساهمن في سوق العمالة. مما يجعل المغرب يحتل مراتب متأخرة فيما يتعلق بمؤشرات المساواة بين الجنسين. وبالتالي فإن الاستمرار في النهج الذي نسير عليه لا يمكن أن يؤدي سوى إلى ارتفاع التباينات الاجتماعية في المستقبل، والتي تثير إحباطات أكثر من الفقر ما قد يؤدي إلى بروز احتجاجات اجتماعية، بسبب ما ينظر إليه غالبا على أنه تراكم للثروات بصورة غير قانونية بين أيادي قلة.

 

خلاصات وتوصيات

 يظل المغرب مقبلا على تحديات اجتماعية كبرى خصوصا وأن الإصلاحات التي باشرها منذ عقدين لم تنعكس على الجانب الاجتماعي الذي عمقت جائحة كوفيد-19أزماته. وبالتالي، من الضروري أن تحافظ الحكومة الحالية على وتيرة الإصلاحات عبر معالجة المعوقات الدائمة في بيئة الأعمال بجميع القطاعات، والاستمرار في الاستثمار في الرأسمال البشري الذي يتطلب إصلاحا حقيقيا لقطاع التعليم لإتاحة مزيد من تكافؤ الفرص لمختلف الشرائح الاجتماعية. ثم تأهيل قواعد نظام سوسيو-اقتصادي يتجاوز المعوقات التي تقوض تأثير مختلف الإجراءات التدخلية ويروم تراكم الرأسمال البشري والمؤسساتي، وذلك من خلال:

  • معالجة مظاهر اللامساواة من خلال حماية الفئات الفقيرة والأولى بالرعاية؛ لأن اللامساواة ليست نتاج طبيعي وليست حتمية تاريخية. فالتباعد في مستوى الدخل والنفاذ للحق في الصحة والتعليم والشغل هي نتاج سياسات، وما دامت كذلك فيمكن وضع سياسات عمومية تأخذ هذا بعين الاعتبار لإصلاح هذه الاختلالات الاجتماعية؛
  • إيلاء أهمية قصوى عند وضع السياسات العمومية للحرية و”العدالات” في تعددها: الاجتماعية والاقتصادية والمعنوية والمناخية والجندرية، الذي تشكل مشاركة المواطن المبدأ الأساسي لإطارها العام، لتقليص الفوارق وإدماج الفئات المهمشة في الدينامية الاقتصادية وتحويلها إلى قوة لإنتاج الثروة والمساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد؛
  • إيلاء أهمية قصوى للتكنولوجيا والرقمنة لكونها عامل له صلة وثيقة بتدبير الموارد واستغلالها بأمثل طريقة، وكذا إتاحة المجال للابتكار والابداع للمساهمة في فتح المجال أمام الشباب حاملي الشهادات للولوج لقطاعات ذات قيمة مضافة مرتفعة. ومن شأن التقدم في الرقمنة أيضا تجويد الإدارة والخدمات العمومية والحكامة، ولذلك تأثير جيد على النمو الاقتصادي على الأمد القريب.
  • كفالة النمو المستدام للمقاولات عبر خلق شروط مواتية للمنافسة المنصفة بدعم ولوج متكافئ للرأسمال والعقار والتمويل البنكي، وضمان حياد النظام القضائي ومؤسسات الرقابة، وتوفير الفرص والإمكانيات التي تسمح بالإنتاج من خلال تحسين حوكمة المؤسسات والأنظمة، وتدارك الفوارق في توزيع الرأسمال بين القطاعات وبين الجهات الترابية.

 

الهوامش

[1]البنك الدولي، قرض سياسات التنمية للشمول المالي والاقتصاد الرقمي، مرحلة التقييم المسبق | تاريخ الإعداد/التحديث: 17 يناير/كانون الثاني 2017.

[2]ياسمينة أبو الزهور، التقدّم والفرص الضائعة: المغرب يدخل عقده الثالث تحت حكم الملك محمّد السادس، الأربعاء، 29 يوليو 2020، معهد بروكينغ، الرابط:

shorturl.at/nqrJM

[3]البنك الدولي، المغرب عرض عام، 25 مارس 2021، الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/country/morocco/overview

[4]المملكة المغربية، الحكامة من أجل تحقيق الفعالية والإنصاف والتربية والتعليم والمقاومة، دراسة تشخيصية قطرية منهجية، يونيو/حزيران 2018، مجموعة البنك الدولي،ص 7.

[5]المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تشخيص الوضعية الاجتماعية خلال سنة 2019، ص34.

[6] Rapport de suivi de la situation économique, de la reprise à l’accélération, Maroc, automne 2021, la banque mondiale.

[7] Rapport de suivi de la situation économique, de la reprise à l’accélération, Maroc, automne 2021, la banque mondiale.

[8]L’informel au Maroc représente 30% du PIB : (https://medias24.com/2021/01/06/linformel-au-maroc-represente-30-du-pib-etude-bam/)

[9]يوري دادوش، الوظائف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودراسة الحالة المغربية، Policy Brief، OCP POLICY CENTER، نونبر 2017، 17/43.

[10]سلمى البدوي، الأمن الغذائي أمام اختبار الوباء، وكالة المغرب العربي للأنباء، 30/10/2020، الرابط: https://cutt.ly/VnDSjrd

[11]محمد مدوار، دعم زراعة الكفاف مع الحفاظ على الأرض والتنوع البيولوجي في المغرب، مدونات البنك الدولي، 02/09/2021، الرابط: https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/supporting-subsistence-farming-while-conserving-land-and-biodiversity-morocco

[12]أحمد بن الطاهر،المغرب أمام تحدي الدخول لقائمة أفضل 50 اقتصادا بالعالم (تقرير)، الرباط، الأناضول، 09.03.2021، الرابط: https://cutt.ly/knXTP5o

[13] ياسمينة أبو الزهور، جائحة كوفيد-19 في المنطقة المغاربية: الآثار والاستجابة،19 مايو 2020، المعهد المغربي لتحليل السياسات، الرابط: https://mipa.institute/7837

[14]تقرير للبنك الدولي: المغرب.. استثمارات مرتفعة ونتائج مخيبة، الرباط ـ عربي21، 06 أغسطس 2019، الرابط: https://cutt.ly/lnDA2Bk

[15]المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا “كوفيد‑”19 والسبل الممكنة لتجاوزها، إحالة رقم 28/2020، ص 13.

[16]ياسمينة أبو الزهور، التقدّم والفرص الضائعة: المغرب يدخل عقده الثالث تحت حكم الملك محمّد السادس، الأربعاء، 29 يوليو 2020، معهد بروكينغ، الرابط: shorturl.at/nqrJM

[17]مؤشر العدالة الضريبية، تحليل النظام الضريبي المغربي، أوكسفام، أكتوبر 2020

[18] حليمة أبروك، ‘خلق الثروة بالمغرب’.. لهذا تحتكره 3 جهات، أصوات مغاربية، 13سبتمبر 2019، الرابط: https://cutt.ly/fnDAK72

[19]نفسه

[20] مصطفى شاكري، أزمة البحث العلمي تُخرج الجامعات المغربية من التصنيفات العالمية، موقع هسبريس، 18 غشت 2020، الرابط: https://urlzs.com/UJBvX

[21]يصل متوسط سنوات تخرج الطالب في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية يصل إلى 4.25، و4.32 سنة للطالب في كلية العلوم، وبمتوسط يصل إلى 4.36 سنة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وفق آخر المؤشرات الرسمية للمردودية الداخلية لسلك الإجازة لدى الوزارة.

[22] البلدان المغاربية وفق مؤشّر جودة التّعليم، سعيد هادف – بوابة إفريقيا الإخبارية، 26 أكتوبر 2020، الرابط: https://urlzs.com/8gQpz

[23]غاب المغرب عن تصنيف “شنغهاي” سنة 2020. كما يحتل مراتب متدنية حسب مؤشر جودة التعليم الصادر عن المنتدى الاقتصادي دافوس باحتلاله المرتبة التاسعة عربيا، و101 عالميا.

[24]البنك الدولي، المغرب عرض عام، 25 مارس 2021، الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/country/morocco/overview

[25] Note Stratégique, Impact Social et Economique de la crise du COVID-19 au Maroc, Le Haut-Commissariat au Plan (HCP), Le Système des Nations Unies au Maroc (SNUD), La Banque mondiale (BM), Juillet 2020.

[26]مقاربـة مندمجـة للحـد مـن حجـم الاقتصـاد غيــر المنظــم بالمغــرب، رأي المجلـس الاقتصـادي والاجتماعـي والبيئـي إحالة ذاتية، 30 يونيـو 2021، ص 7.

[27]تقرير للبنك الدولي: المغرب.. استثمارات مرتفعة ونتائج مخيبة، مصدر سابق.

[28] التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في أفق الجهوية المتقدمة، ودور المراكز الجهوية للاستثمار في إعداد وبلورة المخططات التنموية على الصعيد الجهوي وتعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال على صعيد الجهة، ص 15.

[29]ملخص التقرير حول الموارد البشرية، مديرية الميزانية وزارة الاقتصاد والمالية، 2017.

[30]جيوليا سيميني وعبد الرحيم شلفوات، فيروس كورونا يتيح فرصاً لعقود اجتماعية جديدة في المغرب، مؤسسة كارنيغي، 24 نيسان/أبريل 2020، الرابط: https://carnegieendowment.org/sada/81634

[31]التعليم العالي بالمغرب، فعالية ونجاعة وتحديات النظام الجامعي ذي الولوج المفتوح، المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، التقرير القطاعي، المملكة المغربية، 2018، ص 43.

[32]تقرير للبنك الدولي: المغرب.. استثمارات مرتفعة ونتائج مخيبة، مصدر سابق.

[33]آليات جديدة تسعى إلى تحسين تدبير الاستثمار العمومي في المغرب، موقع هسبريس، 2 يناير 2021، الرابط: https://cutt.ly/gnXRtp3

 

المصادر
  • Note Stratégique, Impact Social et Economique de la crise du COVID-19 au Maroc, Le Haut-Commissariat au Plan (HCP), Le Système des Nations Unies au Maroc (SNUD), La Banque mondiale (BM), Juillet 2020.
  • Rapport de suivi de la situation économique, de la reprise à l’accélération, Maroc, automne 2021, la banque mondiale.
  • ابراهيم محمد، هل المغرب على أبواب “ربيع اقتصادي” فعلي؟ DWعربية، 03.2018، الرابط: https://cutt.ly/GnDPEYx
  • أحمد بن الطاهر، المغرب أمام تحدي الدخول لقائمة أفضل 50 اقتصادا بالعالم (تقرير)، الرباط، الأناضول، 03.2021، الرابط: https://cutt.ly/knXTP5o
  • آليات جديدة تسعى إلى تحسين تدبير الاستثمار العمومي في المغرب، موقع هسبريس، 2 يناير 2021، الرابط: https://cutt.ly/gnXRtp3
  • البنك الدولي، قرض سياسات التنمية للشمول المالي والاقتصاد الرقمي، مرحلة التقييم المسبق | تاريخ الإعداد/التحديث: 17 يناير/كانون الثاني 2017.
  • التعليم العالي بالمغرب، فعالية ونجاعة وتحديات النظام الجامعي ذي الولوج المفتوح، المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، التقرير القطاعي، المملكة المغربية، 2018.
  • تقرير للبنك الدولي: المغرب.. استثمارات مرتفعة ونتائج مخيبة، الرباط ـ عربي21، 06 أغسطس 2019، الرابط: https://cutt.ly/lnDA2Bk
  • التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في أفق الجهوية المتقدمة، ودور المراكز الجهوية للاستثمار في إعداد وبلورة المخططات التنموية على الصعيد الجهوي وتعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال على صعيد الجهة
  • جيوليا سيميني وعبد الرحيم شلفوات، فيروس كورونا يتيح فرصاً لعقود اجتماعية جديدة في المغرب، مؤسسة كارنيغي، 24 نيسان/أبريل 2020، الرابط: https://carnegieendowment.org/sada/81634
  • حليمة أبروك، ‘خلق الثروة بالمغرب’.. لهذا تحتكره 3 جهات، أصوات مغاربية، 13سبتمبر 2019، الرابط:https://cutt.ly/fnDAK72
  • مقاربـة مندمجـة للحـد مـن حجـم الاقتصـاد غيــر المنظــم بالمغــرب، رأي المجلـس الاقتصـادي والاجتماعـي والبيئـي. إحالة ذاتية، 30 يونيـو 2021.
  • سلمى البدوي، الأمن الغذائي أمام اختبار الوباء، وكالة المغرب العربي للأنباء، 30/10/2020، الرابط: https://cutt.ly/VnDSjrd
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا “كوفيد‑”19 والسبل الممكنة لتجاوزها، إحالة رقم 28/2020،
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تشخيص الوضعية الاجتماعية خلال سنة 2019.
  • محمد مدوار، دعم زراعة الكفاف مع الحفاظ على الأرض والتنوع البيولوجي في المغرب، مدونات البنك الدولي، 02/09/2021، الرابط: https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/supporting-subsistence-farming-while-conserving-land-and-biodiversity-morocco
  • مصطفى شاكري، أزمة البحث العلمي تُخرج الجامعات المغربية من التصنيفات العالمية، موقع هسبريس، 18 غشت 2020، الرابط: https://urlzs.com/UJBvX
  • مصطفى قماس، كورنا يثير هاجس الأمن الغذائي في المغرب العربي، العربي الجديد، الرباط، 03يوليو 2020، الرابط: https://cutt.ly/qnDPVvc
  • المغرب في أفق 2040: الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي، البنك الدولي، 2018.
  • ملخص التقرير حول الموارد البشرية، مديرية الميزانية وزارة الاقتصاد والمالية، 2017.
  • المملكة المغربية، الحكامة من أجل تحقيق الفعالية والإنصاف والتربية والتعليم والمقاومة، دراسة تشخيصية قطرية منهجية، يونيو/حزيران 2018، مجموعة البنك الدولي.
  • المملكة المغربية، السكان والتنمية في المغرب، خمس وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة 1994، التقرير الوطني 2019.
  • من أجل سياسة للابتكار تحرر الطاقات في خدمة نموذج صناعي جديد، رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إحالة ذاتية، 2021.
  • مؤشر العدالة الضريبية، تحليل النظام الضريبي المغربي، أوكسفام، أكتوبر 2020.
  • ياسمينة أبو الزهور، التقدّم والفرص الضائعة: المغرب يدخل عقده الثالث تحت حكم الملك محمّد السادس، الأربعاء، 29 يوليو 2020، معهد بروكينغ، الرابط: at/nqrJM
  • ياسمينة أبو الزهور، جائحة كوفيد-19 في المنطقة المغاربية: الآثار والاستجابة،19 مايو 2020، المعهد المغربي لتحليل السياسات، الرابط: https://mipa.institute/7837
  • يوري دادوش، الوظائف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودراسة الحالة المغربية، Policy Brief، OCP POLICY CENTER، نونبر 2017، 17/43.

 

الطاهر بكني

الطاهر بكني

باحث مغربي في العلوم الاجتماعية، حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا، يشغل منصب إطار عالي بوكالة التنمية الاجتماعية، وله العديد من الإصدارات المنشورة.